آمال الانتعاش الاقتصادي تخفُت مع عودة مخاوف فيروس كورونا
بنك الكويت الوطني: الأسواق المالية تأثرت سلباً في يونيو رغم بيانات اقتصادية مشجعة
وفق بنك الكويت الوطني عززت سلسلة البيانات الاقتصادية الإيجابية التي صدرت على مدار الأسابيع الأخيرة آمال حدوث انتعاش اقتصادي قوي في الولايات المتحدة، لكن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد بشكل متزايد دفع بعض الولايات للعدول عن إجراءات تخفيف الحظر التي طبقتها أخيراً.
قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه على الرغم من البيانات الاقتصادية التي صدرت أخيراً وتشير عموماً إلى استمرار الانتعاش الاقتصادي بوتيرة مناسبة، فإن الارتفاع المستمر عالمياً في حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وحالة عدم اليقين التي ظهرت مجدداً بشأن تخفيف القيود المفروضة على السفر وأنشطة الأعمال في بعض الدول، ساهمت في إضفاء تباين وإن كان بوتيرة أقل لأوضاع الأسواق المالية خلال شهر يونيو.
ووفق التقرير، ارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز الأميركي، بمعدل متواضع بلغ 2 في المئة بعد ارتفاعه بنسبة 17 في المئة في الفترة الممتدة ما بين مارس ومايو على الرغم من أن أداء الأسهم الأوروبية كان أفضل من ذلك.
من جهة أخرى، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته الضعيفة في الأساس لآفاق النمو الاقتصادي العالمي في عام 2020 إلى حوالي -4.9 في المئة محذراً من استمرار حالة عدم اليقين وتحركات الأسواق المالية التي قد تكون سابقة لأوانها، مما يضعها أمام مخاطر إعادة تشديد الأوضاع المالية مجدداً في المستقبل.
وفي ذات الوقت، واصلت أسعار النفط ارتفاعها في يونيو واستقر سعر مزيج خام برنت فوق مستوى 40 دولاراً للبرميل في ظل اعلان "أوبك" وحلفائها تمديد اتفاقية خفض حصص الإنتاج، لكن على الرغم من ذلك، هدأت وتيرة هذا الانتعاش في وقت لاحق من الشهر في ظل عودة المخاوف المتعلقة بالطلب لسابق عهدها.
آمال الانتعاش الاقتصادي
عززت سلسلة البيانات الاقتصادية الإيجابية التي صدرت على مدار الأسابيع الأخيرة آمال حدوث انتعاش اقتصادي قوي في الولايات المتحدة، لكن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد بشكل متزايد دفع بعض الولايات للعدول عن إجراءات تخفيف الحظر التي طبقتها أخيراً.
وعاد مؤشر مدير المشتريات الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) للارتفاع بقوة في يونيو، إذ سجل مؤشر القطاع غير الصناعي أعلى مستوياته منذ أربعة أشهر وصولاً إلى 57.1 (45.4 في مايو) على خلفية زيادة الإنتاج والطلبات الجديدة.
كما تحسنت بيانات سوق العمل أيضا بصورة مفاجئة، إذ زادت الوظائف في القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة بمعدل 4.8 ملايين وظيفة بعد قفزة مفاجئة بلغت 2.5 مليون في مايو وانخفضت معدلات البطالة من 13.3 في المئة إلى 11.1 في المئة مع عودة الموظفين المسرحين أو من تم الاستغناء عنهم مؤقتاً إلى العمل مجدداً بعد إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية.
وعلى الرغم من ذلك، ما تزال الصورة ضبابية في ظل تلك الأرقام المرتفعة والمتقلبة بشكل غير مسبوق، هذا إلى جانب مشاكل تصنيف البيانات والأثر المحتمل لبرامج الدعم الحكومية، إضافة إلى الارتفاع الكبير في الطلبات الأولية للحصول على إعانة البطالة الأسبوعية، إذ بلغت 1.3 مليون في الأسبوع المنتهي في 4 يوليو الجاري (حيث ارتفعت المطالبات المتكررة بنحو هامشي).
كما قد يكون انتهاء صلاحية برنامج إعانة البطالة بنهاية يوليو الجاري من الأمور الحاسمة لاختبار مرونة سوق العمل، إذ يتوقع تزايد اقبال ملايين الأشخاص على البحث عن عمل مع انخفاض الدخل.
وعلى الرغم من تحسن البيانات الاقتصادية عموماً في الآونة الأخيرة، هناك أيضاً بعض التوقعات التي تشير إلى حدوث تراجع حتمي في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني، إذ تشير توقعات الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إلى تراجع بنسبة 15 في المئة فقط على أساس سنوي على الرغم من أن توقعات الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا وإجماع آراء المحللين تشير إلى إمكانية حدوث تراجع بنسبة أكبر تصل إلى 35 في المئة تقريباً، لكن ذلك المعدل يعد أقل حدة مما كان عليه قبل بضعة أسابيع، علماً أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 5 في المئة في الربع الأول.
