تسعير النفط قضية معقدة تهدد حرية العرض والطلب

نفطيون لـ «الجريدة•» : هدف واشنطن كان ضرر روسيا والآن لا يهمها المصالح الخليجية أو غيرها.

اتفقت مجموعة الدول السبع الكبرى (G7)، خلال اجتماعها الأخير، على محاولة إيجاد وسيلة لتثبيت أسعار النفط عند سقف معين يناسب الولايات المتحدة والدول الغربية، فيما يمثل قضية معقدة تهدد حرية العرض والطلب.

وفي هذا الإطار أجرت «الجريدة» تحقيقاً حول إمكانية تطبيق ذلك، إذ أكد عدد من خبراء النفط أن أميركا بعد فشل عقوباتها للضغط على اقتصاد روسيا بعد حربها على أوكرانيا، والعمل على تخفيض قيمة عملتها الروبل، تريد معاقبة جميع الدول المنتجة للنفط، وتثبيت أسعاره عالمياً.

وتساءل الخبراء عن كيفية تحقيق تثبيت أسعار النفط، لافتين إلى أن هدف الولايات المتحدة والدول الغربية كان في البداية الإضرار بالإيرادات النفطية الروسية والاقتصاد الروسي وتطورت الأمور، وأميركا حالياً لا يهمها أن تتضرر الإيرادات النفطية للدول الخليجية أو غيرها بعد أن تضررت مصالحها ومصالح الدول الأوروبية.

وقالوا إن مثل هذه الهزات المفتعلة والسياسات العقابية غير المدروسة لا تخلق استراتيجيات طويلة المدى لمستقبل الصناعة النفطية، مشددين على أن أي محاولة لفرض واقع جديد لتثبيت الأسعار للمستهلكين لن تكون ناجحة وفاعلة دون مراعاة حقوق المنتجين الآخرين، لأن هذا التصرف يتناقض مع أبسط قواعد التجارة العالمية الحرة التي تتغنى بها الدول المتقدمة.

وأضافوا أن هذه الدول لم تتحرك لرفع الأسعار عندما كانت في أدنى مستوياتها، وكانت الدول المنتجة تعاني اقتصادياً، مشيرين إلى أن التغيرات سببها عوامل العرض المختلفة التي يمكن أن تؤثر على السعر بما في ذلك سعر النفط، وفيما يلي التفاصيل:

بدايـــة، قــــال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني، إن قرار قمة مجموعة (G7)، قررت خلال اجتماعها الأخير إنشاء تحالف او عصبة (Cartel) للمشترين للنفط الروسي ووضع سقف سعري لبرميل النفط الروسي لا تشتريه إذا تعداه!، يعتبر من المنظور الجيوسياسي تغطية على فشل مشروع مقاطعة النفط الروسي.

‏وأضاف بهبهاني أن قرار إنشاء كارتيل لمشتري النفط مشابه لكارتيل البائعين «أوبك»، وهو يعد متناقضا مع أساس السوق الحر للنظام الرأسمالي.

‏وأوضح أن القرار يطرح عدة تساؤلات هي: هل روسيا ستوقف بيع برميلها إذا تجاوز السقف الأوروبي أم سيتوقف الكارتيل الأوروبي عن الشراء؟ وهل قصد القرار دفع روسيا إلى منطقة بيع محددة وترك أوروبا لغيرها؟ وماذا لو تأثرت أسعار نفط الشركات الأميركية بالسقف الاوروبي؟. وأعرب عن سخريته من القرار واصفاً إياه بـ «السياسي المضحك» الذي لا معنى له.

‏ وأشار إلى أنه رغم أن «أوبك بلس» ليست عضوا في «G7» فإن روسيا باعت ما قيمته 98 مليار دولار في أول 100 يوم من غزو أوكرانيا بمعدل 98 مليون دولار يومياً.

إنتاج متوازن

من ناحيته، قال الخبير المتخصص في تكرير وتسويق النفط م. عبدالحميد العوضي، إنه قبل أن تبدأ الحرب الروسية - الأوكرانية كانت أسعار النفط ترتفع بفضل سياسة الإنتاج المتوازنة التي تتبعها منظمة «أوبك» وشركاؤها وفق اتفاق تم تنفيذه بداية عام 2017 إذ ارتفعت الأسعار من 55 دولاراً للبرميل لتصل قبل بداية الحرب في مارس 2022 إلى 115 دولاراً للبرميل.

