تعطيل حقل «الدرة» يرفع تكاليف الغاز على الكويت

خبراء لـ «الجريدة»: طهران منعت تطويره عدة سنوات دون اعتبار للقوانين البحرية

يعد حقل الدرة من أهم مناطق العمليات المشتركة بين السعودية والكويت، إذ يعمل على دعم النمو بمختلف القطاعات الحيوية في البلدين اللذين اتخذا خطوات جادة لتطوير مكامن الغاز به. كما أن لحقل الدرة أهمية استراتيجية كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، باعتباره مخزناً منتظراً لإنتاج الغاز، بينما موقعه الذي يقع في منطقة حدودية عطل إنتاجه منذ تاريخ استكشافه في عام 1960. ويقدر خبراء الإنتاج المنتظر من هذا الحقل بنحو 11 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى أكثر من 300 مليون برميل من النفط الخام. «الجريدة» أجرت تحقيقا حول أهمية «الدرة» مع خبراء ومتخصصين في الشؤون النفطية بعد الخطوات الإيرانية الاستفزازية بالادعاء بوجود حقوق لها في هذا الحقل، حيث ذكروا أن أهمية تطوير هذا الحقل تنبع من احتياج الكويت للغاز، حيث «إننا نشتري 3.5 مليارات قدم مكعبة بسعر باهظ، رغم وجوده بين أيدينا وأنشأنا مراكز غالية الثمن، من أجل تسييله». ولفت المتخصصون إلى أن هذه الفوضى الجيوسياسية الشعبوية علقت إنتاج الحقل فترة طويلة، وقد تعطله أكثر من ذلك، على حساب الكويت التي تعتبر الخاسر الأكبر في ذلك الموضوع. في المقابل كان هناك رأى يشير إلى أن هناك اتفاقيات قديمة بين الكويت والسعودية في المنطقة المقسومة وتقاسم الثروات الطبيعية من النفط والغاز الموجودة في البر والبحر، ومع تطور أعمال الاستكشاف والتنقيب وإعلان اكتشاف الغاز الحر في حقل الدرة عام 1965 سارعت إيران لإثارة المشاكل واستولت على معدات وقوارب كويتية، وقد احتجت الكويت والسعودية لدى الأمم المتحدة، ولكن طهران استمرت عدة سنوات تمنع أي عمل في محيط الحقل، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين البحرية والمعاهدات الدولية. وأكدوا أن إيران طوال تلك السنوات لم تقم لمبادئ حسن الجوار أي اعتبار، معتبرين أن أفعالها لا تعكس تصريحاتها التي تنادي بأن يكون أمن الخليج العربي وسلامة الملاحة فيه مسؤولية دول المنطقة مجتمعة. وأضافوا أن طهران تعاني مشاكل داخلية وخارجية مثل تعليق الاتفاق النووي واستمرار العقوبات الأميركية والاوروبية وحظر النفط، لذا تجدها تارة تريد اغلاق مضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي وفي آخر الخليج تارة أخرى، مشيرين إلى أنها تثبت في معظم الأوقات أنها جارة لا يؤمن شرها بسبب استفزازاتها وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة الداخلية، مما يجعل استمرار العلاقات الودية معها أكثر تعقيداً... وإلى التفاصيل: بداية، قال عضو المجلس الأعلى للبترول سابقاً، محمد حمود الهاجري، إن حقول النفط والغاز لا ترتبط بالحدود الجغرافية على الخرائط بالبر أو البحر، ولا هي كروم عنب أخشى أن يسرق إنتاجها الجاري تحت جنح الظلام، فدراسة تطويره وتشغيله تحتاج إلى سنوات، وتنفيذ المشروع وتجهيزه للانتاج يحتاج إلى وقت وجهد وتكاليف، وليس في يوم وليله بإنزال آلة حفر وسحب الغاز!! محمد الهاجري: الموضوع شأن نفطي فني لكن طبيعة الموقع والوضع السياسي منحاه بعداً دبلوماسياً وأضاف أن هذه الأعمال لها نظام تحاسب لتقاسم الإنتاج والتكاليف، واتفاقيات دولية للحدود البرية والبحرية لا تعالج بتصاريح صحافية نارية تتناقلها وكالات الأنباء عبر العالم، أو تجاذبات على وسائل التواصل الاجتماعي. ولفت الهاجري إلى أن تصريح وزير النفط شابه الكثير من الملاحظات، لكونه استعجل بالرد ولم يتريث