الوحدة الاقتصادية... إيجابية وخطوة مهمة في الاتجاه الصحيح

رأت مجموعة من الاقتصاديين ان اعلان مجلس الوزراء إطلاق الوحدة الاقتصادية الاستشارية لتبني نهج متطور لدعم الاقتصاد الوطني والعمل على جذب الاستثمارات المباشرة ذات القيمة المضافة وتعزيز دور القطاع الخاص بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035 امر ايجابي بشرط الجدية.

وكان رئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء عبدالعزيز الدخيل قال إن الوحدة ستتولى مهام مراجعة وتطوير التشريعات والسياسات الاقتصادية والمالية والتنموية وتصويبها نحو تحقيق رؤية الكويت 2035، وسبل تنويع القاعدة الاقتصادية والايرادات العامة غير النفطية، علاوة على مناقشة الخريطة الاستثمارية الوطنية وما تتضمنه من طرح فرص للمستثمر الوطني والاجنبي.

وأشار إلى أن هذه الوحدة ستعمل على توثيق الروابط بين المؤسسات الاقتصادية والمالية والتنموية والتشغيلية وتوحيد جهودها لتعزيز التنمية الاقتصادية في الدولة وسبل تحسين بيئة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما يعزز دورها الريادي في تحقيق التنمية الاقتصادية للدولة.

بداية, قال الخبير الاقتصادي علي الرشيد البدر إن ما قام به مجلس الوزراء بإطلاق الوحدة الاقتصادية الاستشارية هو خطوة مهمة وضرورية ومتميزة, لأن الحكومة الحالية والحكومة التي ستأتي بعد الانتخابات أمامها ملفات اقتصادية شائكة, ومعظم رغبات المرشحين كما يبدو تتضمن مقترحات مكلفة ماليا ولن تستطيع الدولة الوفاء بها خاصة إذا انتهت الحرب الروسية الأوكرانية وانخفض سعر النفط إلى 60 دولا.

وأوضح البدر أن الامر يتطلب من الحكومه تقديم برنامج تنموي واسع النطاق يجتذب الرأي العام و يتضمن اهدافا مطلوبة تطمئن الناخبين الى مستقبلهم ومستقبل اولادهم.

وبين أن مجلس التخطيط الاخير قدم مشروعا تنمويا مدروسا يحقق اهداف الدوله و آمال الناخبين.

وقال إن لوحدة المقترحة تستطيع أن تنظر في ذلك المشروع و تفاصيله و هو موجود في ادراج مجلس الوزراء، مبينا أن المحور الاساسي في ذلك المشروع هو برنامج التخصيص العام الذي سيحقق تنفيذه العديد من الاهداف الاستراتيجية لتنمية البلد و كذلك تقليص مسؤوليات الجهاز الحكومي وتمكينه من القيام بمهامه الاساسية بكفاءة وتفوق ، فيخفف من نقاط التوتر المستمرة بين الحكومة والمجلس. كما يرفع من مستوي الخدمات العامة و يدخل المواطنين كلهم شركاء في شركات تنموية قوية جديدة ويجفف من مستنقعات الفساد في الاقتصاد الوطني و الادارة العامة كما يوفر التأمين الصحي و التعليمي العادل لكل المواطنين بحيث يختار اولياء الامور المدرسه الافضل لاولادهم و الرعاية الصحيه الاجود لعائلته.

وأضاف: باختصار التوصيات المناسبة والتي سيوافق عليها اغلب الناخبين موجودة وكل ما يتطلب الامر هو التنفيذ قبل فوات الاوان و تضاعف المتاعب التي تنتظر الدولة و البلد بين سوق نفط غير مستقره و احتياجات الناس و الاجيال القادمه المتزايدة دوما، و نواب سيعملون على تحقيق اهدافهم الانتخابية المكلفة و غير الواقعية احيانا.

من ناحيته، رأى رئيس مجلس الادارة في شركة الصالحية العقارية غازي فهد النفيسي إن الوحدة الجديدة «عبارة عن كلام إنشائي، فالأمور لا تتم بهذه الصورة، والتحفيز لا يتم بهذا الأسلوب، بل يجب أن يكون للحكومة أهداف تساعد وتنمي الفكر الاقتصادي، وهذا لن يأتي في يوم وليلة، وبالتالي يحتاج إلى نوع من الترتيب وهذا الترتيب لا يأتي بقرار من مجلس الوزراء».

وأشار النفيسي إلى دور القطاع الخاص، حيث قال إن «القطاعين العام والخاص ليسا بنفس الطريق، وهذه هي تركيبة الكويت منذ نهاية السبعينيات»، مبيناً أن نظرة الحكومة إلى القطاع الخاص ليست سليمة، وفيها الكثير من الظلم والتجني، وهذا ليس تبريراً فهناك جزء من القطاع الخاص سيئ، لكن عموم القطاع الخاص جيد، ومن الممكن أن يكون رديفاً قوياً للحكومة، ويساعدها في أمور كثيرة لو كان هناك نوع من التفاهم والألفة مع الحكومة.

