«تفنيشات» الوافدين بالجملة... ولا وظائف لهم!
2019 العام الأشد قسوة عليهم الكويت لم تعد مقصد الباحثين عن العمل من مشارق الأرض ومغاربها العجوزات والأوضاع الاقتصادية الصعبة أدخلت الوافدين في «نفق» البطالة مئات الشركات لم تستطع الصمود في وجه العواصف المالية العاتية رمضان: الوضع اليوم ليس كما كان قبل 10 أعوام إبان أزمة 2008 المير: حصول الوافد على فرصة عمل مناسبة بات أمراً صعباً للغاية
في فترة رواج النفط قبل أكثر من 5 أعوام، كانت الكويت وعموم دول الخليج، مقصداً للباحثين عن عمل من مشارق الأرض ومغاربها. ومع تزايد فجوة العجوزات المالية، وضيق الأوضاع الاقتصادية بفعل هبوط أسعار «الذهب الأسود» إلى مستويات لم تشهدها منذ زمن طويل، انقلب الحال رأساً على عقب، وبات الوافدون أمام نفق وكابوس البطالة المخيف. «تفنيشات» بالجملة لآلاف الوافدين الذين وجدوا أنفسهم من دون عمل بالتزامن مع دوران عجلة «التكويت» وإفلاس مئات الشركات التي لم تستطع الصمود في وجه العواصف المالية العاتية في ظل التقشّف الحاد الناجم عن تراجع الإيرادات وزيادة المصروفات. وفي هذا الصدد، أشار خبراء إلى أن الكثير من الوافدين الذين يتم «تفنيشهم» من عملهم ينتظرون مدة تتراوح بين 6 أشهر وعام، للحصول على وظيفة ثانية. وقال هؤلاء في تصريحات لـ»الراي» إن «الوظيفة الثانية التي يحصل عليها الوافد بعد طول انتظار غالباً لا تكون بمعايير الوظيفة الأولى التي كان يعمل بها، إذ إن أصحاب العمل يضعون في كثير من الأحيان شروطاً قاسية ورواتب زهيدة». وأضافوا «ولكن الشروط القاسية والرواتب المتدنية لم تعد تشكّل عائقاً أمام الوافد الباحث عن أي وظيفة يحاول من خلالها الحصول على راتب يعينه على دفع الأعباء والالتزامات الشهرية التي تراكمت عليه طوال فترة انقطاعه عن العمل». رمضان من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي، محمد رمضان، إن قلة الوظائف المتاحة أمام الوافدين خلال 2018، وتزايدها خلال النصف الأول من العام الحالي، تُعد ظاهرة طبيعية ضمن الدورة الاقتصادية التي تأثرت بفعل الانكماش الناتج عن تراجع أسعار النفط. وأضاف رمضان في تصريح لـ«الراي» أنه «من الممكن أن تتكرر هذه الأزمة كل 10 سنوات، وهي سبق وحدثت بالفعل خلال العام 2008، وانعكست على الكويتيين والوافدين على حد سواء، وهذا الأمر يؤدي تلقائياً إلى خسارة الخليج بشكل عام والكويت بشكل خاص لقب (جنة الفرص الوظيفية)». ولفت إلى أن «ما يحدث حالياً لجهة التراجع الهائل في الفرص الوظيفية وتحديداً تلك المتاحة للوافدين يشبه تماماً ما حصل سنة 2008 إبان الأزمة المالية العالمية، ولكن الأزمة آنذاك لم تطل كثيراً، إذ ما لبث وأن دارت عجلة الاقتصاد مجدداً بحلول العام 2010، ولكن لا يبدو الوضع اليوم يبدو مختلفاً جداً عما كانت عليه الأمور قبل 10 سنوات». وقال رمضان «الآن هناك متغيرات أخرى ترتبط بفترة التحوّل الاقتصادي، والإصلاح المالي التي تعيشها الكويت حالياً، والتي بدأت مع دخول موازنة الدولة زمن العجز، ما ترتب عليه إعادة النظر في كثير من