أزمة بالدَّين العام الأميركي ببلوغه 195% من الناتج في 2050

• البيت الأبيض: تعافي الاقتصاد ممكن بدون حزمة
• الاحتياطي الفدرالي الأميركي: مؤشرات تظهر تحسناً ملحوظاً

تراوح المفاوضات في الكونغرس حول حزمة جديدة من المساعدات الاقتصادية للأميركيين مكانها، إلا أن مسؤولاً رفيعاً في البيت الأبيض لمّح أمس الأول إلى احتمال زوال الأسباب الموجبة لهذا الإنفاق.

توقع مكتب الميزانية بالكونغرس الأميركي أن الدين الاتحادي للولايات المتحدة سيتضخم إلى نحو 195 في المئة من الناتج الاقتصادي للبلاد في 2050، من حوالي 98 في المئة في نهاية 2020 و79 في المئة في 2019.

وفي تقريره السنوي لتوقعات الميزانية للأجل الطويل، قال مكتب الميزانية إن زيادة الإنفاق الحكومي الاتحادي المرتبط بجائحة فيروس كورونا أدت إلى تسارع نمو العجز في الميزانية الأميركية والدين العام.

وذكر المكتب، وهو هيئة غير حزبية، أن العجز في موازنة 2020 من المتوقع أن يبلغ 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وأن هذه الحصة ستنخفض لبضع سنوات، لكنها ستبدأ الارتفاع بشكل حاد مجدداً بحلول 2028.

وأضاف أنه بحلول عام 2050، من المتوقع أن يبلغ العجز السنوي 12.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي جراء ارتفاع تكاليف الفائدة وزيادة الإنفاق على برامج الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.

إلى ذلك، تراجع إجمالي الناتج المحلي الأميركي بنسبة 32.9 في المئة خلال الربع الثاني من العام، وهي فترة الأشهر الثلاثة الثانية على التوالي، التي يسجل فيها أكبر اقتصاد عالمي انكماشاً، مما يعني دخوله في مرحلة ركود، وذلك وفق تقديرات أولية نشرتها وزارة التجارة الخميس. وأوضحت الوزارة، في بيان، أن هذا التراجع، وهو أقل مما كان متوقعاً 35 في المئة، «يشكل انعكاساً للاستجابة لوباء كوفيد- 19، مع تدابير العزل التي فرضت في مارس وأبريل، عُوّض جزئياً مع استئناف جزء من النشاط الاقتصادي في بعض مناطق البلاد في مايو ويونيو»، وفقاً لما نقلته «فرانس برس».

وتستخدم الولايات المتحدة مقياس المعدل على أساس سنوي لتقدير النمو، وهو يقوم على مقارنة إجمالي الناتج المحلي مع نسبته في الربع الفائت، ويقدّر تطوره للعام كاملاً بناء على هذا المعدل. وهو يختلف عن مقياس المقارنة مع الربع نفسه في العام السابق الذي تستخدمه دول أخرى.

وتباطأ نمو الاقتصاد الأميركي أكثر قليلاً مما أشارت إليه تقديرات سابقة في 2019 إذ تبددت التأثيرات الإيجابية لتخفيضات ضريبية لإدارة ترامب.

وتراوح المفاوضات في الكونغرس حول حزمة جديدة من المساعدات الاقتصادية للأميركيين مكانها، إلا أن مسؤولاً رفيعاً في البيت الأبيض لمّح، أمس الاول، إلى احتمال زوال الأسباب الموجبة لهذا الإنفاق.

ووصلت المفاوضات بين الجمهوريين والديمقراطيين حول حجم الإنفاق المطلوب لمساعدة أكبر اقتصاد في العالم على تخطي تداعيات جائحة كوفيد-19، إلى حائط مسدود. ومن بين تداعيات أزمة فيروس كورونا ارتفاع معدّلات الصرف من الخدمة، في حين تظهر بعض المؤسسات مؤشّرات تعاف.