للتأكد من دقة المعلومات المتناقلة، منوها إلى أنه افتقد الدبلوماسية، فضلاعن تبنب الإثارة. طابع دبلوماسي وأشار إلى أن الموضوع قد يكون شأنا نفطيا من الناحية الفنية، لكن طبيعة الموقع والوضع السياسي والخلافات الحدودية منحته بعدا دبلوماسيا، موضحا أنه كان يكفي وجود بيان رسمي من وزارة الخارجية، حيث إن الموضوع ليس جديدا، ولا هي أول مرة لإيران التي تختلق مشاكل لجيرانها لألف سبب وسبب، خصوصا أنها تشترك مع كل دول الساحل الشرقي للخليج بعشرات حقول النفط والغاز. ولفت إلى أن أغلبها لا يخلو من النزاعات، وأن الخلافات لابد أن تعالج بهدوء دون تأجيج الشارع بتصريح غامض ومضلل يتوسع فيه البعض عن جهل ومن غير المتخصصين بإثارة قضايا بعيدة عن موضوع حقل الدرة. مكثفات ونفط من جانبه، قال الخبير والاستشاري النفطي، د.عبدالسميع بهبهاني، إن حقل الدرة يشمل تقريبا ما يعادل 13 - 18 تريليون قدم مكعبة من الغاز، إذا أضفنا معه المكثفات والنفط 500 مليون برميل نفط، وأضاف أن هذا الحقل الذي يشتمل على 3 أنواع هيدروكربونية بمخطوطاته الجيوفيزيائية وعدد 8 آبار، لم يكتمل تقييمه. عبدالسميع بهبهاني: الكويت تشتري 3.5 مليارات قدم مكعبة من الغاز بأسعار عالية وتطوير «الدرة» يأتي في إطار احتياجاتنا المحلية ولفت إلى أن الكويت، قبل السعودية وإيران، حفرت بئرا استكشافية عام 1963، ثم عدد 8 آبار تقييمية. لم ترشدنا إلى المساحة الكلية للحقل، فمن المحتمل أن تكون أكبر من ذلك، وقد تكون متصلة مع حقول أخرى إيرانية وسعودية، فلذلك التقييم لم يكتمل بعد، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يكون الجزء الأكبر لم يرسم بعد، وأنه كان ضمن الاتفاقية الأخيرة 2019 بين الكويت والسعودية تعيين استشاري فني، لتدقيق محتوى الترسبات الهيدروكربونية، كماً ونوعاً، وتوزيعاتها داخل المكمن، لتأثيرها في تقسيم الحصص. احتياجات الكويت وقال بهبهاني إن أهمية تطوير هذا الحقل تأتي في إطار احتياجنا في الكويت للغاز، حيث نشتري 3.5 مليارات قدم مكعبة بأسعار عالية رغم وجوده تحتنا، وأنشأنا مراكز غالية الثمن من أجل تسييله. ولفت إلى أن الشائعات هي عراقيل في تسوية التعاون في تطوير حقل الدرة، بتسوية الجرف القاري، وتسبب ردات فعل شعبوية جيوسياسية، والخاسر الأكبر هو الكويت، مشيراً إلى أن هذه الفوضى الجيوسياسية الشعبوية تجعل الدرة (15 تريليون قدم مكعبة غاز+ 500 مليون برميل نفط) معلقا لفترة طويلة قادمة على حساب الكويت الخاسر الأكبر من هذه الفوضى. نشرات «أوبك» من ناحيته، قال الخبير النفطي، م. عبدالحميد العوضي: عندما أنشئت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) عام 1960 من قبل 5 دول هي: السعودية، والكويت، والعراق، وفنزويلا، وإيران، تعلم كل دولة عن الحدود البرية والبحرية لكل منها، كما تعرف عن الحقول وحجم إنتاجها واحتياطاتها، بالإضافة إلى ذلك كان معروفاً لجميع الأعضاء أن إنتاج المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية دائماً يشار إليها منفردة في نشرات «أوبك» وإحصائياتها منذ تاريخ صدورها، مشيرا إلى أن هناك اتفاقيات قديمة بين الكويت والسعودية في المنطقة المقسومة وتقاسم الثروات الطبيعية من النفط والغاز الموجودة في البر والبحر. عبدالحميد العوضي: قيمة الغاز والمكثفات البترولية في الحقل وفقاً لتقديرات الاحتياطيات المؤكدة تعادل نصف تريليون دولار وأضاف أنه مع تطور أعمال الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز والإعلان عن اكتشاف الغاز الحر في حقل الدرة عام 1965 سارعت إيران إلى إثارة المشاكل واستولت على معدات