مضاربات وحلول عقود وراء انهيار أسعار نفط تكساس

نفطيون لـ الجريدة•: خسائر ورقية لتداولات حان وقت استحقاقها لتسليم مايو

تحولت أسعار العقود الآجلة لنفط الخام الأميركي، أمس الأول، إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ؛ مع تخمة المعروض الناجمة عن تفشي جائحة «كورونا»، وأنهت العقود الآجلة الجلسة عند سالب 37.63 دولاراً للبرميل مع إقبال المتعاملين على البيع بكثافة للتخلص من النفط مع اقتراب مساحات التخزين المتاحة من النفاد.

ومن المعلوم أن مضاربات وحلول عقود تقف وراء انهيار أسعار خام تكساس، ومن شأن انهيار الأسعار أن يهدد بتحويل كفة قطاع النفط الأميركي الذي كان مزدهراً إلى مفلس.

وفي تحقيق أجرته «الجريدة» عن هبوط أسعار خام تكساس، أفاد خبراء نفطيون ومحللون ماليون بأن ما حدث، أمس الأول، هي خسائر ورقية في تداولات حان وقت استحقاقها، أمس، لتسليم شهر مايو، ورأوا أنه كان على المشتري أن يجد مكاناً للتخزين عندما اشترى ونظراً إلى عدم وجود سعة تخزينية بات عليه بيعه.

وأوضحوا أن جميع المشترين يعلمون أن وقت الاستحقاق قد حان فوصلت الأسعار إلى سالبة، وهذا بطبيعة الحال أقل من التكاليف، ويمثل خسائر للمستثمر والمضارب.

ولفتوا إلى عدم وجود تأثير على الكويت بسبب ما حدث لأنها تتبع سياسة حصيفة منذ سنوات طويلة في عملية العقود الآجلة طويلة الأمد، ومنها ما أبرمته مع الصين بأسعار خاصة عليها خصومات، في مشروع ناجح اتبعته فيما بعد معظم دول الخليج منها السعودية والإمارات.

وإليكم التفاصيل:

رأى الخبير النفطي د. عبد السميع بهبهاني أن ما حدث من انهيار في أسعار خام النفط في تكساس ووصوله إلى دولار ثم إلى 39 دولاراً سالباً له تفسيرات عبرت عنها الأسواق بالأسعار الفنية، والمقصود أن هناك كميات من النفط لا يوجد لها مشترون وهذا معمول به في النظام الفوري للبيع والشراء.

وقال بهبهاني، إن هناك احتمالين لما حدث، أولهما أن تقوم الشركة المنتجة بجعل النفط تحت الأرض لعدم قدرتها على تخزين أو تسلم الشحنات، أما الاحتمال الثاني، وهو الأقرب، أن تعطي الكميات لشركات التحوط التي عادة ما تتسلم هذا النفط، وهو ما يعرف بسوبر كانتغو، ويعني أن شركة التحوط بدلاً من أن تدفع للمشتري فإنه هو الذي يدفع لها، بحيث تتصرف بالمنتج النفطي لعدم وجود أماكن في الأرض أو مصافٍ أو مراكز توزيع لشرائه، مشيراً إلى أن هذا النظام مطبق في نظام الشراء الفوري ونادراً ما يحدث في النظام الآجل، وتعتبر عقوداً واجبة الاستحقاق.

قدرة الخزانات

وأوضح أنه كان هناك تضليل من حيث قدرة الخزانات الأميركية، إذ صرح وزير الطاقة الأميركي قبل أيام، بأن هناك سعة لاستقبال النفط لمدة شهرين تقريباً، وكانت وقتها وصلت سعة الخزانات الأميركية إلى الحد الأقصى صوب ما يقدر بنحو 800 مليون برميل، وهذا معناه أن تلك الخزانات فقدت 65 في المئة من سعتها التي تقدر بنحو مليار و200 مليون برميل، ما يعني ضرورة اللجوء إلى المصافي التي تم إغلاقها بسبب عدم توفر النفط الثقيل أو المتوسط.

وذكر أن ذلك دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكونغرس إلى ضرورة دعم الشركات النفطية لتعويضها فعدم إنتاج النفط يكون مكلفاً للآبار غير المنتجة وفي الوقت نفسه يسبب إضراراً للآبار حين يتم تعطيلها ولو مؤقتاً وخصوصاً آبار النفط الصخري.

