56.7 مليار دولار الصفقات العقارية الخليجية بالربع الأول

بنمو بلغت نسبته 23% على أساس سنوي.. مقابل 46.2 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من 2023

أصدرت شركة «كامكو إنفست» تقريرا حديثا بعنوان «القطاع العقاري في دول مجلس التعاون الخليجي»، أكدت خلاله أن أسواق الإيجارات في كل من مدن الكويت وجدة وأبوظبي شهدت نموا على أساس سنوي بواقع 2.5% و5.9% و4% على التوالي، وذلك وفقا لاتجاهات الهيئة العامة للإحصاء ووفقا لشركة «جيه إل إل» وREMI.
وأضاف التقرير أن مدينة الرياض شهدت زيادة في الإيجارات الفعلية للمساكن بنسبة 19.3% على أساس سنوي، وفقا لما ورد عن الهيئة العامة للإحصاء، حيث أدت الهجرة من مدن أخرى والوافدين الجدد الذين يدخلون السوق إلى زيادة الطلب على المساكن.
أما فيما يتعلق بالفترة المتبقية من 2024، فتوقع التقرير أن تكون وتيرة نمو الأسعار والإيجارات في مختلف الأسواق الرئيسية معتدلة مع استمرار النشاط القوي للمشاريع السكنية الفريدة الرائدة في السوق من المطورين الذين يمتلكون علامات تجارية مميزة ولديهم قوة تسعيرية، فيما من المقرر أن تسهم خيارات الإقامة الجديدة مثل تأشيرة الإقامة الزرقاء والتعديلات التي طرأت على متطلبات تأشيرة الإقامة الذهبية في الإمارات، وبرنامج الإقامة المميزة السعودي ومبادرة المقر الإقليمي، في تعزيز القطاع السكني بالأسواق الرئيسية على مستوى تلك المناطق الجغرافية.
وأكد التقرير أن السعودية والإمارات ساهمتا في تعزيز نمو قيمة الصفقات العقارية في الدول الخليجية بالربع الأول من عام 2024، حيث بلغت قيمة الصفقات العقارية في الدول الخليجية 56.7 مليار دولار في الربع الأول من العام 2024، بنمو بلغت نسبته 23% على أساس سنوي مقابل 46.2 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من 2023.
وأضاف: استمر نمو قيمة الصفقات العقارية منذ عام 2023 عندما قفزت قيمة الصفقات في المنطقة بنسبة 37% تقريبا لتصل إلى 201.7 مليار دولار. وبالنسبة للربع الأول من 2024 كانت السعودية هي سوق النمو الرئيسي للمنطقة، إذ قفزت قيمة الصفقات (نحو 18.8 مليار دولار) بأكثر من نسبة 70% على أساس سنوي على خلفية قوة الطلب على القطاع السكني في المدن الرئيسية.
كما واصلت دبي في الربع الأول من 2024 أداءها القوي الذي استمر من 2023، إذ نمت قيمة الصفقات العقارية بنسبة 22% على أساس سنوي في الربع الأول من العام فيما يعزى إلى قوة تسعير المطورين الرائدين في السوق، وتزايد الطلب على العقارات الفاخرة تحت الإنشاء لكل من فئتي منازل الأسرة الواحدة ومتعددة العائلات على حد سواء. وساهم كلا السوقين بنسبة 85% من إجمالي قيمة الصفقات العقارية في الدول الخليجية في الربع الأول من 2024، وتمكنا من تعويض الانخفاضات التي شهدتها الأسواق العقارية الرئيسية الأخرى في المنطقة.
كما ارتفع عدد الصفقات في الدول الخليجية على أساس سنوي في الربع الأول من 2024 (+12.9%) ليصل إلى 165.8 صفقة، ويعزى ذلك بصفة رئيسية إلى القفزة التي شهدتها الصفقات العقارية في السعودية ودبي بأكثر من نسبة 44% و17% على التوالي.
وقد أدت هذه الاتجاهات، إلى ارتفاع متوسط قيمة الصفقات العقارية في السوق الخليجية التي تم تنفيذها في الربع الأول من 2024 بنسبة 17% على أساس سنوي، وذلك في ظل استمرار تقدير المستثمرين لقيمة المنتجات العقارية الرائدة المتاحة بالسوق على الرغم من ارتفاع الأسعار التي يطلبها المطورون.
وأكد التقرير أن العرض في معظم القطاعات العقارية سيظل حساسا تجاه الرياح المعاكسة التي قد تسود في النصف الثاني من 2024، إلا ان المطورين الرائدين الذين يتمتعون بميزانيات قوية وسيولة مرتفعة قادرون على التطور بسرعة لتوفير أنواع المنتجات المناسبة للسوق. بالإضافة إلى ذلك، فإن أداء التسعير القوي في أواخر الدورة سيستمر للأصول المميزة عالية الجودة في القطاعات العقارية الفرعية في الدول الخليجية، إلا انه من المتوقع أن يتحقق هذا النمو فقط في أسواق محددة يتميز بها المستثمرون بالانتقائية ومراقبة النشاط الاقتصادي وأسعار الفائدة بصفة عامة.