وأضاف العوضي أنه خلال تلك الفترة السابقة واجهت «أوبك» تحديات سياسية من أميركا وحلفائها وتهديدات بملاحقات قضائية (قانون نوبك) لخفض أسعار النفط بعد أن تعدت حاجز 85 دولاراً في أكتوبر عام 2018.

ورأى أن التحدي الجديد يأتي حالياً من مجموعة الدول السبع الكبرى (G7) ممثلة في أميركا ومحاولة إيجاد وسيلة لتثبيت أسعار النفط عند سقف معين يناسب تلك الدول!، مشيراً إلى أن القصة بدأت بوضع المزيد من العقوبات على روسيا وحظر التعامل مع النفط والغاز الروسي بسبب اجتياحها العسكري لأوكرانيا.

وأوضح أن أميركا بعد فشل عقوباتها للضغط على الاقتصاد الروسي وانهيار عملتها الروبل تريد معاقبة جميع الدول المنتجة للنفط وتريد تثبيت أسعار النفط عالمياً، متسائلاً: هل لها القدرة على الضبط والتحكم في معادلة العرض والطلب العالمي مثلاً وهو المحرك الرئيسي لأسعار النفط؟.ظ

وذكر أن ما يقصد بالطلب العالمي أنه منظومة مشتركة مرتبطة بعمليات التنقيب والاستكشاف وإنتاج النفط والغاز وتصنيع المشتقات البترولية في المصافي والصناعات التحويلية لإنتاج المشتقات البتروكيماوية وعمليات نقل كل المنتجات بالناقلات وعمليات التأمين والتمويل البنكي العالمي لكل العمليات المذكورة سابقاً وعمليات التسويق والبيع والشراء.

نسف لقواعد التجارة الدولية

قال العامري إن تقنين سعر أي سلعة عالمية بهذا الشكل لا يتناقض مع قواعد السوق الحر والمفتوح فحسب، بل ينسف واحداً من أهم أسس قواعد التجارة الدولية، أما تأثيره على أسواق الطاقة، فمن الصعب توقعه، إذ إن الخلل المحتمل في معادلة العرض والطلب سيكون أكبر من تصور أصحاب الاقتراح، ونرى الآن أن العقوبات التي فرضت وتغلب السياسة على الاقتصاد أدت إلى ظهور رد الفعل العكسي للعقوبات، بما يضر اقتصاديات عالمية، ويزيد من خسائر الدول، ويضر بقية دول العالم وليس روسيا فقط.

هزات مفتعلة

ولفت العوضي إلى أن مثل هذه الهزات المفتعلة والسياسات العقابية غير المدروسة لا تخلق استراتيجيات طويلة المدى لمستقبل الصناعة النفطية، مشدداً على أن أي محاولة فرض واقع جديد لتثبيت أسعار النفط للمستهلكين لن تكون ناجحة وفاعلة دون مراعاة حقوق المنتجين الآخرين، واعتبر أن ذلك التصرف مناقضاً لأبسط قواعد التجارة العالمية الحرة، التي تتغنى بها الدول المتقدمة.

وعن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة منتصف الشهر الجاري لمناقشة زيادة إنتاج النفط والحصول على ضمانات بعدم رفع الأسعار، رأى أن الرد على الرئيس بايدن من الآن هو أننا ندعوه للقيام بتثبيت أسعار البنزين والديزل ووقود الطائرات والغاز الطبيعي في بلده وفي أوروبا أولاً قبل أن يدعو للبحث عن تثبيت أسعار النفط خارجياً، «فأنتم أكبر الدول المنتجة للنفط والغاز وأكبر المستهلكين لهما في العالم ولديكم أكبر قدرة تكريرية في العالم من المصافي كما لديكم طاقة تكريرية غير مستغلة بواقع 15% يمكن للشركات النفطية الأميركية الاستفادة منها لخفض أسعار المشتقات البترولية كما يمكنك تثبيت أسعار النفوط الأميركية والصخرية بالإضافة إلى النفوط الكندية والأوروبية إن استطعت لذلك سبيلا».

