أزمات البنوك العالمية تهدد بحدوث انهيار أوسع مماثل لأزمة 2008

الأسبوع الماضي شهد تعرض الأسواق لأزمتين مصرفيتين تفصل بينهما أيام قليلة فقط

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن الأسبوع الماضي شهد تعرض الأسواق لأزمتين مصرفيتين تفصل بينهما أيام قليلة فقط، مما أثار المخاوف بشأن إمكانية حدوث انهيار أوسع نطاقا مثلما حدث في الأزمة المالية عام 2008. وأضاف التقرير أن عائدات سندات الخزانة انخفضت في بداية جلسة تداولات يوم الاثنين الماضي وسط مخاوف بشأن قوة قطاع البنوك، ثم تعافت لاحقا بوتيرة قوية مما أدى لوصول عائدات السندات لأجل عامين إلى نحو 4.33%، واكتسب الدولار دعما قويا رغم أن الين الياباني كان الخيار الأول كملاذ آمن الأسبوع الماضي بعد ارتفاعه بنسبة 2% تقريبا.
وتحمل اليورو والفرنك السويسري الجزء الأكبر من تداعيات الأسبوع الماضي، إذ وصل اليورو مقابل الدولار الأميركي لأدنى مستوياته المسجلة في شهرين عند مستوى 1.0514، بينما ارتفع الدولار الأميركي مقابل الفرنك السويسري بنسبة 1%.
وقبل انهياره بوقت قصير، احتل بنك سيليكون فالي المرتبة 16 في الولايات المتحدة من حيث قيمة الأصول، حيث يقدم خدماته لنحو نصف عدد الشركات الناشئة بمجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة، وقد استفاد البنك إلى حد كبير من النمو الهائل الذي شهده قطاع التكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة بدعم من انخفاض تكاليف الاقتراض، إذ ارتفعت أصول البنك من 71 مليار دولار بنهاية عام 2019 إلى مستوى الذروة البالغ 220 مليار دولار بنهاية مارس 2022.
كما نمت الودائع بوتيرة مطردة من 64 مليار دولار إلى 198 مليار دولار خلال الفترة نفسها التي أودعت خلالها الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا أموالها لدى البنك. وتعود أزمة انهيار البنوك إلى عدة سنوات مضت عندما استثمر بنك سيليكون فالي مليارات الدولارات في السندات الحكومية الأميركية في ظل اقتراب أسعار الفائدة من الصفر. ومع ارتفاع أسعار الفائدة بالتزامن مع دورة رفع أسعار الفائدة بوتيرة مطردة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، انهارت قيمة محفظة سندات بنك سيليكون فالي الأسبوع الماضي، ووصل متوسط العائد الذي كانت تحققه المحفظة 1.79%، أقل بكثير من عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بنحو 3.9%. وفي الوقت ذاته، أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى اتجاه الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا لضخ مزيد من الأموال لسداد الديون، حيث ظلت تكافح من أجل الحصول على مصادر تمويل جديدة لرأس المال الاستثماري.
وتزامن حدوث الانهيار في الوقت الذي أعلن فيه البنك الأربعاء الماضي عن بيع مجموعة من الأوراق المالية بخسارة ونيته إصدار ما قيمته 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة لسد تلك الفجوة، وأثارت تلك الأنباء حالة من الذعر، الأمر الذي أدى إلى إسراع مجموعة كبيرة من العملاء لسحب أموالهم على مدار 48 ساعة. وبعد يوم واحد فقط، انخفض سعر سهم البنك 60%، مما أدى إلى انخفاض أسهم البنوك الأخرى في ظل انتشار مخاوف بشأن تكرار الأزمة المالية العالمية. ومع بداية تداولات يوم الجمعة، توقف التداول على أسهم بنك سيليكون فالي، وتراجع البنك عن جهوده المبذولة لطرح أسهم جديدة لزيادة رأس المال أو العثور على مشتر للبنك.
وتدخلت الجهات الرقابية في ولاية كاليفورنيا، وأغلقوا البنك ووضعوه تحت الحراسة القضائية بإشراف المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، مما يعني عادة تصفية أصول البنك واستخدام أموال التصفية لسداد المبالغ المستحقة للمودعين والدائنين.
وفي أوروبا، كشف بنك كريدي سويس عن «نقاط ضعف جوهرية» في تقاريره المالية، مما أدى إلى ذعر الأسواق، حيث لم يكن من الواضح ما إذا كان البنك الكبير سيكون قادرا على الحصول على حزمة إنقاذ مالي، أدى ذلك إلى تراجع الأسهم، وتزايدت المخاوف بكل أنحاء الأسواق المالية العالمية حيث سارع عدد من المستثمرين القلقين للحد من انكشافهم.
وكان البنك قد شهد تراكما في المشاكل على مدار الأشهر الأخيرة من صراعات بشأن الخسائر المالية، والمخاطر وقضايا الامتثال، بالإضافة إلى خرق كبير وواضح للبيانات قبل أن يكشف البنك في أكتوبر عن تعرضه لعمليات سحب كبيرة من قبل العملاء.
وخلال السنوات الأخيرة، تأثر البنك ايضا من تعامله مع صندوق التحوط المنهار Archegos وشركة التمويل البريطانية المنهارة غرينسيل كابيتال. وخلال الأسبوع الماضي، بدا أن حصول البنك على قرض بقيمة 53.7 مليار دولار من البنك الوطني السويسري أدى إلى تهدئة المستثمرين الأوروبيين، حيث انتعشت الأسواق في وقت لاحق من يوم الخميس.
رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس الأسبوع الماضي، مؤكدا عزمه كبح جماح التضخم رغم الاضطرابات التي يشهدها قطاع البنوك. وارتفع سعر الفائدة على الودائع في الوقت الحالي إلى 3%، ووصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008، حيث من المتوقع أن يبقى التضخم أعلى من مستوى 2% المستهدف حتى عام 2025. واعترض البنك المركزي على الاقتراحات القائلة بأن رفع سعر الفائدة سيهدد الاستقرار المالي وسط اضطرابات قطاع البنوك بحجة مرونة القطاع بمنطقة اليورو وأن رفع معدلات الفائدة بوتيرة أعلى سيساهم في تعزيز الهوامش.
وقالت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي في مؤتمر صحافي: «أعتقد أن القطاع المصرفي في الوقت الحالي في وضع أقوى بكثير مما كان عليه في 2008»، مشيرة إلى تحسن أوضاع رأس المال والسيولة منذ الأزمة المالية قبل 15 عاما. ومن الآن فصاعدا، ستقوم الأسواق بتسعير إمكانية رفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بنسبة 55% في الاجتماع المقرر عقده بتاريخ 4 مايو المقبل ثم تتوقف عن رفعها خلال الفترة المتبقية من العام.
«يو.بي.إس» يستحوذ على «كريدي سويس» في صفقة تستهدف تهدئة الأسواق
رويترز: قالت السلطات السويسرية أمس إن بنك «يو.بي.إس» أبرم صفقة لشراء منافسه الأصغر بنك كريدي سويس في محاولة لتجنب وقوع اضطرابات في القطاع المصرفي العالمي. وقال البنك المركزي السويسري، في مؤتمر صحافي في العاصمة السويسرية برن، إنه سيقدم سيولة كبيرة للبنكين حال اندماجهما، مضيفا أن الصفقة تمثل حلا لتحقيق الاستقرار المالي وحماية الاقتصاد السويسري في وضع استثنائي. ولم تتضح قيمة الصفقة حتى الآن، لكن «فايننشال تايمز» ذكرت في تقرير لها أنها تزيد على ملياري دولار.

جريدة الأنباء