«الوطني»: الاقتصاد الأميركي يواصل إظهار مؤشرات تؤكد مرونته
شهد الاقتصاد الأميركي خلال نوفمبر الماضي، انتعاشاً في ثقة المستهلك، عاكسا بذلك الاتجاه الهبوطي الذي شهده على مدار 3 أشهر متتالية. ويُعزى تحسّن المعنويات في المقام الأول إلى تحسّن آفاق النمو الاقتصادي، على الرغم من المخاوف المستمرة بشأن التضخم وأسعار الفائدة، إذ ارتفع مؤشر ثقة المستهلك، كما أفادت مؤسسة كونفرنس بورد، إلى مستوى 102.0 مقابل 99.1 المعدلة بالخفض في أكتوبر، وجاءت أعلى من التوقعات التي أشارت إلى إمكانية وصول قراءة المؤشر إلى مستوى 101.0. من جهة أخرى لوحظ ارتفاع الثقة في الغالب بين الأسر الأكبر سناً، في حين ظل المستهلكون الأصغر سنّا أكثر حذرا بشأن آفاقهم المالية. وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي الأميركي في الربع الثالث من العام، بتسجيله ارتفاعاً بنسبة 5.2 بالمئة، مقارنة بالقراءة الأولية البالغة 4.9 بالمئة، ليتجاوز التوقعات البالغة 5 بالمئة. ويشير البيان الصحافي، الذي صدر في أعقاب بيانات ثقة المستهلك الصادرة عن «كونفرس بورد»، التي جاءت أعلى من المتوقع، إلى أن الاقتصاد الأميركي يواصل إظهار مؤشرات دالة على المرونة والنمو المستدام، على الرغم من تشديد السياسات النقدية. ويمثّل النمو زيادة كبيرة عن المعدل المسجل في الربع الثاني من العام البالغ 2.1 بالمئة. كما أعقب تلك الأنباء أيضاً، انخفاض معدل البطالة الذي تراجع من 233 ألف إلى 209 آلاف في نوفمبر، مما يدعم الحجة القائلة بأن الاقتصاد الأميركي يمكنه تحمُّل زيادات إضافية لسعر الفائدة، ويبدو أن البيانات تدعم إمكانية تحقيق مجلس الاحتياطي الفدرالي ما يطلق عليه «الهبوط الناعم». نفقات الاستهلاك الشخصي وارتفعت أحدث قراءة لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، والذي يستثني العناصر المتقلبة، مثل المواد الغذائية والطاقة، بنسبة 3.5 بالمئة على أساس سنوي، حيث يعتبر المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفدرالي لقياس التضخم. وفي ذات الوقت، بلغت قراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الإجمالي 3.0 بالمئة، مسجلاً أقل معدل زيادة منذ مارس 2021، إلا أنه لا يزال أعلى من مستوى 2 بالمئة المستهدف الذي حدده «الاحتياطي الفدرالي». وأشار أحد أعضاء اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة المؤيدين لتشديد السياسة النقدية إلى وقف دورة رفع أسعار الفائدة، بل وربما فتح المجال أمام تيسير السياسات. وقال محافظ «الاحتياطي الفدرالي»، كريستوفر والر، إنه إذا واصل التضخم انخفاضه لعدة أشهر أخرى، ربما على مدار 3,4، أو 5 أشهر، فمن الممكن خفض أسعار الفائدة مستقبلاً. إعانة البطالة وارتفعت طلبات الحصول على إعانة البطالة في الولايات المتحدة إلى 218 ألف طلب الأسبوع الماضي، بزيادة 7 آلاف طلب مقابل 211 ألفا الأسبوع السابق على أساس معدل موسمياً. ويواصل نحو 1.9 مليون موظف التقدم بمطالبات للحصول على إعانات البطالة، فيما يعدّ أعلى المستويات المسجلة منذ عامين. وظل هذا العدد يشهد ارتفاعاً بصفة عامة على مدار الشهرين الماضيين، مما يشير إلى مواجهة العاطلين عن العمل لصعوبات متزايدة في العثور على وظائف جديدة. وبصفة عامة، لا يزال سوق العمل يتسم بالمرونة، إلّا أن البيانات الصادرة يوم الخميس تعتبر أحدث المؤشرات الدالة على أن قوته بدأت تتلاشى. متحدثو البنك المركزي الأوروبي وفي خطابها الأخير، أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، ضرورة مواصلة اتباع «المركزي الأوروبي» نهجه الذي يعتمد على اليقظة والتركيز في التعامل مع السياسة النقدية في ظل التحديات الاقتصادية الحالية. ويأتي هذا الموقف بعد دورة رفع أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة بنحو 450 نقطة أساس على مدار العام الماضي لكبح جماح التضخم. وعلى الرغم من هذه التدابير والبيانات الاقتصادية الحالية، يظل «المركزي الأوروبي» حذراً، ويراقب عن كثب اتجاهات التضخم، وديناميكيات الأجور، وأوضاع سوق العمل. وفي اجتماعها مع مشرّعي الاتحاد الأوروبي، حذّرت لاغارد من أن الآن «ليس الوقت المناسب للبدء في إعلان النصر على التضخم». وإضافة إلى ذلك، حذرت من أن البنك المركزي «يتعين عليه أن ينظر بعناية إلى القوى المختلفة التي تؤثر على التضخم، والتركيز بقوة على مهمتنا المتمثلة في الحفاظ على استقرار الأسعار». كما أكدت على توجيهات «المركزي الأوروبي» بضرورة الاحتفاظ بأسعار الفائدة الحالية لفترة زمنية «طويلة بما فيه الكفاية»، مضيفة أن البيئة الحالية التي تتسم بارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ معدلات النمو وضعف سوق العمل ستكون ضرورية لخفض معدلات التضخم إلى مستوى 2 بالمئة المستهدف. آسيا والمحيط الهادئ وكان معدل التضخم في أستراليا في نوفمبر قد تراجع أكثر من المتوقع، إذ وصل مؤشر أسعار المستهلكين إلى 4.9 بالمئة، فيما يعد أقل بكثير من المعدل السابق البالغ 5.6 بالمئة، وأقل من المعدل المتوقع 5.2 بالمئة. ويعزى هذا الانخفاض بصفة رئيسية إلى انخفاض أسعار السلع، في حين تراجع معدل التضخم الأساسي هو الآخر. ويؤكد انخفاض التضخم أن نهج البنك المركزي بدأ يؤتي ثماره، مما يشير إلى أنه ينبغي الحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة عند المعدلات الحالية. وانخفض الدولار الأسترالي إلى 0.6637 قبل أن يستقر حاليا عند نحو 0.6645 مقابل نظيره الأميركي.
جريدة الجريدة