وقال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض لاري كادلو إن البلاد تشهد تعافياً «تلقائياً وقوياً»، وإن مشروع قانون الإنفاق الذي «يضمّ عناصر يمكن أن تكون مساعِدة» قد تنتفي الحاجة إليه، مضيفاً: «لا أعتقد أنّ التعافي رهن حزمة المساعدة تلك».

 

وكان الكونغرس الأميركي صادق على حزمة مساعدات بلغت 2.2 تريليون دولار في ذروة جائحة كوفيد- 19 في مارس، شملت قروضا ومنحا للشركات الصغيرة الأكثر تضررا ومنافع إضافية لمن فقدوا وظائفهم.

ومنذ مدة انتهت مفاعيل هذه البرامج، ورغم تسجيل قطاعات عدة على غرار العقارات والبيع بالتجزئة نموا قويا في الأشهر الأخيرة بعد رفع قيود الإغلاق، يطالب الديمقراطيون الذين يشكلون غالبية في مجلس النواب بزيادة الإنفاق لتحفيز التعافي.

ومرر مجلس النواب هذا العام حزمة مساعدات بثلاثة تريليونات دولار رفضها مجلس الشيوخ الذي رفض أيضا في سبتمبر الجاري حزمة بـ500 مليار دولار حظيت بدعم الجمهوريين بعد اعتراض الديمقراطيين.

ورغم رفع قيود الإغلاق، تظهر بيانات وزارة العمل أن معدّلات تسريح العمال أعلى بأشواط من تلك التي سجّلت في أسوأ أسبوع إبان الأزمة المالية العالمية، مع تسجيل 860 ألف طلب للحصول على إعانات البطالة في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، وذلك بتراجع طفيف مقارنة بالأسبوع السابق.

من جانب آخر، قال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي إن البنك المركزي الأميركي ما زال ملتزما باستخدام كل الأدوات التي تحت تصرفه لمساعدة أكبر اقتصاد في العالم على التعافي من الضربة التي تلقاها من جائحة فيروس كورونا.

وفي تعليقات نشرت قبل اليوم الأول من شهادته في الكونغرس التي تستمر ثلاثة أيام هذا الأسبوع، قال باول: «مازلنا ملتزمين باستخدام أدواتنا لعمل ما بوسعنا، للفترة الزمنية اللازمة، لضمان أن التعافي سيكون قويا قدر الإمكان ولتقييد الضرر المستمر بالاقتصاد»، مضيفاً أن مؤشرات اقتصادية كثيرة تظهر «تحسنا ملحوظا».

وذكر أيضا أنه رغم التحسن في الارتداد من أعماق الأزمة، فإن المسار أمام الاقتصاد يبقى «ضبابيا إلى حد بعيد».

من جانبه، صرح رئيس الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس، جيمس بولارد بأن الاقتصاد الأميركي لديه الزخم الكافي لمواصلة تعافيه من التراجع الناتج عن أزمة «كورونا»، حتى لو فشل الكونغرس في تمرير دعم إضافي لدافعي الضرائب.

وخلال مقابلة أجراها بولارد مع «بلومبرغ»، قال: «لا أعتقد أن هناك قدراً من الحتمية بشأن حزمة تحفيز مالي جديدة كما كان في يوليو أو أغسطس»، مضيفاً أن الاقتصاد الأميركي ربما ينكمش بما يتراوح بين 3 في المئة و4 في المئة هذا العام، وهو ما يقل عن نصف المتوقع خلال الأزمة، لذلك فإن المساعدات الوبائية التي أقرها الكونغرس بقيمة 3 تريليونات دولار، إلى جانب موقف السياسة النقدية التيسيرية للاحتياطي الفدرالي يجب أن يساعد ذلك في دعم النمو.

وتتناقض تلك التصريحات مع رؤية رئيس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، الذي حث على تقديم مساعدات مالية إضافية.

جريدة الجريدة