«الوطني»: طريق خفض الفائدة «سالكة»

قال التقرير الاسبوعي لبنك الكويت الوطني حول أسواق النقد، ان الاحتياطي الفدرالي يمهد الطريق أمام الجهات التنظيمية لخفض أسعار الفائدة على خلفية تزايد المخاطر المتعلقة بالتوقعات الاقتصادية الأميركية، الأمر الذي عزز توقعات خفض أسعار الفائدة في اجتماع الفدرالي للشهر الجاري. وخلال الشهادة نصف السنوية لرئيس الاحتياطي الفدرالي عن السياسة النقدية أمام الكونغرس بدا موقف رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول «حمائمي» وجاء هذا الموقف على الرغم من صدور تقرير وظائف قوي عن شهر يونيو والهدنة الجديدة على صعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقال باول إن «ضبابية التوقعات قد زادت في الأشهر الأخيرة، لا سيما على الصعيد الدولي». وتابع قائلاً: «يبدو أن الزخم الاقتصادي قد تباطأ في بعض الاقتصادات الأجنبية الرئيسية، وأن هذا الأداء الضعيف قد يؤثر في الاقتصاد الأمريكي. ويتعين حلّ عدد من قضايا السياسات الحكومية، بما في ذلك التطورات التجارية، والحد الأقصى للديون الفدرالية، وانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. كما ان مخاطر تراجع معدلات التضخم قد تستمر لفترة أطول مما كان متوقعاً». ولم يلتزم الاحتياطي الفدرالي بإطار زمني محدد لإمكانية تطبيق السياسة النقدية التيسيرية، كما لم يشر إلى نطاق التخفيض المطلوب لأسعار الفائدة لحماية الاقتصاد الأميركي من المخاطر المتزايدة على آفاقه المستقبلية، إلا ان باول ذكر مراراً أن الاحتياطي الفدرالي ملتزم بمنع تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي. التيسير النقدي ويتزامن التحول في لهجة الاحتياطي الفدرالي تجاه تطبيق سياسة نقدية تيسيرية مع تعرضه لضغوط شديدة من قبل الرئيس دونالد ترامب. حيث دأب ترامب على دفع الجهات التنظيمية علناً لخفض أسعار الفائدة، إلا ان الاحتياطي الفدرالي أصر بشدة على حماية استقلاليته. واتخذ الاحتياطي الفدرالي من ذلك الموقف فرصة ليظهر استعداده لاتخاذ ما يراه مناسباً لدعم الاقتصاد الأميركي. وأثناء القاء باول بشهادته ذكر انه لا يعتزم ترك منصبه، حتى إذا طلب منه الرئيس ترامب ذلك، وعلق قائلاً: «القانون يمنحني بوضوح ولاية مدتها أربع سنوات وأعتزم أن أقضيها بالكامل». وبدأت المباحثات حول إمكان خفض أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية الأخير لمجلس الاحتياطي الفدرالي في يونيو وذلك على الرغم من عزمه عدم اتخاذ أي موقف حتى يتم جمع المزيد من المعلومات، حيث أشار إلى أنه «سيعمل وفقاً لما تقتضيه الحاجة لحماية النمو الاقتصادي». وفي إشارة إلى اجتماع يونيو، علق باول قائلاً «رأى العديد من المشاركين في اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة أن الاتجاه نحو تيسير السياسات النقدية قد تعزز إلى حد ما، ومنذ ذلك الحين، واستناداً إلى البيانات الواردة والتطورات الأخرى، يبدو أن الشكوك حول التوترات التجارية والمخاوف بشأن قوة الاقتصاد العالمي ما زالت تواصل تأثيرها في التوقعات الاقتصادية الأميركية». ويبدو أن ثقة باول ضعيفة تجاه إمكان أن تسفر الجولة الجديدة من المباحثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين عن سلام دائم، حيث صرح أن نتيجة الاجتماع في مجموعة العشرين في أوساكا تمثل «خطوة بناءة» لكنها لم تنجح في إنهاء الحالة الضبابية المحيطة بالنزاع بين أكبر اقتصادات العالم. سوق العمل كما لم يبدِ باول اهتماماً بالقراءة القوية لسوق العمل الأميركية في يونيو التي تسببت في تشكك بعض الاقتصاديين من إمكان خفض سعر الفائدة في وقت قريب. وقال إن بيانات الوظائف لم تغير نظرته في الوقت الذي كانت فيه البيانات الاقتصادية الأخرى مخيبة للآمال بصفة عامة. هذا ويصف العديد من الاقتصاديين موقف الاحتياطي الفدرالي تجاه خفض أسعار الفائدة