شركة «كامكو إنفست»: تعزُّز فرص نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي
بسبب طرح اللقاحات والانتعاش الاقتصادي في النصف الثاني من 2020
كشف التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي بعنوان مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي عن قيام الصندوق برفع توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2021 بمقدار 30 نقطة أساس، ليصل إلى 5.5 في المئة، وأبقى على توقعات نمو عام 2022 دون تغيير عند 4.2 في المئة.
وحسب تقرير لشركة «كامكو إنفست»، فإن تلك المراجعة التصاعدية عكست توقعات بازدياد قوة النشاط الاقتصادي خاصة خلال النصف الثاني من 2021، مدفوعاً بتطور اللقاحات ونتيجة لدعم السياسات النقدية في عدد من الاقتصادات الكبرى، إلا ان صندوق النقد الدولي أعرب عن مخاوفه وحذره من أن الانتعاش الاقتصادي يمر بحالة ضبابية نتيجة لموجات الانتشار المتجددة وظهور سلالات جديدة من الفيروس.
من جهة أخرى، تم تعديل معدل انكماش الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020 وتخفيضه إلى نسبة 3.5 في المئة، مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 4.4 في المئة، مما يعكس نمواً أقوى من المتوقع في النصف الثاني من 2020.
وأدى التعافي الاقتصادي بمستويات أقوى من المتوقع خلال النصف الثاني من 2020 في مختلف مناطق العالم وإطلاق اللقاحات في ديسمبر 2020 إلى قيام صندوق النقد الدولي بتحسين توقعاته، وذلك على خلفية اتخاذ العديد من التدابير الإضافية التي من المتوقع أن تساهم في تعزيز معدلات النمو خلال العامين الحالي والمقبل، حيث قامت العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان، بالإعلان عن برامج تحفيز مالي ضخمة، هذا إلى جانب حزمة التعافي المعروفة باسم الجيل القادم للاتحاد الأوروبي، الأمر الذي من شأنه أن يدعم النشاط الاقتصادي للاقتصادات المتقدمة وشركائها التجاريين، إلا أن صندوق النقد يرى أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود فيما يتعلق بالرعاية الصحية والسياسات الاقتصادية للحد من التداعيات وضمان الانتعاش المستدام في السنوات القادمة.
وعلى صعيد السياسات النقدية، يتوقع صندوق النقد أن تبقي البنوك المركزية الرئيسية على معدلات الفائدة الحالية حتى نهاية عام 2022، كما ينعكس ذلك أيضاً على معنويات الأسواق التي وصلت إلى ارتفاعات قياسية في عدد من الاقتصادات بدعم من الآفاق الإيجابية لعام 2021، أما بالنسبة للتضخم، والذي يعد من أهم المقاييس الرئيسية للبنوك المركزية، فمن المتوقع أن يظل منخفضاً في عامي 2021 و2022، ومن المتوقع أن يظل التضخم أقل من المعدلات المستهدفة للبنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة ليظل عند نسبة 1.3 في المئة في عام 2021، و1.5 في المئة في 2022. وفي الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، من المتوقع أيضاً أن يظل التضخم أقل من المتوسطات التاريخية عند مستوى 4.2 في المئة لعامي 2021 و2022.
ومن المتوقع أيضاً أن تشهد أسواق السلع نموا إيجابياً في الأسعار على أساس سنوي في عام 2021 مع توقع تسجيل المعادن لمعدل نمو أعلى. كما خضعت تقديرات أسعار النفط لمراجعة تصاعدية قوية ورفعها بنسبة 21.2 في المئة لعام 2021 لتصل إلى 50.03 دولاراً للبرميل، إلا أنه من المتوقع أن تظل الأسعار دون مستويات عام 2019. وبالنسبة لعام 2022، من المتوقع أن ينخفض سعر النفط مقارنة بـ 2021 ليصل إلى 48.82 دولاراً للبرميل.
حجم التجارة العالمي
من المتوقع أن ينمو حجم التجارة العالمي بنسبة 8.1 في المئة في 2021، أي تم خفضه بمقدار 20 نقطة أساس نتيجة لنمو أعلى من المتوقع للاقتصادات المتقدمة (+40 نقطة أساس) والذي قابله خفض توقعات النمو الخاصة بالأسواق الناشئة والدول النامية بمقدار 100 نقطة أساس إلى 9.2 في المئة. وفي العام المقبل، من المتوقع أن تشهد كلتا المنطقتين نمواً أقوى مما أدى إلى مراجعة إيجابية بمقدار 90 نقطة أساس لنمو حجم التجارة العالمية ورفعه إلى 6.3 في المئة. ومن المتوقع أن يشهد حجم الخدمات، بما في ذلك السفر عبر الحدود للسياحة والأعمال، انتعاشاً بطيئاً مقارنة بحجم البضائع لحين انحسار حالات الإصابة بالعدوى على مستوى العالم.
