بنك الكويت الوطني: تعافي الدولار إثر ضعف العملات الرئيسية
أعضاء «الاحتياطي الفدرالي» يعلقون على استراتيجية المجلس وسياساته الجديدة
قال تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني إن أداء الدولار الأميركي تحسن الأسبوع الماضي بعد انخفاضه بنحو 1.3 في المئة في أغسطس، إذ جاء بعض من تلك الخسائر عقب إعلان مجلس الاحتياطي الفدرالي تفاصيل تغيير استراتيجيته التي تتضمن تبني سياسات نقدية تيسيرية فترات أطول من الزمن.
ووفق التقرير، وعلى مدار الأسبوع الماضي، أدت المخاوف لدى بعض البنوك المركزية الأخرى إلى اضعاف عملاتها بما أعطى فرصة للدولار ليشهد انتعاشاً هامشياً على الرغم من صدور بيانات اقتصادية متباينة.
في التفاصيل، ساهمت تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك جون ويليامز، بتعزيز إطار السياسات الجديدة التي أعلن عنها الاحتياطي الفدرالي الجديد وإلقاء المزيد من الضوء عليها من خلال توضيح أن انخفاض أسعار الفائدة حول العالم يجعل من الصعب استخدام السياسة النقدية لتحفيز الاقتصاد، لكن الأطر الجديدة تضع البنك المركزي الأميركي في وضع أفضل لتحقيق أهدافه الخاصة على صعيد التضخم وفرص العمل.
كما علق نائب رئيس الاحتياطي الفدرالي ريتشارد كلاريدا، محاولاً هذه المرة تقديم بعض التوجيهات المستقبلية، إذ صرح بأن صانعي السياسات «سيعودون إلى مناقشة توجيهات تحسين السياسات النقدية والميزانية العمومية».
ويتمثل السؤال الذي تطرحه الأسواق في الوقت الحالي فيما إذا كان الاحتياطي الفدرالي سيعلن الخطوات التالية المتوقعة في اجتماع السياسات المقرر عقده في سبتمبر الجاري أو الانتظار حتى بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.
بيانات أميركية متباينة
تزايد نشاط قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع خلال شهر أغسطس، إذ ارتفعت الطلبات الجديدة إلى أعلى المستويات المسجلة منذ أكثر من 16 عاماً، لكن معدلات التوظيف في المصانع ظلت ضعيفة وسط قيود وتدابير السلامة التي تهدف إلى إبطاء معدلات تفشي فيروس «كوفيد- 19».
وأعلن معهد إدارة التوريدات أن قراءة مؤشره لقياس نشاط المصانع الوطنية ارتفع إلى مستوى 56.0 الشهر الماضي مقابل 54.2 في يوليو، وكان استطلاع أجرته وكالة «رويترز» أشار إلى توقع الاقتصاديين ارتفاع المؤشر إلى 54.5 في أغسطس.
وكانت معدلات التوظيف لأصحاب العمل بالقطاع الخاص في أغسطس أقل مما كان متوقعاً للشهر الثاني على التوالي بما يشير إلى تباطؤ تعافي سوق العمل وسط استمرار جائحة كوفيد- 19 وانقطاع الأموال الحكومية الموجهة لدعم الموظفين وأصحاب العمل. كما أشار أحد التقارير الصادرة عن مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى اعتدال معدلات نمو الوظائف، إذ أظهر أن العاملين الذين تم تسريحهم مؤقتاً يتم الاستغناء عنهم بشكل دائم في بعض أجزاء البلاد.
وتعزى تعيينات الشهر الماضي في الأغلب للشركات الكبرى في حين سجلت الشركات الصغيرة معدلات زيادة متواضعة. وأظهر تقرير التوظيف الوطني زيادة الوظائف الخاصة بواقع 428 ألف وظيفة الشهر الماضي.
من جهة أخرى، جاءت الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة قريبة من التوقعات، إذ ارتفعت بمقدار 1.37 مليون وظيفة في أغسطس.
كما انخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ عمليات الإغلاق في مارس بوصوله إلى مستوى 8.4 في المئة. وتعتبر تلك الأرقام مشجعة، وإن كان سوق العمل الأميركي لا يزال أمامه طريق طويل قبل أن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة.
