NMC... قصة التعثر والانكشاف الملياري
السلوك الاحتيالي يتعلق بالتدليس في الأنشطة المالية للشركة
بدأت قصة انكشاف مجموعة «إن إم سي» للرعاية الصحية، التي انكشفت عليها شركات عديدة إقليمية وكويتية، وهي شركة مدرجة في سوق لندن للأوراق المالية، وتمارس عملياتها في 19 دولة، مع إعلانها ديونا بقيمة تزيد على 5 مليارات دولار، لم يكن قد تم الكشف عنها منذ إعلان البيانات المالية المؤقتة للمجموعة كما في 30 يونيو 2019، والإفصاح عن شكوك محتملة حول بعض أنشطة الشركة والتدليس فيما يتعلق بالأنشطة المالية السابقة للشركة.
وبدأ الانكشاف عقب إعلان احتمالية وجود شبهات حول بعض أعمال الشركة وأنشطتها المالية، وتخلّف مجموعة «إن إم سي» للرعاية الصحية عن تسديد بعض ديونها، علما ان مجموعة الجهات المقرضة للشركة تضم أكثر من 80 مؤسسة مالية محلية وإقليمية ودولية بارزة.
وقالت NMC إنها تعمل مع مستشاريها لفهم الطبيعة الدقيقة والكمية للعمليات غير معلنة، بما في ذلك الظروف التي تم الحصول عليها فيها، ويعتقد المجلس أن بعض العائدات ربما تم استخدامها لأغراض غير تابعة للمجموعة، وأن العمل يبدأ لتتبع هذه العائدات بهدف النظر في الإجراءات التي قد تكون متاحة للمجموعة لاسترداد هذه الأموال. علاوة على ذلك، تم إبلاغ المجلس بوجود شيكات، ربما تم استخدامها كضمان لترتيبات التمويل لمصلحة الأطراف الثلاثة.
وأجرت الشركة، التي أسسها رجل الأعمال الهندي د. بي آر شيتي عام 1985، في الآونة الأخيرة مراجعة لمركز ديونها إلى 6.6 مليارات دولار، وهو ما يزيد كثيرا على تقديرات سابقة.
وعينت الشركة في الآونة الأخيرة أيضا رئيسا لإعادة الهيكلة لمعالجة المشكلات المتعلقة بديونها، والشركة في خضم أزمة منذ أن شككت شركة مادي ووترز الأميركية في بياناتها المالية ديسمبر الماضي، حيث قالت «مادي ووترز» - شركة متخصصة في العمل بآلية البيع على المكشوف- إن لديها «شكوكا خطيرة» حول الأوضاع المالية لمجموعة NMC الطبية وحجم أرباحها وديونها المعلنة، بحسب تقرير في 17 ديسمبر الماضي.
وآلية البيع على المكشوف هي طريقة تستخدم في الأسواق المالية لتحقيق أرباح من تراجع الأسهم عن طريق اقتراض الأسهم مقابل مبلغ متفق عليه لفترة محددة، وبيع الأسهم المقترضة في البورصة ثم إعادة شراء الأسهم من البورصة قبل انتهاء مدة العقد بسعر أقل وتحقيق أرباح.
بعد ذلك أعلنت لجنة من «NMC» تعيين Freeh Group، مؤسسة إدارة مخاطر عالمية، لإعداد تقرير مستقل عن الشركة، بحسب بيان آخر لـ»NMC» منشور على موقعها في 17 يناير 2020.
لاحقا، أعلنت مجموعة NMC ان Freeh Group أبلغتها باكتشاف أدلة تؤدي لشكوك في أنشطة مالية سابقة بالمجموعة، وقالت NMC انها ملتزمة بالقيام بتحقيق كامل في هذه الأنشطة، بحسب بيان منشور على موقع NMC في 12 مارس 2020.
وقالت NMC في 24 مارس الماضي إن حجم ديونها يقدر بنحو 6.6 مليارات دولار حتى 23 مارس 2020، بحسب بيان منشور على موقعها أيضا، بما في ذلك السندات القابلة للتحويل 360 مليون دولار و400 مليون صكوك. تتكون التزامات الديون الثنائية والمجمعة للمجموعة من أكثر من 75 من تسهيلات الديون من أكثر من 80 مؤسسة مالية.
وأبلغ مستشارو المراجعة اللجنة أنهم قد اكتشفوا أدلة تؤدي إلى ذلك السلوك الاحتيالي المشتبه به فيما يتعلق ببعض عناصر الأنشطة المالية السابقة لشركة NMC، حيث تلتزم الأخيرة بالكامل بالتحقيق في هذه الأنشطة، وقد أخطرت السلطات ذات الصلة في المملكة المتحدة والإمارات لتحديد الإجراء الذي يعتبرونه مناسبا أيضا.
وتواصل Moelis وPwC وAllen & Overy دعم الشركة، بما في ذلك في مناقشاتها مع المقرضين والمساعدة في توفير الشفافية فيما يتعلق بوضعها المالي، في حين أن هذه التحقيقات المختلفة جارية، ولاتزال NMC تركز بشكل كامل على توفير خدمات الرعاية الصحية في جميع المجتمعات التي تعمل فيها، وكذلك على أداء أعمالها كحماية السيولة التشغيلية لمواصلة تمويل العمليات القائمة.
ووفق «رويترز» في 15 فبراير 2020 قالت شركة «إن.إم.سي هيلث» إنها تواصل محاولة الكشف عن تفاصيل بخصوص حيازات كبار المستثمرين في الشركة بعد أن أعلنت استقالة أحد كبار مساهميها من مجلس الإدارة.
وتعرف شركة «إن إم سي هيلث» بأنها أكبر مزود رعاية صحية خاص في الإمارات، وهي مدرجة في لندن على مؤشر الأسهم القيادية فايننشال تايمز 100، لكنها تتعرض لضغوط متصاعدة بعد أن أثار المساهم الأميركي شركة مادي ووترز شكوكا حيال أوضاعها المالية، مما حدا بمستثمرين رئيسيين إلى التخارج والدفع بسعر السهم للانحدار.
وقالت شركة «إن إم سي هيلث» إن خليفة بطي المهيري، وهو رجل أعمال إماراتي، ونائب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي للشركة، استقال من مجلس الإدارة، بعد أن قامت جهات تنظيمية بريطانية بتفحص أوضاع الشركة عقب أنباء بأن الملياردير الهندي ب.ر. شيتي، مؤسس «إن إم سي» ورئيس مجلس إدارتها لم يفصح بدقة عن حصته فيها.
وذكرت «إن إم سي» لاحقا انه وقعت سلسلة معقدة من تداولات المساهمين، شملت شيتي وبن يوسف ومستثمر كبير آخر هو سعيد القبيسي، مضيفة ان بن يوسف والقبيسي أبلغاها أن أسهمهما جرى التعهد بها كضمان لقروض حصل عليها شيتي ضمن ترتيب «لم يكونا طرفا فيه».
وتابعت: «تواصل الشركة سعيها الحثيث للحصول على توضيح من الدكتور ب.ر. شيتي وخليفة بن بطي وسعيد بن بطي فيما يتعلق بالترتيبات عاليه وحيازات كل منهم».
ومن المرجح أن يثير ذلك مزيدا من الأسئلة عن الحوكمة في «إن إم سي»، والقروض التي اقترضها كبار مساهميها بضمان أسهمهم، وكان شيتي قال إنه سينسحب من مجلس الإدارة بينما تتواصل مراجعة قانونية على إفصاحات حيازاته.
جريدة الجريدة