«أوبك» متماسكة أمام تحديات خلافات أسواق الطاقة

خبراء نفطيون لـ الجريدة•: الإنتاج العشوائي قد يسبّب انهيار الأسعار.

أكد عدد من خبراء النفط ضرورة المحافظة على ترابط الدول الأعضاء في منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك)، لأن هذا الترابط له أهمية كبيرة في تماسك واستقرار أسواق الطاقة، وبالتالي تحقيق أسعار عادلة للمنتجين.

وقالوا في تحقيق أجرته «الجريدة» إن تفكّك المنظمة قد يؤدي الى فوضى بأسواق النفط من حيث الإنتاج، الأمر الذي قد يؤثر بقوة في الأسعار بشكل سلبي.

وأشاروا الى أن تحالف أوبك الآن يغطي 30 بالمئة من الطلب العالمي، ويتوقّع أن تزداد النسبة إلى 45 بالمئة عام 2025، وسوف ترتفع حصص الدول الأعضاء مع نهاية العام الحالي، مشددين على أن تحالف أوبك يعدّ الملاذ الآمن لحفظ توازن العرض والطلب العالمي للمنتج والمستهلك، وموضحين أن مبادرة التحالف كانت عن قناعة بدأتها الولايات المتحده لضَمّ دول غير أعضاء في «أوبك»، والتي كانت تشغل منصب مراقب، وعلى رأسها روسيا، الى هذا التحالف، حتى يكون هناك توازن لأسعار النفط التي وصلت الى الحضيض وتضرّرت منها الشركات الأميركية، لافتين إلى أن أسلوب «أوبك» بهذا التحالف في اتخاذ القرار تغيّر من اجتماعات نصف سنوية سابقا قبل التحالف الى اجتماعات شهرية، وهذا إن دلّ فإنما يدل على أهمية قراراتها في حفظ التوازن العالمي، حيث هناك دول متخاصمة سياسياً، لكنّها متفاهمة اقتصاديا في لقاءات بعيدة عن المناوشات السياسية، مما يدل على إحساس بالمسؤولية بشأن التوازن الاقتصادي العالمي... وفي ما يلي تفاصيل التحقيق:

بداية، قال الخبير والاستشاري النفطي، د. عبدالسميع بهبهاني، إن الطاقة لا تزال عصب الحياة، ولا تزال طاقة الوقود الأحفوري (النفط والغاز) مستقبل الطاقة المشرق، وعمره طويل، وتحديات تقليص استخداماته ضعيفة، رغم فرضيات انعكاساته البيئية التي تتفاوت في أهميتها، فعمر الطاقة طويل وتطوّر منتجاتها سريع، ومستقبل الطلب على الطاقة الأحفورية (نفط وغاز) ضمن حقائق مستقبل الوقود الأحفوري.

وفنّد بهبهاني بعض التوقعات عن قطاع النفط العالمي كالآتي:

• أكبر دول مصدّري النفط ستزيد حصتها في سوق النفط إلى 15 بالمئة عام 2025 (من 11.6 بالمئة).

• سترتفع حصة «أوبك» في إمدادات النفط العالمية إلى 40 بالمئة بحلول عام 2025.

• النفط الصخري الأميركي قد يعود بعد تخفيف قيود الإنتاج، لكثرة الآبار غير المكتملة.

• انخفاض الاستثمارات في المشاريع التقليدية، نهاية 2022.

• انخفاض الإنفاق بنسبة 29 بالمئة عام 2020 مقارنة بعام 2019.

• الطلب على الطاقة الأحفورية وتحدّي الطاقة المتجددة (من 85 بالمئة حاليا الأحفوري 90 بالمئة من الطاقة العالمية).

• ينخفض مستوى العرض المتوقع لعام 2025 بنحو 9 ملايين برميل يوميا!

• ارتفاع تدريجي للسيولة في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.

لذلك نرى أن الاستثمار في الطاقة الأحفورية ضرورة للسنوات القادمة، حتى لا تتأزم مشاريعنا، وكذلك لسدّ النقص العالمي القادم.