وأشار التقرير إلى أن أسواق العقارات السكنية الرئيسية في دبي والرياض شهدت اتجاهات تسعير قوية في الربع الأول من 2024 بدعم من قوة نشاط الصفقات العقارية وتزايد الطلب على قطاع العقار الاستثماري. وتفيد التقارير بأن أسعار بيع العقارات في دبي قد ارتفع بنسبة 21% وفقا لشركة «جيه إل إل»، بدعم من المبيعات الجيدة للعقارات قيد الإنشاء والطلب القوي للسداد النقدي من المشترين (ساهمت بنسبة 80%).

وتستمر العقارات الفاخرة والصفقات ذات الصلة في التفوق في أدائها في سوق بيع العقارات قيد الإنشاء، مما دفع المطورين إلى الحفاظ على زخم تدشين مشاريع هذا القطاع.

وفي أبوظبي، ارتفعت أسعار الڤلل بنسبة 10 إلى 15% على أساس سنوي وفقا لشركة «أستيكو»، مع تسجيل أكبر ارتفاع في مجتمعات الفلل الرئيسية، حيث ظل الطلب على المشاريع قيد الإنشاء قويا، لاسيما من المستثمرين الأجانب، فيما ارتفعت أسعار العقارات السكنية في الرياض بنسبة 3.6% للڤلل و8.4% على أساس سنوي للشقق، في ظل انتعاش قروض الرهن العقاري للقطاع السكني في السعودية والتي هيمنت على طلب المشترين في الربع الأول من العام 2024 (22.1 مليار ريال) مقارنة بالربع الرابع من 2023 بنسبة 12.4%، ووصلت تقريبا إلى نفس المستوى المسجل في الربع الأول من 2023.

من جهة أخرى، شهدت الأسواق الأخرى مثل جدة اتجاهات متباينة، حيث انخفضت أسعار الشقق بنسبة 1.1%، بينما ظلت أسعار الڤلل مستقرة على نطاق واسع، وفقا لمجموعة CBRE المتخصصة في مجال الاستشارات العقارية.

أما فيما يتعلق بالإيجارات، أفادت التقارير بأن دبي شهدت قفزة بنسبة 21% على أساس سنوي في متوسط إيجارات العقارات السكنية وفقا لشركة «جيه إل إل»، في حين نقلت CBRE أنباء عن زيادة مماثلة في الإيجارات. وذكرت أن المستأجرين اتجهوا لتجديد عقود الإيجارات السكنية الحالية بدلا من الدخول في عقود جديدة بإيجارات أعلى بكثير.

تسليم محدود

وأشار تقرير كامكو إلى أن المساحات المكتبية الرئيسية في دبي شهدت نموا ملحوظا في الإيجارات بنسبة 22% والرياض بنسبة 8% بفضل استمرار الطلب على المباني المكتبية عالية الجودة وسط عمليات التسليم المحدودة، في حين واصلت قطاعات محددة توسيع بصمتها في هذه الأسواق، في الوقت الذي يتطلع في كلا السوقين إلى أن يصبحا المقر الإقليمي للشركات.

وساهمت مبادرات برنامج المقر الإقليمي في السعودية مثل الإعلان عن حزمة من الحوافز الضريبية للشركات الأجنبية التي تتخذ من المملكة مقرا اقليميا لها، بما في ذلك الإعفاء لمدة 30 عاما من ضريبة دخل الشركات، في إصدار 104 آلاف سجل تجاري في الربع الأول من 2024، بنمو بلغت نسبته 59% مقارنة بالربع الأول من 2023، ليصل إجمالي عدد الرخص المسجلة إلى أكثر من 1.45 مليون في جميع أنحاء المملكة.

وفي دبي، كان هناك نشاط ملحوظ من شاغلي الشركات، وفقا لما ورد عن شركة «جيه إل إل»، في ظل تفضيلهم للمساحات المجهزة بسبب انخفاض مساهمة الملاك في النفقات الرأسمالية، في حين تمكن بعض المستأجرين من التفاوض على اطفاء هذه النفقات في اتفاقية الإيجار.

على صعيد منفصل، ذكرت شركة «نايت فرانك» أن تزايد الطلب في الغالب مصدره القطاع العام، هذا إلى جانب العرض المحدود للعقارات عالية الجودة، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الإيجارات في سوق المكاتب في جدة، وشهدنا اتجاها مماثلا في أبوظبي، وفقا لشركة CBRE، حيث لا تزال الكيانات المرتبطة بالحكومة سواء كانت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أكبر مصدر لطلب الشاغلين، في حين لا يزال قلة المعروض من العقارات عالية الجودة من أبرز التحديات الرئيسية التي تهدد القطاع.

ومن المتوقع أن يصل إجمالي المساحات المكتبية في الأسواق الرئيسية في الدول الخليجية إلى 31 مليون متر مربع بنهاية 2024، مقابل 29.21 مليون متر مربع في 2023، ونتيجة لانخفاض المعروض من المساحات عالية الجودة، شهدت المساحات المكتبية الرئيسية في أبوظبي نموا بنسبة 14% وجدة بنسبة 3.8% ارتفاع إيجاراتها على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من 2024.

ونرى من وجهة نظرنا أن القطاعات المصرفية والخدمات المالية والتأمين، بالإضافة إلى الرعاية الصحية، هذا إلى جانب بعض المصادر الجديدة للطلب مثل قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات والذكاء الاصطناعي والروبوتات، ستظل من أبرز المحركات الرئيسية لاستيعاب المزيد من المساحات عالية الجودة في أسواق المكاتب في الدول الخليجية مثل الرياض ودبي وأبوظبي خلال الفترة المتبقية من 2024.

بالإضافة إلى ذلك، ستواصل بعض الشركات متعددة الجنسيات اتجاهها لتفضيل المساحات المكتبية المستدامة الحاصلة على شهادة اعتماد الريادة لأنظمة الطاقة وحماية البيئة LEED، والتي تراعي عددا من العناصر المهمة مثل الرفاهية والبنية التحتية التي تتسم بمستويات أفضل من الترابط والاتصال.

مخزون العقارات الحديثة

من ناحية أخرى، لفت التقرير إلى أن مساحات المستودعات الصناعية المتخصصة عالية الجودة مطلوبة في جميع أنحاء الدول الخليجية حتى مع بدء انفراج أزمة نقص المعروض، فيما استمر ارتفاع إيجارات هذه المساحات، مما زاد من اتساع الفجوة الإيجارية مقارنة بالمساحات ذات الجودة المنخفضة.

ففي الرياض وجدة ارتفع متوسط الإيجارات بنسبة 8.1% و3.1% على التوالي، حتى مع استمرار تطور المنظومة اللوجستية في السعودية.

وفي الربع الأول من 2024، تم إطلاق توجيهين بارزين في منتدى LEAP 24، بدءا من الإعلان عن منصة لوجستي 2 التي تقدم أكثر من 140 خدمة لوجستية إلكترونية، وخدمات سريعة ومعززة مع اعتماد أفضل الممارسات، وفقا لمجموعة CBRE.

بالإضافة إلى ذلك، ذكرت الشركة أنه تم الإعلان عن نظام مجتمع الموانئ (PCS) الذي يوفر أكثر من 250 خدمة ذات صلة تستهدف رفع الكفاءة السعودية والمساعدة في تحقيق الأهداف اللوجستية لرؤية 2030.

على صعيد منفصل، وقعت شركة الاستثمارات البديلة، الخليج للاستثمار الإسلامي اتفاقية مع شركة «لوجي بوينت» السعودية للتطوير العقاري الصناعي واللوجستي لإنشاء مشروع مشترك لمنصة لوجستية تبدأ من الرياض وجدة لتوفير مرافق التخزين والمناولة في جميع أنحاء السعودية في صفقة تزيد قيمتها عن مليار ريال سعودي (300 مليون دولار).

