الاتحاد الأوروبي فشل في الاتفاق على خطة إنعاش بعد «كورونا»
«المركزي» الأوروبي يرى أن منطقة اليورو بحاجة لتدابير مالية بقيمة 1.6 تريليون دولار
لم ينجح وزراء المال الأوروبيون في التوصل إلى اتفاق بعد ليلة طويلة من المباحثات حول خطة إنعاش بعد تفشي فيروس كورونا، إذ لا تزال دول الشمال معارضة لدول الجنوب التي تدعو إلى جهد مالي غير مسبوق في صيغة ديون مشتركة.
وأعلن رئيس مجموعة اليورو ماريو تشينتينو، في تغريدة على «تويتر»، «بعد 16 ساعة من المناقشات، اقتربنا من التوصل إلى اتفاق، لكننا لم نصل بعد. علقتُ اجتماع مجموعة اليورو» الذي سيستأنف اليوم.
وأضاف: «يبقى هدفي هو ذاته: شبكة أمان أوروبية قوية لمواجهة تداعيات كوفيد- 19 (لحماية العمال والشركات والدول) والشروع في خطة إنعاش واسعة».
وذكر الوزير الفرنسي برونو لومير، على «تويتر»، «أدعو مع (وزير المال الألماني) أولاف شولتز جميع الدول الأوروبية إلى مواجهة التحديات الاستثنائية للتوصل إلى اتفاق طموح».
وأوضح المركزي الأوروبي إلى وزراء مالية منطقة اليورو أن هناك حاجة لتدابير مالية بقيمة 1.5 تريليون يورو (1.6 تريليون دولار) هذا العام لمواجهة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء «كورونا»، وفقا لما ذكره مسؤولون لوكالة رويترز.
وأشار المسؤولون إلى أن المفوضية الأوروبية توقعت انكماش اقتصاد المنطقة بمقدار 10 في المئة هذا العام، لكن وزراء المالية ما زالوا منقسمين حول كيفية دعم الاقتصاد.
وكان الاجتماع بدأ عبر الفيديو في الساعة 16:30 (14:30 ت غ) أمس الأول، واستمر طوال الليل، وتخللته مباحثات على شكل مجموعات صغيرة في مسعى للخروج من المأزق، ويعد الاجتماع اختبارا حاسما لوحدة الدول الـ27، بعد فشل قمة رؤساء الدول والحكومات التي خصصت للأزمة في 26 مارس.
ويرتكز أول رد اقتصادي أوروبي على 3 محاور يبدو أنها كانت تحظى مبدئيا بموافقة الوزراء: قروض بقيمة 240 مليار يورو من صندوق خطة إنقاذ منطقة اليورو وصندوق ضمان للشركات ودعم البطالة الجزئية.
لكن إيطاليا، الدولة الأكثر تضررا من الوباء (17127 وفاة)، ودولا أخرى في منطقة اليورو تطالب أيضا بإنشاء «أداة» تسمح للدول الـ19 التي تبنت العملة الموحدة باللجوء إلى الاقتراض المشترك، على شكل سندات «كورونابوند»، ومن بين هذه الدول، إسبانيا وفرنسا واليونان ومالطا ولوكسمبورغ وإيرلندا، بحسب مصادر متطابقة.
وتطرق رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الاثنين مجددا الى مسألة «سندات كورونا»، التي يفضل أن يسميها «السندات الأوروبية للإنعاش والنهوض» اللازمة «لتمويل الجهود الاستثنائية التي يفترض أن تبذلها أوروبا لاعادة بناء نسيجها الاقتصادي والاجتماعي». وكانت إيطاليا، التي واجهت معارضة دول شمال أوروبا (في مقدمتها ألمانيا وهولندا)، أفشلت مع مدريد القمة المخصصة للأزمة في نهاية مارس.
لكن توحيد الديون خط أحمر بالنسبة إلى ألمانيا وهولندا، إذ يرفض البلدان أن يكون هناك قرض مشترك مع الدول التي لها ديون مرتفعة كإيطاليا وإسبانيا، باعتبار أنها متساهلة في إدارة ميزانيتها.
وتشاطرهما الرأي كل من الدنمارك والنمسا والسويد ودول البلطيق، بحسب مصدر أوروبي.
واعتبر وزير المال الهولندي فوبكي هوكسترا أمس أن «سندات كورونا ستخلق مشاكل أكثر من الحلول».
وقبل بدء الاجتماع، دعا رئيس مجموعة اليورو ماريو تشينتينو الوزراء إلى «قطع تعهد واضح لمصلحة خطة إنعاش منسقة على نطاق واسع» بعد الوباء، من دون الذهاب إلى حد التحدث عن فكرة دين مشترك.
وأعرب وزير المال الألماني أولاف شولتز عن استعداده لقطع تعهد «لفترة ما بعد الأزمة»، مشيرا إلى «تضامن في إعادة الإعمار».
وتأمل فرنسا التوصل إلى تسوية من خلال اقتراح «صندوق إنعاش أو تضامن» قادر على تسديد مشترك لديون الدول الأعضاء لكن للخدمات العامة الأساسية كالصحة أو القطاعات المهددة حصريا.
ويرى لومير أنه من الضروري «ذكر» هذا «الخيار» في مقترحات الوزراء، وإن تم تفصيلها في مرحلة لاحقة.
وبدلا من مناقشة دين مشترك فرضي، تفضل دول شمال أوروبا حاليا التركيز على الأدوات الموجودة للتصدي للصدمة الاقتصادية، خصوصا آلية الاستقرار الأوروبي المزودة بـ410 مليارات يورو.
وتم إنشاء صندوق آلية الاستقرار الأوروبي عام 2012 خلال أزمة الديون في منطقة اليورو لمساعدة الدول التي تفقد القدرة على الاقتراض من الأسواق العالمية.
ويمنح الصندوق القروض إلى دولة تواجه صعوبة تصل إلى 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، لقاء مقابل محدد أكثر من المعتاد. وترى روما أن هذا الصندوق «غير مناسب» بتاتا.
ومن المتوقع أن ينشئ بنك الاستثمار الأوروبي صندوق ضمان أوروبيا، لكن يجب التباحث حول حجمه، ويقترح، من جهته، منحه 25 مليار يورو، من خلال كفالة تقدمها الدول الأعضاء، من أجل تخصيص نحو 200 مليار يورو إضافية للشركات.
كما انه من المنتظر أن يصادق الوزراء على خطة المفوضية الأوروبية الهادفة إلى إنشاء أداة لضمان منح نحو 100 مليار يورو للخطط الوطنية للبطالة الجزئية التي تفاقمت جراء الوباء.
وفي مرحلة لاحقة، يجب رفع المقترحات إلى رؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي.