بنك الكويت الوطني : الأسواق تترقب إشارات «الفدرالي» في ظل فتور التضخم
ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة بوتيرة معتدلة نسبياً في أغسطس، مما يشير إلى تراجع وتيرة الضغوط التضخمية المرتبطة بإعادة الانفتاح الاقتصادي بعد تخفيف عمليات الإغلاق، حيث سجل المؤشر أعلى مستوياته منذ 13 عاماً. ووفقاً لبيانات مؤشر أسعار المستهلك الصادر عن مكتب إحصاءات العمل الثلاثاء الماضي، ارتفع المؤشر بنسبة 5.3 بالمئة في أغسطس، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
وقال تقرير أسواق النقد الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن تلك القراءة جاءت قريبة جداً من الزيادة البالغة 5.4 بالمئة المسجلة في شهر يوليو، والتي تعد الأعلى منذ عام 2008.
وبالنظر إلى البيانات الشهرية، تباطأت وتيرة نمو الأسعار إلى 0.3 بالمئة، مقارنة بشهر يوليو، أي أقل بشكل واضح عن النمو المسجل في الفترة الممتدة بين مايو ويونيو بنسبة 0.9 بالمئة، والارتفاع الذي وصل إلى 0.5 بالمئة في الفترة الممتدة بين يونيو ويوليو.
من جهة أخرى، تباطأت وتيرة مؤشر أسعار المستهلك الأساسي، والذي يستثني العناصر المتقلبة مثل الغذاء والطاقة في ظل انخفاض معدل النمو الشهري إلى 0.1 بالمئة، مما يعتبر أقل زيادة يسجلها منذ فبراير. أما على أساس سنوي، فقد ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 4 بالمئة مقابل 4.3 بالمئة في يوليو.
وتعزى معظم ارتفاعات الأسعار التي شهدناها حتى الآن هذا العام إلى القطاعات الأكثر عرضة لاختناقات الإمدادات وغيرها من الاضطرابات المرتبطة بالجائحة. وأظهرت البيانات الأخيرة المصحوبة بالبيانات الصادرة في شهر يوليو مؤشرات على تراجع تلك الارتفاعات، وخاصة بالنسبة لأسعار السيارات المستعملة ونفقات السفر، والتي تعتبر المحركات الرئيسية للزيادات المسجلة عام 2021. وبدأ شهر يوليو بعلامات تدل على التباطؤ، وجاءت قراءات أغسطس لتؤكد أن ضغوط الأسعار في تلك القطاعات بدأت في التراجع. وما تزال أسعار السيارات والشاحنات المستعملة مرتفعة بنسبة 32 بالمئة على أساس سنوي، وإن كان ذلك بعد انخفاضها بنسبة 1.5 بالمئة مقارنة بمستويات شهر يوليو.
ويبدي قطاع السفر علامات على تأثره سلباً في الوقت الحالي نتيجة لانتشار سلالة دلتا المتحورة، النسخة الأكثر عدوى من الفيروس. إذ تراجعت أسعار تذاكر الطيران بنسبة 9.1 بالمئة على أساس شهري، بينما انخفضت أسعار الغرف الفندقية بنسبة 2.9 بالمئة.
وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة النمو في أغسطس، فإن المستهلكين ما زالوا متأهبين لاستمرار ارتفاع التضخم، حيث وصلت التوقعات على المديين القصير والمتوسط الآن إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ عام 2013، وفقاً للبيانات التي نشرها مجلس الاحتياطي الفدرالي في نيويورك الاثنين الماضي.
وتشير التوقعات إلى أنه في العام المقبل يتوقع المستهلكون أن يبلغ معدل التضخم 5.2 بالمئة، بزيادة بنسبة 0.3 بالمئة، مقارنة بمستويات يوليو، في حين يعتبر الزيادة الشهرية العاشرة على التوالي. وعلى مدى 3 سنوات، يتوقعون ارتفاعاً بنسبة 4 بالمئة.
إلا أن مؤشر أسعار المستهلكين يعكس تزايد بعض الضغوط التضخمية في قطاعات أخرى، بما في ذلك القطاع السكني. إذ ارتفع معدل الإيجار المكافئ للمالكين، وهي القراءة التي تقيس قيمة إيجار المنازل في الوقت الحالي، بنسبة 0.3 بالمئة إضافية عن الزيادة السنوية التي شهدها في يوليو، لتصل بذلك الزيادة السنوية إلى 2.5 بالمئة في أغسطس.
ويواجه "الاحتياطي الفدرالي" الآن معضلة، نظراً للبيانات المتاحة حالياً، حيث تدعم بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس وجهة نظر الفريق المؤيد لفكرة أن ارتفاع معدلات التضخم تعد مسألة مؤقتة من خلال إظهار أن الذروة ربما تكون قد انقضت بالفعل.
وفي الوقت ذاته، تساهم قوة بيانات مبيعات التجزئة في تعزيز الجانب المؤيد للتقليص التدريجي. وستراقب الأسواق عن كثب اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة هذا الأسبوع، ولا يُتوقع إعلان التناقص التدريجي، خاصة بعد القراءة الضعيفة لتقرير الوظائف عن شهر أغسطس.
ومن المتوقع الآن أن يبقي "الاحتياطي الفدرالي" خياراته مفتوحة من خلال إعادة تأكيد أن تطبيق التناقص التدريجي هذا العام قد يكون مناسباً، مع الاعتراف بضعف معدلات التوظيف أخيراً، إلا أن الأسواق ما تزال تسعر إعلان التناقص التدريجي عام 2021.