«المركزي»: المخصصات الوفيرة للبنوك تدعم سلاسة تطبيق المعيار الدولي «رقم 9»

● الهاشل : المصارف ستظل على نفس مستوى القوة على المدى القريب مع استمرار تحسن الأصول ● «التدابير التحوطية ساعدت القطاع المصرفي في الحفاظ على قوة أدائه ومتانته خلال عام 2018»

أظهرت نتائج اختبارات الضغط ربع السنوية لبنك الكويت المركزي قدرة البنوك، على المستويين الفردي والمجمع، على مواجهة صدمات مختلفة في مخاطر الائتمان والسوق والسيولة وفق مجموعة واسعة من السيناريوهات الاقتصادية الكلية والجزئية. أعلن محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل إصدار البنك تقرير الاستقرار المالي لعام 2018، وهو الدوري السابع الذي يُعده «المركزي» ويصدره ضمن جهوده الرامية إلى تعزيز الشفافية والإفصاح العام من خلال توفير المعلومات والإحصاءات الموثوقة ذات الصلة بالقطاع المصرفي والمالي الكويتي. وقال د. الهاشل، في تصريح صحافي أمس، إن تقارير الاستقرار المالي التي يصدرها البنك تشمل الرصد وتحليل التطورات الاقتصادية والمالية من منظور علاقة تلك التطورات بالاستقرار المالي، وتُظهر مدى قدرة القطاع المصرفي على مواجهة الصدمات وتجاوزها، بحيث يظل قادراً على ممارسة دوره الفاعل في تقديم الخدمات المالية وخدمة الاقتصاد الوطني بكافة قطاعاته. وأضاف أن التقرير يقع في خمسة فصول، يتناول الأول منها دور وأداء البنوك التقليدية والإسلامية كوسطاء ماليين مع تسليط الضوء على اتجاهات توزيع الائتمان وحركة الودائع، في حين يركز الفصل الثاني على تقييم المخاطر التي تواجه الجهاز المصرفي مع تغطية لمختلف أبعاد مخاطر الائتمان والسوق والسيولة، فيما يتناول الفصل الثالث بالتحليل اتجاهات ربحية الجهاز المصرفي وملاءته وقدرته على مقاومة الصدمات وفق عدة سيناريوهات مختلفة من اختبارات الضغط المالي والاقتصادي. وتابع أن الفصل الرابع يناقش أبرز التطورات في أسواق النقد والصرف الأجنبي والأسهم والعقارات، في حين يتناول الفصل الخامس والأخير تحليلاً لأداء نظم تسوية مدفوعات المعاملات المالية في دولة الكويت. وبداية لفت المحافظ إلى أن التدابير التحوطية الكلية التي استخدمها بنك الكويت المركزي وبرامج الرقابة من أجل الكشف المبكر عن المخاطر وأثرها على الاستقرار المالي ساعدت القطاع المصرفي الكويتي على الاستمرار في الحفاظ على قوة أدائه ومتانته خلال عام 2018، على الرغم من التحديات الاقتصادية والمالية الناجمة عن تداعيات الهبوط الحاد الذي شهدته أسعار النفط، منذ بداية النصف الثاني من عام 2014، وما شهدته هذه الأسعار من تقلبات في أسواق النفط العالمية. وأشار إلى أن السياسات الرقابية التي تم انتهاجها في مجال سياسات التحوط الكلي واستهدفت تعزيز متانة مؤشرات السلامة المالية للبنوك، مكنت هذه البنوك من دخول حقبة تقلب أسعار النفط من موقع قوة من خلال بناء مصدات مالية تعزز قدرتها على مواجهة الصدمات مع الاستمرار في تقديم خدماتها المالية إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني بكفاءة عالية، وهو ما يظهره النمو الإيجابي لأداء البنوك في المجالات التي تشكل الدعائم الأساسية للاستقرار المالي، وخصوصاً على صعيد الكفاية الرأسمالية، وجودة الأصول، والسيولة، والربحية، وهو ما جاء تحت فصول مختلفة من تقرير الاستقرار المالي. الإنفاق الرأسمالي وذكر أن الأداء الإيجابي للقطاع المصرفي جاء مدعوماً أيضاً بالإنفاق الرأسمالي الحكومي الذي ظل عند مستويات مرتفعة في إطار سياسة مالية استهدفت دعم النشاط الاقتصادي وتعزيز الثقة في الاقتصاد الكويتي والمحافظة على بيئة تشغيلية مواتية للبنوك المحليةز وتناول د. الهاشل بإيجاز المحاور