ديون الولايات المتحدة... شوكة في حلق الاقتصاد الأميركي والعالمي
بلغت نحو 70 تريليون دولار
أرقام - الديون الأميركية على وشك بلوغ مستوى قياسي، حيث ساعد مزيج من التمويل الرخيص والاستدانة المتسارعة في تعزيز التوسع الاقتصادي وقيادة الاتجاه الصعودي لسوق الأسهم على مدار عقد من الزمان، لكن كل ذلك قد يتحول ضد الولايات المتحدة والعالم عند مرحلة ما بحسب «سي إن إن». وخلال الربع الأول من العام الحالي، بلغ إجمالي ديون القطاعين العام والخاص في الولايات المتحدة نحو 70 تريليون دولار، وفقاً لما ذكره معهد التمويل الدولي، وسجلت ديون الحكومة الفيديرالية والتزامات الشركات الخاصة باستثناء البنوك، مستويات قياسية جديدة. والديون في حد ذاتها ليست سيئة، وتساعد الحكومات والشركات على النمو من خلال تمويل المشاريع والخدمات المهمة التي جعلت الاقتصاد أقوى، وحتى الآن لا يزال اقتصاد أميركا قوياً كفاية للتعامل مع عبء الديون، لكن الالتزامات القريبة من مستوى قياسي قد تكون خطيرة بعد فترة. وبدأ الاقتصاد الأميركي يظهر بعض العلامات المقلقة، مثل تباطؤ التصنيع، علاوة على الحرب التجارية التي يخوضها وتضر الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة واحدة من أكثر الأماكن جاذبية للاستثمار، وديونها السيادية رهان آمن للمستثمرين. لكن إذا تباطأ الاقتصاد، فسيتعين على الولايات المتحدة مواصلة الاعتماد على المستثمرين، خصوصاً الدول الأجنبية، لشراء سنداته، ومن المحتمل حدوث ذلك بفعل المشكلة فقط أن الولايات المتحدة لا تسهل الأمور على نفسها. وقالت وزارة الخزانة الأميركية في 12 يوليو الجاري، إن أموال الحكومة قد تنفد بحلول أوائل سبتمبر قبل عودة الكونغرس من عطلة الصيف، ولهذا السبب طلب الوزير ستيفن منوشين من المشرعين رفع سقف الديون قبل العطلة الصيفية. ولم تتمكن الحكومة من الاقتراض منذ مارس بسبب حدود الديون التي فرضها الكونغرس، وإذا فشلت الحكومة في رفع السقف أو تعليقه موقتاً، فقد تتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، وستزداد تكاليف الاقتراض، وربما تتسبب في فوضى بالاقتصاد العالمي. ولدى أميركا الكثير من الديون لتسديدها، حيث أفادت وزارة الخزانة بارتفاع عجز الموازنة بأكثر من 23 في المئة بين أكتوبر ويونيو، مسجلاً 750 مليار دولار، ويعزى ذلك جزئياً إلى التخفيضات الضريبة التي أقرها الرئيس دونالد ترامب في 2017. ويقول معهد التمويل الدولي إن دين الولايات المتحدة بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق بسبب الزيادات في القروض الحكومية، والتي بلغت 101 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن على المدى الطويل فإن الظروف المالية الميسرة ستدعم زيادة الديون، ما يزيد المخاوف في شأن الأعباء. ومن المتوقع تخفيض الاحتياطي الفيديرالي لأسعار الفائدة في نهاية هذا الشهر، لكن هذا الخفض لن يشكل سوى مساعدة محدودة في خفض عبء الديون على الولايات المتحدة، والذي بلغ 830 مليار دولار سنوياً في الربع الأول. ووفقاً لمعهد التمويل الدولي، إذا خفض الاحتياطي الفيديرالي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس (1 في المئة)، فإن فاتورة الأعباء ستنخفض بنحو 20 مليار إلى 25 مليار دولار سنوياً، وهو قدر ليس بالمؤثر، وسيظل العبء يثقل ظهر البلاد. وفي العام الماضي، كان المستثمرون قلقين بالفعل في شأن ما يسمى بالعجز المزدوج، والذي يشمل موازنة البلاد الحساب الجاري أو الفجوة في تجارة العالم مع الولايات المتحدة، ورغم التركيز حالياً على قضايا أخرى، فإن تهديد العجز المزدوج آخذ في التزايد. خطر عالمي والمخاوف في شأن ارتفاع مستويات الديون لا تقتصر على الولايات المتحدة، إذ يزيد الرصيد العالمي للقروض على 246 تريليون دولار، أي ما يقرب من 320 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعالم، قريباً من أعلى مستوياته على الإطلاق، والذي سجله في الربع الأول من العام الماضي. وهذا يعني، أن العالم يقترض أكثر مما ينتج، أو يعيش بأكثر من إمكانياته إذا جاز التعبير، وهذه الكومة من الديون تعرض العالم والأسواق الناشئة على وجه التحديد لخطر التحولات المفاجئة في ظروف السوق. وإذا تبدلت الظروف سريعاً، فقد يكون من الصعب على الدول ذات الجودة الائتمانية الأقل، إعادة تمويل الديون المستحقة، ومن المتوقع أن تنمو القروض مع تحول البنوك المركزية في الدول المتقدمة إلى السياسات الأكثر تيسيراً. ويقول معهد التمويل الدولي إن هذا قد يقوض عمليات الحد من الاستدانة ويثير القلق في شأن الرياح طويلة الأجل المعاكسة للنمو العالمي.
المصدر: جريدة الراي