محمد جاسم الصقر: رصيد الاستثمارات الكويتية بالاتحاد الأوروبي تضاعف 6 مرات خلال الأعوام الماضية

عقد مع سفراء الاتحاد لدى الكويت لقاء افتراضياً أكد خلاله زيادة تفضيل الكويتيين للسلع الأوروبية

قال الصقر إن رصيد الاستثمارات الكويتية المباشرة في الاتحاد تضاعف 6 مرات بين عامي 2013 و2019، ليبلغ 4.4 مليارات دولار، كما ازداد تفضيل الكويتيين للسلع الأوروبية بنسبة 12 بالمئة خلال الفترة نفسها.

عُقد لقاء افتراضي موسع، أمس، جمع بين رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت، محمد جاسم الصقر، وسفير الاتحاد الأوروبي، د. كريستيان تودور، وعدد من سفراء دول الاتحاد المعتمدين لدى دولة الكويت وهي النمسا، وبلجيكا، وبلغاريا، وكرواتيا، وقبرص، والتشيك، وفرنسا، والمانيا، واليونان، والمجر، ومالطا، وهولندا، وبولندا، ورومانيا، وسلوفاكيا، والدنمارك، واستونيا، وفنلندا، وأيرلندا، ولاتفيا، وليتوانيا، والبرتغال، وسلوفينيا، والسويد، ودوقية لوكسمبورغ الكبرى.

يأتي هذا اللقاء بهدف مناقشة سبل توثيق عرى التعاون الاقتصادي بين الكويت والدول الأوروبية في ظل الأوضاع الراهنة المتعلقة بأزمة الوباء العالمي "كوفيد 19"، حيث ألقى الصقر كلمة أعرب فيها عن إعجابه بتفاؤل الاتحاد الأوروبي في التغلب على الجائحة وتداعياتها، مشيراً إلى تضاعف رصيد الاستثمارات الكويتية المباشرة في الاتحاد الأوروبي خلال الأعوام الماضية.

وقال رئيس "الغرفة" في كلمته: بالأصالة عن نفسي، وبالنيابة عن غرفة تجارة وصناعة الكويت، يسعدني ويشرفني أن أرحب بكم، وأن أتقدم بخالص الامتنان لسفير الاتحاد الأوروبي في الكويت د. كريستيان تيودور، لاقتراح هذا الاجتماع وتنظيمه.

وأضاف الصقر: يقول الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، خافيير سولانا، في مقال نُشر أخيرًا: "إن أوروبا واجهت أزمات وجود متتالية في السنوات العشر الماضية، لكنها نجحت في تجاوزها كلها من خلال تعميق الوحدة بين أعضائها"، وإني على يقين بأن الرئيسة فون دير لاين تشارك السيد سولانا رأيه، وتسعى إلى المضي أبعد من ذلك، باتجاه تعميق علاقة الاتحاد الأوروبي مع العالم في أكثر الأوقات صعوبة وأغناها فرصة، ودولة الكويت تشجع مثل هذا الطموح الذي يستند، بلا شك، الى العلاقة القوية والوثيقة بين الاتحاد ودول مجلس التعاون الخليجي.

وشدد على "أننا في الكويت نشعر بإعجاب كبير بتفاؤل الاتحاد في تغلّبه على الجائحة وتداعياتها، وهذا ما يفسّر تضاعف رصيد الاستثمارات الكويتية المباشرة في الاتحاد 6 مرات بين عامي 2013 و2019، ليبلغ 4.4 مليارات دولار، كما ازداد تفضيل الكويتيين للسلع الأوروبية بنسبة 12 بالمئة خلال الفترة نفسها، حيث بلغ إجمالي الواردات من الاتحاد الأوروبي 7 مليارات دولار في عام 2019، إضافة الى التطورات المثيرة في الخدمات المتداولة بين الاتحاد الأوروبي والكويت، ورغم هذه المؤشرات المشجعة، لا بدّ من الإقرار بأننا نجتمع في مرحلة حرجة فعلاً.

وأكد الصقر أن رياح التغيير تهب علينا قوية، وسريعة، ومتعددة الاتجاهات؛ فالطاقة تمر بمرحلة انتقالية، والصناعة تعيش ثورتها الرابعة، والتكنولوجيا تتطور بشكل مذهل، والتجارة الدولية تتوجه تدريجياً نحو الشرق، وإذا تم تسخير هذه الرياح بشكل صحيح، فإنها ستعيد توزيع الثروات وتحفيز الازدهار، وبالتالي، ولكي يكون لنا موقع على خريطة الازدهار، يجب أن نفتح صفحة جديدة من التعاون الذي يتناسب مع المستقبل.

وزاد: رغم أن رياح التغيير قد شملت العالم كله قبل سنوات من وباء كوفيد 19، فإن من المؤكد أن هذه الجائحة سيكون لها - بالتأكيد - دور كبير في توجيه هذه الرياح وزيادة سرعتها، ومع أن العالم لا يزال يجهل توقيت وطريقة التخلص من الجائحة، فإن المتحدثين عن اقتصادات ما بعد "كوفيد 19"، يتوقعون - بكثير من القلق – تحولات كبيرة، خاصة في التجارة الدولية، والتدفقات الاستثمارية، والطاقة بأنواعها، علما بأن هذه التحولات تحمل من التحديات بقدر ما تحمل من الفرص، وهنا يأتي دوركم يا أصحاب السعادة، كما يأتي دورنا في غرفة تجارة وصناعة الكويت، لكي نتعاون في تحديد هذه الفرص والتعريف بها والترويج لها.

