تمويل المبادرين «المركزي» يدرس إلزام البنوك بتخصيص نسبة محددة لهم
من خلال إعادة هيكلة حدود التركزات الائتمانية
كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي» أن بنك الكويت المركزي يدرس في الوقت الراهن إعادة هيكلة التركزات الائتمانية في محافظ البنوك، بما يلزم المصارف بإضافة حدود تركز ائتماني جديد خاص بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وبيّنت المصادر أن الناظم الرقابي يسعى لتشجيع البنوك على منح قروض وتسهيلات ائتمانية للشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وذلك انطلاقاً من الأهمية العالية التي توليها هذه المشاريع، وبهدف المساهمة في توطين هذا القطاع على أسس سليمة تدعم منشآته، وتقوي بنيته، وتضمن كفاءته بعد مرحلة الحضانة والرعاية. وأضافت أن «المركزي» يبحث في الوقت الراهن تحديد قواعد متطلبات النسب الجديدة التي يجب على البنوك العاملة الالتزام بها وبما يضمن سيولتها وملاءتها، مشيرة إلى أن النقاشات الرقابية المفتوحة حول النسبة المثالية التي يتعين إلزام البنوك بنسب تركزها للمبادرين لم تحسم بشكل نهائي، حيث هناك أكثر من رأي رقابي في هذا الخصوص محل نقاش، لكن جميعها يتراوح بين 5 إلى 10 في المئة، فيما جار العمل حالياً على تحديد الحدود الأفضل للمصارف وللمبادرين. وعملياً تنشط بعض البنوك بالفعل في سوق تمويلات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهناك اتفاقيات تفاهم بين هذه البنوك والصندوق الوطني لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلا أنه يبدو أن «المركزي» يسعى لزيادة حصة التمويل المصرفي لهذا القطاع، بأن يكون ذلك من خلال مشاركة مصرفية جماعية، ضمن نسب تركز محددة، بما يضمن فاعلية هذا التوجه. وأوضحت المصادر أنه وفقاً للتعليمات الصادرة لنسب التركز الائتماني التقليدية لا يحق للبنك التصرف في نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلا لصالح أصحاب هذه المشاريع، ما يجعل البنك أمام خيارين إما زيادة مساهمته في هذا القطاع أوتحمل كلفة الأموال التي سيضطر إلى تجنيبها من محفظته دون استفادة. وبيّنت المصادر أن أرصدة التسهيلات الائتمانية تسجل نحو 37 مليار دينار، ما يعني أنه في حال قرر «المركزي» أن يكون الحد الائتماني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بواقع 10 في المئة، فهذا يعني محاسبياً أن نحو 3.7 مليار دينارمبالغ جديدة سيتم توجيهها لهذا القطاع ائتمانياً. وتعد عمليات التركزات من المسائل الرئيسية التي تهتم بها البنوك المركزية، فإذا كانت قروض أحد البنوك عالية التركز في عدد قليل من المقترضين أو في قطاع اقتصادي معين، تزداد المخاطر إذا تعرض هؤلاء المقترضون أو هذه القطاعات لمشكلات مالية، ومن هنا تتعاظم أهمية وضع حدود ائتمانية للتركزات. ولفتت المصادر إلى أن «المركزي» يدرك جيداً الأهمية المضاعفة لقطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة بالنسبة للكويت، اقتصادياً واجتماعياً، موضحة أنه من الناحية الاقتصادية ينعقد الأمل بحد كبير على قدرة هذا القطاع لاستيعاب القادمين الجدد من المواطنين إلى سوق العمل في فرص فعلية مجزية ومنتجة، ومن ثم تخفيف الضغوط المتزايدة على الميزانية العامة لخلق وظائـف حكومية تموه حجـم البطالة المعلنة لتزيد من حجم البطالة المقنعة. كما أن هذه النوعية من المشاريع تساهم في إعادة التوازن إلى تركيبة العمالة، وبالتالـي، الى التركيبة السكانية، علاوة على أن انتشار المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يملكها ويديرها ويتفرغ لها المواطنون يساهم إلى حد بعيد في الانتقال من دولة موظفين إلى دولة منتجين ما يعزز التوازن الاجتماعي ويدفع بالممارسة الديموقراطية. وأضافت أنه وبحكم الدور الذي يلعبه «المركزي» في التنمية الاقتصادية كان من الضروري أن يسمح الناظم الرقابي بمشاركة مصرفية قوية في دعم هذا القطاع ائتمانياً، ومن هنا جاء التوجه نحو إعادة هيكلة توزيع نسب التركز الائتماني في المحافظ المصرفية. ولفتت المصادر إلى أن الدور الائتماني المستهدف لقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة لن يتعارض مع دور صندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بل سيكون تكاملياً، منوهة إلى أنه وفقاً لقانون الصندوق يسمح بمنح المبادر تمويلات بما لا يتجاوز 80 في المئة من إجمالي القرض المطلوب، في حين يتعين عليه أن يقوم بتغطية النسبة الائتمانية المستهدفة سواء من البنوك أو من جيبه الخاص، فيما يقترض آخرون من العائلة أو الأصدقاء. وأوضحت المصادر أن تحرك البنوك باتجاه تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة سيكون في الغالب نحو نسبة الـ 20 في المئة، مبينة أن منح هذه التمويلات سيكون وفقاً لاسس رقابية محددة تضمن للبنوك أن تكون تمويلاتها محدودة المخاطر، ومضمونة ائتمانياً. وذكرت المصادر أن هذه النافذة الجديدة ستساهم في تقديم حلول متكاملة لتمويل المشاريع في قطاعات ذات أهمية للكويت، وبما يساعد في دعم هذا القطاع.
جريدة الراي