المركز المالي الكويتي: تخفيف القيود عامل مهم لتنشيط الاقتصاد
أصدر تقريراً خاصاً عن تأثير فيروس كورونا على حركة السفر والتنقل في الكويت
ركّز التقرير على أهميّة إعادة الحركة لمواجهة الآثار التي خلفتها إجراءات احتواء تفشي جائحة «كوفيدـ19» على الاقتصاد الوطني، وما رافقها من ارتفاع في مستويات الطلب على السلع الأساسية والخدمات، مما يمثل ضغطاً على سلاسل الإمداد.
أطلق المركز المالي الكويتي «المركز» تقريراً خاصاً بعنوان «تأثير انتشار جائحة كوفيدـ19 على الحركة في دولة الكويت» تأكيداً على اهتمامه بتحليل ودراسة أداء مختلف القطاعات المحورية وتحقيق النمو المستدام على كل الصعد والمستويات، ويطرح مجموعة توصيات يمكن تنفيذها من مختلف القطاعات.
وقال «المركز» في بيان صحافي أمس، إن التقرير يشمل تقديم آلية عمل استباقية لمواجهة التحديات الناجمة عن الإجراءات المتخذة على الحركة في الفترة الماضية، ويأتي ذلك استكمالاً لجهود «المركز» المستمرة في متابعة أحدث مستجدات السوق تماشياً مع الجهود الوطنية المبذولة في تنشيط الاقتصاد تدريجياً وعودته إلى سابق عهده.
الحد من انتشار الوباء
مع تخفيف القيود على الحركة في معظم دول العالم بما فيها الكويت، وبعد انتشار جائحة كورونا التي عصفت باستقرار الاقتصادات العالمية على مدى الأشهر الماضية، اتخذت كل الحكومات حزمة من التدابير والقرارات التي شملت قيوداً صارمة على حركة السفر والتنقل داخل وخارج دولها.
وقامت الكويت بعدة إجراءات للحد من انتشار «كوفيدـ19» منها فرض حظر كلي من 10-30 مايو، وكان آخرها الإعلان عن خمس مراحل لإعادة الفتح التدريجي بدءاً بإعلان الحظر الجزئي من 31 مايو (من الساعة 6 مساءً وحتى 6 صباحاً) والحظر الكلي المناطقي لمناطق إضافية (الفروانية وخيطان وحولي وميدان حولي)، وتسببت الإجراءات المتخذة بالكثير من التداعيات والتأثيرات التي شملت مختلف القطاعات التنموية في هذه الدول.
تخفيف القيود
ركّز التقرير على أهميّة إعادة الحركة لمواجهة الآثار التي خلفتها إجراءات احتواء تفشي جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، وما رافقها من ارتفاع في مستويات الطلب على السلع الأساسية والخدمات، مما يمثل ضغطاً على سلاسل الإمداد.
وارتفعت الحركة إلى الأسواق المركزية والصيدليات قبل إعلان الحظر الكلي بصورة كبيرة، وانخفض معدل الحركة في جميع المناطق باستثناء المناطق السكنية عند بدء الحظر الكلي، في حين تراجع قطاع المواد الغذائية والصيدليات، والمنتزهات، والتجزئة والترفيه، ومحطات التنقل، والمكاتب. ويشير تقرير «المركز» إلى أن الحركة هي حلقة الوصل بين مختلف الأطراف ذات العلاقة للسلع والخدمات، وتعمل بمنزلة رابط يؤثر في كل جانب من جوانب الحياة، لذلك، كان من الضروري تقليل القيود على الحركة والسماح لمختلف القطاعات بالعودة إلى العمل بشروط محددة وإجراءات احترازية.
تقييد الحركة
وتأثرت بعض القطاعات بتقييد الحركة وفرض الحظر الشامل، وكان من بينها قطاع النقل والمواصلات الذي تأثرت به سيارات الأجرة والنقل العام سلباً لتوقف الأعمال، إلى جانب التحديات التي واجهها من لا يملكون سيارات خاصة للوصول إلى مراكز التسوق المصرح بها.
وتم إغلاق جميع منافذ البيع بالتجزئة باستثناء الجمعيات التعاونية والأسواق المركزية، مما أدى إلى هلع السكان نحو الشراء، كما أن هناك عبئاً كبيراً على سلسلة التوريد، إذ يواجه تجار قطاع التجزئة العديد من التحديات مع المخزونات التي ستصبح غير صالحة للاستعمال قريباً، إلى جانب عدم حصولهم على أي إيرادات في مقابل النفقات المطلوبة.
وتأثر القطاع الطبي أيضاً بتقييد الحركة، إذ سيؤدي تأجيل المرضى للعلاج إلى زيادة الضغط على قائمة الانتظار، وقد تفقد المستشفيات عائداتها بسبب العلاجات المؤجلة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الذهاب إلى المستشفيات يتطلب إصدار تصاريح، وعلى الرغم من أن الصيدليات مفتوحة على مدار 24 ساعة، فإن التوصيل إلى المنازل مقيد بالتصاريح.