وفي دبي، أدى ارتفاع مستويات الطلب إلى جانب محدودية المعروض من العقارات الجديدة التي شهدناها مؤخرا إلى نقص المعروض من المخزون عالي الجودة مما أدى إلى ارتفاع متوسط الإيجارات بنسبة 14.3% على أساس سنوي في الربع الأول من 2024، فيما ذكرت الشركة أن العائق الرئيسي الذي يحد من إنشاء العقارات الجديدة يتمثل في عدم وجود البنية التحتية اللازمة أو توافر قطع الأراضي.

قطاع التجزئة

وبالانتقال إلى قطاع التجزئة، نلحظ ان إيجارات مساحات مراكز التسوق في أبوظبي ودبي شهدت نموا بوتيرة أعلى على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من العام 2024 بنسبة 10% و+3% على التوالي، وفقا لبيانات الاستشاريين، ويتركز الطلب في كلا السوقين ضمن الأصول عالية الجودة في المواقع الرئيسية نظرا لعدم توافر المخزون.

ونحتفظ بتوقعاتنا لمراكز التسوق الإقليمية الكبرى في ظل مواصلة المطورين تحسين المساحات المعروضة والتركيز على زيادة بصمتهم في مجال الترفيه العائلي لجذب الزوار، كما نعتقد أن تجارة التجزئة التقليدية رسخت مكانتها في سوق التجزئة بصفة عامة، وأن مخاطر التجارة الإلكترونية التي تعلق الآمال إلى حد كبير في تحقيق مكاسب مستمرة لحصتها السوقية قد استقرت بشكل واضح.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مراكز التسوق التجارية الإقليمية والتي تعتبر الأفضل في فئتها، هذا إلى جانب محلات البيع بالتجزئة ذات الارتباط بالمجتمع، بإمكانها الحفاظ على مساحات شاغرة بمعدلات طبيعية عند نسبة 4 ـ 5 % في ظل عودة نمو الإيجارات التي عادة ما تتحسن بنهاية الدورة.

وفي مثل هذه المساحات التجارية المميزة، سيستمر تجار التجزئة في البحث عن المزيد من المواقع الإستراتيجية لمنافذ البيع مع استعدادهم لدفع أسعار أعلى للظهور بصورة أفضل.

ومن المقرر أن يتمكن أصحاب مراكز التسوق من الحد من مخاطر محفظة المستأجرين من خلال مراقبة مؤشرات الأداء الرئيسية مثل عدد الزيارات ومبيعات المستأجرين ونسب تكلفة الإشغال، والتي ينبغي أن تمكنهم من تجديد العقود أو تمديد عقود الإيجار بأسعار مناسبة.

الأسهم العقارية

وعلى صعيد الأسهم، فقد أشار التقرير إلى تفوق أداء الأسهم العقارية باستثناء صناديق الاستثمار العقارية المتداولة في السعودية (-11.2%) على الأداء العام للسوق الخليجية في الفترة الممتدة ما بين يناير إلى مايو 2024، إلا أنها ظلت متقلبة طوال هذه الفترة.

وارتفع مؤشر العائد الكلي للعقارات الخليجية الصادر عن شركة «ريفينيتيف» بنسبة 3.8%، متفوقا على أداء مؤشر مورجان ستانلي الخليجي (-8.2%) خلال الخمسة أشهر الأولى من العام، بدعم من الأداء القوي لمؤشرات قطاع التطوير العقاري في السعودية (+7.2%) والكويت (+6%) ودبي (%5.1+).

ويواصل المستثمرون دعم أسهم المطورين المميزين على مستوى القطاع، ممن لديهم القدرة على زيادة الأسعار بوتيرة قوية ولديهم مشاريع قيد الاعداد، ويمتلكون القدرة على جذب الطلب على القطاع السكني وبيع مشاريعهم.

وبالنسبة للفترة المتبقية من 2024، فمن المتوقع أن يستمر تقلب أسعار الأسهم العقارية ويفضل اختيار شركات المطورين الذين يتمتعون بسيولة قوية في ميزانياتهم العمومية لقدرتهم على اقتناص فرص إطلاق مشاريعهم والحفاظ على حصتهم السوقية. إلا اننا ما زلنا نرى أن حساسية أسعار الأسهم العقارية تجاه إمكانية خفض أسعار الفائدة وتقلب معدلات الإشغال قد يؤثر على أسعار أسهم الاستثمارات العقارية المدرة للدخل الثانوي إلى حد كبير.

جريدة الانباء