التضخم... تحدي المستهلكين في الكويت كيف يمكن ضبطه؟
هل علينا في الكويت أن نهتم، نحن المواطنين والوافدين، بنسب التضخم؟ هل علينا قراءة آخر الأرقام والإحصاءات؟ هل لدينا ثورة أسعار؟
على الرغم من أن التضخم يحتل مكاناً بارزاً في الدراسات الاقتصادية، لكنه لم يكن معروفاً في السابق، أما الآن فهو مألوف لدى الكثير من الناس، ويعني الزيادة في أسعار السلع والخدمات لاقتصاد ما على مدى فترة زمنية محددة، أو انخفاض في القوة الشرائية لعملة معينة.
وحدد علماء الاقتصاد سببين للتضخم:
١- الطلب (النمو الاقتصادي، توقع التضخم، السياسة المالية الانكماشية).
٢- العرض (ارتفاع الرواتب، الاحتكار، الكوارث الطبيعية).
ظهرت أزمات تضخم كثيرة في العالم. فقد قام الاقتصاديان ستيف هانك ونيكولاس كروس عام 2012 بدراسة أزمات التضخم وتوصلا لجمع 56 أزمة تضخم في القرن الماضي والوقت الحالي مثل أزمة زيمبابوي 2007\2008 وصل معدل التضخم اليومي إلى 98 في المئة كانت تتضاعف الأسعار كل 25 ساعة، وحالة ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى عام 1923 وصل معدل التضخم اليومي إلى 21 في المئة، والصين أيضاً عانت التضخم وفي عام 1947\1949 وصل معدل التضخم اليومي إلى 14 في المئة.
في الكويت وصل أعلى معدل إلى 11.70 في المئة عام 2008، ثم بدأت تقل تدريجياً ووصلت في 2010 إلى 6 في المئة وفي 2012 بلغت 4 في المئة ووصلت إلى 1.5 في المئة في نهاية الربع الرابع من 2019.
ومع بداية الأزمة في 2020 بدأ معدل التضخم يرتفع إلى 1.7 في المئة في مارس ووصل إلى 1.9 في المئة في يونيو. بالطبع هناك أسباب عدة للارتفاع.
على الرغم من وجود جانب إيجابي للتضخم مثل تقليل نسبة البطالة فإن ضرره سيكون قاسياً وكبيراً على المستهلكين أصحاب الدخول البسيطة والمتقاعدين، وأيضاً سيقلل من الدخل الحقيقي للطبقة العاملة.
وبما أن نسبة التضخم في الكويت ارتفعت إلى 1.9 في المئة، فقمت في جريدة "الجريدة" باستطلاع آراء بعض المتخصصين والاقتصاديين والأكاديميين والمسؤولين في بعض الهيئات والمراكز في هذا الموضوع المهم الذي يؤثر على المستهلك بالدرجة الأولى، وطرحت الأسئلة التالية:
1- ما أثر كورونا على التضخم؟
2- ما هي توقعات التضخم بعد انحسار الأزمة؟
3- ما أثر التضخم على المستهلكين والموردين؟
4- ما هي الإجراءات المتوقع اتخاذها لمواجهة التضخم والحد منه؟
قال رئيس جهاز حماية المنافسة د. راشد العجمي، إنه في بداية الجائحة لم تعرف الدول التعامل مع هذا الوباء، فالفترة الأولى سببت ارتباكاً، وعدم ثقة للحلول الحكومية، وأثرت حتى على سلوكهم في العملية الشرائية. في البداية توقف الناس عن الشراء باستثناء الحاجات الأساسية، وأثّر ذلك على بعض قطاعات الأعمال في الكويت.
وأكد العجمي، أن الجائحة لم تؤثر بنفس المستوى على جميع قطاعات الأعمال، فهناك قطاعات تأثرت كثيراً، وهناك قطاعات انتعشت وخصوصاً التي تتعلق أعمالهم بالأونلاين. ثم دخلنا في فترة الحظر الجزئي ثم الكلي مما أدى إلى أن بعض الأعمال توقفت نهائياً.