قلق أوروبي إزاء قوة اليورو
تحسن أداء اليورو بشكل ملحوظ خلال الأشهر الثلاثة الماضية بدعم من تحسن الأوضاع الخاصة بوباء كورونا والاستجابة السريعة للبنك المركزي لتبني سياسات نقدية مناسبة. لكن أوضاع جائحة كوفيد- 19 في منطقة اليورو شهدت تدهوراً مع وصول المتوسط الأسبوعي لعدد الحالات الجديدة إلى 17.239 حالة، لتصل بذلك إلى أعلى المعدلات الإجمالية التي تم تسجيلها منذ منتصف أبريل.
هذا إلى جانب ارتفاع اليورو، وهو الأمر الذي ساهم في تعزيز مخاوف البنك المركزي الأوروبي تجاه ثبات معدلات الانتعاش الاقتصادي.
وأشارت بعض التقارير إلى تصريح أعضاء البنك المركزي الأوروبي إلى أن قوة اليورو ستعوق الانتعاش الاقتصادي بمنطقة اليورو «خصوصاً أن منطقة اليورو تعتبر الاقتصاد الأكثر انفتاحاً على مستوى العالم وتعتمد بشكل غير اعتيادي على الطلب العالمي». وأضاف التقرير أن ارتفاع اليورو يعتبر «مصدر قلق متزايد»، وأنه «إذا استمر هذا الاتجاه فسيمثل مصدر قلق علينا مراقبته».
وبصفة عامة، تشير التعليقات إلى أن البنك المركزي الأوروبي في طور إعداد سياسات مساندة لإضعاف اليورو في حالة استمر هذا الأداء القوي.
ولم تساهم تصريحات وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أثناء عرضه لأحدث التوقعات الحكومية في تقديم ما يبعث على طمأنه المستثمرين تجاه تعافي الاقتصاد الأوروبي، إذ قال ألتماير: «تبين أن الركود في النصف الأول من العام كان أقل حدة مما كان يخشى». لكن تباطؤ الطلب الأجنبي قد يؤدي إلى إضعاف الانتعاش الاقتصادي العام المقبل.
وتعكس الجملة الثانية المخاوف التي يرددها المركزي الأوروبي من أن الأداء القوي للعملة لن ينتج عنه سوى تباطؤ الطلب على المنتجات الأوروبية.
من جهة أخرى، تراجعت مبيعات التجزئة الألمانية بشكل غير متوقع في يوليو بما أدى إلى تبديد الآمال بأن الإنفاق الاستهلاكي في أكبر الاقتصادات الأوروبية قد يساهم في تعافي الاقتصاد بالربع الثالث من تداعيات تفشي فيروس كورونا.
ورسم الأسبوع الماضي صورة قاتمة لمنطقة اليورو والعملة الموحدة، في المقابل، قلص المستثمرون مراهناتهم ضد الدولار وأقبلوا على بيع اليورو.
الاقتصاد البريطاني
حذر نائب محافظ بنك إنكلترا ديف رامسدن، من مخاطر تعرض الاقتصاد البريطاني لأضرار أكبر مما أعلنه البنك المركزي الشهر الماضي.
وقال بنك إنكلترا في أغسطس، إنه يتوقع أن يستعيد الاقتصاد البريطاني حجمه قبل جائحة كوفيد- 19 بحلول نهاية العام المقبل. وصرح رامسدن للمشرعين أن بنك إنكلترا قدر أن مستوى الناتج الاقتصادي البريطاني سيكون أقل بنحو 1.5 في المئة بشكل دائم من المستويات التي كان متوقعاً أن يصلها قبل تفشي الجائحة.
وأكد أن بنك إنكلترا لديه «مساحة كافية للقيام بالمزيد من التيسير الكمي إذا تطلب الأمر»، مشيراً إلى إمكانية توسع برنامج شراء سندات البنك المركزي الذي يبلغ بالفعل 991.37 مليار دولار. ونتيجة لذلك، تراجع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار كعملة من عملات الملاذ الآمن.
وألقت التعليقات بظلالها على الأنباء التي تفيد بتحسن نشاط المصانع البريطانية. إذ استعاد إنتاج المصانع البريطانية بعضاً من الخسائر التي تعرض لها على خلفية تفشي جائحة كوفيد- 19 وسط تزايد معدلات الإنتاج في أغسطس بأسرع وتيرة يتم تسجيلها منذ أكثر من ست سنوات، وإن كان ذلك التحسن يأتي مقارنة بقاعدة متدنية. وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصادر عن IHS Markit / CIPS إلى 55.2 في أغسطس مقابل 53.3 في يوليو بما يتماشى مع توقعات أن يصل إلى 55.3، كما تعتبر تلك القراءة أعلى مستوى يصل له المؤشر منذ فبراير 2018.
