تحويل الأموال من الكويت لدول الخليج بتسعيرة «المركزي»... وبلا بنك وسيط

توجه رقابي جديد يقضي بتنفيذ الحوالات بدون مقاصة مع الدولار

كشفت مصادر ذات صلة، أن بنك الكويت المركزي، يدرس وقف استخدام البنوك المراسلة في التحويلات المالية الخليجية التي تجريها البنوك المحلية.
وأضافت، أن «المركزي» يختبر حالياً قدرة البنوك المحلية على تنفيذ التحويلات المالية الخليجية، دون الاعتماد على بنك مراسل، على أن يتم الاستعاضة في ذلك بتنفيذ التحويل المالي لأي دولة خليجية مباشرة عبر «المركزي»، والذي سيكون وفقاً لهذه الآلية «في حال إقرارها»، الجهة الوحيدة التي تحدّد سعر صرف العملة المطلوبة، وفي الوقت نفسه القائم بتنفيذ الحوالة بدون أي رسم، وذلك تعزيزاً لجهود الوحدة الخليجية مالياً، ولتسهيل التحويلات بين دول المنطقة ورفع معدلات أمانها.
وتكتسي هذه الآلية أهمية مزدوجة، حيث ستقلل كلفة التحويلات على العميل، باعتبار أنها تعتمد في تنفيذها على إجراء المقاصة بين الدينار والعملة الخليجية فقط دون إدخال الدولار في العملية. وللتوضيح، تعتمد البنوك المحلية في إجراء التحويلات المالية الخليجية أو الدولية لصالح عملاء، على بنوك مراسلة، في إيصال التحويلات المنفّذة إلى حساب العملاء، وإلى ذلك يتم إجراء العملية عبر خطوتين، الأولى بإجراء مقاصة بين الدينار والدولار، ومن ثم تحويل المبلغ إلى العملة الخارجية المراد التحويل للعميل بها.
وفي هذه الأثناء يحقّ للبنك شراء مستويات مختلفة من العملات، حسب تركّزه، بالتعاقد مع بنك أو أكثر في دولة العملة الخارجية، ومع ذلك يمكنه تسجيل هامش ربح معقول فوق سعر الصرف المعلن، يحقَّق غالباً بفضل المقاصة المنفذة بين الدينار والدولار، ومن ثم إلى العملة المستهدفة.
أما وفقاً للتعليمات الجديدة، سيتم تحويل المبلغ في خطوة واحدة، بإجراء مقاصة بين الدينار والعملة الخليجية المطلوبة، على أن يُصدر «المركزي» يومياً لائحة بأسعار صرف كل عملة خليجية، تلتزم بها البنوك المحلية مع عملائها، دون إضافة أي هامش للربحية.
ونتيجة لذلك، سيُلغى دور البنوك المراسلة في التحويلات الخليجية، حيث سيغطّي الناظم الرقابي أي تحويلات خليجية مباشرة، ويتعين على كل بنك إخطار «المركزي» بحاجته من التحويلات، ليحوّلها الأخير إلى نظيره  الخليجي.
وبدورها، ستقوم المؤسسة النقدية المستقبلة للأموال بتحويل المبلغ المحول إليها لحساب العميل المحدد في العملية، وفي المقابل سيقوم «المركزي» بخصم قيمة التحويل من حساب البنك صاحب العملية، وفقاً لتسعير العملات الخليجية المعلن لديه.
وللتبسيط، يمكن الاستدلال بحالة تحويل فرضية لعملة خليجية، يقوم خلالها عميل سعودي بتحويل مليون ريال إلى حساب ما في المملكة. ففي السابق كان البنك يحدّد هامشاً معيناً فوق سعر الصرف المعلن، يضيفه لإجمالي العملية، كونه المعني بتوفير مبلغ العملية المطلوبة، ثم يقوم بمقاصة القيمة بين الدينار والدولار، ومن ثم مع العملة الخليجية، وبعدها يحوّل المبلغ عن طريق بنك مراسل إلى حساب العميل في بلده.