وذكر أن الحكومة اتخذت بعض الخطوات مثل عدم استقطاع أقساط القروض لمدة ستة أشهر، مما أدى إلى وفرة مالية عند الناس، لذلك أول ما انتهى الحظر لاحظنا أن الكثير من الناس اندفعوا للشراء، خصوصاً السلع الكمالية، وهذا زيادة في الطلب وبحسب قانون العرض والطلب فزيادة الطلب تصاحبها زيادة ارتفاع الأسعار وارتفاع الأسعار يؤدي في النهاية إلى التضخم، وذلك بسبب عدم الوضوح في السياسات الاقتصادية في البداية.
وأعرب العجمي عن اعتقاده بأن الأسعار لن تعود مثلما كانت سابقاً، بل ستستمر على ما وصلت إليه، وأن التضخم سيزيد إلا اذا تدخلت الحكومة بسياسات اقتصادية كسياسة السوق المفتوح، فهذا السوقيعدل نفسه، عندما يكون هناك عرض وطلب وزاد أحدهما فبعد فترة السوق يضبط نفسه ويعودان للتساوي. هذه الصورة مثالية لكنها ليست موجودة بالكويت.
يستنتج أن المستهلك سيتأثر بشكل كبير خصوصاً أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، المورد سيستفيد بالنهاية، لماذا يخفض سعره وسعره مقبول عند الناس.
ورأى العجمي أن على الحكومة أن تقوم ببعض الخطوات لضمان تعادل السوق من خلال:
• إيجاد الثقة عند الناس كما فعلت فيما يتعلق بالمواد الغذائية، طمأنت الناس بوجود مواد غذائية كافية.
• مراقبة الأسعار بشكل دقيق في الفترة القادمة لتتحاشى ارتفاع الأسعار المصطنع.
• يجب تسهيل التبادل التجاري.
بدوره، رأى المحلل الاقتصادي المالي والرئيس التنفيذي لشركة "كي آي سي" للوساطة المالية فهد الشريعان، أن التضخم أثر على المشاريع السكنية الحديثة والمشاريع السكنية النافذة عن طريق الحظر، أيضاً المجمعات التجارية فهذه السنة من أسوء السنوات التي مرت عليهم كقيمة إيجارية وخسائر وتصريف منتجات.
وأضاف الشريعان، أن التضخم حصل في المواد الاستهلاكية كالمواد الغذائية وبعض الألبسة، والاحتياجات المنزلية، وهناك قفزة بالأسعار بشكل كبير في الكماليات الجديدة التي نحتاجها مثل المعقمات والكمامات. هكذا انعكس على المستهلك بأخذ حيز من المصروف الشهري للسلع الجديدة مثل السلع والمواد البلاستيكية كالأطباق والملاعق، والكثير من المحلات اليوم أصبحت تعتمد على التوصيل.
واعتبر الشريعان أن التضخم أثر على قيمة الدينار لنفترض لا يوجد مواد تمويلية ولا يوجد دعم على سعر الطحين وغيرها، فسنشهد تضخماً كبيراً مثلما حصل في بعض الدول وخصوصاً في بلاد الشام، فبعض الأنظمة تضاعف سعرها كسعر الخبز والقمح واللحوم والكثير من السلع الاستهلاكية تجدها بشكل كبير وبدأت تؤثر على ميزانية الفرد البسيط صاحب الدخل المحدود.
أما المدير العام لغرفة التجارة والصناعة رباح الرباح فقال إن علينا أن نميز بين فترتين، الأولى (12 مارس – 30 يونيو) شهدنا تطبيق إجراءات مكافحة الجائحة ومنع تفشيها، وتشمل: العطلة الاحترازية للقطاع الحكومي العام والخاص، الحظر الجزئي والشامل (10 – 30 مايو)، تعطيل المدارس والجامعات، وتوقف الحركة والنقل والانتقال، وتوقف معظم الأنشطة الاقتصادية.
ولفت إلى أن الفترة الثانية: (بعد 30 يونيو وحتى الآن) التي شهدت تطبيق مراحل العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل تدريجي، وعادت قطاعات الانشاء والبناء والمال والمصارف إلى العمل، وفتحت المجمعات التجارية أبوابها.
