«S&P»: رفع تصنيف الكويت مرهون بنجاح الإصلاحات

تحقيق فوائض حتى مع استمرار انخفاض النفط الاحتياطيات النفطية المؤكدة تكفي الكويت 100 سنة الدولة ثامن أكبر منتج للنفط... ولديها سابع أكبر احتياطي تزايد حدة التوترات الجيوسياسية من شأنه أن ينعكس سلباً على الاقتصاد

كونا - ثبّتت وكالة التصنيف الائتماني العالمية «ستاندرد آند بورز» (S&P) التصنيف الائتماني السيادي للكويت عند المرتبة «A.A» مع نظرة مستقبلية مستقرة. وأكدت الوكالة في تقريرها عن تصنيف الكويت، إمكانية رفع التصنيف في حال نجحت الإصلاحات الاقتصادية والسياسية واسعة النطاق، متوقّعة أن يحقق الاقتصاد المحلي نمواً بنحو 1.5 في المئة عام 2019. وتناولت الوكالة في التقرير 3 أجزاء رئيسية هي عوامل التصنيف الرئيسية، وآفاق التصنيف، ومبرراته. وعن عوامل التصنيف، أفادت «ستاندرد آند بورز» في تناولها للملف المؤسساتي والاقتصادي، بأن اقتصاد الكويت يعتمد على النفط، وذلك مع التوقعات بمحدودية تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد على المدى المتوسط، إذ يشكل نحو 90 في المئة لكل من الصادرات والإيرادات العامة، لافتة إلى تبوؤ الكويت المرتبة الثامنة في عام 2018 كأكبر مصدر للنفط الخام في العالم. وتوقّعت نمواً اقتصادياً خفيفاً في ضوء قرار منظمة البلدان المصدرة للنفط والدول من خارج المنظمة (أوبك+) بتمديد اتفاق تخفيض الإنتاج، وأن يحقق القطاع غير النفطي نمواً متواضعاً، علاوة على استمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة. وبالنسبة إلى المرونة والأداء، أوضحت الوكالة أن الكويت تمتلك حجماً ضخماً من المدخرات المتراكمة في صناديق الثروة السيادية، وتبلغ نحو 400 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، متوقّعة أن يمثل حجم صافي الأصول الحكومية العامة نحو 430 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الحالي، وهي النسبة الأعلى بين الدول التي تقوم الوكالة بتصنيفها سيادياً. فوائض كما توقّعت الوكالة استمرار تحقيق المالية العامة للكويت فوائض مالية حتى مع استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية في المستقبل، مدفوعاً ذلك بدخل الاستثمارات الحكومية في صناديق الثروة السيادية، إضافة إلى إبقائها سعر صرف الدينار مرتبطاً بسلة من العملات الرئيسية، والتي يهيمن عليها الدولار. وعن آفاق التصنيف، بيّنت «ستاندرد آند بورز» أن النظرة المستقبلية المستقرة لتصنيف الكويت تعكس توقّعات الوكالة ببقاء الأوضاع المالية والخارجية قوية خلال العامين المقبلين، مدعومة بمخزون ضخم من الأصول الأجنبية المتراكمة في صندوق الثروة السيادية التي من شأنها أن تسهم جزئياً في تخفيف المخاطر المتعلقة بعدم تنويع الاقتصاد الكويتي، واعتماده على النفط. وأشارت إلى إمكانية رفع التصنيف الائتماني السيادي الكويت إذا نجحت الإصلاحات الاقتصادية والسياسية واسعة النطاق في تعزيز الفعالية المؤسساتية، وتحسين التنويع الاقتصادي على المدى الطويل، متوقّعة «أن هذا السيناريو قد لا يتحقق خلال آفاق توقعاتها حتى عام 2022». ولفتت الوكالة إلى إمكان تخفيض التصنيف الائتماني في حال أدّى انخفاض أسعار النفط إلى انخفاض مستمر في مستويات الثروة الاقتصادية أو معدلات أضعف من النمو الاقتصادي أو تصاعدت المخاطر الجيوسياسية بشكل ملحوظ. وبالنسبة لمبررات التصنيف، قالت «ستاندرد آند بورز» إن تأكيدها التصنيف الائتماني للكويت جاء مدعوماً بالمستويات المرتفعة من المصدات المالية والخارجية السيادية المتراكمة لكن التصنيف الائتماني للدولة مقيّد بسمة التركز في الاقتصاد والضعف النسبي في القوة المؤسساتية مقارنة مع أقرانها في التصنيف من خارج الإقليم. وتابعت، أن المنتجات النفطية في الكويت تشكّل نحو 55 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من 90 في المئة من الصادرات، ونحو 90 في المئة من الإيرادات العامة، مبيّنة أنه وبالاعتماد الكبير على قطاع النفط، فإن الاقتصاد الكويتي «غير متنوع». النفط ورجحت الوكالة العالمية، أن يؤدي