قرارات دولية

وأضاف أن القرارات الدولية التي تتعلق بالتغير المناخي وإبقاء 62 في المئة من الطاقة الاحفورية من النفط تحت الأرض، و88 في المئة من الفحم، لن تصمد امام حاجة العالم الى الطاقة، فمن الحقائق الاقتصادية لمستقبل للطاقة الأحفورية أنها اسكتشاف ومنتج اجدى وأوسع من المتجددة، وأن تكنولوجيا تصنيع انبعاثات الكربون اجدى واسرع من تصنيع الهيدروجين، فضلاً عن تكنولوجيا انتاج الوقود البيئي اجدى واسرع من تطورات السيارة الكهربائية، إلى جانب أن تنوع البتروكيماويات الصديقة للبيئة اجدى وأسرع كذلك من تطور البطارية الآمنة ذات العمر الطويل.

وتابع بهبهاني بأن ارجاع التغير المناخي لمسببات الانبعاثات الكربونية هو فرضية غير منطقية من المنظور العلمي، وبدأت الاوساط العلمية العالمية تستشعر وتدرك هشاشة هذه الفرضية، «فلو تتبعنا القوانين التي فرضت في مؤتمر كيوتو في اليابان 2010 حول خفض الانبعاثات الغازية من الدول الصناعية، والتي تجاوبت معها، ليس فقط الدول الصناعية، بل الدول المنتجة للنفط كذلك رغم عدم فرضها ورغم عدم مشاركتها، فانخفضت الانبعاثات الغازية في العالم اكثر من 60 في المئة، وفي دولة الكويت تقلصت انبعاثات الغاز من 18 في المئة الى اقل من واحد في المئة، ورغم ذلك ارتفعت درجات الحرارة خلال اربع سنوات درجتين! وعندما أغلق العالم في فترة الجائحة وتوقفت الطائرات ووسائل النقل المختلفة وأغلقت 60 في المئة من مصانع العالم في 2020 عندها توقفت انبعاثات الكربون تقريبا بنحو 16 مليار طن متري خلال السنة، ورغم ذلك ارتفعت درجة حرارة الأرض درجة واحدة مئوية.

وأشار إلى أن مؤتمر غلاسكو الأخير للتغير المناخي 2021 تأخرت قراراته وتوصياته لسببين مهمين، الاول: فرض مؤشر قياسي حول مدى فعالية قرارات المؤتمر ودرجات الحرارة ذات العلاقة بالانبعاثات الكربونية وانتهى المؤتمر دون تحديد مؤشر او مقياس لهذه العلاقة، مبيناً أن السبب الثاني هو مفاوضات الدول حول حصص الكربون فتحولت من حصص كربونية لها علاقة بالتغير المناخي الى حصص تجارية يمكن بيعها بمسمى (Carbon Credit) «لذلك لا نرى اهمية لعلاقة تزايد الحرارة مع الانبعاثات.

وأضاف أن هذا الموضوع ينظر إليه حاليا تجاريا واستثماريا لا اكثر ولا اقل! «والقاعدة العلمية الحقيقية تقول إن زيادة انبعاثات الكربون في الهواء هي نتيجة ارتفاع درجة الحرارة للارض، وليس العكس، فالكربون تبعا للحرارة وليس قائدا لها».

ملاذ آمن

وقال بهبهاني ان منظمة تحالف اوبك الان تغطي 30 في المئة من الطلب العالمي ومتوقع لهذه النسبة أن تزداد الى 45 في المئة في عام 2025 وسوف ترتفع حصص الدول الاعضاء مع نهاية هذا العام، مشيراً إلى ان تحالف اوبك يعتبر الملاذ الامن لحفظ توازن العرض والطلب العالمي للمنتج والمستهلك.

وأوضح أن مبادرة تحالف اوبك كانت عن قناعة بدأتها الولايات المتحدة لضم دول غير اعضاء، كانت تشغل منصب مراقب وعلى رأسها روسيا، حتى يكون هناك توازن لأسعار النفط التي وصلت الى الحضيض وتضررت بها الشركات الأميركية، لافتا الى ان اسلوب اوبك في هذا التحالف في اتخاذ القرار تغير من اجتماعات نصف سنوية سابقا قبل التحالف الى اجتماعات شهرية، «وهذا إن دل على شيء فانما يدل على اهمية قراراتها في حفظ التوازن العالمي، فرغم أنها دول متخاصمة سياسيا فهي متفاهمة اقتصاديا في لقاءات بعيدة عن المناوشات السياسية، مما يدل على احساس بالمسؤولية حول التوازن الاقتصادي العالمي».

وشدد على ان انهيار تحالف اوبك سيؤدي الى كارثة اقتصادية عالمية، وسيضيف تعقيدا اخر الى تعقيد الغلاء الفاحش الذي يسيطر على العالم حاليا مما قد يسببه من انهيارات اقتصادية لدول العالم، والمتضرر الأول شعوبها المعرضة للمجاعة والفقر.

