مثلث الإصلاح الإداري والاقتصادي
بعد خطاب صاحب السمو أمير البلاد الذي أناب عنه سمو ولي العهد، حفظهما الله، الذي لامس معاناة أبناء الشعب الكويتي واستياءهم من السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفي ظل التغيّر السياسي الحالي من تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء، وحلّ مجلس الأمة وفقاً للمادة 107 من الدستور، ليقوم الشعب بإعادة تقييم نوابه في البرلمان، قامت القيادة السياسية بإعادة وضع الدولة في مكانها الصحيح وفقاً للأطر الدستورية.
الحكومة السابقة
ما لامسناه من سمو رئيس مجلس الوزراء السابق هو التعامل الرديء مع الوضع الإداري والاقتصادي والسياسي، فقد فشلت الحكومة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية أثناء جائحة كورونا، ليأتي ارتفاع النفط «بسبب عودة الحياة الطبيعية والحرب الروسية - الأوكرانية»، لينقذ الوضع المالي للدولة.
كان حديث الحكومة السابقة عن الإصلاحات الاقتصادية حديثاً تسويقياً إعلامياً بامتياز، وتسويق الحكومة السابقة بأن السيولة النقدية شارفت على النفاد، لكنّ سلوكياتها تعطي انطباعا بأن الوضع المالي والسيولة ممتازة، إضافة إلى أن مناورات رئيس الحكومة السابقة كانت من أجل البقاء أطول فترة ممكنة في سدة رئاسة مجلس الوزراء ومن أجل بقاء المتحالفين معه.
مثلث الإصلاح الإداري
مثلث الإصلاح الإداري هو مثلث ذو 3 أضلاع مرتبطة ببعض، فلا يكمل المثلث إلا بترابطها الكلي، ويتمثل ذلك في 3 خطوات:
أولاً: إقالة القياديين الفاسدين والمقصرين من مناصبتهم.
ثانياً: محاسبة القياديين الفاسدين وتحويلهم إلى القضاء بتهمة استغلال السلطة من أجل مصالح مالية او عينية، كذالك محاسبة القياديين المقصرين بسبب إهدارهم المال العام.
ثالثاً: تعيين قياديين ذوي كفاءة، قادرين على النهوض بالبلد.
العلاج واضح وبسيط، كما قاله الخبير الاقتصاد أ. جاسم السعدون «لم تنجح خطة تنمية واحدة ما لم تكن هناك نخبة تتمكن من تولي القيادة، فالعلاج يبدأ من الأعلى».
مثلث الإصلاح الاقتصادي
تعتبر الإصلاحات الاقتصادية هي العقبة الكبرى التي تواجه الحكومة، والتي دائماً ما يتم تأجيلها بعد ارتفاع أسعار النفط، فلا توجد خطة واضحة وفاعلة لتنويع مصادر الدخل، وتخفيض الاعتماد على النفط، وتوفير فرص العمل ومعالجة الهدر المالي، ويتكون مثلث الإصلاح الاقتصادي من:
أولاً: معالجة الهدر المالي.
ثانياً: تعظيم الإيرادات النفطية وغير النفطية.
ثالثاً: تدقيق ومتابعة إيرادات ومصاريف الدولة.
قدّمت الجمعية الاقتصادية الكويتية لسمو رئيس مجلس الوزراء السابق مجموعة من الدراسات، منها «أولويات الإصلاح الشامل في الاقتصاد الكويتي»، بمشاركة أستاذَي الاقتصاد الفاضلين بجامعة الكويت، د. رياض الفرس ود. نايف الشمري، التي ركزت على 3 محاور هي الإصلاح المؤسسي، والاقتصادي والمالي، وتنقسم إلى 3 فترات: إصلاحات فورية، وإصلاحات على المدى المتوسط، وأخرى على المدى الطويل.
مناورات الإصلاح
بعيداً عن مناورات الحكومة ومجلس الأمة، فالملف الاقتصادي والنظام الإداري من أهم أسس ديمومة الدولة، فعلى الحكومة المبادرة بخطة إصلاحية «إدارية واقتصادية» واقعية قابلة للتنفيذ، لتكون خريطة طريق لبناء اقتصاد متنوع ومستدام بدعم من مجلس الأمة.
فلن تنجح أي خطة للتنمية أو إصلاحات اقتصادية وإدارية إلا بدعم القيادة السياسية ومجلس الوزراء ومجلس الأمة مجتمعين.
كلام مكرر
الإصلاحات الإدارية والاقتصادية ليست حبرا على ورق، أو عرضا مرئيا (برزنتيشن) يُعرض على شاشات ضخمة، الإصلاح الإداري والاقتصادي خطة مفصلة يتبعها تنفيذ جدّي.
نحن لا نريد أن تسوء الأوضاع الاقتصادية وتترهل الإدارة الحكومية أكثر من السوء الحالي، فاستمرار الحكومة في بطء الإصلاحات الإدارية والاقتصادية قد يذهب بنا إلى نفق مظلم لا نعرف نهايته وكيف نخرج منه.
كمواطن محبّ لوطنه وكشخص مهتم بالشأن الاقتصادي أدعم بقوة أي جهد حكومي «فعلي» للإصلاحات الإدارية والاقتصادية ومحاربة الفساد.
أمّا إذا كانت الإصلاحات شعارات تسويقية ومحاربة الفساد كلاما صوتيا، فأقرب وصف لنهج الحكومة هو عنوان المؤتمر الثاني للقطاع الخاص المنعقد في مارس 2007 «الإصلاح الاقتصادي... كلام مكرر وقرار مؤجّل»، فالتفاؤل من غير عمل «سذاجة».
* نائب رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية.
جريدة الجريدة.