وأضاف أنه يتضح مدى عدم عملية الفكرة وغير القابلة للتطبيق، مهما حاول الرئيس الأميركي ومن يؤيده من الرؤساء الأوروبيين في استغلال موضوع التغيير المناخي وتشجيع بدائل الطاقة وتحريك المجموعات الدولية الاقتصادية والسياسية مثل G7 وG20، معتبراً كل هذه المحاولات هي فقط للالتفاف على أسعار النفط، فكيف تطلب زيادة الإنتاج وفي نفس الوقت تضع القيود والضرائب الكربونية والتشريعات البيئية في تناقض فاضح لسياساتكم؟ لافتاً إلى أن زيادة الانتاج العشوائية قد تضر وتتسبب في استنزاف الاحتياطات النفطية العالمية.

وقال العوضي إنه على سبيل الافتراض أن دول أوبك ومن معها قررت زيادة الإنتاج إلى أقصى قدرة متاحة فإن ذلك لن يسهم في انخفاض أسعار النفط لمستوى أقل من 90 دولاراً ولفترة محدودة لوجود عوامل أخرى ذكرناها تساند ارتفاع الأسعار منها الحرب الروسية - الأوكرانية التي قد تستمر سنوات والعقوبات الأميركية المستمرة على حظر النفط الإيراني والروسي والفنزويلي والاضطرابات السياسية المفتعلة في ليبيا وقطع إمدادات النفط.

السعر الحقيقي

وتابع: بالتالي كيف التحكم بتثبيت الأسعار الآجلة للنفط ؟ مشيراً إلى أن السعر الحقيقي للنفط لم يظهر بعد لأن الطاقة التكريرية العالمية لم تتغير كثيراً منذ أكثر من 10 سنوات سواء لمجموعة أوبك 12 مليون برميل يومياً وفي أميركا بحدود 18 مليوناً والعالم يعمل بطاقة إجمالية حوالي 100 مليون لكن بنسبة تشغيل تصل إلى 84%، مبيناً أن الوضع الحالي سيجعل أميركا وأوروبا بحاجة ماسة إلى طلب المساعدة والعون من السعودية أكثر من أي وقت مضى، فليس هناك كميات متوفرة ومتاحة لضخ المزيد من النفط إلا عند السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ما آلية التثبيت؟

تساءل العوضي: كيف ستثبت أميركا أسعار النفط وأسعار النفط هي نتيجة سلسلة لتلك العمليات المترابطة؟ قائلا: لنكن أكثر دقة هناك أيضا عوامل أخرى مؤثرة مثل الطاقات البديلة والتشريعات البيئية العالمية والضرائب وحالة الاقتصاد العالمي، لافتا إلى أنه كانت البداية القصد منها الإضرار بالإيرادات النفطية الروسية والاقتصاد الروسي، وتطورت الأمور، موضحا أن أميركا لا يهمها أن تتضرر الإيرادات النفطية الخليجية وللدول الأخرى أيضا بعد أن تضررت المصالح الأوروبية والأميركية.

السلع الأخرى

من جانبه، قال الخبير النفطي الإماراتي د. علي العامري، إن الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي تحاول فرض سقف على أسعار النفط، لكن السؤال هل هذا ممكن؟ وللجواب على هذا السؤال لابد أن نسأل هل ممكن أيضاً فرض سقف على السلع الأخرى مثل السيارات وغيرها.

وأضاف العامري: دعونا نناقش كيفية وضع سعر ما لسلعة معينة مثل النفط. إن تحديد الأسعار هو اتفاق بين المشاركين على نفس الجانب في السوق لشراء أو بيع سلعة ما بسعر ثابت، أو الحفاظ على ظروف السوق بحيث يتم الحفاظ على السعر عند مستوى معين عن طريق التحكم في العرض والطلب وقد يكون الهدف من تثبيت الأسعار هو دفع السعر إلى أعلى أو إصلاح أو ربط واستقرار الأسعار أما السبب الرئيسي وراء التفكير في عمل سقف للنفط فهو زيادة الضغط على روسيا وكذلك أخذ البترول الخام بأسعار تناسب هذه الدول دون الاكتراث بمصالح الدول المنتجة.