صناديق سيادية

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد وأمين سر الجمعية الاقتصادية الخليجية د. عبدالمحسن المطيري إن الدول تستخدم صناديقها السيادية للتحوط ضد انخفاض إيرادتها، فإذا كانت الدولة تعتمد على النفط في إيرادتها، فالأفضل ان تكون استثمارات صندوقها السيادي بعيداً عن النفط، فلذلك رأينا الصندوق السيادي النرويجي يعلن تقريباً قبل خمس سنوات تخفيض نسبة استثمارات صندوقة السيادي في الشركات النفطية.

وأضاف المطيري: ولكن في نفس الوقت هناك توجه من بعض شركات النفط الكبرى للاستثمار في مشاريع الطاقة البديلة كالهيدروجين والطاقة الشمسية مثل شركة BP نتيجة للضغوط من المهتمين بالتغير المناخي، وخصوصاً من الدول الصناعية التي تريد الوفاء بالتزاماتها في التقليل من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي وأيضاً ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية منع بيع السيارات التي تعتمد على البنزين والديزل في عام 2035.

وتابع: رأينا الطلب على السيارت الكهربائية يتزايد خلال السنوات الماضية إذ تتوقع بعض مراكز الأبحاث أن تكون نسبة مبيعات السيارات الكهربائية لايقل عن %30 في عام 2030 خصوصاً مع توجه الاقتصادات الكبرى للتقليل من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، إذ أقر الكونغرس الأميركي أخيراً خطة جديدة للتحول إلى الطاقة البديلة يزيد حجمها على ٣٥٠ مليار دولار، وتتضمن امتيازات ضريبية لمشتري السيارات الكهربائية، كل هذه المتغيرات تعطي دلالة واضحة أن العالم يتجه بشكل سريع إلى الطاقة البديلة والتقليل من استخدام الطاقة النفطية والغازية.

 

انخفاض الطلب

وأشار المطيري إلى أنه مع تباطؤ الاقتصادات الكبرى نتيجةً للتضخم والحرب الأوكرانية - الروسية والإغلاقات في الصين، فإن هناك توقعات بانخفاض الطلب على النفط خلال العام المقبل، وأيضاً هناك توقعات بزيادة المعروض من النفط من دول مثل البرازيل وليبيا وإيران إذا تم التوصل إلى اتفاق بخصوص برنامجها النووي، لافتاً إلى أن كل هذه الظروف تزيد الضغوط على دول «أوبك» وكيف يمكن أن تحافظ على اتفاقية الإنتاج من خلال «أوبك بلس». لكن عدم وجود إتفاق على الإنتاج يضر بمصالح جميع الدول المنتجة كما حدث عام ٢٠١٩ عندما أدى إلى انخفاض حاد في أسعار النفط.

أصول مالية

من ناحيته، قال الخبير النفطي الإماراتي د.علي العامري، إن صناديق الثروة السيادية عبارة عن مجموعة من الأصول المالية المملوكة والمدارة من طرف الحكومة مكونة من أصول مالية على غرار الأسهم والسندات وغيرها من الأدوات المالية، علماً أن موارد الصندوق تتشكل من فوائض ميزان المدفوعات، أو الموازنة العامة، أو نواتج عمليات الخصخصة، أو إيرادات الصادرات السلعية.

وأضاف العامري أن عام 2022 بدأ بعاصفة من التحديات على المستثمرين من حيث ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو العالمي، وتزايد التوترات الجيوسياسية، مبيناً أن ذلك دفع الصناديق السيادية إلى إعادة التفكير في كيفية استثماراتها، مشيراً إلى أنه حسب الإحصائيات فقد نمت صناديق الثروة السيادية العالمية عام 2021، ووصلت إلى 10.5 تريليونات دولار، مقارنة مع حوالي 8 تريليونات عام 2018، إذ استمتع المستثمرون السياديون خلال تلك الفترة بأسعار الفائدة المنخفضة، ومعدلات التضخم المنخفضة، موضحاً أنهم في الوقت الحالي ربما يستعدون لإعادة النظر في ترتيب استثماراتهم نتيجة استمرار التضخم والحرب الروسية - الأوكرانية التي دفعت بأموال تبلغ 23 تريليون دولار أي الصناديق السيادية إلى إعادة النظر في عملية توزيع أصولهم الاستثمارية، والتوجه إلى الأسواق الخاصة والتخلي عن الدخل الثابت كذلك الابتعاد عن الأسواق الأوربية والبعض ذهب إلى أسهم شركات الطاقة التي أتت بمردود فوق المتوقع بحوالي ٤٠%.

