الهاشل: من موقع قوة دخلت المصارف حقبة تقلبات النفط
الأداء الإيجابي جاء مدعوماً بالإنفاق الحكومي
أكد محافظ بنك الكويت المركزي، الدكتور محمد يوسف الهاشل، أن تقارير الاستقرار المالي التي يصدرها البنك تشمل الرصد وتحليل التطورات الاقتصادية والمالية، من منظور علاقة تلك التطورات بالاستقرار المالي، وتُظهر مدى قدرة القطاع المصرفي على مواجهة الصدمات وتجاوزها، بحيث يظل قادراً على ممارسة دوره الفاعل في تقديم الخدمات المالية وخدمة الاقتصاد الوطني بقطاعاته كافة. وأشار الهاشل في سياق تقرير الاستقرار المالي لعام 2018 إلى أن التدابير التحوطية الكلية التي استخدمها «المركزي» وبرامج الرقابة من أجل الكشف المبكر عن المخاطر وأثرها على الاستقرار المالي، ساعدت القطاع المصرفي على الاستمرار بالحفاظ على قوة ومتانة أدائه خلال عام 2018. وقال، إن ذلك حصل بالرغم من التحديات الاقتصادية والمالية، الناجمة عن تداعيات الهبوط الحاد الذي شهدته أسعار النفط، منذ بداية النصف الثاني من عام 2014، وما شهدته من تقلبات في أسواق النفط العالمية. ونوّه إلى أن السياسات الرقابية التي تم انتهاجها في مجال سياسات التحوط الكلي، والتي استهدفت تعزيز متانة مؤشرات السلامة المالية، مكّنت البنوك من دخول حقبة تقلب أسعار النفط من موقع قوة، من خلال بناء مصدات مالية تعزز قدرتها على مواجهة الصدمات، مع الاستمرار في تقديم خدماتها المالية إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني بكفاءة عالية. وأكد، أن هذا الأمر يظهر عبر النمو الإيجابي لأداء البنوك، في المجالات التي تشكل الدعائم الأساسية للاستقرار المالي، وبشكل خاص على صعيد الكفاية الرأسمالية، وجودة الأصول، والسيولة، والربحية. وأشار الهاشل إلى أن الأداء الإيجابي للقطاع المصرفي، جاء مدعوماً أيضاً بالإنفاق الرأسمالي الحكومي، الذي ظل عند مستويات مرتفعة، في إطار سياسة مالية استهدفت دعم النشاط الاقتصادي، وتعزيز الثقة في الاقتصاد الكويتي، والمحافظة على بيئة تشغيلية مواتية للبنوك المحلية. الوساطة المالية وسجلت ميزانية القطاع المصرفي على أساس مجمَّع، نسبة نمو بلغت 4.3 في المئة خلال 2018، ليصل إجمالي قيمة الأصول إلى نحو 76.7 مليار دينار بنهاية ديسمبر 2018. ولفت الهاشل الى أنه مع أن هذا النمو جاء أقل من معدلات النمو التي سجلتها الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي في العام الماضي، والبالغة 6 في المئة إلا أن النمو ما زال يسير بمعدلات جيدة. وبيّن أن الزيادة في أصول القطاع المصرفي أتت مدعومة بالنمو في محفظة الائتمان المحلي، التي سجلت نسبة نمو 4.9 في المئة، مقارنة مع 3.9 في المئة عام 2017، إذ جاء هذا النمو في المحفظة مدعوماً بشكل أساسي بالنمو في كل من القروض الشخصية والنمو في الائتمان المقدم لقطاع النفط. ويأتي ذلك في وقت شهدت الودائع تباطؤاً في النمو، إذ سجلت نسبة نمو 2.4 في المئة عام 2018، مقارنة بنسبة نمو قدرها 7 في المئة لعام 