الدروس المستفادة
يعتبر تفعيل آلية عمل متكاملة لتخفيف الآثار السلبية لآثار الحظر على السوق الكويتي ضرورة حتمية، من خلال تشكيل فرق متعددة لتلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان المناطق المعزولة، والاستفادة من التكنولوجيا بالطريقة الأمثل، وتقييم المناطق التي تشهد نسبة طلب عالية وعدد موظفي التوصيل في المنطقة وحركتهم وعدد الموردين، فضلاً عن تفعيل خدمة التوصيل أثناء فترة حظر التجول، ومنح المتطوعين المزيد من التصاريح للمساعدة في حالة نقص القوى العاملة.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجهها الأطراف ذات العلاقة المختلفة، يمكن عقد مشاورات جماعية مع الأطراف من القطاعات المختلفة، للوصول إلى حلول متكاملة والتنسيق بشكل أفضل لضمان خدمة جميع فئات المجتمع قدر المستطاع.
أما على مستوى القطاع الطبي، فيمكن تشكيل فرق خاصة لتوصيل متطلبات المرضى والتعامل مع هذه الحاجة على أنها أولوية، للتخفيف من الضغط على القطاع.
واقترح تقرير «المركز» صياغة خطة وطنية للتعافي من الكوارث شاملة ومدروسة تشمل تسهيل عمل قطاع الخدمات المالية كضرورة حتمية في أوقات الأزمات، وتشكيل هيكل إداري محدد للحوكمة بهدف تنسيق ودعم الموارد الوطنية، وتطوير نهج قائم على مشاركة فئات مختلفة من المجتمع المحلي لخلق إطار عمل متكامل، وصياغة خطة لرصد ومتابعة سلسلة الإمداد من خلال تطوير نظام حديث قائم على مشاركة المعلومات.
شهد القطاع المالي حالة من الاضطراب لأنه مرتبط مباشرة بالقطاعات التنموية الأخرى، واستمرت بورصة الكويت في العمل، ولم يتم السماح للأطراف ذات العلاقة مثل مديري الأصول والوسطاء بالعمل في مكاتبهم، مما حد من قدرتهم على تلبية متطلبات عملائهم.
كما كان توقف أعمال جميع شركات الاستثمار أحد آثار الحظر الكلي، إذ لم يُسمح للموظفين الرئيسيين بالحضور إلى مكاتبهم، مما شكّل أيضاً ضغطاً على أعمال وسيولة الشركات.
وأثر تقييد الحركة أيضاً على الشركات التي تعتمد على تحصيل الشيكات كوسيلة لتسوية الحسابات، ولم تتمكن من إيداع الشيكات في البنوك على مدى الأسابيع الماضية.
وساهم عدم إمكانية الحصول على كشوفات حسابات وإيصالات التحويلات من البنوك في خلق فروقات بين كشوفات الشركات والبنوك.
وشكل الحظر الكلي ضغطاً على إدارات الخزينة في شركات الاستثمار من حيث العمل عن بعد فيما يتعلق بتحويل الأموال عبر «سويفت».
وقد تتعرض شركات الاستثمار لبعض المخاطر التي تؤثر على أعمالها في ظل تقييد الحركة مثل عدم إمكانية الوصول لمركز البيانات والسيرفرات في حال حدوث أي عطل كهربائي أو في البرامج المستخدمة، مما سيصعب إمكانية دخول الموظفين إلى أجهزة الكمبيوتر عن بعد.
أمّا بالنسبة للبنوك، فقد توقفت الأعمال المصرفية نتيجة للحظر الكلي، باستثناء الخدمات الإلكترونية.
وعلى الرغم من توجه الكثير من الشركات إلى الخدمات الإلكترونية بصورة سريعة، فإن ذلك يعرضها لبعض الهجمات الإلكترونية، كما أن الكثير من العمالة الهامشية ليس بإمكانها الاستفادة من الخدمات الإلكترونية.
ونتيجة لعمل البنوك وفق أنظمة وقيود صارمة تتعلق بالسرية، لم يتمكن الكثير من موظفي البنوك من العمل عن بعد خلال الحظر الكلي، مما أدى إلى توقف العديد من الأنشطة المصرفية المتعلقة بالائتمان وإيداع الشيكات والتحويلات التي تتطلب حضور العميل. ومع ذلك، وفي ظل تخفيف المزيد من القيود، من المتوقع أن تنتعش الأسواق وتستعيد توازنها.
ووفقاً لخطة العودة التدريجية المؤلفة من 5 مراحل، سيتم السماح لشركات الاستثمار بالعمل في المرحلة الثانية. وسيشكل ذلك تقييداً لدور القطاع المالي في دعم أنشطة الاقتصاد الوطني.
ولن يتم تفعيل المرحلة الثانية إلا في حالة نجاح المرحلة الأولى، مما يعني إمكانية تمديد التعطيل لهذا القطاع، وسيمثل أزمة لاستمرارية الأعمال في الدولة.
وهناك تحدّ يواجه القطاع المالي ككل يتمثل في ما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات، ففي حال تعرضها لأي مشكلة بشأن الوصول إلى قاعدة البيانات عن بعد، فستتوقف إمكانية العمل عن بعد للشركات والبنوك.