الأعضاء المستقلون في الشركات من الندرة إلى الوفرة والعرض

إحداها طلبت عضواً مستقلاً توافر لها 5 بزيادة 400%.

من عهد الندرة عندما كان تشترط التشريعات عضواً واحداً مستقلاً في مجلس إدارة كل شركة، إلى عهد الوفرة عندما نصت التعديلات القانونية على وجوب أن يتضمن هيكل مجلس الإدارة في الشركات 20% أعضاء مستقلين كحد أدنى، فبات المعروض أكثر من الطلب بأربعة أضعاف أي بواقع 400% حيث طلبت شركة عضواً فتوافر لها خمسة أعضاء.

تفصيلياً، قبل سنوات قليلة كانت الجهات الرقابية تشترط وجود عضو مستقل في كل شركة على الأقل، تماشياً مع قواعد ومعايير حوكمة الشركات.

وكان المشرع يستهدف وجود عضو ذي كفاءة وخبرة ليس من أصحاب المصالح لا يمثل ملاكاً أو أي طرف ذا مصلحة حتى يكون ذا رأي مستقل سديد يراعي مصالح المساهمين عموماً بشكل حيادي منزه عن المصالح.

تلك الحقبة، التي شهدت بداية الاستعانة بالعضو المستقل كانت تشهد ندرة في الكفاءات المطلوبة والحيادية والبعيدة عن شبهات المصالح المحسوبة على هذا أو ذاك بشكل مباشر أو غير مباشر.

لكن التعديلات، التي أصدرتها هيئة أسواق المال في سبتمبر 2021 على بنود قواعد حوكمة الشركات (الكتاب الخامس عشر) من اللائحة التنفيذية للقانون 7 لسنة 2010، تضمنت أن يكون الأعضاء المستقلون بمجلس إدارة الشركة ما نسبته 20 في المئة (بدلاً من عضو واحد وما لا يتجاوز نصف الأعضاء)، على أن يقرب الناتج للعدد الصحيح حال وجود كسر في النسبة المئوية.

واشتملت التعديلات على التزام المرشح المستقل لعضوية مجلس الإدارة بتقديم إقرار لوزارة التجارة يقر من خلاله أنه يتوافق مع شروط الاستقلالية المطلوبة.

وتضمنت التعديلات كذلك أنه في حال تعذر الحصول على الحد الأدنى من الأعضاء المستقلين بمجلس الإدارة عن طريق الانتخابات يتم استيفاء العدد المطلوب عبر استبدال الأعضاء غير المستقلين الذين حصلوا على أقل الأصوات بآخرين مستقلين من خلال عملية انتخاب منفصلة بين الأعضاء غير الفائزين بالانتخاب على أن ينحز الأمر خلال ذات الاجتماع.

وفي حال تم تعيين أعضاء مجلس الإدارة وفقاً لأحكام المادة 188 من قانون الشركات فإنه يجوز للمساهمين الذين لهم ممثلين بمجلس الإدارة الاشتراك مع المساهمين الآخرين في انتخاب باقي الأعضاء المستقلين، في حدود ما زاد عن النسبة المستخدمة في تعيين ممثليه بالمجلس.

بعد هذه التعديلات كان يفترض أن تكون هناك ندرة أكثر وشح في الكفاءات والأعضاء، لكن الواقع العملي

أخيراً أثبت عكس ذلك بل تحول إلى وفرة ووفرة كبيرة بأربعة أضعاف المطلوب، فعندما تطلب شركة عضواً مستقلاً تجد أربعة أعضاء أي بنسبة 400%.

هذا الواقع يفتح تساؤلات عدة ويضع على الجهات الرقابية مسؤوليات أيضا ولعل من أبرز التساؤلات والمسؤوليات ما يلي:

 

1 - هل تحول العضو المستقل إلى عضوية للوجاهة فقط لا أكثر وتقابله مساعدة للشركة في توفيق أوضاعها والالتزام بتشريع مفروض ومطلوب تطبيقه.

2 - هل تخلت الشركات عن النوعية والكفاءة مقابل الالتزام بالعدد فحسب.

3 - هل بعد تحول الأعضاء المستقلين إلى كتلة تمثل 20% بات لهم بصمة مؤثرة أم الأمر مجرد عدد فحسب.

4 - لماذا يعرض بعض الشخصيات خدماتهم على الشركات المدرجة وهل في هذه الحالة سيكون العضو فاعلاً ويؤدي دوره بالأمانة والصدق.

5 - ما الذي يحكم الاختيار في حالة وجود عضو ذي خبرة طويلة ويتم اختيار آخر ليس له ذات الكفاءة وذات الخبرة المالية أو المصرفية أو المحاسبية.

6 - من هنا تقع بعض المسؤوليات على الجهات الرقابية بضرورة التدقيق في بصمات الأعضاء المستقلين وما إذا كان لهم دور وبصمة أم مجرد عدد لا أكثر.

7 - على الجهات الرقابية تعزيز التعديلات التشريعية بتعليمات تضمن فاعلية العضو المستقل وحمايته ومنع تغيره أو عزله خلال الدورة الواحدة للمجلس.

8 - يجب التدقيق على المهام التي يضطلع بها العضو المستقل ومراجعة آرائه التي قدمها أو الملاحظات والاعتراضات التي سجلها من خلال مراجعة تقارير الحوكمة التي ترفعها الشركات.

9- يتوجب إخضاع ذلك الملف لفحص دقيق وكشف التشابكات والمصالح في هذا الملف، خصوصاً أن ملاك وورثة وأصحاب مصالح مباشرة يتبادلون تلك الأدوار لسد الاستحقاق التشريعي.

10 - ما الذي يمنع أن يكون هناك تقرير منفصل خاص بالأعضاء المستقلين عن كل فترة مالية يتم رفعه مع الميزانية الفصلية لكل جهة رقابية يتضمن الملاحظات او غيرها لضمان فاعلية وتفعيل هذه العضوية.

جدير ذكره أن رفع الجهات الرقابية عدد الأعضاء المستقلين من عضو إلى 20% من حجم المجلس يعكس حرصاً على الشفافية والنزاهة والوصول بالممارسة المالية إلى أفضل درجة ممكنة.

جريدة الجريدة.