استقرار النظام المصرفي يعزز مناعة الاقتصاد الوطني.. 20 مؤشراً تعكس متانة وقوة البنوك
يلعب دوراً حيوياً في دعم الاقتصاد الوطني وتحفيز معدلات النمو.. وآلياته في التمويل تساعد على تطوير المشاريع الجديدة والقائمة وخلق فرص عمل
أثبت القطاع المصرفي قدرته على الحفاظ على استقراره ومرونته في مواجهة التحديات المحلية والعالمية، معززا من مكانته كأحد الأعمدة الرئيسية لدعم الاقتصاد الوطني، بما يمارسه من دور رئيسي في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي.
وتلعب البنوك دورا حيويا في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توفير التمويل اللازم للشركات والأفراد، مما يسهم في تنشيط العمليات الاقتصادية، إذ تقوم البنوك بتقديم قروض وتسهيلات ائتمانية للمؤسسات بمختلف أحجامها، مما يساعد على تطوير المشاريع الجديدة وتوسيع القائم منها، وبالتالي خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، تسهم البنوك في تسهيل التجارة من خلال تمويل الاستيراد والتصدير، وهو ما يعزز التدفقات النقدية والميزان التجاري، كما تعمل البنوك كمحرك رئيسي لتداول الأموال بين الأفراد والشركات، وذلك من خلال تقديم حلول مصرفية مبتكرة مثل الدفع الإلكتروني، وإدارة السيولة، وتحويل الأموال. وتمارس البنوك المحلية الكويتية الدور المحوري في تطوير البنية التحتية المالية عبر آليات المنافسة التي تستهدف من خلالها تقديم أعلى مستويات الخدمة لعملائها من خلال الاستثمار في التقنيات المالية المتقدمة التي تسهل العمليات المالية وتجعلها أكثر كفاءة. وأظهر القطاع المصرفي في الكويت مرونة وملاءة عالية، وهو ما ظهر جليا في مؤشرات الملاءة المالية الجيدة كمعيار كفاية رأس المال، ويؤكد هذا الأداء استدامة القطاع المصرفي المحلي وقدرته على التكيف مع التحديات الاقتصادية، واستشرافا للمستقبل يتوقع أن يحافظ القطاع على استقراره ويزيد من تعزيز أدائه المالي. ومن خلال هذا الرصد، نستعرض أبرز 20 مؤشرا تعكس في مجملها نقاط القوة التي تعزز من مكانة القطاع المصرفي كعنصر أساسي في دعم الاقتصاد الوطني:
1ـ متانة رأس المال
بلغ معدل كفاية رأس المال للقطاع للبنوك 18.1% بنهاية النصف الأول من 2024، وهو أعلى من المتطلبات الرقابية المحلية والدولية، مما يؤكد قدرة البنوك على امتصاص الصدمات المالية المفاجئة، ويعكس هذا المعدل استقرار الوضع المالي وقدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها دون الحاجة إلى تدخلات خارجية.
2ـ جودة الأصول
حافظت البنوك على جودة عالية للأصول، حيث بلغت نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض 1.7% بنهاية الربع الثاني من العام الحالي، فيما بلغت نسبة تغطية القروض غير المنتظمة 245.7%، وهي من أعلى النسب في دول المنطقة.
وتؤكد هذه النسب كفاءة سياسات إدارة المخاطر وتدني نسب التعثر لدى المقترضين، مما يعزز استدامة الأرباح، والقدرة على مواجهة أي تعثر محتمل في سداد القروض دون التأثير على استقرارها المالي أو الربحية.
3ـ السيولة القوية
ارتفعت ودائع البنوك الكويتية إلى 73.5 مليار دينار، بزيادة 4.4% مقارنة بالعام السابق، وهذا النمو يعكس الثقة المتزايدة من المودعين، سواء من القطاع الخاص أو العام، في القطاع المصرفي الكويتي، بالإضافة إلى كفاءة البنوك في إدارة السيولة.
4ـ نمو القروض
تعتبر قدرة البنوك الكويتية على تمويل المشاريع الكبرى عاملا حيويا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد. بشكل عام، تلعب البنوك الكويتية دورا أساسيا في دعم المشاريع الضخمة، سواء كانت مشاريع بنية تحتية، أو صناعية، أو عقارية، وذلك بفضل قوتها المالية، وشبكة علاقاتها المحلية والدولية، ومستويات السيولة العالية لديها. وبنهاية العام 2023 ارتفعت محفظة القروض الممنوحة لتصل إلى 69.2 مليار دينار، مما يدل على قدرة البنوك على تمويل مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك المشاريع الكبرى والبنية التحتية، مع الحفاظ على استقرار معدلات الفائدة.
5ـ نمو القطاع المصرفي الإسلامي
على الرغم من تقديم البنوك الإسلامية لأدوات مالية من دون فوائد، إلا أنها لاتزال تدخل في استثمارات مختلفة وتواجه مخاطر السوق، بما في ذلك مخاطر آجال الاستحقاق التي يمكن أن تؤثر بشدة على مركزها المالي، وحققت البنوك الإسلامية نموا أسرع مقارنة بالبنوك التقليدية، حيث سجلت نموا في الأصول بنسبة 4%، مقابل 2.3% للبنوك التقليدية، ما يعكس تزايد الطلب على المنتجات المالية الإسلامية واستمرار توسع هذا القطاع في السوق المحلي.
