بوتين ومعركة الطاقة... أوروبا تستسلم أمام «روبل» روسيا

الاتحاد الأوروبي يدرس إعفاء النفط الروسي الوارد عبر خطوط الأنابيب من الحظر

  •  

اقترح الاتحاد الأوروبي حظر النفط المنقول بحراً من روسيا، مع تأخير القيود على الواردات من خط أنابيب رئيسي، في محاولة لإرضاء المجر وإبرام اتفاق بشأن حزمة عقوبات متوقفة تستهدف موسكو في حربها بأوكرانيا.

وأرسلت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، اقتراحا منقحا إلى الحكومات الوطنية يوم السبت، يقضي بتجنب شحنات النفط عبر خط أنابيب دروزبا العملاق، وهو المصدر الرئيسي لواردات المجر من النفط الخام، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر.

وقال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأن المناقشات خاصة، إن الدول الأعضاء ستلغي تدريجياً وارداتها من الخام المنقول بحراً خلال 6 أشهر والمنتجات البترولية المكررة في غضون 8 أشهر، وفق تقرير لوكالة بلومبرغ اطّلعت عليه «العربية نت».

وسيمنح الاقتراح مزيدًا من الوقت للمجر، التي عارضت الصفقة، لإيجاد حل تقني يلبي احتياجاتها من الطاقة، كما أنه سيعالج مخاوف البلدان غير الساحلية الأخرى، بما في ذلك سلوفاكيا وتشيكيا.

بموجب المسودة المنقحة، ستحصل بلغاريا على فترة انتقالية حتى يونيو أو ديسمبر 2024 ويمكن أن تحصل كرواتيا على إعفاء لواردات زيت الغاز الخوائي. كما اقترحت المفوضية تقييد إعادة تصدير النفط الروسي الذي يتم توريده عبر خطوط الأنابيب إلى دول أعضاء أخرى أو دول ثالثة.

كما يبدو أن اللجنة قد حدت من نطاق بند من شأنه أن يؤثر على الخدمات المرتبطة بشحن النفط إلى دول ثالثة.

ويحظر المشروع حاليًا تقديم المساعدة الفنية أو خدمات السمسرة أو التمويل أو المساعدة المالية في غضون 6 أشهر بعد اعتماده. تضمن الاقتراح السابق أيضًا «أي خدمات أخرى»، والتي تم فهمها على أنها إشارة إلى توفير التأمين للشحنات.

وكان الاتحاد الأوروبي قد اقترح، في وقت سابق، التخلص التدريجي من جميع واردات النفط الروسية بحلول أوائل العام المقبل. كان من الممكن منح المجر وسلوفاكيا حتى نهاية عام 2024 للامتثال، في حين تم منح «التشيك» إعفاء حتى يونيو 2024.

وتعتمد البلدان، بشكل كبير، على النفط الروسي، لكنّها تمثّل جزءًا صغيرًا نسبيًا من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من موسكو.

ودخلت العملية الروسية في أوكرانيا شهرها الرابع، ولا يزال العالم يتخوّف من حدوث عدة أزمات، حيث أفادت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بأن دول الاتحاد الأوروبي «استسلمت» أمام مطالب موسكو بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، خوفًا من حدوث أزمة طاقة لديها.

وقالت الصحيفة في مقال إن «شركات الغاز بدول الاتحاد الأوروبي التي تصنفها روسيا «غير ودية» انتهى بها الأمر بالاستسلام لمطالب موسكو، ووافقت على دفع ثمن الغاز الطبيعي الروسي، وفقًا للنظام الجديد بـ (الروبل)، خوفًا من حدوث أزمة طاقة لديها، مخالفة بذلك تصريحاتها السابقة».

وتعليقًا على موقف الشركات الأوروبية، يقول الخبير الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، سولونوف بلافريف، إن موسكو نجحت في إدارة حرب الطاقة والرد على العقوبات الاقتصادية الغربية ضد الاقتصاد الوطني، وآخرها حجب صادرات الطاقة عن فنلندا كنوع من العقاب، بعدما تقدّمت بطلب رسمي للانضمام إلى «ناتو»، وهو ما حذّرت منه موسكو.

حرب تكسير العظام

كانت طليعة قرارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ردًّا على العقوبات الأوروبية والأميركية مع بدء العملية العسكرية، دفع مقابل الغاز والنفط بالروبل، وهنا يُضيف بلافريف، خلال تصريحاته لـ «اقتصاد سكاي نيوز عربية»، أن الهدف الأول من خطوة بوتين الخاصة بالروبل هو دعم العملة الروسية المحلية التي ترنحت مع بدء العملية العسكرية في فبراير الماضي، لتلجأ الشركات الأوروبية المستوردة للطاقة من روسيا إلى التحكيم، كما فعلت «غاسوم» الفنلندية الحكومية للطاقة، وهكذا فرضت موسكو إرادتها بقطع الطاقة عن المعارض للشراء بالروبل، والمثال بولندا وبلغاريا.

ويؤكد الخبير الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، أن قطع الطاقة سلاح «مزدوج الحدين» وقد يضرّ روسيا كما تضر به موسكو أوروبا ودول الغرب المساندة لأوكرانيا بالمال والسلاح والتحركات السياسية، خاصة أن الاقتصاد الروسي يقوم في جزء كبير منه على حصيلة صادرات النفط والغاز وأكبر مستورديه في القارة الأوروبية، وبالتالي الخطوة العقابية التي اتخذتها ضد الدول الغربية الداعمة لـ «كييف» اضطرت روسيا للعمل حثيثًا لإيجاد أسواق جديدة تستورد النفط والغاز الروسي، خاصة في آسيا وبلدان أخرى.

ويُشير بلافريف إلى أن روسيا أصبحت في مرحلة مواجهة مفصلية مع العديد من الدول الأوروبية، كأنها حرب تكسير عظام، لذا تحاول أن تجعل الدول الأوروبية تعاني اقتصاديًّا لردعها عن الانضمام إلى الصف الأميركي الداعم الأول لأوكرانيا، وما يجعل الوضع خطيرًا هو الحالة الصعبة للاقتصاد العالمي، وتزايدت المخاوف من احتمالات ركود شامل.

وقد حظرت الدول الغربية وارداتها من الوقود الروسي اعتراضًا على استمرار العملية العسكرية، ومع أزمات الطاقة المتزايدة في العالم، وسعي موسكو للبحث عن أسواق بديلة للتصدير، قد يتراجع إنتاج روسيا من النفط الخام بنسبة 10.25 بالمئة خلال 2022، مقارنةً بالعام الماضي، كما سجلت الصادرات الروسية من الوقود الأحفوري نحو 63 مليار يورو (66.46 مليار دولار) منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا حتى أواخر أبريل الماضي، وفق بيانات مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (سي آر إي إيه).

جريدة الجريدة