وقال: لا أجدني بحاجة الى الحديث عن الاقتصاد الكويتي وتنافسيته ودوره الإقليمي والدولي، فأنا على يقين بأنكم جميعاً تحيطون بهذا الشأن كأهله إن لم يكن أكثر، وخاصة من حيث النظام السياسي الديمقراطي المستقر، والنظام القضائي العادل، والجهاز المصرفي القوي والمتقدم، والسوق المالية المنظمة، والقطاع الخاص المليء والمنفتح.

وقد يكون من السذاجة ألّا أشير هنا الى أثر الاجتهادات السياسية المختلفة على تباطؤ الإصلاح الاقتصادي المطلوب في الكويــــت، فأنتم تقـرأون وتسمعـون عن هذه الاجتهادات كل يـــوم، ومع أني لا أنكر أن الحــوار حول هذه الاجتهــــادات قد طال أكثر مما يجب، فإني – وبذات الصراحة والموضوعية – أشير الى إيجابـيـات ثـــلاث:

 

 

الأولــى؛ أن الكويت قد خطت خطوات عديدة وواسعة نسبياً في مجال تحسين تنافسيتها، والتخفيف من البيروقراطية، والتقدم في استخدام تقنيات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، وتنظيم المشاركة بين القطاعين العام والخاص، وفتح المجال بدرجة شبه كاملة أمام الاستثمارات الخارجية، وتطوير قوانين التجارة والشركات والوكالات التجارية.

والإيجابية الثانية؛ أن الضغط الكبير الذي يتعرّض له النفط وأسعاره، تقابله مجالات كثيرة في صناعات المنتجات البترولية من جهة، وفي الاستثمار بإنتاج واستخدام الطاقة المتجددة من جهة أخرى. وتنافسية الكويت في المجالين واعدة فعلا، وتطرح فرصاً ضخمة أمام الاستثمارات الأوروبية.

أما الإيجابية الثالثة؛ فهي أن التعاون الاقتصادي بيننا سيبقى بالتأكيد بحاجة الى دعم وتعاون حكوماتنا، لكن تنفيذ مشاريع هذا التعاون وتمويلها سيتولاهما القطاع الخاص الكويتي، وهو بخبرته وملاءته، قادر على مواكبة هذا التحول بكل كفاءة.

وذكر الصقر أنه في أواخر عام 2019، وبعد إنشاء مفوضية الاتحاد الأوروبي بالكويت، أعرب د. كريستيان عن دعم الاتحاد لـ "رؤية الكويت 2035". لهذا أقول، ليس هناك وقت أفضل من الآن للاستفادة من هذه النوايا الحسنة، وعلاوة على ذلك، ستكون غرفة تجارة وصناعة الكويت شريكًا فعالًا ومتفهمًا في الجهود الرامية لتحقيق هذا الهدف.

وأضاف: أرجو أن توافقوني الرأي بأنه من الصعب أن نتحدث عن شراكة تنموية بين أية أطراف إذا لم تتوافر شروطها الأساسية؛ السلام، والعدل، والاحترام المتبادل، خاصة أن عالمنا اليوم تتجاذبه نظريتان؛ حوار الثقافات، وصدام الحضارات، والخلاف بينهما لا يدور بين الشرق والغرب، ولا بين الأديان والطوائف، أو بين الدول الغنية والفقيرة، بل يدور بين دعاة الاعتدال ودعاة التطرف داخل كل واحدة من هذه المجموعات بلا استثناء.

وهنا، أصارحكم القول بأن شروط العدل والسلام والاحترام هذه يتعذّر توفيرها في العالم العربي عامة، وفي دول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص، ما دام المجتمع الدولي يتعامل مع الأوضاع المأساوية في العراق وســورية ولبنان، وفي اليمن وليبيا والسودان، بكثير من اللامبالاة على الصعيدين السياسي والإنساني في آنٍ معاً.

إن على أوروبا بالذات واجباً سياسياً وأخلاقياً في أن توحّد موقفها تجاه تيارات التطرف والتوسع والعنف، وفي أن توظّف ثقلها الدولي لوقف ما تسبّبه هذه التيارات من أوضاع مأساوية في المنطقة.

وختم الصقر: أود أن أكرر شكري للدكتور كريستيان والحضور الكرام، مؤكدا أن جولات حوار كهذه ستفتح الطريق نحو إعادة تصميم تطلعاتنا الخاصة والمتبادلة.

بدوره، ألقى السفير كريستيان تودور كلمة تطرق فيها إلى العلاقات الثنائية الممتازة التي تجمع دولة الكويت والاتحاد الأوروبي في شتى الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، معتبرا افتتاح مقر للبعثة الأوروبية بالكويت الذي تم في يوليو 2019 خطوة إلى الأمام في العلاقات المشتركة، الأمر الذي يؤكد أهمية دولة الكويت كشريك استراتيجي، كما شرح التطلعات المستقبلية لتعزيز هذه الشراكة، خاصة فيما يتعلق بالقطاع الاقتصادي بكونه المحور الرئيسي في العلاقات المشتركة.

وقد تخلل اللقاء حوارات مباشرة بين جميع السفراء المشاركين حول التدابير والحزم الاقتصادية التي انتهجتها حكومات البلدان الأوروبية في سبيل النهوض بالاقتصاد من جديد بعد تأثره من تداعيات أزمة الوباء العالمي "كوفيد 19".

جريدة الجريدة