ولاحظ من متابعات التضخم التي تصدرها الإدارة المركزية للإحصاء شهرياً، ارتفاع معدل التضخم السنوي (مارس 2019 – مارس 2020) إلى (1.9 في المئة)، وحافظ على مستواه تقريباً في أبريل (1.85 في المئة)، ومايو (1.9 في المئة)، ويونيو (1.75 في المئة).
وعلى مستوى المجموعات الفرعية المكونة للرقم القياسي العام لأسعار المستهلك (معدل التضخم السنوي لكل مجموعة )، لاحظ ارتفاع معدل تضخم أسعار مجموعة المواد الغذائية والمشروبات السنوي في مارس إلى (2.8 في المئة)، وارتفع في نهاية الفترة في يونيو إلى (3.1 في المئة)، وهو من أعلى المستويات المسجلة في أربعة أعوام، على خلفية الزيادة الحادة في نفقات المنتجات الطازجة والمستوردة من دول الجوار خاصة، نتجت عن مشاكل لوجستية في نقل هذه المنتجات.
في المقابل، أشار إلى تراجع معدل تضخم خدمات السكن إلى (-17 في المئة) في كل من مارس وأبريل (-26 في المئة) في مايو، ليستقر عند 0.0 في المئة في يونيو(على أساس سنوي)، وهذا يعكس الأداء الضعيف لإيجارات السكن الاستثماري على خلفية زيادة عرض الشقق، وانخفاض الطلب على هذا السكن بعد مغادرة أعداد الوافدين الكويت مغادرة نهائية.
وقال الرباح، إن أسعار مجموعة خدمات الاتصالات ارتفعت، بلغ (4.1 في المئة) في مارس(5.4 في المئة) إبريل(4.1 في المئة) مايو ليتراجع إلى (3.3 في المئة) في يونيو (على أساس سنوي) ومرد ذلك إلى تكاليف الاتصالات الناتجة عن الزيادة غير المسبوقة في الطلب على عقد المؤتمرات والتدريس عن بعد.
وأوضح أن الفترة الثانية (بعد 30 يونيو) شهدت فتح الاقتصاد، فارتفعت معدلات التضخم (1.9 في المئة) يوليو، (2.2 في المئة) أغسطس. (2 في المئة) سبتمبر، وارتفع الانفاق الاستهلاكي مدعوماً بتأجيل سداد أقساط القروض الاستهلاكية. وعلى مستوى المجموعات الفرعية للتضخم ارتفع معدل تضخم مجموعة الأغذية والمشروبات (سنوي) من (3.7 في المئة) يوليو(5 في المئة) أغسطس (7 في المئة) سبتمبر، ويرى الرباح أن الارتفاع يعكس الاضطرابات المستمرة في جانب الأغذية المستوردة كجزء من تداعيات الجائحة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية دولياً. وارتفعت الأسعار نتيجة لارتفاع أسعار الذهب محلياً وعالمياً. وحافظت مجموعة خدمات المسكن على استقرارها عند مستوى (0.0 في المئة) على مدى 14 شهراً على التوالي.
ومجموعة المطاعم والفنادق حققت معدل تضخم سلبي (-0.08 في المئة)، وذلك نتيجة لإقفالها أثناء فترة الحظر، وفرض قيود احترازية عليها بعد عودتها لممارسة النشاط.
وتوقع الرباح في عام 2021 أن يشهد الاقتصاد الكويتي انتعاشاً، إذا تم احتواء التأثيرات السلبية للصدمة المزدوجة، من خلال احتواء فيروس "كوفيد-19" بشكل فعال، وتعافي أسعار النفط إلى مستويات تقارب الـ 50 دولاراً.
يتوقع أيضاً أن يتراجع معدل التضخم في الربع الرابع من العام الحالي إلى حوالي 1.5 في المئة وسط تأثير الأداء الضعيف للايجارات السكنية على معدل التضخم الكلي، وحل المشكلات اللوجستية أمام تدفق السلع الغذائية من الخارج، ما يؤدي إلى خفض أسعارها.