وتابع قائلا: إذا رجعنا سنوات طويلة للوراء، واستعرضنا اسعار النفط تاريخيا فسنجد انها سلعة متأرجحة من فترة لأخرى، ودعونا نستعرض الأسعار خلال الأعوام والحقب التاريخية الماضية كالآتي:

1861 سعر البرميل أقل من دولار، و1879 سعر البرميل 1.29 دولار، و1900 انحدر سعر البرميل إلى 1.19 دولار، و1920 ارتفع البرميل إلى 3.07 دولارات، و1948 بلغ 2.18 دولار، و1970 كان سعر البرميل 1.81 دولار، و1973 ارتفع السعر ليصل إلى 4 دولارات، و1980 النفط يتجاوز 38 دولاراً، و1990 - 1997 سعر النفط بلغ 10 دولارات، ثم ارتفعت في 2000 إلى نحو 27 دولاراً للبرميل، بعد ارتفاع تدريجي في 1999، بلغ فيه سعر البرميل 16 دولاراً، و2001 انخفض إلى 20 دولاراً، و2004 كان السعر عند سقف 40، و2005 وصل السعر إلى أكثر من 70 دولاراً، و2006 وصل سعر النفط إلى أكثر من 78 دولاراً للبرميل، و2007 وصل الي 98 دولاراً، و2008 وصل إلى 147 دولاراً، و2009 - 2020 سعر البرميل 60 دولارا واستقر عند نحو 100 دولار، وفي 2020 لامس 20 دولاراً.

وأضاف العامري: نرى أن الدول لم تتحرك في رفع الأسعار عندما كانت في ادنى مستوياتها، وكانت الدول المنتجة تعاني اقتصاديا، ونرى أن التغيرات سببها عوامل العرض المختلفة التي يمكن أن تؤثر على السعر بما في ذلك سعر النفط، منوها الى ان بعض عوامل العرض هي منظمة النفط (أوبك)، وعوامل غير «أوبك» وصدمات العرض الخارجية.

وقال إن الأسعار يمكن أن تتأثر بالأحداث التي لا تتعلق بشكل مباشر بالعرض، بدءا من الأحداث الجيوسياسية – مثل الأحداث المناخية الكبرى – إلى عدم الاستقرار الجيوسياسي أو الإقليمي. ولا يقتصر أثر أحداث الطقس الكبرى على تدمير البنية التحتية والأسواق فحسب، بل يمكن أن تؤثر أيضًا على أسعار النفط.

وأشار الى انه من الأمثلة الحديثة على ذلك عندما ضرب إعصار كاترينا الولايات المتحدة عام 2005، وألحق أضرارًا جسيمة في البنية التحتية لإمدادات النفط في المنطقة، وهذا بدوره أدى إلى حدوث صدمة عرض في الأسواق العالمية.

سياسة الخليج

وأوضح انه مع ذلك فقد اتسمت سياسة دول الخليج العربي في البداية بمحاولة دفع أسعار النفط إلى الارتفاع، ولكن منذ 2008 فصاعداً فقد سعت لكبح جماحها وتطلب ذلك جهداً وتنسيقاً على الصعيد العالمي لإدراكها ان العالم يمر بأزمه إن استمر ارتفاع أسعار النفط، فطالبت باستقرار الأسعار لتعكس التوازن في كلفة خلق العرض والطلب بما يقتضيه واقع النمو الاقتصادي في العالم.

وقال إن الولايات المتحدة وضعت فكرة رفع أسعار النفط في بداية السبعينيات، لأنها كانت تعتقد أن العالم الصناعي خارج أميركا يحصل على الطاقة بأسعار رخيصة، لذلك فإن رفع سعر النفط ينشّط قدراتها الصناعية من جهة، ويوازن دفوعاتها من جهة ثانية.

وكذلك فإن الدول الغربية بمحاولاتها في السيطرة على أسعار النفط استعملت الضغط من الداخل من خلال خلق مجموعة من المشكلات السياسية والحدودية والعسكرية والعرقية والدينية لبعض الاقطار المنتجة. لذلك إذا أرادت الدول الغربية تحديد سقف معين لأسعار النفط فإنه من المؤكد أن «الأوبك» ستستعمل حقها بتحديد مستوى خفض الإنتاج لتحقيق الاستقرار في السوق وحماية مصالحها.

