ندرة الأدوات الاستثمارية في البورصة تقلل جاذبيتها
• التطوير و«الأوبشن» وحقوق الأولوية وتداول المؤشرات متوقفة في «هيئة الأسواق»
• أعمال تطوير السوق توقفت مع انتهاء مهام مجلس المفوّضين السابق
عقب إعلان خطة تطوير البورصة منذ سنوات، منّى المستثمرون أنفسهم بأدوات مالية جديدة تساهم في زيادة عمق سوق المال وتدفقات السيولة، ورغم ما حملته بورصة الكويت للأوراق المالية على عاتقها بمعاونة الفريق الثلاتي الذي تم تشكيله من هيئة أسواق المال والشركة الكويتية للمقاصة وشركة البورصة، فإنها فقدت العديد من الشركات المدرجة، سواء لأسباب اختيارية أو أخرى تتعلق بمشكلات في هيكلها المالي والإداري ودخولها دائرة التعثر المالي.
ومن أبرز الأسباب التي دفعت بعض الشركات إلى هجرة السوق ضعف السيولة فيه، وعدم قدرته على توفير السيولة اللازمة للشركات المدرجة، الأمر الذي يقلل من جدوى إدراجها، ويدفعها إلى التخارج للتخلص من عبء الإفصاحات واﻹجراءات الملزمة من البورصة.
ورغم كل الإنجازات التي تحققت على صعيد خصخصة البورصة والتغيير الجذري الذي جرى على أنظمة التداول مع مجلس مفوضي هيئة أسواق المال السابق، وترقيتها إلى مصاف الأسواق الناشئة على ثلاثة مؤشرات عالمية، وهي مورغان ستانلي، وستاندر آند بورز، وفوتسي راسل، فإنها لا تزال تعاني شح الأدوات المالية الاستثمارية التي تهدف إلى زيادة معدلات السيولة، واستقطاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية، فضلا عن التراجع اللافت في أوجه الرقابة المنصوص عليها قانوناً في هيئة أسواق المال.
وتوقفت أخيرا أعمال التطوير في البورصة، ولم نرَ خروج أي منتجات جديدة للمستثمرين، رغم إحراز بعض أسواق المنطقة تقدما ملحوظا في خلق الأدوات المالية والاستثمارية، التي تلبي رغبات وطموح المستثمرين كالسوق السعودي والمصري والقطري.
فالبورصة أعلنت عن خطة تطوير تم إنجاز بعض مراحلها، ولكنها توقفت منذ فترة على الرغم من رفعها خطة زمنية جديدة ومحددة تتعلق بإطلاق الدفعة الثانية من المراحل وهي الثالثة والرابعة والأخيرة من مراحل تطوير السوق المالي، وتسليم مشاريع عدة تتعلق بأدوات استثمارية جديدة كالأوبشن وتداول حقوق الأولوية وصناديق المؤشرات وأدوات استثمارية أخرى، فلم كل هذا التأخير في إقرار التشريعات والأطر التنفيذية لاستكمال خطة التطوير، لاسيما أن بعض هذه الأدوات لا يتطلب إجراءات كثيرة، وهناك أخرى قد تأخذ وقتا في عملية تطبيقها.
البورصة أنجزت ما لديها من بنية تحتية لاستيعاب أي أدوات استثمارية جديدة يمكن تطبيقها في السوق مثل المشتقات وصانع السوق، إضافة إلى أنها رفعت تقريرا الى هيئة أسواق المال بأنها قدمت كل ما لديها لتطوير السوق المالي، وأن إقرار الخطة التطويرية بات في يد هيئة أسواق المال.
غياب الدور المؤسسي
ومن خلال متابعة البيانات الخاصة بتصنيف المتداولين في السوق الكويتي يلاحظ أن تداول السوق يعتمد على الافراد بشكل كبير، إذ وصل الى ما نسبته 40 في المئة في بعض الأوقات، مما يعني غياب الدور المؤسسي في الاستثمار بالسوق على الرغم من ترقيته إلى نادي الأسواق الناشئة، الأمر الذي يؤكد ضرورة زيادة جرعة ثقة المؤسسات المحلية بالسوق المحلي والبحث عن رؤوس الأموال الأجنبية التي تحقق عائدا أفضل للمستثمرين، وخير دليل على ذلك تدني مستويات السيولة المتداولة خلال بعض الفترات.
ومع التغني بالترقية المستحقة، بكل ما فيها من مؤشرات تدل على جودة عمليات التطوير التي اتخذتها الجهات المعنيَّة خلال السنوات الماضية، لاسيما هيئة أسواق المال وشركة البورصة والشركة الكويتية للمقاصة، فإن سوق المال يقف اليوم أمام وضع جديد يستلزم اتخاذ إجراءات دفاعية تصب في مصلحة المزيد من الأدوات الاستثمارية، لاسيما في ظل توقعات تباطؤ الاقتصاد العالمي والحساسية العالية تجاه المتغيِّرات المؤثرة على الأسواق المالية جراء ذلك، حتى لا تبقى البورصة رهينة للظروف والمستجدات التي تطرأ على الأسواق في ظل ندرة الأدوات الاستثمارية التي تلبي طموح المستثمرين، خصوصا أن أغلبهم سيذهب الى الأسواق المالية التي تتمتع بأدوات استثمارية مختلفة قد يجد المستثمر المحلي أو الأجنبي بها فرصة لاستثماراته.
الجانب الآخر في الإجراءات التي تدفع الى زيادة جرعة الثقة بالسوق، بخلاف الأدوات الاستثمارية، يتعلق بمدى القدرة على تعظيم وزن البورصة في المؤشرات العالمية، لاسيما في المضي قدما نحو خطة تحفيز الشركات والصناديق الاستثمارية على الادراج والعمل على ادراج سوق السندات والصكوك، والذي قد يكون محط اهتمام العديد من المستثمرين خلال الأيام المقبلة.
تنوع الأدوات الاستثمارية
فكلما تنوَّعت الأدوات الاستثمارية في البورصة انعكس ذلك على خيارات وقرارات المستثمرين، وهو أمر يجعل من بورصة الكويت وجهة للاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء، وتزيد من معدلات السيولة المتداولة، وتجعل الشركات الأجنبية هي الأخرى تتنافس من أجل اللحاق بركب الشركات المدرجة فيها، فمنذ سنوات لم نشهد أي عمليات إدراج على صعيد الشركات الأجنبية، وفي المقابل هناك بورصات في المنطقة تحظى بثقة كبيرة وتطمح الشركات الى الادراج فيها، بما فيها الشركات الكويتية، في الوقت الذي تسعى نظيرتها الى الانسحاب من بورصة الكويت.
التعويل على الظروف الراهنة ومستجدات الأوضاع التي طرأت على الكيانات المتعلقة بالسوق المالي نتيجة جائحة فيروس "كورونا" قد تكون سببا في تعطيل بعض خطط التطوير، ولكن قد يكون "عذرا أقبح من ذنب" في الوقت الذي تتطور فيه بورصات أخرى ليست بعراقة السوق الكويتي.
جريدة الجريدة