 

وبين أن البيوعات الآجلة هبطت لأشهر مايو ويونيو ويوليو وأغسطس تحديداً للنفط الصخري في تكساس ولعدم وجود سعة تخزينية إذ كان هذا التصرف للتخلص من محتوى الخزانات وإعادة تعبئتها مرة أخرى، لافتاً إلى أن هذا عادة ما يحدث لمعظم المنتجات الاستهلاكية كبديل لتعليق الإنتاج خصوصاً في النفط، الذي يعتبر سلعة صعبة الإتلاف لأنه يحتاج إلى ضخه على أعماق كبيرة تحت الأرض وهذا مخالف للأنظمة البيئية، لذا فإن التخلص منه يعتبر أرخص من إغلاق الآبار.

وبالنسبة لتأثير ذلك على الكويت، أكد بهبهاني أن البلاد تتبع سياسة حصيفة منذ سنوات، قائمة على العقود الآجلة طويلة الأمد ومنها ما أبرمته مع الصين بأسعار خاصة عليها خصومات، وهو مشروع ناجح اتبعته فيما بعد معظم دول الخليج منها السعودية والإمارات.

استحقاق واجب

من جانبه، قال الخبير النفطي محمد الشطي، إنه رغم انهيار أسعار النفط إلى متوسط الدولار للبرميل في تكساس، فإن هذا كان إقفال شهر مايو، وهي عقود واجبة الاستحقاق ليوم أمس، بينما تعاملات شهر يونيو أعلى عند 23 دولاراً للبرميل، بالتالي هذا مؤقت وسيكون هناك تصحيح بلاشك خلال اليومين المقبلين.

وأضاف الشطي أن الهبوط في أسعار النفط جاء في بورصة نيويورك بسبب امتلاء أماكن التخزين في أميركا وامتلاء أنابيب النفط وعدم وجود طلب عليه، وهذا يعني عدم قدرة أحد على الإنتاج أو التوزيع ولا بيع النفط هناك، أما برنت في لندن فقد ظل عند سعر 26 دولاراً لأنه لا توجد مشكلة في التخزين لديهم.

وبين أنه تداول ورقي وحان وقت الاستحقاق لتسليم شهر مايو،لافتاً إلى أنه على المشتري أن يجد مكاناً للتخزين عندما اشترى، ونظراً إلى عدم وجود سعة تخزينية فعليه بيعه، موضحاً أن جميع المشترين يعلمون أن وقت الاستحقاق قد حان فقاموا باستغلال هذه الفرصة حتى وصل إلى سعر سلبي، وهذا بطبيعة الحال أقل من التكاليف ويمثل خسائر للمستثمر والمضارب.

لا تأثير على الكويت

بدوره، قال أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. أحمد الكوح، إنه لا تأثير يذكر على الكويت جراء ما حدث في تكساس، فهي حالة أميركية خاصة لأن لديها مشكلة في عملية التخزين، موضحاً أن هناك عقوداً جاء وقت استحقاقها أمس، وكان يجب إنهاؤها والتخلص من كميات النفط المخزنة ولو بخسارة لأنها تداولات من خلال عقود فورية فضلاً عن عدم وجود أماكن تخزينية، وستكون لذلك انعاسكات نفسية على الأسواق، وسرعان ما ستنتهي عاجلاً وتعود الأسواق إلى وضعها الطبيعي.

وبين الكوح أن النفط الصخري يعتبر نقمة على الولايات المتحدة لأنها كانت تنتج كميات كبيرة بدون حسابات مستقبلية؛ مما أدى إلى ما حدث في نفط تكساس، لافتاً إلى أن الأسواق النفطية الخليجية انتبهت إلى ذلك منذ فترة واتبعت حيال ذلك سياسة حصيفة ونجحت في الانفتاح على الأسواق الآسيوية بشكل ناجح، مدللاً على ذلك بأن أسعار نفط منطقة الخليج مازالت ثابتة لم تتغير.

مضاربات لم تحقق الهدف

من ناحيته، قال المحلل المالي علي النمش، إن ما حدث في تكساس أمر طبيعي لأنها عقود حان وقت استحقاقها أمس، وكان هناك مضاربون اشتروا كميات من النفط عقب اتفاق أوبك الأخير، ولم يحدث ارتفاع في الأسعار وفي الوقت نفسه حان موعد استحقاقها وتم البيع بخسائر، ودفع المضارب جزءاً من اموال التخزين لأن التخزين لم يحقق الغرض منه، وفي الوقت نفسه حان موعد الاستحقاق، في حين الكميات التي تم التخلص منها تعتبر بسيطة وغير ذات تأثير على الأسواق، مدللاً على ذلك بأن خام برنت لم يتأثر مطلقاً مما حدث.

ورأى النمش، أن ما حدث نوع من الضغوط على الرئيس ترامب كي يفتح الاقتصاد الأميركي ويقوم بإعادة فتح المصانع المغلقة جراء انتشار فيروس كورونا، متوقعاً أن تتم خطوة عملية من ترامب إزاء الوضع الاقتصادي الأميركي المغلق.

جريدة الجريدة