المشاريع بغية ترتيب أوجه الإنفاق، وترشيدها». وأشار إلى أن إعادة ترتيب أوجه الإنفاق انعكست على معدلات الصرف الرأسمالي في الموازنة العامة للدولة لتستمر دون الـ20 في المئة على مدى سنوات عدة، ونظراً إلى أن تزايد الإنفاق الرأسمالي يُعد المحرك الرئيسي للمشروعات في الكويت، فهو أيضاً صانع حقيقي للفرص الوظيفية، وتراجع معدلاته تعني تراجعاً في توليد الفرص الوظيفية بالتبعية. ولفت إلى أن عدد المفصولين من العمل في صفوف الوافدين ارتفع بشكل ملحوظ خلال الآونة الأخيرة، معتبراً أن هذه الظاهرة تتزايد يوماً بعد آخر على وقع «التكويت» والإفلاسات المرتبطة بتردي الوضع الاقتصادي. الإنشاءات ونوه رمضان إلى أن قطاع الإنشاءات في الكويت على سبيل المثال يعد أحد القطاعات ذات الأثر القوي في دوران عجلة الاقتصاد نظراً لما شهده من عمليات تشغيلية للعديد من القطاعات الصناعية والخدمية، وصولاً إلى التجزئة، إلا أن عدد التسليمات الكبير الذي تم من قبل مؤسسة الرعاية السكنية خلال الفترة الماضية، صنع فجوة زمنية قلت فيها المشروعات الضخمة بهذا المجال، ما قلّل الفرص المتاحة بأنواعها أمام الوافدين، فيما قد تزول تلك الحالة مع بدء التنفيذ للمشروعات السكنية المرتقبة. المير من جهته، أوضح الخبير الإداري، هاني المير، أن التغيرات الاقتصادية التي يعيشها العالم ككل حالياً، شهدت تخلي كيانات اقتصادية عملاقة عن آلاف الوظائف خلال الأعوام الفائتة، وذلك بدعوى تقليص الإنفاق، أو تزايد معدلات التطور التكنولوجي، والتي تقلص عدد الفرص الوظيفية لقطاعات بعينها، وهو الأمر الذي لم تكن الكويت بعيدة عنه أيضاً، إذ إنها تتأثر بما يتأثر به العالم أجمع. ولفت المير في تصريح لـ«الراي» إلى أن هناك قلة وندرة اليوم في الفرص والوظائف المتاحة أمام الوافدين حالياً، إذ بات الحصول على فرصة عمل مناسبة أمراً صعباً للغاية، عازياً هذا الأمر إلى سببين رئيسيين: - التغيرات الاقتصادية: شهدت الكويت خلال السنوات الأخيرة تغييرات اقتصادية متسارعة، خصوصاً مع بداية هبوط أسعار النفط في العام 2014، وما تبعها من إجراءات لترشيد الإنفاق في الموازنة، والنظر إلى أعداد الوافدين في الأجهزة الحكومية، وبدء خطط إحلالهم، وهو ما دفع نحو زيادة أعداد الوافدين الباحثين عن فرص وظيفية في القطاع الخاص، بعد إنهاء خدماتهم لدى الجهات الحكومية. ولم تتوقف التغيرات الاقتصادية عند ذلك الحد، بل امتد أثرها إلى عجلة المشروعات العملاقة التي تباطأت وتيرتها بقوة، وهو ما دفع أيضاً إلى زيادة عدد الوافدين العاطلين عن العمل والباحثين عن فرص وظيفية جديدة. - نسبة الوافدين: بات عدد الوافدين ضعف المواطنين في الفترة الأخيرة، ولم تكن تلك الزيادة نوعية، وتأتي بكوادر وافدة تتولى وظائف فنية نادرة، بل جاءت الزيادة بأشخاص عاديين يبحثون عن فرص في قطاعات متدنية الرواتب، وتتوافر تخصصاتهم في السوق بكثرة، وهو ما انعكس على توافر الفرص سلباً، إذ أصبح هناك تنافس شديد على تلك الوظائف في مقابل الوفرة الكبير بعدد طالبيها والباحثين عنها.
المصدر: جريدة الراي