قرار تمديد اتفاقية منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك +) في شأن تخفيض إنتاج النفط إلى تقييد النمو على المدى القصير، لكن ارتفاع أسعار النفط العالمية سيعوض ذلك الأثر بشكل واسع. وذكرت «ستاندرد آند بورز» عدداً من النقاط تم الأخذ بها في وضع التصنيف، أهمها بقاء الاقتصاد الكويتي معتمداً في معظمه على النفط، إذ يشكّل القطاع النفطي أكثر من 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبيّنت أن الكويت تعدّ ثامن أكبر منتج للنفط الخام، وسابع أكبر احتياطي نفطي في العالم حسب بيانات عام 2018، وأنه على أساس نصيب الفرد، فإن الكويت تعدّ أكبر منتج في العالم، وبافتراض مستويات الإنتاج الحالية، فإن إجمالي الاحتياطيات المؤكدة للنفط تكفي دولة الكويت نحو 100 سنة. وأكدت الوكالة أنه بالنظر إلى تركز الاقتصاد المرتفع على القطاع النفطي، فإن اتجاهات الأداء الاقتصادي للكويت ستبقى مرتبطة بشكل كبير باتجاهات صناعة النفط، متوقّعة أن يحقق الاقتصاد الكويتي نمواً بنحو 1.5 في المئة عام 2019، وذلك انعكاساً لاتفاق «أوبك+» تمديد اتفاقية تخفيض إنتاج النفط. وأوضحت، أن تطبيق ذلك الاتفاق تم في يناير الماضي لفترة أولية 6 أشهر، لكن تم تمديدها 6 أشهر أخرى حتى مارس 2020، متوقّعة أن يبلغ متوسط إنتاج الكويت من النفط نحو 2.7 مليون برميل يومياً في 2019، مقارنة بـ2.8 مليون برميل يومياً كانت مدرجة في خطة البلاد ضمن الموازنة العامة. وذكرت الوكالة أن اتفاق «أوبك+» في شأن تخفيض إنتاج النفط، وعوامل أخرى ساهمت في دعم أسعار النفط العالمية، مرجحة أن يصل متوسط سعر خام برنت إلى 60 دولاراً للبرميل خلال السنوات 2019-2022، وأن ينخفض لاحقاً إلى 55 دولاراً للبرميل على أن تدعم أسعار النفط المرتفعة الفوائض المالية والخارجية للكويت حتى عام 2020. الناتج المحلي وتوقّعت الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5 في المئة في المتوسط خلال السنوات 2020 - 2022، مدعوماً بالتوقعات حول قيام منظمة «أوبك» بإيقاف الاتفاق في شأن تخفيض الإنتاج من النفط بعد مارس 2020، إضافة إلى سعي الكويت إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط، واستئناف الإنتاج في المنطقة المحايدة المشتركة بين الكويت والسعودية، وخطط الحكومة لتنفيذ العديد من المشاريع الاستثمارية. وبيّنت «ستاندرد آند بورز» أنه على الرغم من قوة الترتيبات المؤسسية بالكويت، فإن جهود السلطات المبذولة في إطار الإصلاحات الهيكلية في السنوات الأخيرة تأخرت عموماً عن بقية الاقتصادات الإقليمية الأخرى إذ لم تطبق الكويت ضريبة القيمة المضافة خلافاً لما تم في السعودية، والإمارات، والبحرين. وقالت إن «ذلك التأخر مردّه إلى سعي السلطات بداية نحو تطبيق الضرائب غير المباشرة على الرغم من أن الإطار الزمني لا يزال غير واضح»، مشيرة إلى استمرار تأخير الموافقة على قانون الدين العام الجديد. وتوقّعت «ألا تتم الموافقة على قانون الدين العام في 2019 في ظل العطلة الرسمية لمجلس الأمة مما سيدفع الحكومة للاعتماد على عمليات السحب من الأصول الاحتياطية لتمويل العجز المالي في الموازنة العامة». ورأت أن تزايد حدة التوترات الجيوسياسية «من شأنه أن ينعكس سلباً على الأداء الاقتصادي للكويت إذا ما تعطلت الطرق التجارية»، مؤكدة الأهمية الكبيرة لمضيق «هرمز» بالنسبة إلى الكويت «حيث تمر صادرات الدولة النفطية خلاله في الوقت الحالي». توقعات الأسعار وقالت الوكالة، إنه على الرغم من تراجع توقّعاتها لأسعار النفط في عام 2020 إلى 55 دولاراً من 60 دولاراً، فإنها تتوقع بقاء الموازنة العامة (بعد حساب دخل الاستثمارات الحكومية ومن دون حساب مخصص صندوق احتياطي الأجيال القادمة) في تحقيق فوائض مالية بنحو 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط. كما توقّعت استمرار تسجيل الحساب الجاري لميزان المدفوعات فوائض مالية على مدى العامين المقبلين، وأن يتحوّل إلى عجز معتدل اعتباراً من عام 2021، وذلك على غرار أداء المالية العامة.

المصدر: جريدة الراي