وذكر النفيسي أن القطاع الخاص دائما متهم بالجحود والسرقة «وهذه وجهة نظر خاطئة، فالبلد للأسف بكل تركيبته أصبح طاردا لاستثمار القطاع الخاص، والاستثمارات الخارجية أيضاً».

بدوره، قال مناف الهاجري، مؤسس «بشرى» للاستشارات الاقتصادية إن إسناد دور استباقي لرئيس الوزراء يقوم على العمق في التحاليل والرؤية الاستشرافية للمستقبل يعتبر خطوة مستحقة، من شأنها أن تعزز فعالية عمل الوزارات القادمة بلاشك لأن مرجعية العمل الاقتصادي الرئيسية ستكون مشتركة وذات سلطة على الجميع مما سيرفع من درجة التنسيق في العمل.

وأضاف الهاجري أن نطاق العمل لمثل هذه الوحدة هو صياغة رؤية للتحول نحو اقتصاد إنتاجي بمعنى الكلمة، دون أن يعني ذلك بالضرورة خلق صدامات مع الرأي العام الشعبي (وهو أمر ليس بالصعب)، وخلق رؤية قطاعية نحو رفع هذا الإنتاج بما في ذلك القطاع الحكومي، وإزالة التشوهات في القطاع الخاص، وتنشيط عجلة الاستثمار في الداخل عبر إشراك وإعادة هيكلة وإصلاح الجهات المعنيه القائمة.

وأوضح الهاجري أن كون الوحدة ذات طابع استشاري لا يعني إعفاءها من العمل وفق أعلى الممارسات ونظم الحوكمة لأن منها سوف تستمد الأجهزة الأخرى فعاليتها وامتثالها للرؤية، مؤكداً ضرورة بذلها العناية الفائقة في تطعيمها بالكوادر اللازمة ذات العمق والمصداقية.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبدالمجيد الشطي إن فكرة إنشاء وحدة اقتصادية استشارية جيدة، وأي عمل يساهم في تعديل المسار للأفضل مرحب به، «لكننا لا نريد المزيد من اللجان، فالمطلوب من الوحدة أن تضع كيف نسير في خريطة الطريق الموجودة سابقاً حتى نحقق نتائج جيدة».

وأكد الشطي أن هناك الكثير من الدراسات والأفكار واللجان، «وما ينقصنا اليوم هو الإرادة، أي كيف يصبح للحكومة الإرادة لتفعيل الدراسات الكثيرة التي وضعناها من قبل الغزو منذ دراسة مسار الاقتصاد الكويتي حتى اليوم، فجميعها خرائط واضحة واستراتيجيات واضحة وبها أهداف معينة».

وأضاف أن المطلوب هو كيف نحقق هذه الأهداف وأن نضع نموذج عمل للوصول لذلك، إذا قامت اللجنة بهذا العمل فستكون مثمرة أما إن عملت فقط على المزيد من الدراسات والمزيد من مستشارين من الخارج لعمل الدراسات وكيف نعمل وماذا نعمل فلن نصل إلى الهدف منها.

وتابع: إن سعت الوحدة إلى النظر بما هي العراقيل التي أوقفت الإيرادات الحكومية أو العمل المطلوب فستكون لجنة مثمرة، مبيناً أن الكثير من الأمور التي تناولتها الوحدة مثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وغيرها تم تناولها سابقاً ولا يوجد أي شي جديد فيها، مؤكداً حاجتنا إلى معرفة كيف نقود العملية ونموذج العمل لتحقيق وإنجاز الدراسات السابقة.

بدوره، أشاد الرئيس التنفيذي لـ «كامكو إنفست» فيصل صرخوه بجهود رئيس مجلس الوزراء واهتمامه بالشأن الاقتصادي والتنموي للارتقاء بالاقتصاد الكويتي، ليتماشى مع التطورات التي تشهدها المنطقة، والمنافسة في مجالات عديدة تضع الكويت مجددا في المكان الاقتصادي المناسب.

وأضاف صرخوه أن إطلاق هذه الوحدة، والتي تضم الجهات الحكومية المعنية بالشؤون الاقتصادية والتنموية، مع اشراك أهالي الاختصاص والخبرة بالشأن الاقتصادي، «خطوة في الاتجاه الصحيح ستتيح الإسراع بتحديد مكامن الخلل والفرص المتاحة وإيجاد الحلول الناجعة».

وأعرب عن أمنياته لرئيس الوزراء وأعضاء اللجنة بالتوفيق في هذه المهمة، مؤكداً دعمه الكامل لجهودهم «لما فيه مصلحة وطننا الغالي لتعود الكويت منافسة في قطاعات محددة وذات قيمة مضافة في قطاعات أخرى، تتكون منها اقتصاديات المنطقة».

جريدة الجريدة.