تآكل القوة الشرائية لارتفاع التضخم وتشديد السياسات النقدية

بنك الكويت الوطني : الشركات تواجه ضغوطاً مستمرة على سلاسل التوريد.

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه على الرغم من الصدمات الجديدة التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي بدءاً من حرب أوكرانيا إلى عمليات الإغلاق المرتبطة بالجائحة في الصين، فقد بدأ أداء الاقتصاد الكويتي وآفاق النمو المستقبلي في التحسن خلال الأشهر الأخيرة.

وفق التقرير، كان لارتفاع أسعار النفط وتزايد إنتاجه، ووصول نمو الائتمان إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ أكثر من 10 سنوات، واستمرار الطلب الاستهلاكي القوي، دور كبير في تعزيز تعافي القطاع غير النفطي بعد الجائحة.

في التفاصيل، من العوامل المهمة أيضاً، رفع التدابير الاحترازية والقيود المحلية الخاصة باحتواء تفشي الجائحة مع شبه اختفاء الإعلان عن حالات الإصابة الجديدة تقريباً وسط انخفاض حاد في معدل الإصابات المؤكدة إلى أقل من مئة حالة يومياً.

من جهة أخرى، استفادت أوضاع المالية العامة بشكل ملحوظ من ارتفاع أسعار النفط، وقد تتمكن الحكومة هذا العام من تسجيل أول فائض مالي منذ عام 2014 الذي قد يصل إلى %8.8 من الناتج المحلي الإجمالي.

وسيمكن ذلك السلطات من البدء في إعادة رسملة صندوق الاحتياطي العام، الذي كان على وشك النضوب بالكامل.

كما أدى تحسن المقومات الاقتصادية الرئيسية - خصوصاً على صعيد القطاع النفطي - إلى رفع توقعاتنا الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي، إذ من المتوقع أن يصل معدل نمو الاقتصاد إلى %8.5 في عام 2022 مقابل توقعاتنا السابقة البالغة %7.0 وتقديرات بنسبة %1.1 في عام 2021.

لكن بعض المخاطر السلبية، التي تتضمن ضبابية الوضع الاقتصادي عالمياً، وما يتسم به من شدة التقلبات في الوقت الحالي أصبحت أكثر وضوحاً، إذ أدى ارتفاع معدلات التضخم والتوجه نحو تشديد السياسات النقدية إلى تآكل القوة الشرائية، ورفع تكاليف الاقتراض، كما تواجه الشركات أيضاً ضغوطاً مستمرة على سلاسل التوريد مما يؤدي إلى تعطيل الإنتاج.

هذا إلى جانب الوضع السياسي المحلي الذي يشهد تجاذبات مستمرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وسيكون لدى الحكومة الجديدة، بمجرد تشكيلها، قائمة طويلة من القضايا التي يجب معالجتها، من ضمنها تسريع وتيرة الإصلاحات لتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل ومعالجة تراجع توظيف المواطنين في القطاع الخاص.

تفاقم حدة التضخم

 

واصل التضخم اتجاهه التصاعدي في الربع الأول من عام 2022، إذ وصل إلى %4.4 على أساس سنوي في مارس مقابل %4.3 في ديسمبر 2021، على خلفية التزايد القوي للطلب، واستمرار قيود سلاسل التوريد، وتمرير ارتفاعات أسعار المواد الغذائية والسلع المستوردة من الخارج للمستهلك. كما تفاقمت بعض هذه الضغوط بسبب استمرار الصراع الروسي الأوكراني، وسياسات الصين لاحتواء تفشي فيروس كوفيد- 19.

تحسن أوضاع المالية العامة

وبيانات الأحد عشر شهراً الأولى للسنة المالية 2021 /2022 (أبريل - فبراير) أظهرت أن الوضع المالي للحكومة استفاد بشكل كبير من ارتفاع أسعار النفط.

إذ انكمش العجز إلى 0.4 مليار دينار في تحسن ملحوظ مقارنة بالعجز الذي بلغ 6 مليار دينار خلال نفس الفترة من السنة المالية السابقة.

وارتفعت الإيرادات النفطية وغير النفطية بنسبة %87 على أساس سنوي (لتصل إلى 14.3 مليار دينار) و%41 (1.7 مليار دينار) على التوالي.

ومن المتوقع أن ترتفع تلك البيانات، خصوصاً فيما يتعلق بالنفقات، بشكل ملحوظ بمجرد اعلان نتائج العام بأكمله، إذ عادة ما يتم تسجيل المدفوعات في الشهر الأخير من العام. ووفقاً لاحد التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة نقلاً عن مصادر رسمية، من المتوقع أن يصل مستوى العجز المالي المبدئي إلى 3.6 مليارات دينار للسنة المالية 2021/2022.

وأفادت نفس المصادر الرسمية، بأن سيولة صندوق الاحتياطي العام بلغت نحو 2.1 مليار دينار (7 مليارات دولار) بنهاية مارس - بعد سداد سندات اليوروبوند السيادية بقيمة 1.1 مليار دينار المستحقة في ذلك الشهر.

وبافتراض وصول متوسط سعر برميل النفط إلى 100 دولار في المتوسط هذا العام، نتوقع تسجيل الحكومة أول فائض مالي لها منذ ثماني سنوات في السنة المالية 2022/2023 بنسبة %8.8 من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن شأن ذلك أن يفسح المجال للسلطات للبدء في إعادة رسملة صندوق الاحتياطي العام، على الرغم من أن تأخير تشكيل الحكومة الجديدة قد أدى إلى تزايد حالة عدم يقين لا داعي لها بشأن الإجراءات.

وستكون أجندة الحكومة الجديدة ممتلئة، إذ يجب عليها التطرق إلى مسودة الموازنة التي سيتم إقرارها، وقانون الدين العام الجديد، والكشف عن تفاصيل الاستراتيجية الاقتصادية والمالية الجديدة طويلة الأجل، التي نأمل أن تساهم في التطرق للإصلاحات الهيكلية.

جريدة الجريدة.