الأساسية التي تضمنها التقرير وذلك على النحو التالي: الوساطة المالية 1 - سجلت ميزانية القطاع المصرفي (على أساس مجمَّع) نسبة نمو بلغت 4.3 في المئة خلال عام 2018، ليصل إجمالي قيمة الأصول إلى نحو 76.7 مليار دينار في نهاية ديسمبر 2018، ومع أن هذا النمو جاء أقل من معدلات النمو التي سجلتها الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي في العام الماضي، والبالغة 6 في المئة فإن النمو مازال يسير بمعدلات جيدة. 2 - جاءت الزيادة في أصول القطاع المصرفي مدعومة بالنمو في محفظة الائتمان المحلي التي سجلت نسبة نمو 4.9 في المئة مقارنة بما نسبته 3.9 في المئة في عام 2017، وجاء هذا النمو في المحفظة مدعوماً بشكل أساسي بالنمو في كل من القروض الشخصية والنمو في الائتمان المقدم لقطاع النفط. 3 - شهدت الودائع (على أساس مجمع) تباطؤاً في النمو، إذ سجلت نسبة نمو 2.4 في المئة في عام 2018 مقارنة بنسبة نمو قدرها 7 في المئة لعام 2017. ولذلك فقد عمدت البنوك إلى تمويل جانب من الزيادة في محفظة القروض المحلية من خلال ما لديها من فوائض سيولة والتي تم تعزيزها من خلال تدفقات السيولة في الاقتصاد، إذ ظلت تحتفظ بأرصدة سائلة عالية الجودة وبما يفوق متطلبات الحدود الدنيا لنسب السيولة الرقابية. ومن جانب آخر، فإن القطاع المصرفي يتمتع بقاعدة تمويل قوية ومستقرة إذ تشكل الودائع لأجل نسبة في حدود 66 في المئة من إجمالي الودائع، تدعمها قاعدة رأسمالية قوية. ومما لاشك فيه أن هذه المؤشرات تعكس الجوانب الداعمة للاستقرار المالي في هذا المجال. جودة الأصول 4 - استمر التحسن في جودة الأصول إذ سجلت نسبة القروض غير المنتظمة، على أساس مجمع، مزيداً من الانخفاض لتصل في نهاية ديسمبر 2018 إلى 1.6 في المئة وهو مستوى متدنٍ تاريخياً (1.3 في المئة على مستوى النشاط المحلي) وأقل من النسبة قبل الأزمة المالية العالمية البالغة 3.8 في المئة في عام 2007. واستمر هذا التحسن في جودة الأصول على مستوى النشاط المحلي للبنوك نتيجة الجهود الحثيثة لبنك الكويت المركزي والبنوك خلال الأعوام الأخيرة، الذي انعكس في الانخفاض المستمر في نسبة القروض غير المنتظمة، التي كانت قد وصلت على أساس مجمع إلى 11.5 في المئة في عام 2009. وجدير بالذكر أن هذا التحسن في مؤشر جودة الأصول رافقه أيضاً تحسن في نسبة تغطية المخصصات إلى إجمالي الديون النقدية غير المنتظمة والتي واصلت بدورها التحسن، إذ ارتفعت تلك التغطية، على أساس مجمع، لتصل إلى نحو 254 في المئة في نهاية ديسمبر 2018، كذلك واصلت هذه النسبة تحسنها بشكل ملموس بالنسبة لمحفظة القروض على مستوى النشاط المحلي، إذ وصلت إلى 367.6 في المئة في نهاية ديسمبر 2018، ولا شك أنها معدلات تغطية مرتفعة تدعو إلى مزيد من الاطمئنان حول سلامة الأوضاع المالية لهذه البنوك، والتي هي بلا شك مؤشرات للاستقرار المالي. الربحية 5 - واصلت البنوك الكويتية تحقيق أرباح صافية مجمعة إذ ارتفع صافي الأرباح الخاص بمساهمي البنك لعام 2018 إلى نحو 959 مليون دينار بنسبة نمو سنوي 18 في المئة مقابل 9 في المئة في العام الماضي. وهذا النمو يعكس أداءً جيداً للقطاع المصرفي، وانعكس هذا النمو في رفع كلٍ من معدل العائد على متوسط الأصول والعائد على متوسط حقوق الملكية إلى 1.3 في المئة 10.7 في المئة على التوالي. الملاءة ومقاومة الصدمات 6 - واصلت البنوك الكويتية المحافظة على قدرتها الفعالة على مقاومة الصدمات والعمل في ظروف ضاغطة، إذ استمر معدل كفاية رأس المال قوياً بنسبة 18.3 في المئة كما في نهاية ديسمبر 2018 وهي أعلى من النسبة المطلوبة بموجب تعليمات بنك الكويت المركزي البالغة 13 في المئة، التي بدورها أعلى من نسبة المعيار الدولي المقدرة من لجنة بازل والبالغة 10.5 في المئة. وتمتاز قاعدة رأس المال الرقابي للبنوك الكويتية بجودة عالية إذ تشكل الشريحة الأولى عالية الجودة نسبة 83.8 في المئة من إجمالي قاعدة رأس المال، وهو مؤشر على جودة رأس المال وقدرته العالية على امتصاص الخسائر. 