أما وفقاً للتعليمات الجديدة، سيطلب البنك المحلي من «المركزي» مباشرة، تحويل المليون ريال إلى الحساب الذي سيحدّده العميل، ليقوم «المركزي» في هذه الحالة بمقاصة المبلغ بين الدينار والريال «على سبيل المثال» وفقاً لتسعيرته، دون إجراء مقاصة الدولار.
وهنا يكون «المركزي» الجهة الوحيدة التي تسعّر تحويلات العملة الخليجية، كما أنه مَنْ  سيحول المبلغ المطلوب، إلى البنك المركزي المقابل، ما يعني أن الحوالة ستنفّذ مباشرة، دون تعاقد مع أي بنك تجاري آخر، كما هو معمول به في مقاصة الشيكات المصرفية، التي تجري يومياً بين البنوك المحلية.
وإلى ذلك، سيكون التعامل مع البنوك في التحويلات الخليجية مع البنك المركزي مباشرة، سواءً لجهة تحديد السعر أو التحويل المباشر، ويفترض أن تلتزم الدول الخليجية الأخرى بتطبيق هذه الآلية على بنوكها.
وأمام هذا التوجه يبرز في البنوك خلاف مكتوم على الإجراء الرقابي الجديد، لجهة أن هذه الآلية ستُفقد المصارف أرباحاً تسجّلها من عمليات التحويل المالية، التي تنفّذها إلى الدول الخليجية، فوفقاً للتعليمات الرقابية الجديدة سيكون على البنوك الاكتفاء فقط بتحديد رسم تحويل على التحويل الخارجي المقرر بنحو 8 دنانير، دون تحقيق أي هامش ربحية من سعر الصرف.
وحتى هذا الرسم، ووفقاً لتجارب شركات الصرافة، يفضّل أن تخفّضه المصارف، وذلك من باب تحسين تنافسيتها أمام العملاء، لا سيما أن كل البنوك ستعتمد على «المركزي» في إجراء التحويل، دون أي تعاقدات مع بنوك مراسلة.
أما رقابياً، فعدّدت مصادر أهمية هذا التطبيق، مبينة أنه يزيد نشاط التجارة البينية خليجياً، كما يوفّر تحويلات فورية، ويسهّل عمليات التقاص، ويقلّل كلفتها على العميل، علاوة على أنه يرفع قدرة البنوك التنافسية في مواجهة التطبيقات الرقمية، في حين أن إيرادات البنوك سترتفع رغم اكتفائها بالرسم بفضل زيادة نشاط العمليات.
وأضافت أن تطبيق الآلية محل الدراسة في تنفيذ تحويلات العملة الخليجية يستقيم مع الإجراءات المطلوبة لتفعيل دور لجنة المحافظين والمؤسسات النقدية الخليجية، مع الأخذ بالاعتبار أن هناك معاملات تخدم هذه التوجهات غير مرئية للعامة، من قبيل التعاون السيبراني بين البنوك المركزية الخليجية، وتبادل المعلومات الائتمانية، وغيرها من الشراكات التي تعزز الوحدة الخليجية.
وأوضحت أنها تأتي أيضاً ضمن صور التعاون المفعّلة في الفترة الأخيرة بين بنوك دول مجلس التعاون الخليجي، المتعلقة بتفعيل استخدام البطاقات البنكية دون عملة وسيطة، مباشرة، حيث تتم المقاصة بين 5 دول خليجية مباشرة.

تعاملات «كي نت» بالآلية نفسها

يرتقب أن تنسحب آلية التحويل المقترحة في حال إقرارها على التعاملات التي تتم عبر شبكة شركة الخدمات المصرفية الآلية المشتركة «كي نت»، حيث لن يكون عليها إجراء مقاصة مع الدولار، بل مقاصتها بين الدينار والعملة الخليجية المطلوب إتمام عملية السحب بها، سواءً في التعاملات التي تجري عبر أجهزة السحب الآلي أو عبر نقاط البيع، مع إضافة رسم محدد.

جريدة الراي