6ـ استقرار الأرباح
سجلت البنوك أرباحا قوية في عام 2023، حيث ارتفعت الأرباح العائدة للمساهمين بنسبة 26% لتصل إلى 1.5 مليار دينار، ويعود هذا النمو إلى تحسن جودة الأصول وارتفاع الإيرادات التشغيلية من أنشطة البنوك، فيما حققت البنوك التسعة نموا في صافي أرباح النصف الأول من 2024، بقيمة 4% لتسجل أرباحا بقيمة 845.791 مليون دينار.
وبشكل أكثر تفصيلا، فقد حقق شقا البنوك ـ التقليدي والإسلامي ـ نموا في صافي الأرباح بما في ذلك الأرباح الخاصة بحقوق الأقلية خلال عام 2023، إلا أن النمو في صافي أرباح البنوك الإسلامية فاق النمو المحقق من نظيراتها التقليدية وبشكل كبير خلال العام الماضي، ويعود ذلك إلى نتاج عملية استحواذ أحد البنوك المحلية على مجموعة بنك خارجي والتي تمت خلال الربع الأخير من عام 2022، وقد بلغت الزيادة في صافي أرباح البنوك الإسلامية نحو 242 مليون دينار لتصل إلى نحو 793 مليون دينار في نهاية العام، مقابل زيادة بنحو 90 مليون دينار للبنوك التقليدية لتصل أرباحها إلى نحو 788 مليون دينار، وهو الأمر الذي أدى إلى انعكاس الفجوة لصالح أرباح البنوك الإسلامية بقيمة 5 ملايين دينار.
7ـ تحسن العائد على الأصول
انعكس النمو الملحوظ في أرباح البنوك خلال 2023 والنصف الأول من 2024 بشكل واضح على أداء وكفاءة القطاع المصرفي، حيث ارتفع كل من معدل العائد على متوسط الأصول ومعدل العائد على متوسط حقوق الملكية للقطاع المصرفي.
وارتفع معدل العائد على الأصول إلى 1.5%، ما يعكس كفاءة البنوك في استخدام مواردها واستثماراتها لتحقيق عوائد مستدامة، وهذا المعدل يتوافق مع التوقعات ويعزز الثقة في استمرارية نمو الأرباح.
وبشكل عام، فعلى الرغم من أن عام 2023 كان إيجابيا على صعيد مؤشرات الربحية للقطاع المصرفي الكويتي، إلا أن استمرار السياسة النقدية المتشددة والمتمثلة بالإبقاء على أسعار الفائدة خلال العام الماضي، قد أدى إلى العديد من الضغوطات، مثل تراجع نمو القروض والتأثير على جودة الائتمان، بالإضافة إلى ذلك، لاتزال الأسواق العالمية تشوبها ضغوط مختلفة بسبب الضبابية وانعدام اليقين فيما يتعلق بارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية واضطرابات الممرات التجارية، ومع ذلك فإن القطاع المصرفي المحلي يمتلك مصدات كافية لمواجهة أي تطورات أو خسائر غير متوقعة من مركز قوة.
9ـ العائد على حقوق الملكية ومحفظة الاستثمارات
ارتفع العائد على حقوق الملكية إلى 11.1% بنهاية العام، مما يعكس تحسن الأداء المالي واستقرار العوائد للمساهمين، وهذه النسبة المرتفعة تشير إلى كفاءة إدارة البنوك لرأس المال وتحقيقها عوائد جيدة على الاستثمارات، كما نمت محفظة استثمارات البنوك بنسبة 13.6% خلال عام 2023، حيث تم توجيه الاستثمارات بشكل أكبر نحو الأصول ذات الدخل الثابت بنسبة 15.1% واستثمارات الأسهم بنسبة 3.8%. وهذا يعكس إدارة فعالة لمحافظ الاستثمارات وتنويع مصادر الدخل.
10ـ زيادة الودائع الحكومية
لاتزال البنوك المحلية تعتمد على ودائع القطاع الخاص كمصدر رئيسي للأموال بشكل أكبر من اعتمادها على الودائع الحكومية، حيث تشكل ودائع القطاع الخاص النسبة الأكبر من محفظة الودائع بنحو 56.5% من الإجمالي. وبلغت ودائع الحكومة بنهاية يوليو 2024 نحو 5.1 مليارات دينار، وهو الأمر الذي يعكس دعم الدولة المستمر للنظام المصرفي واستقرار تدفقات السيولة، وهذا الدعم الحكومي يعزز من قدرة البنوك على تقديم التمويل المطلوب للقطاعات الاقتصادية المختلفة.