كما تتوجه الأنظار حالياً نحو تدابير التحفيز الإضافية التي قد يتبناها الاحتياطي الفدرالي، إذا أظهرت البيانات الاقتصادية بعض علامات الضعف وتراجع معدلات الانتعاش - خصوصاً في ظل خفض أسعار الفائدة فعلياً إلى مستوى الصفر وتعهد الاحتياطي الفدرالي بتقديم تدابير غير محدودة للتيسير الكمي ودعم الأعمال التجارية من خلال مختلف برامج القروض والتمويل، نظراً لحالة عدم اليقين السائدة.
ووفقاً لمحضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي المنعقد في يونيو، قام الأعضاء بمناقشة الفوائد المحتملة للسيطرة على منحنى العائد، التي يمكن أن تؤدي على سبيل المثال إلى تدخل البنك لتقييد عوائد أدوات الدين الحكومية (على غرار المعدل المستهدف من بنك اليابان البالغ 0 في المئة للسندات الحكومية لأجل 10 سنوات).
وأوصى البنك بإجراء مزيد من التحليل للتأثير المحتمل لتلك السياسات، لكن عدداً من المحللين يرى أنه قد يتم تطبيقها قبل نهاية العام لا سيما في ضوء الضغوط الانكماشية على معدل التضخم الأساسي والذي بلغ 1 في المئة فقط في مايو.
اقتصاد اليورو يظهر علامات مبكرة للانتعاش
عاد التفاؤل الاقتصادي إلى أوروبا مع إشارات تدل على استمرار انخفاض الإصابات الجديدة بفيروس كورونا إلى مستويات متدنية وإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية والسياسات الاقتصادية النشطة، بما في ذلك خطة الإنعاش الاقتصادي التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي بقيمة 750 مليار يورو، والتي ما زالت قيد التفاوض.
أما بالنسبة لقراءات مؤشر مديري المشتريات المركب، فتظهر البيانات استمرار تسجيله لمستويات انكماشية دون 50، لكنها تعد أفضل بكثير من تراجع المؤشر دون مستوى 20 المسجلة في أبريل.
ولا يزال قطاع التصنيع الأكثر عرضة للتطورات الدولية في وضع أسوأ مقارنة ببقية الأنشطة الاقتصادية الأخرى في المنطقة، مما يؤثر بدوره على الظروف الاقتصادية في ألمانيا على الرغم من نجاحها النسبي في احتواء انتشار الفيروس.
وتخلت الحكومة الألمانية عن حذرها التقليدي وأعلنت حزمة تحفيز مالي جديدة بقيمة 130 مليار يورو (4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) بما في ذلك خفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 3 في المئة خلال الفترة الممتدة من يوليو إلى ديسمبر، هذا إلى جانب منح الأسر حوافز رعاية الأطفال والاستثمار في الطاقة الخضراء.
وسوف يتم تمويل حزمة التحفيز عن طريق المزيد من الاقتراض للحد من الأثر السلبي على الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي بنسبة 1.3 في المئة وفقاً لتوقعات معهد الأبحاث الاقتصادي الألماني (DIW)، وذلك على الرغم من إمكانية انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 في المئة في عام 2020.
وفي ذات الوقت، ارتفع معدل التضخم الكلي لمنطقة اليورو في يونيو، لكنه ظل قريباً من مستوى الصفر، إذ بلغ 0.3 في المئة على أساس سنوي (وكان سلبياً في نصف دول منطقة اليورو تقريباً) بينما انخفض معدل التضخم الأساسي إلى 0.8 في المئة - أي أقل بكثير من المستوى المستهدف من قبل البنك المركزي الأوروبي بأن يكون "أقل وإن كان قريباً" من 2 في المئة.
وسوف يجتمع البنك المركزي في منتصف يوليو الجاري وبعد قيامه بزيادة حجم برنامج الطوارئ لشراء الأصول من 0.75 تريليون يورو إلى 1.35 تريليون يورو في يونيو.
ومن المتوقع أن يميل للانتظار لملاحظة نتائج تخفيف الحظر وتنفيذ برامج التحفيز المالي قبل أن يقدم على خطوات تيسريه أخرى (ربما في شهر سبتمبر).
على صعيد آخر، يبدو أن التوترات الناشئة عن حكم المحكمة الدستورية الألمانية في مايو - والتي هددت بتقويض مشاركة ألمانيا في الخطة المقررة مسبقاً لشراء الأصول - قد خفت حدتها على وقع إقرار البرلمان الألماني بفعالية تلك السياسات.
لكن خطة الطوارئ يمكن أن تظل موضوعاً للطعن القانوني مما يمكن أن يؤدي بدوره إلى التردد بشأن التوسعات المستقبلية للخطة.
جريدة الجريدة