الوافدون يهجرون علب «السردين» إلى شقق أوسع... وإيجارات أرخص!

ملّاك الوحدات السكنية الصغيرة حيارى

لجأ عدد من ملّاك البنايات مع «الفورة» التي شهدتها الإيجارات قبل بضع سنوات إلى إدخال تغييرات وتعديلات جوهرية في تقسيمة الشقق، فقطّعوا الوحدات ذات المساحات الكبيرة والمريحة إلى صغيرة أقل ما يطلق عليها أنها تشبه «علب سردين». هذه الخطوة جاءت بهدف تعظيم القيم الإيجارية التي يتقاضاها الملّاك، ولا سيما العمارات المرهونة للبنوك، إذ إن إيجار الشقة المقسومة إلى جزئين يزيد بنحو 30 في المئة. ولكن لم تدم فرحة هؤلاء «المالية» إلا سنوات قليلة، إذ إن ميزان العرض والطلب قد بدأ بالاختلال في ظلّ وفرة شواغر كبيرة في مختلف مناطق الكويت، الأمر الذي اعتبرته تقارير عقارية صدرت أخيراً بأنه خطر يهدد قطاع العقارات الاستثمارية. وبسبب العرض الوفير للشقق بات المستأجرون الوافدون يفرّون من تلك الوحدات الصغيرة، متوجهين إلى الشقق الواسعة التي حافظ ملّاكها على تقسيمتها المريحة لا سيما في الحمامات والمطابخ، تاركين «علب السردين» لتدخل في نفق عدم القدرة على التأجير، ما عرّض أصحابها إلى خسائر كبيرة، قد تناهز الأرباح التي حققوها خلال السنوات الخمس الماضية. ومع تفاقم خسارتهم يوماً بعد يوم، يقف ملّاك العمارات ذات الشقق «الصغيرة» أمام حلين أحلاهما مرّ، فإما الصبر مدة أطول على الحال الراهن من عدم التأجير حتى تتغيّر الكفة لصالح الطلب، وهو أمر مستبعد في ظل سياسات الإحلال، وتسفير الكثير من الوافدين لعائلاتهم بسبب ارتفاع تكاليف الحياة، وإما دفع تكاليف كبيرة لإعادة تفصيلة الشقق إلى ما كانت عليه في السابق. عدد من أصحاب تلك العمارات لجأ إلى حل ثالث قد يكون الأكثر مناسبة في الوقت الراهن، وهو تخفيض قيمة تلك الشقق، بنسبة تتراوح ما بين 15 و20 في المئة لجذب الوافدين إليها، ولا سيما من العزاب منهم، الذين يبحثون عن القيم الإيجارية الأقل بغض النظر عن تفصيلة الشقق والخدمات المقدمة. وفي هذا الإطار، قال الخبير العقاري، عبدالعزيز الدغيشم، إن «الطمع في زيادة دخل البناية دفع الكثير من الملاك إلى تغيير تقسيمة الشقق في كل طابق، إذ إنهم لجأوا إلى تقسيمها لمساحات أصغر لتحصيل إيجارات أعلى، ضاربين بالقوانين التي تحتم عليهم الالتزام بالمخطط المقدّم للبلدية عرض الحائط». وأفاد بأن هذه الحركة قام بها الكثير من ملاك العمارات الاستثمارية في العام 2011 عندما شهدت الإيجارات قفزة ليست بالصغيرة بسبب فورة السوق آنذاك، وخصوصاً المرهونة منها للبنوك، حيث كانوا ينشدون فك الرهن عنها بأسرع وقت مستغلين هذه الأساليب الملتوية. وأكد الدغيشم، أن هؤلاء ومع بداية هبوط الإيجارات بدأوا يشعرون بخيبة الأمل، إذ إن كثيراً من عماراتهم شهدت شواغر كثيرة بسبب انتقال الكثير من الوافدين إلى شقق أوسع وأرخص شغرت بعدما غادر كثير من المقيمين جراء موجة التكويت الكبيرة، وغلاء المعيشة الذي دفع كثيرين إلى تفضيل حياة العزوبية لتوفير لقمة العيش. وأوضح أن ملاك تلك العمارات قد سجلوا خسائر قد تناهز تلك التي حققوها خلال السنوات القليلة الماضية، وهم أمام خيارات ليست بالهينة، لا سيما بعد أن خفض الكثير منهم للقيم الإيجارية. وأكد الدغيشم أن العديد من الملّاك العمارات، وفي سبيل زيادة دخلها يقومون بالتحايل على القانون، حيث يتلاعبون في التصاميم الداخلية للشقق، لتصغير حجم المساحات التأجيرية، وتعظيم قيمها الإيجارية ولو على حساب راحة المستأجرين، مبيّناً أن معظم هؤلاء لجأوا إلى استغلال مداخل البناية ومواقف السيارات في بعض الأحيان لإقامة ملاحق بمساحات صغيرة، غير مراعين للكثير من القيم التي تفرض عليهم الالتزام في تطبيق القانون ومراعاة راحة المستأجرين.

جريدة الراي