2017. وذكر الهاشل أنه «لذلك فقد عمدت البنوك إلى تمويل جانب من الزيادة في محفظة القروض المحلية، من خلال ما لديها من فوائض سيولة، والتي تم تعزيزها من خلال تدفقات السيولة في الاقتصاد، إذ ظلت تحتفظ بأرصدة سائلة عالية الجودة وبما يفوق متطلبات الحدود الدنيا لنسب السيولة الرقابية». وتابع أنه من جانب آخر، فإن القطاع المصرفي يتمتع بقاعدة تمويل قوية ومستقرة، إذ تشكل الودائع لأجل نسبة في حدود 66 في المئة، من إجمالي الودائع، يدعمها قاعدة رأسمالية قوية، مؤكداً أن هذه المؤشرات تعكس الجوانب الداعمة للاستقرار المالي في هذا المجال. جودة الأصول واستمر التحسن في جودة الأصول، إذ سجلت نسبة القروض غير المنتظمة، على أساس مجمع، مزيداً من الانخفاض، لتصل في نهاية ديسمبر 2018 إلى 1.6 في المئة، وهو مستوى متدنٍ تاريخياً، وأقل من النسبة قبل الأزمة المالية العالمية البالغة 3.8 في المئة عام 2007. وأكد الهاشل استمرار هذا التحسّن في جودة الأصول، على مستوى النشاط المحلي للبنوك، نتيجة للجهود الحثيثة لـ«المركزي» والبنوك خلال الأعوام الأخيرة، والذي انعكس في الانخفاض المستمر في نسبة القروض غير المنتظمة، التي كانت قد وصلت على أساس مجمع إلى 11.5 في المئة عام 2009. ورأى أن هذا التحسّن في مؤشر جودة الأصول، رافقه أيضاً تحسن في نسبة تغطية المخصصات إلى إجمالي الديون النقدية غير المنتظمة، والتي واصلت بدورها التحسن، لافتاً إلى ارتفاع تلك التغطية على أساس مجمع، لتصل إلى نحو 254 في المئة بنهاية ديسمبر 2018. وتابع أن هذه النسبة واصلت تحسنها بشكل ملموس، بالنسبة لمحفظة القروض على مستوى النشاط المحلي، إذ وصلت إلى 367.6 في المئة بنهاية ديسمبر 2018. وشدد على أنها معدلات تغطية مرتفعة تدعو إلى مزيد من الاطمئنان، حول سلامة الأوضاع المالية لهذه البنوك، وهي بلا شك مؤشرات للاستقرار المالي. مقاومة الصدمات واصلت البنوك الكويتية تحقيق أرباح صافية مجمعة، إذ ارتفع صافي الأرباح الخاص بالمساهمين لعام 2018 إلى نحو 959 مليون دينار، بنسبة نمو سنوي 18 في المئة مقابل 9 في المئة عام 2017. وقال الهاشل إن هذا النمو يعكس أداءً جيداً للقطاع المصرفي، وقد انعكس في رفع كلٍ من معدل العائد على متوسط الأصول والعائد على متوسط حقوق الملكية، إلى 1.3 و10.7 في المئة على التوالي. ويأتي ذلك في وقت واصلت البنوك الكويتية، المحافظة على قدرتها الفعالة على مقاومة الصدمات والعمل في ظروف ضاغطة، بحيث استمر معدل كفاية رأس المال قوياً بنسبة 18.3 في المئة بنهاية ديسمبر 2018، وهي أعلى من النسبة المطلوبة بموجب تعليمات «المركزي» البالغة 13 في المئة. وتابع الهاشل أن النسبة الأخيرة أعلى من نسبة المعيار الدولي، المقدرة من لجنة «بازل» والبالغة 10.5 في المئة. وذكر أن قاعدة رأس المال الرقابي للبنوك الكويتية، تتمتع بجودة عالية، إذ تشكل الشريحة الأولى عالية الجودة 83.8 في المئة من إجمالي قاعدة رأس المال، في مؤشر على جودة رأس المال وقدرته