أداء الناتج المحلي الإجمالي ربع السنوي
أما فيما يتعلق بأداء الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي، كانت أرقام الربع الثالث من 2020 أقوى مما كان متوقعاً على خلفية الطلب على كافة الصعد، مما أدى إلى انتعاش الاستهلاك الخاص وإدخال تعديلات على نظام العمل عن بعد، إلا ان نمو الاستثمار كان بطيئاً نسبياً، باستثناء الصين، وأظهر الإنفاق الاستثنائي غير المتكرر بصفة عامة علامات تدل على انحساره في الربع الرابع من 2020. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه خلال الربع الأول من عام 2021، إلى أن يتم توفير اللقاحات والعلاجات بوتيرة أسرع مما يسمح بتحسن معدل نمو الأنشطة كثيفة الاختلاط بحلول الربع الثاني من عام 2021.
الاقتصادات المتقدمة مقابل الناشئة و«النامية»
وفقاً لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يتم طرح اللقاحات مبدئياً في الاقتصادات المتقدمة وبعض اقتصادات الأسواق الناشئة في صيف 2021، إلا انه لن يكون متاحاً في معظم الاقتصادات قبل النصف الثاني من عام 2022، وهناك أيضاً إمكانية فرض عمليات الإغلاق لاحتواء انتقال السلالات الجديدة من الفيروس، إلا انه في ظل تزايد توفير اللقاحات وتحسين العلاجات وأساليب الفحص والتعقب، من المتوقع أن تنخفض حالات الإصابة بالعدوى إلى مستويات منخفضة على مستوى العالم بنهاية 2022، إلا ان سرعة تحقيق ذلك ستعتمد على الظروف الخاصة بكل دولة على حدة.
ومن المتوقع أن يتجاوز نمو الاقتصادات المتقدمة أقرانها من الأسواق الناشئة بفضل تدابير الدعم المالي التوسعية التي أعلنت عنها تلك الدول بالإضافة إلى توافر اللقاحات على نطاق واسع. إلا انه حتى بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، من المتوقع أن تتباين معدلات الانتعاش الاقتصادي فيما بينها. ومن المتوقع أن تستعيد الولايات المتحدة واليابان مستويات النشاط الاقتصادي المسجلة في آخر العام 2019 خلال النصف الثاني من العام 2021، بينما يتوقع أن يظل النشاط في منطقة اليورو والمملكة المتحدة دون تلك المستويات حتى العام 2022. وتم تعديل توقعات النمو الخاصة بالولايات المتحدة بزيادة قدرها 200 نقطة أساس مقارنة بالتوقعات السابقة بفضل استمرار الزخم القوي خلال النصف الثاني من العام 2020 والدعم المالي الإضافي الذي تم الإعلان عنه في ديسمبر 2020. وأدى الإعلان عن حزمة تحفيز مالي مماثلة في اليابان بنهاية العام الماضي إلى تعديل توقعات نمو العام 2021 وزيادتها بمقدار 80 نقطة أساس. من جهة أخرى، شهد النشاط الاقتصادي لمنطقة اليورو انخفاضاً هامشياً بنهاية العام 2020 على خلفية تزايد حالات الإصابة مما أدى إلى إعادة فرض تدابير إغلاق أكثر صرامة، الأمر الذي أدى إلى تعديل هبوطي بمقدار 100 نقطة أساس لنمو المنطقة ليصل إلى نسبة 4.2 في المئة في العام 2021.
ويتوقع أن تتبع الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية مسارات انتعاش متباينة، إذ يتوقع أن تواصل الصين تسجيل نمواً إيجابياً في عام 2021 بنمو يصل إلى 8.1 في المئة، بانخفاض هامشي مقارنة بنسبة 8.2 في المئة المتوقعة سابقاً من قبل صندوق النقد الدولي.
من جهة أخرى، شهدت الهند انتعاشاً أقوى من المتوقع في 2020 بعد تخفيف تدابير الإغلاق، ومن المتوقع الآن أن تشهد نمواً ثنائي الرقم بنسبة 11.5 في المئة، كما تم تعديل توقعات النمو ورفعها بمقدار 270 نقطة أساس مقابل قاعدة مقارنة منخفضة في 2020، والتي يقدر بأنها شهدت انخفاضاً حاداً بنسبة 8.0 في المئة.
في ذات الوقت، من المتوقع أن تؤثر القيود المفروضة على السفر الجوي والسياحة على نمو الصادرات النفطية والاقتصادات القائمة على السياحة، وقد انعكس ذلك في خفض توقعات نمو السعودية بمقدار 50 نقطة أساس إلى 2.6 في المئة في 2021، إلا ان معدل النمو كان أعلى بنسبة 4.0 في المئة (+60 نقطة أساس) في 2022 في ظل انتعاش النشاط الاقتصادي.
وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ظلت توقعات النمو لعام 2021 دون تغيير عند مستوى 3.0 في المئة، بينما أدت توقعات تعافي النشاط الاقتصادي العام المقبل إلى تعديل معدلات النمو الخاصة بالمنطقة، ورفعها بمقدار 20 نقطة أساس.
جريدة الجريدة