إعادة النظر

ولفت إلى أن المستثمرين السياديين اضطروا إلى إعادة النظر وقاموا بتعديل استثماراتهم وفقاً للمستجدات حيث عدلت صناديق الشرق الأوسط السيادية محافظها تحسباً لارتفاعات أخرى في أسعار الفائدة بالرغم من الخيارات الصعبة، معربا عن اعتقاده ان الاستثمار في الأصول الخاصة سيستمر فترة طويلة وزيادة مخصصاتها للأسهم الخاصة، لاسيما الاستثمار في العقارات والبنية التحتية والطاقة.

وقال العامري: كان المستثمرون السياديون يرون في بداية العام الحالي أن أوروبا تمثل فرصة جيدة، إلا أن هذه النظرة تغيرت بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وكذلك النظرة إلى تباطؤ مسار النمو، مما سيؤدي إلى تضخم مصحوب بركود.

وأضاف أن هناك فرصة في الاستثمار بالتكنولوجيا الأساسية عبر الأسهم الخاصة ومنتجات رأس المال الاستثماري وسوف يكون للتكنولوجيا المتعلقة بتطوير سبل الطاقة النظيفة نصيب الأسد.

وأشار الى ان شركات النفط والغاز عكفت على التحول الى الطاقة الخضراء في السنين الماضية بعد تعرضها لضغط هائل من الحكومات والمنظمات التي تعمل في مجال المناخ لتواكب أهداف اتفاقية باريس، فعلى سبيل المثال، أمرت محكمة هولندية شركة شل بأن تخفض انبعاثاتها الكربونية بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030، وتعهدت بعض الشركات مثل شركة بريتش بتروليوم بخفض انبعاثاتها للوصول الى الحياد الصفري من خلال تسطيح منحنى إنتاجها وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة وخفض حصة الهيدروكربون.

الطاقة المتجددة

وأوضح أن معظم شركات النفط قامت بالاستثمار في هذا المجال حيث أحرزت العديد من شركات النفط تقدما في مجال الطاقة المتجددة من خلال شراء الشركات والأصول، لافتاً الى انها تتشارك مع شركات الطاقة في القطاعات ذات الصلة لتنويع محافظها الاستثمارية، فمثلا استحوذت شركة بريتش بتروليوم على حصة 50 في المئة من مزارع الرياح البحرية لشركة إكوينور الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وقال إن هذه الخطوة قابلتها قلة الاستثمارات في مجال مصادر الوقود التقليدية وأدى انتقال الاستثمارات من النفط الى الطاقة المتجددة والضغط الذي مارسه المستثمرون لإعادة التفكير في الاستثمار في الأصول النفطية والخوف من أنظمة تخفيف التغير المناخي إلى قلة الإنتاج ورأينا نتائجه السلبية هذه السنة مع قلة الإنتاج وارتفاع الأسعار مما حدا بالعالم الى تغيير النظرة في هذه السياسة والمطالبة بزيادة الإنتاج.

وأضاف: وبما ان شركات النفط الوطنية تقوم بدور محوري في الاقتصادات البترولية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فهي تُعنى بالاستثمار في مشاريع النفط والغاز وتحقيق الإيرادات للحكومات، مشيرا الى ان شركات النفط الوطنية في المنطقة تشتمل على بعض شركات النفط الأكثر تطوراً في العالم.

وأعرب عن اعتقاده ان تكون لها سياسات مختلفة عن الشركات الأخرى وتنظر للمصالح الوطنية للدول المنتسبة لها وتكون سياساتها متوازية بين الاستثمارات في النفط والغاز مع توجيه بعض الاستثمارات للطاقة المتجددة، وعندنا مثال حي والذي يحدث في دولة الامارات والاستثمارات التي توجه للطاقة الشمسية والرياح.