في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة تراجعاً شديداً في معدلات البطالة على أنها سياسة «تأمين» ضد تباطؤ النمو الاقتصادي، وليست كردة فعل على البيانات المتدنية. وفي ردة فعل الأسواق على تلك الشهادة، كسر مؤشر ستاندرد أند بورز 500 لفترة وجيزة حاجز 3.000 نقطة للمرة الأولى مرتفعاً بنسبة %0.8 ليصل إلى 3.002.98 نقطة قبل أن يقلص مكاسبه مرة أخرى مسجلاً نمواً بنسبة %0.5 في منتصف الجلسة في نيويورك، كما وصل كلٌ من مؤشر ناسداك المركب ومؤشر داو جونز الصناعي أيضاً لمستويات قياسية غير مسبوقة. من جهة أخرى، هبط الدولار وتراجعت عائدات سندات الخزينة بدءاً بتراجع العائد على السندات القياسية لأجل سنتين، التي تعد أكثر السندات حساسية لأسعار الفائدة الرسمية، بواقع 6.9 نقطة أساس ليصل إلى %1.836، إلا أنه لا يزال أعلى من معدل %1.7 المسجل في أواخر يونيو حينما ارتفعت التوقعات الخاصة بخفض أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في يوليو. أما على صعيد السندات ذات الأجل الأطول، فلقد ظل عائد سندات الخزينة لأجل عشر سنوات ثابتاً عند مستوى %2.061 بعد أن بلغ %2.113. اكتسب كل من اليورو والإسترليني زخماً قوياً على خلفية موقف الاحتياطي الفدرالي. حيث ارتفع اليورو بنسبة %0.59 ليغلق عند مستوى 1.1270، وبدأ الجنيه الاسترليني تعويض الخسائر التي تكبدها نتيجة لتزايد حالة عدم اليقين المحيطة بانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي وارتفع بنسبة %1.03 منذ شهادة باول لينهي تداولات الأسبوع عند مستوى 1.2572. في حين حصل المعدن الأصفر أيضاً على بعض المكاسب، حيث وصل سعر الذهب إلى 1425.6 دولاراً ثم تراجع ليغلق عند مستوى 1415.2 دولاراً مسجلاً نمواً بنسبة %1.77 منذ الشهادة. تسارع وتيرة التضخم ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي في الولايات المتحدة مسجلاً أعلى مستوى منذ عام ونصف في يونيو مقارنة بأداء شهر مايو. ارتفع المؤشر الذي يستبعد عناصر متقلبة مثل أسعار المواد الغذائية والوقود بنسبة %0.3 على أساس شهري في ما يعد أعلى ارتفاع يسجله منذ يناير 2018. أما على أساس سنوي، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي بنسبة %2.1 متجاوزاً توقعات الاقتصاديين البالغة %0.2 و%2 على التوالي. كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي بنسبة %0.1 على أساس شهري، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى بقائه ثابتاً، وتمشياً مع توقعات تسجيله ارتفاعاً سنوياً بنسبة %1.6. وأظهر التقرير زيادة كبيرة في الأسعار بما في ذلك الملابس والسيارات المستعملة والإيجار وخدمات الرعاية الطبية. كما أظهر تقرير منفصل تراجع أعداد الأميركيين المتقدمين للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع إلى 209,000 مقابل التوقعات بتسجيله نمواً هامشياً ليصل إلى 223.000. تعافي الاقتصاد البريطاني أصدر بنك إنكلترا تقرير الاستقرار المالي مؤخراً حيث حذر من أن «الاحتمال المتوقع» لانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي من دون التوصل إلى اتفاق قد تزايد، مشيراً إلى أن ذلك الاحتمال سيحمل معه «مخاطر شديدة تنطوي على اضطرابات اقتصادية» هذا إضافة إلى تذبذب «شديد» في أوضاع السوق. وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد البريطاني بدأت تظهر عليه آثار التباطؤ الناتج عن انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في ظل حالة عدم اليقين التي أثرت سلباً في أسعار صرف الجنيه الإسترليني وأسعار الأسهم. شهد الاقتصاد البريطاني انتعاشاً جزئياً خلال شهر مايو بفضل تحسُّن إنتاج السيارات بينما ظل قطاع الخدمات، الذي يعد من أهم القطاعات الاقتصادية الرئيسية، يعاني الركود. وشهد أداء قطاع الخدمات المالية المزيد من الانكماش مسجلاً أطول فترة على الإطلاق من دون تسجيل أي نمو. 

المصدر: جريدة القبس