الأسواق النفطية أمام تحدي التعافي من فيروس كورونا

أمانة «مجلس التعاون» نظمت ندوة افتراضية حول أثر الجائحة على الصناعة البترولية

بمشاركة عدد من المختصين في مجال القطاع النفطي داخل الكويت وخارجها، نظمت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أمس ندوة افتراضية حول أثر جائحة كورونا على الصناعة النفطية، ودور الإعلام البترولي في مواجهة الأزمة.

وفي بداية الندوة التي ادارها مدير إدارة الكهرباء والمياه والطاقة في الامانة د. محمد الرشيدي، قال الممثل الوطني لدولة الكويت في منظمة «أوبك» وخبير الشؤون النفطية محمد الشطي إن تفشي فيروس كورونا انعكس على تراجع التجارة الدولية والمؤشرات الاقتصادية والإنتاج الصناعي، وأدى إلى تزايد البطالة، مشيرا إلى ان الاقتصاد العالمي سيشهد انخفاضا بواقع 3.7 في المئة ومن الممكن ان يصل إلى 5.7 في المئة ضمن السيناريو الاسوأ على ان يبدأ التعافي الاقتصادي في 2021.

واستعرض الشطي تراجع الطلب العالمي على النفط، مبينا أن تعطل حركة السفر والطيران ساهم في خفض استهلاك الوقود بنسبة 70 في المئة حيث يمثل قطاع النقل نحو 60 في المئة من الطلب، كما ان حالات الحظر الكلي والجزئي أدت الى انخفاض معدلات استهلاك البنزين بنحو 30 في المئة، كما ادت حالات الاغلاق الكامل في الدول الصناعية إلى تراجع استهلاك الديزل وتراجع معدل تشغيل المصافي وخسائر في نشاط التكرير.

ورأى أن الطلب على النفط سيتعافى بحلول عام 2021 بنحو 7 ملايين برميل يوميا حيث ان الأسوأ كان في شهر ابريل 2020 وسط إجراءات عودة تدريجية للحياة الطبيعية، مع مراعاة التباعد وشروط الامن والسلامة، مشيراً إلى ان هناك محاذير مرتبطة بالقدرة على إيقاف تفشي الفيروس بإيجاد لقاح، وأن تعافي حركة الطيران بشكل كامل سوف يتأخر إلى 2030.

وقال ان تراجع الطلب على المنتجات البترولية ألحق اضراراً كبيرة بمصافي التكرير عالمياً حيث تأثرت هوامش نشاط التكرير نتيجة لانخفاض أسعار المنتجات، مما يعني تأجيل خطط توسيع طاقة التكرير، لافتاً إلى ان الإنفاق الرأسمالي في قطاع التنقيب والإنتاج شهد انخفاضا بنسبة 30 في المئة، حيث يُقدر إجمالي النفقات الرأسمالية بـ480 مليار دولار في عام 2019، وسينخفض إلى 344 ملياراً العام الحالي، وهو أدنى مستوى منذ 2005، ولن تتعافى أنشطة التنقيب عن النفط قبل عام 2025.

وأشار الشطي الى تعافي ميزان الطلب والعرض العالمية من فائض 19 مليون برميل يوميا في أبريل إلى عجز 4 ملايين برميل يوميا في يوليو، وسيتناقص العجز الى 2.5 مليون برميل يوميا في أغسطس وسبتمبر، ويتحسن أسعار برنت الى 50 دولاراً للبرميل في 2021، و60 في 2022، بناء على تراجع الاستثمار الرأسمالي في قطاع التنقيب، كما ان عدم وجود موجة جديدة من تفشي الفيروس سيدفع الأسعار باتجاه التعافي.

الحركة الافتصادية

من جانبه، قال رئيس المجموعة الاستشارية الدولية لمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث (كابسارك) د. ماجد المنيف إن الجائحة اثرت بشكل كبير على الحركة الاقتصادية العالمية، وخاصة حركة الطيران والسفر، منوها الى ان الربع الثاني من العام الحالي ادخل العالم في أسوأ ربع مر عليه منذ فترة طويلة من حيث تراجع الاداء العام، الأمر الذي سينسحب على ما تبقى من العام، لافتا الى ان تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى انخفاض النمو في دول الخليج بنحو 7.6‎ في المئة ‎ لهذا العام.

وأضاف المنيف أن الطلب على النفط انخفض بسبب الجائحة خلال مارس وأبريل ما بين 20 و30 مليون برميل يوميا، لافتا الى أن ذلك كان نتيجة لتأثر حركة التكرير وتوقف حركة الناقلات النفطية.

