«أبل» فقدت 113 مليار دولار من قيمتها
بعد دعاوى قضائية في أميركا وأوروبا
فقدت القيمة السوقية لشركة «أبل» الخميس الماضي نحو 113 مليار دولار خلال جلسة واحدة، بعد أن رفعت وزارة العدل دعوى قضائية ضد الشركة لانتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار. وتُعتبر هذه الدعوى الأخطر التي تواجه أكبر شركة مصنعة للهواتف الذكية في العالم منذ تأسيسها، إذ تقول دعوى وزارة العدل بأن «أبل» تمنع المنافسين من الوصول إلى ميزات الـ«آيفون» والبرامج الموجودة فيه. وتُعتبر الدعوى أن «أبل» تحتكر صناعة كل الميزات في هاتفها بصورة تجعل من الصعب على المنتجين الآخرين أن يصنعوا أية ميزة تتوافق مع أجهزة «أبل»، مما يؤدي إلى السيطرة على السوق بأكملها، ومنع أية شركات أخرى من تقاسم الأرباح مع «أبل». وانخفضت أسهم الشركة أربعة في المئة خلال جلسة واحدة، وفقدت نحو 113 مليار دولار من القيمة السوقية مما أدى إلى ارتفاع خسارتها منذ بداية العام 11 في المئة. ولم تعد «أبل» أكبر شركة في العالم من حيث القيمة بعد أن تجاوزت قيمتها يوماً ما 3 تريليونات دولار، وأصبح أداؤها أقل من أداء المؤشرين الرئيسين في «وول ستريت» للتكنولوجيا والشركات الكبيرة، «ناسداك 100» و«ستاندرد أند بورز 500». ومع أنها ليست المرة الأولى التي تخضع فيها «أبل» وشركات التكنولوجيا الأميركية للتدقيق التنظيمي، إلا أن هذه المرة قد تكون مختلفة نظراً إلى حجم أعمال «أبل» المتزايد وشعبية منتجاتها، وأيضاً بسبب امتثالها لقوانين في أوروبا، مما دفع السلطات الأميركية لتكون أكثر عدوانية. وردت «أبل» على الدعوى الأميركية في بيان، معتبرة أنها «خاطئة وتشكل سابقة خطرة، وأن الحكومة تعرقل تصميم التكنولوجيا البشرية المستقبلية»، متعهدة بالدفاع بقوة ضدها. وأوضحت «أبل» أن «هدفها من منع الأطراف الخارجية من إنتاج وتصميم ميزات وبرامج لها هو حماية المستخدمين وأمان معلوماتهم». وكشفت الدعوى أن «أبل» استخدمت قوتها في السوق لمنع وجود تطبيقات على الـ «آيفون» من شأنها أن تسهل على المستهلكين تبديل هواتفهم. وهناك خمسة أمثلة على التقنيات التي تزعم الدعوى الأميركية أنها تقمع المنافسة، وفي مقدمها التطبيقات المتعددة الاستخدامات مثل تلك التي تسمح بالمراسلة والدفع والتسوق، أما الثانية فهي تطبيقات الألعاب التي تحتاج إلى البث المباشر، إذ تمنع «أبل» قدرتها على الدخول في متاجرها وتفضل ألعابها الخاصة. أما ثالث النماذج التي تزعم الدعوى الأميركية أنها تقمع المنافسة فهي تطبيقات المراسلة، إذ تمنع أية تطبيقات غير «آي مسج» الخاص بها، أما النموذج الرابع فهو الساعات الذكية، إذ لا يُمكن الاتصال بين ساعات ذكية غير «أبل ووتش» و«آيفون»، أما النموذج الأخير فهو المحافظ الرقمية، فلا يُمكن إدخال غير محفظة «أبل باي» في الآيفون. ومن المفارقة أن الدعوى الأميركية تتزامن مع تحقيقات أجريت في أوروبا ضد «أبل» وشركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، تتهمها أيضاً بوضع رسوم وشروط وأحكام جديدة تعرقل قدرة مطوري التطبيقات على الامتثال والنمو في متجر «أبل». وربما تحركت السلطات في أميركا بعد أن امتثلت «أبل» لقانون رقمي جديد في الاتحاد الأوروبي، وبموجبه ستسمح للمرة الأولى في تاريخها بتنزيل تطبيقات في «آيفون» من خارج متجرها داخل دول الاتحاد الأوروبي. في غضون ذلك عدلت الشركة رسوم متاجر التطبيقات، إذ خفضت عمولة إيرادات المطورين من 30 في المئة إلى 17 في المئة، لكنها أضافت شروطاً جديدة يحقق «الاتحاد الأوروبي» حالياً للتأكد من أنها غير احتكارية. وكان الاتحاد الأوروبي وضع شروطاً قاسية لعدم الامتثال لهذا القانون الذي يهدف إلى تعزيز المنافسة الأوروبية مع الشركات الأميركية العملاقة ويفتح فرصاً أكبر أمام المطورين في أوروبا، فعدم الامتثال سيؤدي إلى فرض غرامات تصل إلى 10في المئة من الإيرادات السنوية لشركة «أبل» في جميع أنحاء العالم، وتزيد إلى 20 في المئة في حال الانتهاكات المتكررة. وتعد أوروبا سوقاً مهماً لشركة «أبل»، إذ تمثل نحو ربع إيراداتها كما في العام المالي 2023. وفرض الاتحاد الأوروبي غرامة وصلت إلى نحو ملياري دولار على شركة «أبل» بسبب منع تطبيقات بث الموسيقى من إبلاغ المستخدمين بوجود عروض أرخص، وخلال إدارة الرئيس الأميركي السابق ترمب فتحت وزارة العدل ولجنة التجارة الفيدرالية تحقيقات في «غوغل» و«فيسبوك» و«أبل» و«أمازون»، متهمة إيّاها بالاحتكار ومخالفة قوانين مكافحة الاحتكار.
جريدة الجريدة