QNB: الدولار يتراجع تدريجياً في السنوات المقبلة

حلل بنك قطر الوطني QNB في تقريره الأسبوعي قوة الدولار الأميركي ملاذاً آمناً مقابل مجموعة أكبر من العملات، حيث أدى الانتشار العالمي لـ«كوفيد 19» إلى تقلبات حادة في الأسواق المالية منذ بداية 2020، مع تأرجح إقبال المستثمرين على المخاطر بين التفاؤل الغامر والخوف في حالات عدة. ومن الناحية التاريخية، تدعم مثل هذه الأوضاع عادةً أصول الملاذ الآمن، بما في ذلك سندات الدين الحكومية العالية الجودة والمعادن الثمينة وعملات الدول الغنية. إن مؤشر الدولار الأميركي يقيس قيمة الدولار بالمقارنة مع سلة مرجحة بأوزان ست عملات: اليورو بوزن %57.6، الين الياباني بوزن %13.6، الجنيه الإسترليني بوزن %11.9، الدولار الكندي بوزن %9.1، الكرونا السويدية بوزن %4.2، الفرنك السويسري بوزن %3.6. إن تحليل قوة الدولار مقابل مجموعة أوسع من العملات (بما في ذلك عملات الأسواق الناشئة) أمر مهم لأن مركز ثقل الاقتصاد العالمي يتجه حالياً نحو آسيا. ومع حدوث هذا التحول، بات بإمكاننا أن نلاحظ بشكل أوضح دور الدولار الأميركي كملاذ آمن، فقد شهدت قيمته ارتفاعاً ملحوظاً خلال ذروة اضطرابات السوق في شهر مارس. وانخفضت قيمته عقب ذلك في شهري أبريل ومايو، بعد أن أثبتت عمليات الإغلاق في جميع أنحاء العالم فعاليتها في إبطاء وتيرة انتشار كوفيد- 19 وتخفيض توقعات المخاطر من مستوياتها المرتفعة. في الواقع، أدت الاستجابة الفعالة عبر السياسات في اقتصادات دول آسيا، مثل الصين وفيتنام، إلى عودة تلك الاقتصادات للنمو، وقد ضعفت قيمة الدولار الأميركي مؤخراً خلال شهر يونيو مع تخفيف إجراءات الإغلاق، وذلك على الرغم من أن فترة الاضطرابات الاجتماعية قد ساهمت في عودة ظهور الفيروس في عدد من الولايات الأميركية. سنضع هذه التحركات الآن في سياق طويل المدى، مع الأخذ في الاعتبار ثلاثة عوامل معيقة للدولار خلال بقية العام وعلى المدى الطويل. أولاً، استفاد الدولار من التدفقات المستمرة إلى محافظ الأوراق المالية في أسواق الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية، مما يعكس ارتفاع العائدات مقارنة بأسواق الاقتصادات المتقدمة الأخرى. فارق بسيط وتشير النماذج الأساسية لقيمة التوازن للدولار إلى أن قيمته كانت أعلى بنحو %20 خلال أبريل، قبل تراجعها البسيط مؤخراً. الآن وبعد أن أقدم بنك الاحتياطي الفدرالي على تخفيض أسعار الفائدة الأميركية إلى الصفر، لم يعد هناك سوى فارق بسيط في أسعار الفائدة الخالية من المخاطر بين الدولار والعملات العالمية الرئيسية الأخرى، مثل اليورو والين الياباني. ثانياً، كما ذكرنا سابقاً، فإن الانتعاش الاقتصادي في آسيا وأوروبا يسبق ببضعة أشهر تعافي اقتصاد الولايات المتحدة، وذلك بفضل تدابير التحفيز واسعة النطاق وفعالية الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الفيروس. وفي حال استمر هذا الانتعاش، من المفترض أن يؤدي إلى ارتفاع قيم الأصول والعائدات للمستثمرين، وهو ما سيدعم قيمة العملات الآسيوية ويُضعف بالتالي قيمة الدولار. ثالثاً، سيؤدي الإصدار الكثيف لسندات الدين الحكومية الأميركية في السنوات المقبلة إلى ضغوط هبوطية على الدولار الأميركي. ويمتلك المستثمرون الأجانب بالفعل حيازات كبيرة من الأصول المقومة بالدولار، وسيحتاجون إلى تحفيز إضافي لزيادة حيازاتهم. وقد يتم ذلك من خلال زيادة أسعار فائدة، ولكن إذا أبقى بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة مخفضة خلال السنوات المقبلة (كما نتوقع)، فقد يتطلب الأمر بدلاً من ذلك تخفيض الأسعار من حيث القيمة بالعملة الأجنبية، أي من خلال تخفيض قيمة الدولار. Volume 0%   وبالنظر إلى هذه الأمور مجتمعة، نتوقع استمرار التراجع الطفيف والتدريجي في قيمة الدولار خلال السنوات القليلة المقبلة مع تعافي الاقتصاد العالمي من تأثير كوفيد- 19. وتتمثل العوامل الرئيسية التي قد تحول دون ذلك في تدهور توقعات النمو العالمي مجدداً بسبب موجة ثانية من انتشار الفيروس وتجدد عمليات الإغلاق. وقد يؤدي ذلك إلى تعزز قيمة الدولار مرة أخرى كعملة من عملات الملاذ الآمن. الوقت وحده كفيل بتحديد العوامل المحركة لقيمة الدولار التي ستسود خلال الأشهر القليلة المقبلة.

جريدة القبس