الذهب يتجاوز 1800 دولار للمرة الأولى منذ 2011
«ساكسو بنك»: المضاربون يواجهون مخاطر الإشباع المؤجل خلال الربع الثالث
تبقى التوقعات المتعلقة بالمعادن الثمينة خلال الربع الثالث إيجابيةً، لكن هذا الوباء الذي لا يزال بعيداً عن بلوغ نهايته، مصحوباً بموجة انتشار ثانية محتملة تلوح في الأفق، يهدد بعرقلة الارتفاعات الأخيرة التي شهدتها قطاعات الطاقة والصناعة، وستتم إعاقة أيّ نمو إضافي يتم تحقيقه خلال الربع الثالث.
تجاوز سعر أونصة الذهب 1800 دولار أمس، لأول مرّة منذ عام 2011، إذ استفاد المعدن الثمين من وضعه كملاذ آمن في وقت يثير تفشي «كوفيد-19» مخاوف اقتصادية عالمية.
وبلغ سعر أونصة الذهب 1800.86 دولار حوالي الساعة 08:30 ت. غ في سوق لندن للسبائك، وهو أعلى مستوى له منذ ثماني سنوات ونصف السنة، في وقت زادت جاذبية المعدن بالنسبة للمستثمرين في ظل ضعف الدولار.
وقال كبير المحللين لدى شركة «أكتيف تريدز» كارلو ألبيرتو دي كازا: «ليس مفاجئا أن يواصل سعر الملاذ الآمن الأصلي ارتفاعه».
وأضاف: «لا يزال المستثمرون يشترون الأسهم، لكن يبدو أنهم يسعون للحصول على غطاء في حال أي تصحيح في السوق».
مخاوف التضخم
بدوره، أفاد كبير محللي السوق لدى شركة «ماركتس دوت كوم» نيل ويلسون بأن الذهب يحظى بدعم نظرا للمخاوف من التضخم الكبير الذي قد تسببه برامج التحفيز من البنك المركزي لدعم الاقتصاد العالمي.
وقال في رسالة للزبائن إن «مسألة ارتفاع سعر الذهب لا تعود فقط إلى الحاجة لأصول آمنة نظرا للضبابية الاقتصادية، بل كذلك المخاوف على المدى الأبعد من تفاقم التضخم جرّاء الزيادة الكبيرة في إمدادات المال».
وقال المحلل في شركة الخدمات المالية أكسي كورب، ستيفن اينس: «يظل التركيز الرئيسي على الولايات المتحدة.
«إذا استمر المنحنى حادا ولم يكبح الفيروس، سوف نتخطى مستوى 1800 دولار فقط لأن مجلس الاحتياطي الاتحادي سيكون مضطرا لإضافة المزيد من التحفيز».
ويبلغ السعر القياسي الذي تم تسجيله لأونصة الذهب 1921.18 دولارا.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، نزل البلاديوم 0.5 بالمئة إلى 1907.30 دولارات للأوقية، وفقد البلاتين 0.4 بالمئة إلى 832.15 دولارا، وخسرت الفضة 0.2 بالمئة إلى 18.27 دولارا.
ومن المرجح أن يكون الاعتقاد السائد بأننا قادرون على العودة إلى الوضع الطبيعي في غضون عدة أرباع خاطئاً، ويعتقد «ساكسو بنك» أن هذه الفترة ستشهد نمواً منخفضاً أو حتى سلبياً وارتفاعاً في مستويات الدين، وفي نهاية المطاف زيادةً في معدلات التضخم. وبالتالي، تبقى التوقعات المتعلّقة بالمعادن الثمينة خلال الربع الثالث إيجابيةً. لكن هذا الوباء الذي لا يزال بعيداً عن بلوغ نهايته، مصحوباً بموجة انتشار ثانية محتملة تلوح في الأفق، يهدد بعرقلة الارتفاعات الأخيرة التي شهدتها قطاعات الطاقة والصناعة، وستتم إعاقة أي نمو إضافي يتم تحقيقه خلال الربع الثالث.