وأوضح العامري انه منذ سنين ونحن نسمع أن الأعوام المقبلة ستشهد تقليص دور المنظمة النفطية وسيتم الحد من فاعليتها دون سبب، متسائلاً: هل أصبحت «أوبك» أداة غير فعّالة في أسواق النفط حسب آرائهم ام ان النفط يحتاج هيكلية جديدة من التقسيمات والأحجام؟

وأشار الى ان دور «أوبك» مهم جداً خصوصاً في هذه الفترة في ظل عدم اليقين في الأسواق، مبينا ان جميع الأطراف تريد الحفاظ على تماسكها لعمل توازن في الإنتاج والاسعار لاسيما مع التفكير الأوربي الأميركي بفرض قيود على النفط والغاز الروسي.

عمليات مضاربية

وتوقع أن تضخ «أوبك» النفط حسب الرغبة، لتلبية احتياجات الطلب، نظرا لضعف العرض، مشددا على أن للمنظمة جهودا واضحة في استقرار أسواق الطاقة، وأضاف أن عمليات واسعة من المضاربة وعوامل أخرى غيرت وضع السوق، وعمدت على زيادة التقلبات فيه بشكل كبير، واستمرت هذه التقلبات بشكل ملحوظ مع انهيار السوق المالي العالمي عام 2008، والذي أدى إلى ركود اقتصادي، مؤكدا ضرورة تدخل دول العالم لوقف تلك المضاربات.

واختتم العامري بالقول إنه بما أن قادة الاتحاد الأوروبي اتفقوا في يونيو الماضي على خفض واردات النفط الروسي 90 في المئة بحلول نهاية العام الحالي، وانه بمجرد إقرار العقوبات على النفط الخام بالكامل فسيتم تنفيذها على مراحل على مدى 6 أشهر بالنسبة الى الخام وعلى مدى 8 أشهر للمنتجات المكررة، وإذا تم ذلك فستحدث هزة جديدة للاقتصاد العالمي وسيحتاج العالم دول «أوبك» للمساعدة.

توترات سياسية

بدوره، ذكر الخبير النفطي أحمد كرم أن التوترات السياسية الأخيرة والكميات المعروضة المنتجة من النفط ادت الى ارتفاع الأسعار بشكل سريع حتى استقرت على ما هي عليه الآن في الفترة الاخيرة، واصبحت تتأرجح حول 100 دولار للبرميل، حيث ادت هذه الأسعار الى ارتفاع الايرادات المالية من جراء بيع النفط للدول المنتجة، كما ادت إلى دخول المضاربين لعمليات جني الارباح السريعة.

واضاف كرم: «من جانب آخر نرى دخول الصناديق الاستثمارية الى هذا القطاع والاستثمار فيه، بسبب توجه منتجي النفط للعودة الى المشاريع النفطية مرة أخرى بعد توقفها في الفترة الماضية التي شهدت انخفاض الاسعار».

ولفت الى انه رغم بعض الضغوطات التي تواجه منتجي النفط من قبل المنظمات والهيئات البيئية التي ترغب في الحد من التأثير على التغير المناخي والتلوث البيئي، وبالرغم من زيادة القيود على الإنتاج النفطي والضرائب على مشتقاته، وبالرغم من زيادة التوجه الى استخدام الطاقة النظيفة، فإنه مازال البترول هو المصدر الرئيسي للطاقة بالعالم، والمصدر الرئيسي ايضا لدخول مشتقاته في اغلب المنتجات المصنعة، مضيفا أن «استخدام البترول سيبقى لفترة طويلة، ولا يمكن الاستغناء عنه، ولا يوجد بديل له في وقتنا الحالي».

قوة المنظمة

وأشار كرم الى انه كانت هناك بعض التكهنات من قبل بعض المراقبين والمحللين بإمكانية أن تضعف قوة منظمة أوبك، وان تكون هناك حزازيات بين أعضائها، مما قد يؤدي إلى تفكيكها، إلا أن المنظمة أثبتت قوة ترابط أعضائها حتى مع تواجد التوترات السياسية بينهم، لما لهم في ذلك من مصالح مشتركة تجعلهم يتفقون على أهمية استقرار أسعار النفط المرجوة لهم، ولهذا فهم بأمس الحاجة لبعضهم داخل دهاليز المنظمة.

وشدد على اتفاق جميع المهتمين بأسواق الطاقة على أنه في حال تفكك المنظمة ستكون نهاية استقرار الأسعار، وسيكون إنتاج النفط بشكل عشوائي يؤدي الى انخفاض الأسعار، وهذا ما لا تطمح له الدول الاعضاء أو أي من الدول المنتجة الأخرى، مؤكدا ضرورة تنظيم الإنتاج لضمان استقرار أسواق النفط.

جريدة الجريدة.