قال أيضاً إنه مع استمرار الإصابات الجديدة بالفيروس بأعداد تقارب 500 إصابة يومياً، وفي حال تأخر وصول اللقاح المناسب، نعتقد أن عام 2020 سينتهي بمعدل تضخم مرتفع سيكون في حدود (2 في المئة-2.5 في المئة)، وذلك على خلفية استمرار الجائحة في الدول المصدرة لكثير من الواد الغذائية وخاصة الخضرات والفواكهة للكويت.
تراجع الإنفاق الاستهلاكي
وكشف بنك الكويت المركزي المتاحة عن تطور قيم المعاملات باستخدام البطاقات البلاستيكية خلال الفترة (نهاية ديسمبر 2019- نهاية يونيو2020)، عن التراجع الكبير في الإنفاق الاستهلاكي، إذ تراجعت قيم معاملات أجهزة السحب الآلي من 3155 مليون دينار نهاية ديسمبر 2019 إلى 1910 ملايين دينار نهاية يونيو 2020، وبلغت قيمة الانخفاض نحو 1245 مليوناً ونسبته (39 في المئة) وتراجعت قيم معاملات أجهزة نقاط البيع من 2638 إلى 1343 مليوناً للفترة نفسها، وبلغت قيمة الانخفاض نحو 1295 مليوناً نسبته (49 في المئة) مقارنة بقيم المعاملات في نهاية ديسمبر2019.
وأكد الرباح أن الاقتصاد الكويتي يعتمد على استيراد السلع والخدمات من الاقتصادات الأخرى للوفاء بجانب مهم من الاحتياجات المحلية، وخصوصاً استيراد السلع الغذائية والاستهلاكية المعمرة والسلع الوسيطة الرأسماية.
وهذا الأمر يعكسه ارتفاع مستوى الوزن الترجيحي لأسعار السلع المستوردة إلى ما يقارب 76 في المئة في تكوين الرقم القياسي العام لأسعار الجملة بالكويت.
وذكر الرباح أن غرفة تجارة وصناعة الكويت تولت إدارة العلاقات التجارية بوضع آلية تهدف إلى معرفة العراقيل والمعوقات التي تواجه قطاع الأعمال والموردين، لذلك قامت بالاتصال المباشر مع مسؤولي الوزارات والهيئات الحكومية المختصة لمعرفة أهم البدائل التي تهدف إلى ضمان استمرارية فتح المنشآت التجارية والصناعية والخدمية ومزاولة أعمالها، فتم اتخاذ الإجراءات التالية:
• اعتماد آلية جديدة للإفراج الجمركي عن المنتجات الكيماوية، إذ أصبح اعتمادها عن طريق البريد الإلكتروني.
• فتح قناة تواصل مباشرة بين الشركات والإدارة العامة للجمارك لتسهيل خروج الحاويات من المنافذ الجدودية.
• التنسيق مع المدير العام لمؤسسة الموانئ الكويتية لإصدار تعميم حول تسهيل حركة المنظومة اللوجستية أثناء حظر التجول الشامل.
• السماح للشركات المتخصصة بالنقل الجوي للبضائع والطرود والرسائل السريعة ووكلاء الشحن بالتجول أثناء الحظر الجزئي والشامل.
• التنسيق مع وزارة التجارة والصناعة والإداراة العامة للجمارك ومجلس الغرف السعودية بشأن تسهيل حركة التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي.
في الختام، ذكر الرباح أن علينا التمييز بين: التضخم المستورد والتضخم المحلي. في حالة التضخم المستورد يتعذر على الكويت أن تتخذ إجراءات مؤثرة لتجنب "التضخم المستورد" والناجم بصورة رئيسية عن تقلب سعر الدولار تجاه العملات القوية لشركات الكويت التجاريين الآخرين، وعن السياسات الزراعية وتكلفة انتاج المواد الغذائية في العالم. ناهيك عن استحالة التأثر في الأحوال المناخية والصراعات الدولية.
وبالنسبة لمواجهة التضخم المحلي فإن
كلاً منها يطرح – بذاته – أسلوب معالجته مثل:
• تفعيل وتوجيه السياسات المالية والنقدية، تخفيف الجرعة السياسية المرتبطة بها (الإنفاق العام الاستهلاكي، سعر الصرف، سعر الفائدة، الضريبة، حجم الائتمان).