وفي هذا الصدد، قال رئيس استراتيجية السلع لدى ساكسو بنك أولي هانسن: «يبقى الذهب السلعة الرئيسية الوحيدة التي سجلت عائداً إيجابياً حتى الآن خلال عام 2020. وبعد تقلبات شهر أبريل، استقر الذهب عند مجال 1700 دولار للأونصة تقريباً. ومن المرجح أن تظهر قدرة الذهب على التسبب في حالة من الإحباط، وفي نهاية المطاف مكافأة المستثمر الصبور بأوضح صورة ممكنة خلال الربع الثالث. وفي الوقت الحالي، تُقابل القوى الدافعة الإيجابية المتعددة بما نعتقد بأنه سيكون بمنزلة انخفاض قصير الأجل في مستويات التضخم. ونوصي بتبني توقعات متفائلة حيال الفضة، وحيال الذهب أيضاً الآن بعد أن تقلصت الفجوة التي تفصل بين علاوة الذهب وعلاوة الفضة. وهناك عدة أسباب تدفعنا للاعتقاد بأن الذهب سيرتفع إلى 1800 دولار للأونصة كحد أدنى خلال عام 2020، يليه ارتفاع قياسي جديد خلال السنوات القادمة. وقد أدت مسألة غياب زخم السوق منذ شهر أبريل والبيئة المضطربة التي نشهدها حالياً إلى حدوث انخفاض بنسبة 55 في المئة في رهانات العقود الآجلة المضاربة على ارتفاع الذهب منذ الذروة التي شهدتها بداية عام 2020. ومن المرجّح أن يدفع حدوث تغيير إيجابي في التوقعات الأساسية أو الفنية التجار إلى العودة للسوق. ويمكن لهذا التطور أن يدفع الذهب نحو تحقيق المزيد من الارتفاع. كما ساعدت أسعار الفضة الرخيصة قياساً بالذهب في تحقيق انتعاش قوي أواخر الربع الثاني. ومن شأن توقعاتنا المتفائلة حيال الذهب أن ترفع الفضة إلى مستويات أعلى. لكن بالنظر إلى سلوكيات الفضة المتقلبة في كثير من الأحيان، وتوقعات النمو الحالية، نعتقد أن «الفضة» قد يواجه صعوبات في سبيل تحقيق أداء أفضل مقابل الذهب. ويمكن أن تبلغ نسبة الذهب إلى الفضة، وهي مقياس رئيسي للقوة النسبية، 95 أونصة فضة مقابل أونصة ذهب واحدة في أفضل سيناريو ممكن. ومع ذلك، يمكن لموجة انتشار ثانية لوباء كوفيد-19 أن تتسبب في إضعاف الفضة وبلوغ معدل أداء من 110 - الأمر الذي يعكس انخفاضاً بواقع 10 بالمئة قياساً إلى مستويات الأداء الحالية. كما سيساهم تعافي عقود النحاس عالي الجودة أخيراً إلى مستويات ما قبل انتشار وباء كوفيد-19 في فرض المزيد من الصعوبات أمام قدرة المعدن على تحقيق مستويات أعلى خلال الربع الثالث. وكان انتعاش الطلب الصيني جنباً إلى جنب مع اضطرابات الإمدادات في مناجم أميركا الجنوبية بمنزلة المحفزات التي أجبرت المضاربين على العودة إلى صفقات المراكز الطويلة، بعد تجاوز السعر حاجز 2.50 دولار للرطل. وقد تجبرنا مخاطر حدوث موجة انتشار ثانية للوباء - ولا سيما في الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين في العالم - على إعادة التفكير مرةً أخرى؛ حيث لا نتوقع ارتفاع السعر بشكل إضافي خلال الربع القادم».
تحديات
وأردف هانسن: «لا تزال التوقعات المتعلقة بمستويات الطلب على النفط الخام تواجه التحديات التي يفرضها وباء كوفيد-19 الذي لم يخضع للسيطرة حتى اللحظة. وفي حين بذلت مجموعة أوبك بلس جهوداً جبارة لدعم السوق العالمية من خلال تخفيضات الإنتاج القياسية ومستويات الامتثال العالية، ستكون إمكانية تحقيق انتعاش إضافي محدودةً خلال النصف الثاني من عام 2020. وفي ظل بقاء قيود السفر عبر الحدود براً وجواً ساريةً في جميع أنحاء العالم، وتدنّي احتمالات استعادة ملايين العمال وظائفهم في أي وقت قريب، قد يكون أي انتعاش يشهده الطلب على النفط أبطأ من المتوقع. وحتى في هذه المرحلة المبكرة، بدأ البعض بإطلاق التكهنات حول ما إذا كان الطلب العالمي قد بلغ في عام 2019 الذروة التي سيبدأ بالانخفاض منها في ظل تغيّر سلوك البشر والدول وطريقة تفاعلهم مع بعضهم البعض. كما لن تولد موجة انتشار ثانية لوباء كوفيد- 19 صدمة طلب متكررة تشبه تلك التي حدثت خلال شهر أبريل. فبدلاً من ذلك، ستتجه معظم البلدان نحو إبقاء اقتصادها مفتوحاً قدر الإمكان، نظراً لأن التداعيات الاقتصادية ستكون أسوأ. ومع ذلك، لا يزال الانهيار الذي شهده شهر أبريل يسلط الضوء على قدرة النفط على تجاوز الأهداف المحددة. وبينما نتوقّع أن يتعافى سعر خام برنت ليبلغ نطاقاً يتراوح بين 50 و60 دولارا للبرميل في أواخر عام 2020 أو أوائل عام 2021، تشير التوقعات على المدى القصير إلى عودته إلى منطقة التماسك، مع احتمال بقاء الأسعار ضمن نطاق 35 - 45 دولارا للبرميل خلال معظم فترات الربع الثالث».