الحكومة الذكية تدعم الرقمنة المستقبلية في الكويت

يتردد على مسامعنا اليوم مصطلحات جديدة ترتبط بواقع الرقمنة ودخول التقنيات الحديثة في ثنايا حياتنا اليومية، وقد يخفى على الكثير منا تفاصيل مصطلحات على غرار «الحكومة الذكية» التي لم يتسنَّ لشريحة واسعة من الجمهور معرفة أنه يُقصَد بها استخدام التقنية لتمكين عمليات التخطيط الحكومي، واتخاذ القرارات ودعمها، والارتقاء بمخرجاتها، وأنها مصممة لتحسين العملية الديموقراطية وإجراء التحول الرقمي على الأعمال والخدمات العامة. وضماناً لفاعليتها، تعتمد وسائل الحوكمة الناشئة هذه على أنظمة المعلومات الموحدة، وتقنيات الاتصال الحديثة، وهي في جوهرها «تتمحور حول المواطن» وتقوم على البيانات وتركز على الأداء.

ومن منظور أوسع، يمكن النظر إليها على أنها تسخير للسياسات المبتكرة ونماذج الأعمال الديناميكية الجديدة والتقنيات المتطورة لمعالجة التحديات المالية والبيئية والخدمية التي تواجه المؤسسات. وتعتمد الحكومة الذكية في جوهرها على أحدث التقنيات وأفضل الابتكارات، وتمرس الجمهور على استخدام هذه التقنيات المتطورة لاغتنام الإمكانات الكاملة للخدمات الإلكترونية.

ولا شك في أن دولة تمتلك استراتيجية وطنية طموحة ورؤية استشرافية واعدة على غرار الكويت قد وضعت بالفعل خطة واضحة المعالم للتطور الاجتماعي والاقتصادي في المستقبل، بما يشمل ترسيخ الرقمنة التي تعتبر مرتكزاً رئيسياً لتطوير الأعمال، وتقدم الخدمات الحكومية الإلكترونية تحت مظلة الحكومة الذكية.

ومن أهم أركان الحكومة الذكية وجود شبكة اتصالات عالية السرعة وموثوقة وقوية، لذلك حرصنا على التعاون عن كثب مع المشغلين المحليين لتأسيس شبكات الجيل الخامس عالية السرعة في الكويت مع بداية عام 2019، لتكون من أوائل الدول في اعتماد هذه التقنية في المنطقة.

وساعدت سرعة الاتصال في تقديم خدمات حيوية خلال فترة تفشي الجائحة مثل حلول التعليم عن بُعد ضمن قطاع التعليم الكويتي، الأمر الذي ضمن الامتثال للتوجيهات الحكومية بالتباعد الاجتماعي، ومكّن آلاف الطلاب- أثمن أصول الدولة- بفضل هذه الخدمات من الاستمرار في تعليمهم بعيداً عن مخاطر الجائحة.

ومن خلال تحسين شبكات اتصالات الجيل الخامس الحالية وتحديثها ستكون الكويت نموذجاً عالمياً يقتدى به على صعيد تبني هذه التقنيات السباقة، والاستفادة منها في تطوير وتنمية أعمال وخدمات مختلف القطاعات.

وتُظهر البيانات الرسمية أن خدمات الإنترنت المقدمة من مشغلي شبكات الهواتف المتحركة الثلاثة في الكويت شهدت تطوراً كبيراً خلال عام 2021، خاصة في سرعة التنزيل والتحميل عبر الويب باستخدام شبكات الجيلين الرابع والخامس.

وفي حين تساهم شبكات الجيل الخامس في الارتقاء بقدرات الاتصال لآفاق جديدة من السرعة والميزات، فإن تقديمها عبر خطوط الألياف الضوئية كثيرا ما مثل معياراً ذهبياً للشبكات التي توفر قدرات اتصال سريعة وثابتة.

ويُنظر للشبكة المصممة عبر الألياف الضوئية التي تأسست بالتعاون مع وزارة الاتصالات، على أنها بنية تحتية أساسية تساند مسيرة التحول الرقمي، ونبذل قصارى جهدنا لرفع كفاءة أعمالنا وخدماتنا بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035 (كويت جديدة)، وتحويل الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها بالاستفادة من التكنولوجيا إلى واقع ملموس، ومن ضمنها توفير شبكة الألياف الضوئية لأكثر من 50 ألف أسرة وشركة ودائرة حكومية.

ومنذ عام 2016، تعاونّا مع الوزارات واللجان الحكومية لتقديم أدوات ومنصات رقمية في أنظمة خدمات الحرس الوطني الكويتي لتيسير أتمتة عملياته، والآن أصبح نظام خدمات الحرس الوطني الكويتي مؤتمتاً بالكامل، مما ساعد على توفير الوقت والجهد والنفقات، فقد وفر ما مجموعه خمسة ملايين ورقة و70 في المئة من مساحة التخزين.

وساهمت خدمات الأتمتة في تعزيز كفاءة خدمات الحرس الوطني الحكومية بنسبة 45 في المئة، مع ضمان الأمن في الوقت نفسه، ويمثل موقع الحرس الوطني نموذجاً رائداً لكفاءة عملية الأتمتة القائمة على أحدث التقنيات.

وتعتمد استراتيجيات الرقمنة أيضاً على المواهب البشرية المسلحة بالمعرفة التقنية الحديثة والتدريب الأمثل لتطبيق التقنيات والممارسات الجديدة، لذلك نحرص على بناء مزيد من جسور الشراكة والتعاون مع القطاعين العام والخاص والوفاء بمسؤوليتنا الاجتماعية من خلال مبادرات وبرامج التنمية البشرية المتمثلة بصقل مهارات الكوادر المحلية الموهوبة. وخلال فترة الجائحة، تعاونا مع الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات لتقديم تدريب تقني لأكثر من 500 موظف حكومي في مجال تقنية المعلومات.

ونفخر بدعم كل جهود الحكومة الكويتية في استشراف مستقبل رقمي مستدام ومنخفض الكربون، ونسعى بجد إلى تحقيق ذلك من خلال استثماراتنا في تقنيات الحوسبة السحابية الصديقة للبيئة. وتضع السياسة المستقبلية للكويت «الحوسبة السحابية في المقام الأول»، وبالتالي ينبغي على الجهات الحكومية تقييم خدماتها السحابية بشكل كامل أدى التخطيط لمصادر جديدة لتقنية المعلومات والاتصالات أو ترقية بنيتها التحتية وتطبيقاتها الحالية.

وتساهم التقنيات الثورية الجديدة كالجيل الخامس والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في إنشاء أساس رقمي صلب يدعم مسيرة تطوير الحكومة الذكية. ونؤمن في «هواوي» بأن الحكومة الذكية ستسهم في توفير استجابة ذكية ودقيقة لكل التحديات، وترتقي بالخدمات الاجتماعية لتلبية احتياجات الناس المتنامية، وتمهد الطريق للاقتصاد الرقمي المستدام المبني على المعرفة، وهو أمر جوهري يتعين النظر إليه خلال خوض تجارب التحول الرقمي للكويت، ونحن ملتزمون بتوجيه استثماراتنا طويلة الأجل لمصلحة مستقبل الكويت الرقمي المستدام، ونعمل على توفير خبراتنا وتقنياتنا الرائدة عالمياً، وفي مقدمتها الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي، والخدمات السحابية، لمواصلة دعم جهود دولة الكويت في تحقيق أهداف رؤيتها «كويت جديدة» بحلول عام 2035.

* الرئيس التنفيذي لشركة هواوي الكويت ريكو لين.

جريدة الجريدة.