عين «المركزي» على تجنيب الاقتصاد التباطؤ

• السيولة المصرفية في أعلى مستوياتها والودائع زادت ٦٪ في ٧ أشهر بقيمة 2.709 مليار دينار
• سوق الإنتر بنك تراجع 880 مليون دينار في شهر بنسبة 24.6%

ذكرت مصادر مصرفية أن بنك الكويت المركزي يضع ثلاثة مسارات كمرتكزات أساسية لمراقبة سلم الفائدة على الدينار، وهي حركة الودائع والسيولة في القطاع المصرفي ومستويات النمو الاقتصادي ومستويات التضخم.

وفيما يخص ملف السيولة، شددت المصادر على أن السوق به وفرة هائلة وسيولة وفيرة آخذة في النمو والزيادة، إذ قفزت فقط من بداية العام حتى نهاية يوليو الماضي بنحو 6% بما قيمته 2.709 مليار دينار، مما انعكس على مستويات وحركة سوق الودائع بين البنوك «الإنتر بنك»، والذي سجل تراجعاً في شهر واحد فقط بقيمة 880 مليوناً، بما نسبته 24.6%، فيما تراجع من بداية العام بقيمة 459 مليوناً، بما قيمته 14.6%، حيث يعكس الوفرة المالية ويؤشر إلى ضمانة البنوك لاستقرار سوق الودائع بالدينار لأن تحافظ على قوتها.

وأردفت أن الدينار سيبقى ملاذاً آمناً مقابل العملة الرئيسية «الدولار»، لاسيما وسط التوترات الجيوسياسية، فضلاً عن أن هامش الفارق بين الفائدة على وديعة الدينار والدولار ليس مشجعاً ويحتاج إلى تحوطات، مؤكدة أن مستويات الفائدة الحالية على الدينار بالرغم من وصولها إلى 3% مناسبة.

معدلات النمو الاقتصادي

وبينت المصادر أن المسار الثاني محل الاهتمام والمراقبة هو مستويات ومعدلات النمو الاقتصادي، إذ يحرص «المركزي» على عدم خنق النمو الاقتصادي عبر رفع الأكلاف على القروض بمستويات قياسية بشكل متلاحق ومتسارع، ويأخذ في عين الاعتبار أن تبقى محركات النمو الاقتصادي تعمل بوتيرة متزنة، خصوصاً أن ذلك يصب في مصلحة كل الأطراف.

وأضافت أن المبالغة في رفع الفائدة بوتيرة سريعة من شأنها أن تؤدي إلى العزوف عن طلب التمويل، كذلك عرقلة الكثير من المشاريع والخطط، لاسيما لدى القطاع الخاص، وفي المقابل لدى البنوك وفرة هائلة من السيولة، وعليها أكلاف مستحقة للمودعين، ومن مصلحتها أن يكون لهذه السيولة فرص يتم توظيفها وتدويرها في قنوات تمويل في شكل قروض وتسهيلات، لافتة إلى أن هوامش التحرك المتاحة للبنوك فيما يخص سعر الفائدة ومساحة المنافسة تجعل مستويات الفائدة للقطاع الخاص مقبولة ومشجعة، خصوصاً وسط فترات السماح والآجال الطويلة لعمر التمويل الزمني.

ونبهت أوساط مصرفية إلى أن مؤشرات التضخم في الكويت، التي سجلت مؤشراتها تباطؤاً نسبياً لثلاثة أشهر متتالية، واستقرت عند مستوى 4.24%، فضلاً عن التوقعات بأن وتيرة التضخم ستتباطأ حتى نهاية العام الحالي، في ظل تراجع بعض الضغوط التضخمية عالمياً، واتباع تدابير تشديد السياسة النقدية على نطاق أوسع، واستبعاد الزيادات الكبيرة في الأسعار التي شهدناها العام الماضي من المقارنة السنوية، هي عوامل ومؤشرات تم أخذها في الاعتبار لفك الارتباط الكلي في مواكبة الفدرالي الأميركي.

ولفتت المصادر إلى أن إشارة البنك المركزي بفك الارتباط الكلي بين حركة الفدرالي الأميركي في رفع الفائدة هي إشارة إلى خصوصية الاقتصاد الكويتي وطبيعة المعطيات والأرقام التي تؤكد أن مبررات التحرك المتسارع في الولايات المتحدة ليست ذاتها في السوق الكويتي، خصوصا أن الأسباب التي أدت إلى مستويات التضخم أميركياً من أدوات التيسير الكمي والمبالغ الضخمة التي تم ضخها في السوق خلال الجائحة لم تكن بذات القدر في السوق الكويتي، إذ كان التوازن سيد الموقف محلياً، بالتالي من الطبيعي أن تأتي تلك الفوارق في سياسة الزيادة.

حقائق ومعطيات

وثمة تساؤل في خضم سياسة المركزي: هل يقرأ السوق المالي تلك الإشارات بفك الارتباط النفسي مع السوق الأميركي، خصوصاً وسط اختلاف المعطيات والضغوط وتباين الأسباب سواء المحفزة أو الضاغطة؟

في سياق متصل، أوضحت المصادر المصرفية جملة حقائق ومعطيات أبرزها ما يلي:

• متى ما رأى البنك المركزي مؤشرات تستدعي تحريك سعر الفائدة فسيتخذ القرار وفق المؤشرات التي تخضع للمراقبة والتقييم المستمر.

• ملف التضخم المحلي مستورد لاسيما على مستوى السلع المستوردة وفي ظل ارتفاعات أسعار النفط عالمياً، التي تسهم بطريقة أو أخرى في نموه إلا أن مؤشراته لا تزال تحت السيطرة وليست بذات الجموح العالمي.

• زيادة الفائدة تصب في مصلحة البنوك لكن لا بد أن تبقى في نطاق معقول، خصوصاً أن المبالغة قد تخنق سوق التمويل والقروض، وبالتالي تكون زيادتها سلبية على القطاع.

• من الضروري في هكذا تعقيدات وتشابكات استخدام أدوات السيولة وابتكار تدخلات تحقق تأثيرات ملموسة بأقل كلفة ممكنة وانعكاسات سلبية قياسا بتحريك الفائدة.

• تعقيدات الأزمة العالمية الجيوسياسية واضطراب العملات الرئيسية كالإسترليني، واتخاذ حكومات الدول الكبرى قرارات استثنائية، مثل بريطانيا، عبر إلغاء الضريبة على القيمة المضافة على مشتريات المتسوقين، هي رسائل بأن كل الحلول غير التقليدية متاحة، وبالتالي عدم تحريك الفائدة بذات القدر يعكس أن هناك أدوات وخيارات أخرى تحقق ذات الأهداف بأقل تداعيات.

• ثمة مراعاة حثيثة لعدم الدفع في اتجاه الركود، ومن ثم حدوث تعثرات أو إرباكات في الالتزام بالسداد، ومن ثم العودة إلى دوامة المخصصات مرة أخرى، بعد جهود سنوات من التنظيف والمعالجات والهيكلة.

جريدة الجريدة