لكن نتائج إحدى الدراسات الاستقصائية التي أجراها اتحاد الصناعات البريطانية في الفترة الممتدة ما بين أواخر يوليو والنصف الأول من أغسطس تشير إلى أن 58 في المئة من الشركات المصنعة صرحت بأن سجل الطلبات كان «أقل من المستويات المعتادة».
نشاط المصانع اليابانية
ارتفع إنتاج المصانع اليابانية في يوليو بأسرع وتيرة على الإطلاق بدعم من قطاع السيارات وقطع الغيار بما يشير إلى سيره في طريق التعافي التدريجي من الضربة التي أحدثتها جائحة فيروس كورونا.
لكن مبيعات التجزئة تراجعت للشهر الخامس على التوالي بوتيرة أسرع إلى حد ما في إشارة مثيرة للقلق تجاه معدلات الاستهلاك الخاص الذي يمثل أكثر من نصف حجم ثالث أكبر الاقتصادات على مستوى العالم.
وأظهرت البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة نمو الناتج الصناعي الياباني بنسبة 8.0 في المئة في يوليو مقارنة بأداء الشهر السابق، مقابل تقديرات الاقتصاديين التي تشير في المتوسط إلى زيادة بنسبة 5.8 في المئة ويأتي ذلك في أعقاب تسجيل نمو بنسبة 1.9 في المئة في يونيو. ويتوقع المصنعون الذين شملهم استطلاع الوزارة زيادة الإنتاج بنسبة 4.0 في المئة في أغسطس ثم بنسبة 1.9 في المئة في سبتمبر.
نشاط المصانع الصينية
شهدت أنشطة المصانع الصينية نمواً بوتيرة أبطأ في أغسطس إذ أدت الفيضانات التي اجتاحت جنوب غرب الصين إلى تعطيل الإنتاج، لكن قطاع الخدمات توسع بمعدل قوي بما ساهم في تعزيز الاقتصاد الذي يواصل جهود التعافي من صدمة فيروس كورونا. وأظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء أن مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي انخفض هامشياً إلى 51 في أغسطس مقابل 51.1 في يوليو.
وظل المؤشر محتفظاً بموقعه فوق حاجز 50 نقطة التي تفصل بين النمو والانكماش على أساس شهري.
وكانت توقعات المحللين أشارت إلى ارتفاع المؤشر إلى 51.2 نقطة. وأظهر مسح المكتب الوطني للإحصاء أن مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي الرسمي، الذي يشمل قطاعي الخدمات والبناء، قد ارتفع إلى 55.2 من 54.2 في يوليو.
تراجعت أسعار العقود الآجلة للنفط بنسبة 1 في المئة يوم الجمعة الماضي وسط توجه الأسعار على جانبي المحيط الأطلسي إلى تسجيل أعلى معدل انخفاض أسبوعي تشهده منذ يونيو، إذ ساهم تراجع معدلات الطلب ووفرة الإمدادات في تعويض الدعم الذي قدمه ضعف أداء الدولار.
وفي واقع الأمر، فإنه وفقاً لإحدى التقارير الصادرة عن وكالة رويترز، من المقرر أن تتباطأ كمية النفط الخام الواردة إلى الصين، أكبر مستورد للخام على مستوى العالم، في سبتمبر نتيجة لتخمة المخزونات بعد ارتفاعها على مدار خمسة أشهر متتالية.
تراجعت الأسهم العالمية الأسبوع الماضي بعد أن غيرت اتجاه النمو القياسي الذي شهدته هذا العام نتيجة لتزايد الضغوط البيعية على أسهم قطاع التكنولوجيا مثل أبل وامازون وميكروسوفت وألفا بيت وفيسبوك التي تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 8 تريليونات دولار، إذ بلغت نسبة تراجع أسهم تلك الشركات أكثر من 4 في المئة. ويطلق المحللون على تلك الخطوة مسمى «التصحيح» بعد تزايد المخاوف من أن تدابير التحفيز النقدي والمالي قد دفعت بالأسهم إلى مستويات غير مستدامة.
جريدة الجريدة