11ـ تنوع محفظة القروض القطاعية
على الرغم من بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، إلا أن محفظة القروض شهدت نموا بنسبة 2.6% لتبلغ 69.2 مليار دينار، ويعود إلى النمو في التمويل الممنوح للشركات الكبرى. وفيما يخص التوزيع القطاعي، فقد شهدت معظم القطاعات نموا، وبشكل أساسي ارتفع كل من قطاع الخدمات والإنشاءات والتجارة بإجمالي 870 مليون دينار. هذا، ولا يزال التوزيع القطاعي لمحفظة القروض متماشيا مع السنوات الماضية، حيث لاتزال المحفظة مرتكزة في القطاع الأسري والعقار والخدمات.
12ـ نمو التمويل العقاري
شهدت التسهيلات (التمويل) الإسكانية نموا مستداما خلال عامي 2023 و2024 لتبلغ بنهاية شهر يوليو الماضي مستوى 16.2 مليار دينار.
والقروض الإسكانية هي قروض شخصية طويلة الأجل لا تتجاوز مدتها خمس عشرة سنة، تقدم للعميل بغرض شراء أو بناء أو ترميم سكن خاص.
وتوسع البنوك في منحها يعكس الثقة المتزايدة في السوق العقاري وقدرة البنوك على تمويل السكن الخاص.
13ـ التقدم في التحول الرقمي
سجلت البنوك الكويتية نموا ملحوظا في مجال التحول الرقمي، حيث أصبحت تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا لتقديم خدماتها بشكل أسهل وأكثر كفاءة، ومن خلال التطبيقات البنكية، والمواقع الإلكترونية، وأجهزة الصراف الآلي الذكية، يمكن للعملاء إجراء المعاملات بسهولة، مثل التحويلات، ودفع الفواتير، والاستفسار عن الأرصدة دون الحاجة لزيارة الفروع، وهذا يعزز من الكفاءة التشغيلية للبنوك ويقلل من الاعتماد على التعاملات الورقية.
14ـ مرونة القطاع في مواجهة الأزمات
على الرغم من الاضطرابات العالمية، أظهر القطاع المصرفي الكويتي قدرته على الصمود والتكيف مع التغيرات الاقتصادية العالمية، وذلك بفضل السياسات الحصيفة لبنك الكويت المركزي التي ساهمت في تعزيز استقرار القطاع وحمايته من الأزمات المصرفية الدولية.
15ـ نمو الأرباح الاستثمارية
ارتفعت قيمة المحافظ الاستثمارية لدى البنوك بنحو 13.6% مدفوعة بالتصاعد الملحوظ في استثمارات الدخل الثابت وخصوصا السندات الحكومية وسندات الشركات التي نمت بواقع 2.4 مليار دينار خلال 2023، وإن كان هذا النمو متركزا لدى بنكين بشكل رئيسي، إلا أنه وبشكل عام قد توجهت معظم البنوك لزيادة استثماراتها في أدوات الدخل الثابت. ويعود هذا التوجه إلى أسعار الفائدة المرتفعة عالميا والتي حدت من قدرة واستعداد بعض المقترضين للاقتراض، وجعلت الاستثمار في أدوات الدخل الثابت أكثر جاذبية.
16ـ استقرار النظام المصرفي
أظهرت اختبارات الضغط التي أجراها «المركزي» قدرة البنوك على تحمل الصدمات الاقتصادية والمالية، وكشفت نتائج هذه الاختبارات عن متانة النظام المصرفي وجاهزيته لمواجهة أي تحديات مستقبلية.
17ـ الالتزام بمعايير الحوكمة
تتبنى البنوك الكويتية أعلى معايير الحوكمة والشفافية، مما يعزز الثقة بين المساهمين والمستثمرين ويسهم في استدامة الأداء المالي.
18ـ التوسع في الخدمات المالية الإسلامية
مع زيادة الطلب على المنتجات المالية الإسلامية، واصلت البنوك الإسلامية توسيع نطاق خدماتها، مما جعلها قادرة على جذب المزيد من العملاء والمستثمرين.
19ـ دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
تلعب البنوك دورا حيويا في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم برامج تمويل مخصصة، مما يسهم في تعزيز التنوع الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
20ـ مواجهة الاحتيال المالي
تتمتع البنوك بسجل حافل في السبق والريادة في مكافحة مخاطر الاحتيال المالي الرقمي، وبفضل ذلك تمكن من إبقاء عمليات الاحتيال في الكويت عند مستويات متدنية للغاية مقارنة بعديد من الدول المتقدمة، حيث بلغت قيمة عمليات الاحتيال عبر البطاقات على الإنترنت من إجمالي قيمة العمليات على الإنترنت ما نسبته 0.07% فقط على مستوى جميع عملاء القطاع المصرفي الكويتي، فيما تتراوح النسبة بين 0.1% و0.2% في دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا، وفق بيانات بنك التسويات الدولية.
أما من حيث عدد عمليات الاحتيال من إجمالي فيشكل 0.01% فقط وذلك على مستوى جميع وحدات القطاع المصرفي في الكويت. علما بأن 79% من هذه العمليات هي معاملات عابرة للحدود.
جريدة الانباء