وقوارب كويتية وقد احتجت كل من الكويت والسعودية لدى الأمم المتحدة، لكن طهران استمرت عدة سنوات في منع أي عمل بمحيط الحقل ضاربة بعرض الحائط كل القوانين البحرية والمعاهدات الدولية، لافتاً إلى أن أفعال إيران طيلة تلك السنوات لا تقيم لمبادئ حسن الجوار أي اعتبار، ولا تعكس أفعالها تصريحاتها التي تنادي بأن يكون أمن الخليج العربي وسلامة الملاحة فيه هي مسؤولية دول المنطقة مجتمعة. مضيق هرمز وأوضح أن إيران تعاني مشاكل داخلية وخارجية مثل تعليق الاتفاق النووي واستمرار العقوبات الأميركية والأوروبية وحظر النفط، لذا تجدها تارة تريد اغلاق مضيق هرمز عند مدخل الخليج العربي وفي آخر الخليج تارة آخرى، مبيناً أن إيران تثبت في معظم الأوقات أنها جارة لا يؤمن شرها واستفزازاتها وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة الداخلية يجعل استمرار العلاقات الودية معها أكثر تعقيداً. وقال العوضي إن قيمة الغاز والمكثفات البترولية في الحقل المكافئة لأسعار النفط الحالية ووفق تقدير الاحتياطيات المؤكدة (ليست التقديرية) من الغاز 25 تريليون قدم مكعب تعادل حوالي نصف تريليون دولار. وذكر أن إيران احتجت ضد اتفاق الكويت والسعودية في هذا الإطار عام 2019 وكان يفترض أن تبارك ذلك الاتفاق وتعرب عن تمنياتها للوصول إلى اتفاق مماثل مع كل الأطراف وفق ما تمليه أعراف حسن الجوار والتعاون جميعاً كأعضاء في «أوبك» في إمداد العالم بما يحتاجه من نفط وغاز. السوق المحلي وأوضح أن هناك حقولاً مشتركة بين السعودية وإيران منها حقل لولو أما حقل الدرة فهو مهم جداً للكويت فهي الأفقر بين الدول الثلاث من حيث الحاجة للغاز الحر، كاشفاً أن الكويت تحتاج إلى 4 مليارات قدم مكعب لتغطية متطلبات توليد الكهرباء وتحلية الماء وفق التوجهات الاستراتيجية لمؤسسة البترول الكويتية 2030 حيث يساهم إنتاج حقل الدرة من الغاز الطبيعي بجانب إنتاج الغاز المصاحب والحر في سد حاجة السوق المحلي والصناعات البتروكيماوية، مبيناً أنه تم رصد حوالي أكثر من ملياري دولار في إنشاء مشروع وحدة معالجة وتصنيع الغاز وتوصيله إلى البر بطاقة إنتاجية حوالي 1.5 مليار قدم مكعبة يومياً بالشراكة مع السعودية اتفاق تطوير بين الكويت والسعودية قال المحلل النفطي كامل الحرمي، إن الاعتراض الإيراني الأخير جاء بمجرد إعلان اتفاق تطوير حقل الدرة الذي قررته الكويت والسعودية، مثلما اعترضت طهران إبان بدء الكويت في تطوير الحقل مع شركة شل العالمية مطلع ستينيات القرن الماضي. كامل الحرمي: الاعتراض الإيراني الأخير جاء بمجرد إعلان اتفاق تطوير الحقل الذي قررته الكويت والسعودية وأضاف الحرمي أن الكويت بدأت مع السعودية بحفر آبار استكشافية، تحديداً في الجزء الجنوبي من حقل الدرة، وعملت طهران الشيء نفسه في الجزء الشمالي الشرقي منه، لكن العمليات توقفت في 2015 مع تطبيق العقوبات الأميركية عليها. وأوضح أن السعودية أصبح لها جزء في ملكية الحقل بعد توقيع اتفاقية تحديد الحدود البحرية بين الكويت والسعودية في عام 2000. وأشار إلى أنه مع بدء صفحة جديدة من تطوير حقل الدرة، لما فيه من مصلحة مشتركة للطرفين، ظهر اعتراض إيران على الاتفاق الكويتي السعودي، لافتاً إلى إعلان طهران استعدادها للتفاوض بعد انقطاع أكثر من عشر سنوات. وذكر في الوقت نفسه أن على إيران أيضاً أن تواجه ترسيم الجرف القاري، حسب المفاهيم والتقاليد، وفي إطار القوانين الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، أو بوجود طرف محايد من الدول الخمس الكبرى ومحل ثقة الأطراف الثلاثة وعلاقات تجارية طويلة المدى كالصين.
جريدة الجريدة