7- كذلك أظهرت بيانات معيار الرفع المالي قدرة عالية للبنوك الكويتية على استيفاء متطلبات هذا المعيار، ففي نهاية ديسمبر 2018 بلغت نسبة الرفع المالي لهذه البنوك، على أساس مجمع نسبة 10.3 في المئة، وهي تفوق الحدود الدنيا للنسبة التي تحددها تعليمات بنك الكويت المركزي وقدرها 3 في المئة. وجدير بالذكر أن هذا المعيار يهدف إلى تعزيز متطلبات كفاية رأس المال أخذاً بالاعتبار أن احتساب نسبة الرفع المالي لا يستند إلى حجم الأصول المرجحة بأوزان المخاطر، كما هو الحال بالنسبة لمعيار كفاية رأس المال، إنما إلى إجمالي أصول البنك داخل وخارج الميزانية. ويعتبر هذا المعيار إحدى الأدوات الإضافية التي تعمل باتجاه الحد من المخاطر النظامية وتعزيز الاستقرار المالي. ومن الواضح أن المصدات التي تتمتع بها البنوك الكويتية على صعيد معياري كفاية رأس المال والرفع المالي تعكس مجالات رحبة أمام البنوك لمزيد من التوسع في أنشطتها، وخصوصاً تمويل مشاريع التنمية في البلاد. اختبارات الضغـط 8 - أظهرت نتائج اختبارات الضغط ربع السنوية لبنك الكويت المركزي قدرة البنوك، على المستويين الفردي والمجمع، على مواجهة صدمات مختلفة في مخاطر الائتمان والسوق والسيولة وفق مجموعة واسعة من السيناريوهات الاقتصادية الكلية والجزئية. مخاطر السوق والسيولة 9 - بلغت نسبة استثمارات البنوك في الأسهم حوالي 15.7 في المئة من إجمالي استثماراتها، في حين بلغت نسبة أسهم الشركات المقدمة كضمانات حوالي 19 في المئة من إجمالي الضمانات لدى البنوك. ورغم أن هذه النسب أعلى قليلاً من تلك المسجلة عام 2017، فإن انكشاف البنوك لسوق الأسهم تراجع بشكل كبير في العامين الأخيرين. وللإشارة فإن مخاطر سوق الأسهم تظل محصورة في نطاق محدود في ضوء الضوابط الرقابية الصادرة عن بنك الكويت المركزي بشأن الحدود القصوى للقروض التي تقدمها البنوك إلى العملاء بغرض تمويل شراء الأسهم. 10 - ظلت مستويات السيولة قوية لدى البنوك، إذ تجاوز معيار تغطية السيولة، وهو أحد المعايير المالية في إطار حزمة إصلاحات بازل (3)، لدى البنوك بشكل مريح الحد الأدنى المطلوب (90 في المئة لعام 2018)، وكذلك الحد الأدنى النهائي المطلوب (100 في المئة لعام 2019). الأسـواق المحلية 11 - عمليات أسواق النقد والصرف الأجنبي والأسهم والعقارات، وبهذا الشأن أشار المحافظ إلى ما يلي: * قام بنك الكويت المركزي بتاريخ 21/3/2018 برفع سعر الخصم من 2.75 في المئة إلى 3 في المئة بعد إعلان مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي عن رفع سعر الفائدة بمعدل ربع نقطة مئوية. إلا أن بنك الكويت المركزي لم يُجار الاحتياطي الفدرالي في ثلاث زيادات أقرها في يونيو وسبتمبر وديسمبر 2018، وبين المحافظ في هذا الشأن أن سياسة سعر الفائدة لدى البنك المركزي تأتي في إطار متطلبات تعزيز الاستقرار النقدي وتوفير بيئة محلية داعمة للنمو الاقتصادي، وفي ضوء تحركات أسعار الفائدة العالمية وما تتطلبه من تعزيز تنافسية وجاذبية الدينار الكويتي. ولذلك فإن بنك الكويت المركزي، وفي ضوء ربط سعر صرف الدينار بسلة العملات الموزونة، لا يقوم بالضرورة بمجاراة مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في مجال تحركات أسعار الفائدة. * مواصلة بنك الكويت المركزي عمليات التدخل لتنظيم مستويات السيولة المحلية