وأشار إلى ان الظروف الحالية لم يمر بها قطاع النفط والغاز منذ سنين طويلة، موضحاً أن العودة إلى زيادة الطلب العالمي على الخام بحاجة إلى فترة طويلة حتى بعد عودة النشاط الاقتصادي الى سابق عهده قبل انتشار «كورونا»، موضحاً أن هناك توقعات بانخفاض الاستثمارات النفطية بنحو 150 مليار دولار وهى نسبة تعادل نحو 30‎ في المئة ‎ انخفاضا عن العام الماضي، وقد تعمد الشركات الوطنية في دول الخليج الى خفض الاستثمارات في القطاع النفطي بحدود 32 مليار دولار.

وذكر ان الاستثمار في النفط الصخري حول العالم تراجع بنحو 52‎ في المئة، مضيفا ان انخفاض الاستثمارات من خارج «اوبك» ستصل الى 43‎ في المئة، أما في دول «أوبك» بلس فسيكون الانخفاض بنحو 23‎ في المئة، وفي دول اوبك بنحو 29 في المئة.

وتابع المنيف أن الطاقة المتجددة كانت أقل خسائر من القطاع النفطي، حيث وصلت نسبة خسائرها الى 12‎ في المئة، مشيرا الى ان انهيار القطاع النفطي ما زال اقل من انهيار عام 1986، والذي وصلت فيه أسعار البرميل الى اقل من 10دولارات للبرميل الواحد، وهو ما ادى وقتها الى حدوث اندماجات واستحواذات، ومن الممكن ان تتكرر تلك الظاهرة من الاستحواذات حاليا بين شركات النفط الصخري بسبب حدة الخسائر التي منيت بها الشركات العاملة فيه.

واختتم المنيف بأن قطاع الغاز هو الذي سيشهد زيادة في الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، خصوصا في مصر والسعودية والامارات.

أسعار البنزين

بدوره، استعرض مدير إدارة شؤون البترول والغاز بوزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الامارات ناصر السويدي الآلية الاماراتية لتحرير اسعار البنزين، مبيناً ان يوليو الجاري يتزامن مع ذكرى مرور 5 سنوات على تحرير اسعار المحروقات في الدولة، حيث قامت الشركات الوطنية بتوجيهات من القيادة السياسية بدراسة المحروقات، ووضع عدد من المقترحات التي تم تطبيقها، بحيث يتم تغيير الاسعار بشكل شهري ليتماشى مع الاسعار العالمية.

وأشار السويدي الى ان الاعلام البترولي في الامارات لعب دورا محوريا في الرد على الاشاعات التي اطلقها العديد من الحسابات الشخصية للتهجم على قرارات الدولة في رفع اسعار البنزين، وتم دحر هذه الشائعات من خلال وضع خطط وطنية.

توقيت حساس

من جانبها، قالت ممثلة الكويت وعضوة لجنة المختصين في الإعلام البترولي التابع لأمانة مجلس التعاون، ومديرة العلاقات العامة والإعلام بوزارة النفط الشيخة تماضر الخالد أن الندوة تأتي في توقيت حساس، وذلك مع اسعار النفط الحالية وتأثيرات الجائحة، والجهود الحثيثة التي تبذلها «أوبك» والمنتجين خارجها «أوبك+» لاستقرار اسعار النفط.

وذكرت الخالد أن الإعلام البترولي يلعب دوراً محورياً في هذا التوقيت الصعب بعد أزمة «كورونا»، وفي ظل التغيرات المحتملة للمنظومة الاقتصادية والاجتماعية والتصدي لأطروحة انحسار الطلب على النفط، وما يروج له علماء المناخ المسيسون، مشيرة الى ان الإعلام البترولي يسعى أيضا إلى إظهار مساعي دول الخليج في تحقيق استقرار أسواق النفط العالمية، وتسليط الضوء على مساهمتها الطوعية في ظل هذه الأزمة.

وشددت على أهمية الاعلام البترولي في إبراز دور قطاع النفط وإنجازات الصناعة البترولية بدول المجلس ومساهماتها في الاقتصاد العالمي، مشددة على ضرورة تعزيز صورة قطاع النفط على الصعيد المحلي والخليجي والدولي وتطوير وتعزيز الثقافة البترولية في الإعلام المحلي وتعزيز التواصل بين الجهات المعنية في قطاع النفط والغاز على مستوى دول التعاون.

 
 
جريدة الجريدة