العالية على امتصاص الخسائر. من جهة أخرى، أظهرت بيانات معيار الرفع المالي قدرة عالية للبنوك الكويتية على استيفاء متطلبات هذا المعيار، إذ إنه في نهاية ديسمبر 2018 بلغت نسبة الرفع المالي لهذه البنوك، على أساس مجمع 10.3 في المئة، وهي تفوق الحدود الدنيا للنسبة التي تحددها تعليمات «المركزي» وقدرها 3 في المئة. وذكر الهاشل أن هذا المعيار يهدف إلى تعزيز متطلبات كفاية رأس المال، أخذاً بالاعتبار أن احتساب نسبة الرفع المالي لا يستند إلى حجم الأصول المرجحة بأوزان المخاطر، كما هو الحال بالنسبة لمعيار كفاية رأس المال، وإنما إلى إجمالي أصول البنك داخل وخارج الميزانية. واعتبر هذا المعيار أحد الأدوات الإضافية، التي تعمل باتجاه الحد من المخاطر النظامية وتعزيز الاستقرار المالي. وأوضح أن المصدات التي تتمتع بها البنوك الكويتية، على صعيد معياري كفاية رأس المال، والرفع المالي تعكس مجالات رحبة أمام البنوك، لمزيد من التوسع في أنشطتها، وبشكل خاص تمويل مشاريع التنمية في البلاد. في سياق متصل، أظهرت نتائج اختبارات الضغط ربع السنوية لـ«المركزي»، قدرة البنوك، على المستويين الفردي والمجمع، على مواجهة صدمات مختلفة في مخاطر الائتمان والسوق والسيولة، وفق مجموعة واسعة من السيناريوهات الاقتصادية الكلية والجزئية. مخاطر السوق بلغت نسبة استثمارات البنوك في الأسهم نحو 15.7 في المئة من إجمالي استثماراتها، في حين بلغت نسبة أسهم الشركات المقدمة كضمانات 19 في المئة من إجمالي الضمانات لدى البنوك. ورأى الهاشل أنه ورغم أن هذه النسب أعلى قليلاً من تلك المسجلة في عام 2017، إلا أن انكشاف البنوك لسوق الأسهم قد تراجع بشكل كبير في العامين الأخيرين. ونوه إلى أن مخاطر سوق الأسهم تظل محصورة في نطاق محدود، على ضوء الضوابط الرقابية الصادرة عن «المركزي» في شأن الحدود القصوى للقروض التي تقدمها البنوك إلى العملاء، بغرض تمويل شراء الأسهم. ويأتي ذلك في وقت ظلت مستويات السيولة قوية لدى البنوك، بحيث تجاوز معيار تغطية السيولة، وهو أحد المعايير المالية في إطار حزمة إصلاحات «بازل 3»، لدى البنوك بشكل مريح الحد الأدنى المطلوب (90 في المئة لعام 2018)، وكذلك الحد الأدنى النهائي المطلوب (100 في المئة لعام 2019). البورصة والعقار ناقش التقرير التغيرات التي شهدها سعر صرف الدينار مقابل العملات العالمية الرئيسية خلال عام 2018، والتي تعكس الاستقرار النسبي في السعر الذي يتم تحديده، في ضوء سلة موزونة من عملات أهم الدول التي تربطها بالكويت علاقات تجارية ومالية مؤثرة. وأظهرت هذه التطورات أن التغيرات في سعر صرف الدينار مقابل الدولار، كانت في نطاق أضيق من التقلبات التي شهدها سعر صرف الدولار مقابل العملات الأجنبية الرئيسية الأخرى، ما يعكس الاستقرار النسبي في سعر صرف الدينار، والمحافظة على قوته الشرائية. في الوقت نفسه ناقش التقرير التحسن الذي شهده أداء البورصة خلال عام 2018، وعودة النشاط القوي لقطاع العقار.
جريدة الراي