«الوطني»: استقرار النشاط العقاري في الربع الثالث بعد أداء ضعيف
توقعات باستمرار الأداء الضعيف على المدى القريب في ظل ارتفاع تقييمات «السكني» وزيادة تكاليف الاقتراض
شهدت قيمة المبيعات العقارية ارتفاعاً هامشياً في الربع الثالث من عام 2023، إذ بلغت 678 مليون دينار (+0.9 في المئة على أساس ربع سنوي)، بدعم من زيادة مبيعات القطاع الاستثماري (+6.1 في المئة على أساس ربع سنوي)، بينما استمرت مبيعات القطاع السكني في التراجع، وإن كان بوتيرة معتدلة (-0.9 في المئة على أساس ربع سنوي). أما على أساس سنوي، وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، فقد بقيت المبيعات العقارية منخفضة بنسبة 16.3 في المئة، إلا أن وتيرة الانخفاض تباطأت على مستوى كل القطاعات. ويعكس استمرار ضعف أنشطة المبيعات تأثير ارتفاع تقييمات القطاع السكني وزيادة تكاليف التمويل، إذ تباطأت وتيرة نمو أقساط القروض (أي المنازل) للأفراد والقروض المقدمة للشركات العقارية بصورة حادة هذا العام. كما تأثر النشاط العقاري سلباً بتحول الأنشطة الاستثمارية نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة والحالة الضبابية التي تحيط بإصلاحات القطاع السكني ومبادرات تحسين قانون الإقامة وتوفير المساكن (وصلت طلبات الإسكان القائمة بالفعل إلى 91 ألف طلب في سبتمبر). كما استمر الاتجاه الهبوطي الذي اتخذته مبيعات الوحدات السكنية خلال الفترة السابقة لتصل قيمتها إلى 354 مليون دينار في الربع الثالث من عام 2023 (-0.9 في المئة على أساس ربع سنوي، -18.4 في المئة على أساس سنوي)، مسجلة بذلك تراجعها المتواصل للربع الثالث على التوالي، على الرغم من أن معدل الانخفاض بدأ يقل. وكان الطلب في القطاع السكني ضعيفاً في ظل ارتفاع أسعار المنازل وزيادة حذر المشترين على خلفية ارتفاع تكاليف الاقتراض. وعلى جانب العرض، قامت المؤسسة العامة للرعاية السكنية بتوزيع دفعة جديدة من القسائم السكنية. وشمل ذلك توزيعات بعض القسائم في مدينة جنوب سعدالعبدالله، والتي تضم 24.509 وحدة سكنية (22.153 قطعة أرض سكنية). وبلغ عدد المواطنين الذين تقدموا بطلبات تخصيص وحدات لهم 6.992 مواطناً (المخصصين حتى ديسمبر 2006)، مما قد يخفف بعض الضغوط على قائمة الانتظار المقدرة بنحو 91 ألف طلب بنهاية سبتمبر 2023. إلى جانب ذلك، بلغت قيمة القروض المقررة من بنك الائتمان الكويتي التابع للدولة، وضمن إطار برنامج الإسكان الحكومي، حوالي 186 مليون دينار في الربع الثالث من العام الحالي، في حين تعد أعلى قيمة يقدمها البنك منذ الربع الثاني من عام 2022، بينما ارتفعت قيمة القروض المنصرفة بنسبة 4.3 في المئة على أساس ربع سنوي لتصل إلى حوالي 115 مليون دينار. وبلغت قيمة مبيعات القطاع الاستثماري (الذي يشمل الوحدات السكنية المنفردة والمباني السكنية) 212 مليون دينار في الربع الثالث من العام الحالي (-15.6 في المئة على أساس سنوي، +6.1 في المئة على أساس ربع سنوي)، وشهد شهر سبتمبر أدنى مستوى من أنشطة المبيعات الشهرية من حيث قيمة وحجم المبيعات المسجلة منذ ديسمبر 2020. وأدت بيئة أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة جاذبية أدوات الدخل الثابت والودائع على حساب العقارات. كما قد تكون نظرة المستثمرين ضبابية أيضاً تجاه الطلب من جهة الوافدين نظراً لأنهم المحرك الرئيسي لاستخدام الشقق في القطاع الاستثماري. إلا أنه في ظل ارتفاع أعداد الوافدين حتى الآن منذ بداية عام 2023، تبدو التوقعات أفضل مما كانت عليه العام الماضي. وأخيراً، بقي نمو مبيعات القطاع التجاري متقلباً، إذ بلغت قيمة المبيعات 111.4 مليون دينار في الربع الثالث من عام 2023، أي أقل قليلاً من مبيعات الربع السابق على الرغم من النمو بمعدل ثنائي الرقم الذي شهدته كمية الصفقات على خلفية تحسن المبيعات مرة أخرى في منطقة صباح الأحمد البحرية، والتي استفادت خلال الربعين الأخيرين من تحول الاهتمام إلى محافظة الأحمدي من المناطق الداخلية (مدينة الكويت وحولي). مؤشر أسعار العقارات اتجه نمو أسعار العقارات نحو الانخفاض خلال عام 2023، ووفقاً لمؤشر أسعار العقارات الخاص ببنك الكويت الوطني، والذي يتم احتسابه بناء على بيانات الصفقات الأسبوعية المنشورة من وزارة العدل. وخلال الربع الثالث من العام الحالي، تحول نمو الأسعار على أساس سنوي للأداء السلبي (-0.7 في المئة على أساس سنوي)، في حين يعد أول انخفاض يسجله منذ الربع الأول من عام 2018، على خلفية انخفاض أسعار عقارات القطاع الاستثماري (-1.7 في المئة على أساس سنوي)، في حين ارتفعت أسعار الوحدات السكنية على أساس ربع سنوي نتيجة لارتفاع أسعار المنازل وقطع الأراضي في المناطق الداخلية (خاصة في مدينة الكويت وحولي). وساهم ارتفاع تقييمات العقارات السكنية في تعزيز أداء المؤشر العام لأسعار العقارات على أساس ربع سنوي (+2.8 في المئة على أساس ربع سنوي)، مما أدى بشكل أساسي إلى تعويض عدم تحرك مؤشر القطاع الاستثماري. من المتوقع أن تبقى أنشطة المبيعات العقارية ضعيفة على المدى القريب، وذلك في ظل استمرار ارتفاع تقييمات القطاع السكني وزيادة تكاليف الاقتراض. إلا أن امكانية تحول مسار القطاع العقاري أفضل مما كانت عليه قبل عام، إذ أصبحت المبيعات أكثر استقراراً خلال الفترة الاخيرة بعد التراجع الحاد الذي شهدته قبل ذلك. وفي ذات الوقت، يبدو أن دورة تشديد أسعار الفائدة الحالية قد بلغت ذروتها أو تقترب من ذلك بالفعل، وهناك إمكانية أن يتخذ مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي خطوة خفض سعر الفائدة قبل نهاية عام 2024، مما قد يؤدي إلى تحفيز الطلب على الائتمان، في حين أن التحركات الحكومية والبرلمانية المحتملة لتمرير مشروع قانون الرهن العقاري، وتعديل قانون الإقامة، وتسريع وتيرة تخصيص القسائم والمنازل (والحد من تراكم طلبات التقدم للحصول على السكن) قد تؤثر بصورة إيجابية على السوق العقاري.
جريدة الجريدة