وألمح العامري إلى أن قضية تسعير النفط في السوق العالمية قضية معقدة ومتشابكة، ففي حال وجود فائض عرض في الأسواق يدفع نحو انهيار الأسعار تقوم المنظمة بالتعاون مع منتجين من خارجها، بتبني خطط لخفض الإنتاج، حتى يمكن رفع الأسعار عن مستواها المتدني إلى مستوى يعد مقبولا، كما تقوم برفع الإنتاج حال ارتفاع الأسعار فوق الحد الأقصى.

وقال انه في حال طبقت الدول الغربية سقفا لأسعار النفط واذا كان السقف أقل من سعر السوق، فسيكون هناك طلبٌ زائدٌ أو نقصٌ في العرض. وبناء على ذلك فلن ينتج المنتجون الكثير بسعر أقل، في حين سيطلب المستهلكون المزيد لأن السلعَ أرخص، منوها الى انه في هذه الحالة سيتجاوز الطلبُ العرضَ؛ لذلك سيكون هناك الكثير من الناس الذين يرغبون في الشراء عند هذا السعر المنخفض، ولكن لا يمكنهم ذلك.

مرونة نسبية

وأضاف: مع ذلك، إذا كان منحنى الطلب مرناً نسبياً فسيكون التأثير الصافي في فائض المستهلك إيجابياً، ومن الممكن أن يؤدي النقص الناتج في النفط إلى اضطرار المستهلكين إلى الاصطفاف في الطابور للحصول على حصص جيدة، وخلق سوق سوداء تتعامل مع الحالة الجديدة.

ولخص العامري عملية تشكيل الأسعار بأنها تحكمها قوانين اقتصادية محددة في الزمان والمكان وطبيعة النظام: كقانون العرض والطلب الذي يحدد العلاقة في السوق بين السعر واستعداد المشترين والبائعين لتبادل كميات معينة من سلعة ما بسعر معين، وقانون القيمة الذي يعكس العلاقات بين مقادير العمل الاجتماعي المتمثل في السلع وما يقابلها من نسب التبادل، وقانون متوسط معدل الربح الذي يعبر عن العلاقات القائمة بين معدلات الأرباح التي يحققها الأفراد، في ظل المنافسة الحرة، ولن تستطيع دول بحد ذاتها وضع سقف للنفط.

مقترح معيب

بدوره، عاب أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت، د. أحمد الكوح، على هذا المقترح، لكونه يحمل الكثير من الصعوبات الفنية التي يستحيل معها التطبيق.

وقال الكوح إن روسيا تعاملت مع أزمة العقوبات الأميركية والأوروبية على نفطها وغازها بدهاء منقطع النظير، لكونها قامت بتسعيرهما بالروبل حتى لا يتم حصارها عن طريق الدولار، لافتا الى أن تلك الخطوة الروسية عمدت على شق الصف، حيث ان هناك فريقا يريد الشراء بالروبل، وفريقا آخر من الدول الأوروبية لا يؤيد الشراء إلا من خلال الدولار.

وأشار الى فكرة وضع سقف محدد على الإنتاج الروسي من الصعب تطبيقه على دول مثل الصين والهند، لكونهما من اكبر مستهلكي النفط الروسي، منوها الى انه في هذه الحالة من الممكن التحايل على القرار من خلال بيع النفط الروسي تحت اسم دول أخرى مثل إيران وفنزويلا، موضحا ان روسيا من الممكن ان ترفض أي تغيير في العقود المبرمة بينها وبين اوروبا في هذه الإطار، وتمتنع عن بيع النفط لتلك الدول تماما، مما يعد تهديدا صريحا خاصة مع دخول فصل الشتاء.

خصومات روسيا

أشار بهبهاني إلى أن روسيا التي تعد ثالث منتج عالمي، وثاني مصدر للنفط لم ينقص معدله اليومي عن نصف مليون برميل يوميا بقائمة المشترين الجدد من النفط الروسي الصين والهند من آسيا، والمانيا، وإيطاليا، وهولندا وتركيا من «ناتو أوروبا»، لافتا إلى أن مؤشرات الخصومات التي تعطيها روسيا للمشترين لا تعكس أزمة بيع، فهو أشبه بتحالف مشترين مفتوح السقف أمام تحالف مقيد السقف، وموضحا أن مشروع سقف لشراء (price cap) النفط الروسي أشبه ما يكون سترا لفشل سياسي للاتحاد الأوروبي.

 جريدة الجريدة.