• تطوير إنفاذ قانون حماية المنافسة.
• تقييم تجربة الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بهدف رفع مستوى إدارتها وأدائها؟ وتطوير الإشراف على الشق التجاري من عملها، وتحريك المنافسة الخلاقة بينها.
• التحرير التدريجي للأراضي بما يؤدي إلى تشجيع الاستثمار، وتخفيض تكاليف المشاريع الإنتاجية وخصوصاً المعارض والمحلات التجارية وبالتالي انخفاض الأسعار.
•دراسة شاملة وعميقة لأساليب الدعم وأكثرها عدالة، وبغرض قصر الدعم على مستحقيه فعلاً.
• الاهتمام بكل ما يرد تحت عنوان "التيسير التجاري" وخصوصاً من حيث رفع كفاءة الموانئ والجمارك والتخزين والمواصلات وتحسين بيئة الأعمال.
وأشار د. بدر الديحاني إلى أن الاقتصاد العالمي كان يعاني من أزمة وأتت الجائحة فزادت شدة الأزمة، نعيش أزمة اقتصادية رأسمالية عالمية، إحدى نتائجها هو التضخم.
وقال الديحاني إن التضخم هو الذي يلتهم جزءاً من رواتب الموظفين، خصوصاً ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة، إذ يعتبر الراتب الشهري المتواضع هو المصدر الوحيد للدخل بالنسبة إليهم وأسرهم، وهؤلاء يشكلون أغلبية السكان من مواطنين ووافدين، فالسلع الأساسية (الأغذية والمشروبات، السكن، الخدمات الصحية، النقل، الجوانب الثقافية، الترفية) إذا ارتفعت أسعارها هم أول من يتضرر، تزيد المعاناة في سوء الخدمات العامة، فسوء الخدمات العامة يجبر الناس للاتجاه للقطاع الخاصة، والقطاع الخاص يرفع أسعاره، وأيضاً القطاع الخاص الإنتاجي سيعاني بسبب عدم وجود مشترين.
أضاف الديحاني أن الكويت تستورد كل شيء من أغذية وملابس ومواد صحية، فسلسة الإمدادات لتصلنا من الدول المصدرة مثل أمريكا والصين وأوروبا تمرّ بمراحل ومع الإغلاق العام لهذه الدول، وبما ان الاقتصاد العالمي اقتصاد رأسمالي مترابط فيوجد فيه تقسيم يسمى تقسيم الدولي للعمل، أي دول تنتج ودول تستهلك ودول تصدر ودول تستورد، واقتصادنا يعتمد على الاستيراد، والإغلاق انعكس على الإنسان البسيط مثلا نحن الآن نلبس الكمامات، وأثناء الأزمة بعض القطاع الخاص الطفيلي استغل هذا الوضع ورفع الأسعار مع ثبات التكلفة.
كما أوضح أن "قدرتنا على التحكم بالعوامل الخارجية محدودة وشبه معدومة بسبب أن اقتصادنا ريعي نصدر النفط الخام والإيرادات نصرفها على المستورد، لذا لمواجهة التضخم علينا أن نتحكم داخلياً، فالسوق متوحش وشرس وليس له سقف للأرباح ويجب عدم تركه بحرية كاملة، وهنا بعض الإجراءات:
• وجود حزمة سياسات مالية ونقدية.
• كسر الاحتكار، أحياناً عدم كسر الاحتكار يؤدي إلى اتفاق بين شركتين أو ثلاث على سعر معين على سبيل المثال شركات الاتصال. التشجيع على المنافسة لأن غلاء الأسعار مرتبط أحيانا بالاحتكار، والاحتكار في الكويت (الوكيل المحلي الحصري) يلغى لذا يجب فرض:
• رقابة على الأسعار.
• مراقبة جودة المنتج أو الخدمة.
• بجانب رقابة الحكومة يجب وجود هيئات رقابية مستقلة عن الحكومة ولها أنياب تستطيع أن تراقب الأسعار.
• ونحتاج إلى جهات شعبية رقابية، مثلاً الإسكان يوجد حملة (ناطر بيت)، يشكلون قوة ضغط، هذه ممكن تصبح جهات رقابية شعبية مؤسسية.