التي تستهدف تحقيق الاستقرار النقدي من أجل توفير بيئة داعمة للنمو الاقتصادي وترسيخ جاذبية وتنافسية العملة الوطنية. * في إطار مناقشة هيكل الاستثمارات المالية للبنوك وتطوراتها، ناقش التقرير التراجع الذي شهدته استثمارات البنوك المحلية في صورة أدوات دين عام وعمليات تورق في ضوء انتهاء أجل المرسوم بقانون بالإذن للحكومة بالاقتراض العام في أكتوبر 2017 وتوقف بنك الكويت المركزي عن طرح إصدارات جديدة نيابة عن وزارة المالية. ومن أجل المحافظة على استقرار هيكل أسعار الفائدة على الدينار وتعزيز الاستقرار المالي في ضوء تزايد مستويات السيولة الناتج عن الإصدارات الحكومية المستحقة، واصل بنك الكويت المركزي عمليات التدخل في السوق النقدي من أجل تنظيم مستويات السيولة مستخدماً بذلك أدواته الخاصة في صورة ودائع لأجل وسندات وتورق بنك الكويت المركزي. وحول النظرة المستقبلية توقع المحافظ أن يظل القطاع المصرفي على نفس المستوى من القوة والمتانة والاستقرار على المدى القريب، مع استمرار تحسن جودة الأصول، ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع رصيد المخصصات في دعم سياسة الشطب الفعالة، ومن ثم مساعدة البنوك على تجنب تنامي أي قروض غير منتظمة في سجلاتها. في هذا السياق، أكد المحافظ دور المخصصات الوفيرة في مساعدة البنوك على الانتقال السلس نحو تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية «رقم 9» في الموعد المحدد لتطبيقه. كما يتوقع أن تظل السيولة عند مستويات مطمئنة، وسوف يساعد استئناف إصدار أدوات الدين الحكومي، بعد صدور قانون الدين العام، على إتاحة بدائل إضافية للبنوك للاستثمار في الأوراق الحكومية الخالية من المخاطر. ومن جهة أخرى، هناك فرصة لنمو ربحية البنوك في ظل تحسن الأحوال الاقتصادية والارتفاع الطفيف في إيرادات الفوائد وزيادة الائتمان وتراجع المخصصات والزيادة المحدودة للغاية أو لربما انعدام الزيادة في القروض غير المنتظمة. وفي ضوء كل ما سبق، يمكن الجزم بأن القطاع المصرفي المحلي سيظل في موضع قوة ومتانة على المدى القريب. ومع ذلك فإن المخاطر الناجمة عن العمليات الأجنبية للبنوك يمكن أن تزيد، وخاصة في الدول التي تشهد ظروفاً أمنية أو اقتصادية غير مستقرة. وعلى الصعيد الاقتصادي الأشمل، ذكر المحافظ أن اعتماد الكويت على النفط بالنسبة لصادراتها وإيراداتها ونشاطها الاقتصادي ككل يظل أبرز المخاطر الرئيسية للدولة ويجعلها عرضة لمخاطر انخفاض وتقلبات أسعار النفط، على الرغم من المصدات المالية القوية التي تساعد الحكومة على تطبيق سياسة مالية لمواجهة التقلبات الاقتصادية. وعليه، أكد المحافظ أهمية الإصلاحات المالية والاقتصادية الشاملة للحد من الاعتماد على الإيرادات النفطية، وأنه بفضل وفرة المدخرات المالية وتدني مستوى الدين العام، يمكن للكويت تحمل هذه الإصلاحات بحيث تسير بمستوى تدريجي مع ضمان سلامة تطبيق جميع الإجراءات الضامنة لذلك. أخيراً أفاد المحافظ بأن السياسات التي ينتهجها بنك الكويت المركزي لتعزيز الاستقرار النقدي والاستقرار المالي هي محل إشادة من المؤسسات العالمية المتخصصة وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، منوهاً بما جاء في تقرير خبراء الصندوق لعام 2018 الصادر في مارس 2019 بشأن مشاورات المادة الرابعة والذي رحب فيه خبراء الصندوق «بالوضع القوي للنظام المصرفي الكويتي وأثنوا على جهود بنك الكويت المركزي في إطار التنظيم والإشراف الحصيفين، واستخدامه أدوات السياسة النقدية بمهارة، وعلى ملاءمة سياسة ربط سعر صرف الدينار بسلة العملات للاقتصاد المحلي كونها مستمرة بتقديم دعامة فعالة للاستقرار النقدي».

جريدة الجريدة