• فرض قيود الائتمان الاستهلاكي، تكون هناك رقابة من البنك المركزي على البنوك التجارية بأن الائتمان الاستهلاكي يراقب مثل بعد 2008 وضعوا بعض القيود بسبب اتفاقية بازل ففرضت بعض القيود على القروض.
• يجب أن تكون هناك سياسات اقتصادية عادلة، بالبداية يجب أن يكون جدية في تحويل اقتصادنا إلى اقتصاد منتج، فالقطاع الخاص طفيلي وريعي وعائلي في معظمه، يعتمد على تعظيم الأرباح ويعتمد على دعم الحكومة، فتوظيفه شبه معدوم.
وفي النهاية، قال الديحاني عندما نحول الاقتصاد إلى اقتصاد منتج سيكون لدينا قطاع خاص منتج، أي سيهتم بالقيام بالوظائف الاجتماعية، سيراعي المصلحة الاجتماعية الوطنية، وسينتج داخلياً فيقل التأثر الخارجي على التضخم.
وذكر أنه على سبيل المثال كان لدينا إتاج حيواني فلا نضطر للاستيراد، والزراعة كذلك كانت شركة الإنتاج الزراعي الغذائي الكويتية هي شركة حكومية تم بيعها في التسعينات بمبلغ ثمانية ملايين، فلو لدينا شركة إنتاج زراعي وتستلم الحيازات الزراعية ستنخفض الأسعار والبطالة تقل، الاعتماد على الاستيراد سيقل.
الاستهلاك جزء من العملية الاقتصادية لكن استهلاكنا بذخي بسبب اقتصادنا الريعي، لو يصبح اقتصادنا منتجاً فسيتغير نمط الاستهلاك، نستطيع التحكم فيه بالسياسات الاقتصادية، لدرجة حتى العادات الاجتماعية ستتغير.
علقت رئيسة قسم الأسعار والأرقام القياسية سحر الرديني قائلة، إنه على الرغم من الزيادة المحتملة في أسعار بعض السلع الحيوية خلال فترة كورونا، فإن التأثير على التضخم الكلي خلال المرحلة يمكن أن يكون خفيفاً، وخصوصاً في دولة مثل الكويت، إذ تتدخل الدولة كثيراً وتدعم عدداً مهماً من المواد الغذائية من خلال الجمعيات، كذلك النقل من خلال سعر النفط المنخفض عند المستهلك.
إن التسهيل النقدي والمالي العالمي الحالي كان غير مسبوق ومن المرجح أن يخلق ضغوطاً تضخمية عاجلاً وليس آجلاً كما تشهد طباعة الأموال من البنوك المركزية ارتفاعاً هائلاً، مما أدى إلى ارتفاع قياسي في المعروض النقدي على مستوى العالم وما لذلك من آثار على التضخم.
وأضافت الرديني أيضاً أن تفاقم صدمات العرض من خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين العام الماضي بسبب عمليات إغلاق "كوفيد 19" - مما يعني عولمة أقل أو حتى تراجع العولمة - ومن المرجح أن تكون تضخمية. كما أن انهيار أسعار النفط، يحدث تدميراً كبيراً للإمدادات وسيزيد أسعار السلع من مستوياتها الحالية المنخفضة تاريخياً.
والتضخم كما معروف عالمياً، يؤثر سلباً على المستهلك من حيث تدهور قدرته الشرائية مما ينعكس على الدخل الفردي ويحد من درجة الاستهلاك. والشيء نفسه ينعكس على الموردين من خلال ما يسمى "التضخم المستورد" أي أن التضخم في بلد المنشأ يؤثر على سعر الاستيراد مما يدفع الموردين إلى إسقاط ذلك التضخم على المستهلك في الأخير.
وذكرت أن هناك عدة إجراءات لعل أحدها الشائعة للسيطرة على التضخم هي من خلال السياسة النقدية الانكماشية، ومن أهدفها تقليل المعروض النقدي داخل الاقتصاد عن طريق خفض أسعار السندات وزيادة أسعار الفائدة.
جريدة الجريدة