100 مليون دينار «منسيّة»... تبحث عن أصحابها!
التوزيعات النقدية راكمتها في الحسابات المصرفية لمواطنين ووافدين
في حالة فريدة من نوعها، كشفت مصادر مصرفية عن وجود مبالغ ضخمة تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار، تبحث عن أصحابها منذ أعوام عديدة، لافتة إلى أن هذه الأموال مصدرها التوزيعات النقدية الممنوحة من قبل عشرات الشركات المُدرجة، وغير المُدرجة. وذكرت المصادر، أن جزءاً كبيراً من المبالغ «المنسية» مودع بحسابات التوزيعات منذ نحو 10 سنوات، وربما أكثر، مشيرة إلى تراكم التوزيعات النقدية لدى البنوك من دون أن يسأل عنها أحد، منوهة إلى أن أموال التوزيعات النقدية مختلفة عن الحسابات الخاملة في البنوك. وبيّنت أنه تم توزيع تلك المبالغ بعد توصيات مجالس إدارات الشركات، واعتماد الجمعيات العمومية لها، منوهة إلى أن تلك الأمول «بيد البنوك» في الوقت الحالي، لكنها لا تملك حق التصرف بها. وأكدت المصادر، أن الجزء الأكبر من المبالغ يعود على ما يبدو لعدد كبير من قدامى المساهمين بالشركات (منهم من توفاه الله) في حين لم يبحث الورثة المستفيدون منها عن ملكياتهم في الأسهم وحقهم من التوزيعات النقدية، مستدركة «ولكنهم في المقابل ربما لا يعرفون في شأن هذه الملكيات والحقوق». ورأت المصادر، أن هناك تقصيراً كبيراً من قبل أصحاب المحافظ والملكيات ومديريها على حد سواء، إذ إن صرف تلك المبالغ لا يتطلب جهداً، بل إجراءات قانونية بسيطة للحصول عليها من قبل المساهم نفسه، أو إعلام ورثته وأقربائه بخصوصها. وقالت المصادر، إن الكثير من أصحاب الحسابات أو المساهمين القدامى اعتادوا حفظ أسهمهم وملكياتهم في (التجوري) وتركوا حصصهم وتوزيعاتهم النقدية تتضاعف عاماً بعد آخر، ولسبب أو لآخر تم نسيان هذه الحسابات. وتابعت، أن جانباً من التوزيعات المُجمدة جاء من خلال الشركات المساهمة العامة التي أُدرجت في البورصة، وحصل عليها صغار السن «مواطنون» دون أن يتصرف فيها ولي الأمر، أو المعني آنذاك عبر التخارج، أو الدمج وغيرها من الإجراءات الشبيهة. تحذيرات في المقابل، حذّرت المصادر من الإبقاء على تلك المبالغ دون تفاعل أصحابها، أو الشركات الموزّعة لها، ولو عن طريق حملة إعلانية تتم لصالح المواطنين والوافدين من مساهمي تلك الشركات الذين نسوا حقهم في التوزيعات. وأشارت إلى أن هناك 50 شركة ما بين مشطوبة ومنسحبة اختيارياً من البورصة، من غير المعلوم موقف حساباتها، متسائلة «هل ستظل صلاحيات إدارة حسابات التوزيعات النقدية لدى البنوك بيد مسؤوليها من الشركات؟». وفي هذا الإطار، نبهت المصادر من أن بعض الشركات مر ويمر بتعثرات كبيرة، وقد لا يجد حرجاً في اللجوء لتلك المبالغ ما لم يظهر أو يتفاعل أصحابها أو المستفيدون منها. وتخوفت من استغلال تلك الشركات لصلاحيتها عبر تحويل المبالغ المتراكمة في حساباتها البنكية المخصصة للتوزيعات النقدية إلى حسابات أخرى، ما يُعرض حقوق قُدامى المساهمين للضياع، مبيّنة أن الأمر بحاجة متابعة رقابية من قبل هيئة أسواق المال وغيرها من الجهات حتى تصل الأموال إلى أصحابها. وعن موقف التوزيعات المودعة منذ 10 سنوات وأكثر واستفادتها من الفائدة، قالت مصادر «تستفيد تلك الحسابات من الفوائد حالها حال الحسابات الأخرى، وفقاً للمعايير والضوابط المصرفية المتبعة، إلا أن فوائد تلك المبالغ تظل بالحساب دون توزيعها بالتساوي على المساهمين كل حسب نصيبه». المقاصة وفي السياق ذاته، أوضحت المصادر أن الشركة الكويتية للمقاصة ليس لها علاقة بإدارة تلك الحسابات أو الاستفادة منها، إلا أنها مسؤولة عن إصدار الشيكات الخاصة بكل مساهم وحقه النقدي من خلال طلب الأوراق الثبوتية الخاصة بكل توزيعة على حدة. وذكرت أن «المقاصة» اعتمدت نظاماً جديداً بالتعاون مع البنوك المحلية يقضي بتحويل التوزيعات النقدية السنوية «أون لاين» إلى حسابات المساهمين اعتباراً من العام المقبل، وذلك من خلال خدمة توفرها المصارف بالتعاون مع الشركات. وأفادت بأن الشركة أجرت تحديثاً كبيراً على الأنظمة المتبعة في شأن التقاص والتسوية، إضافة إلى مراجعة حسابات المساهمين في الشركات المودعة سجلاتها لدى «المقاصة»، لافتاً إلى متابعة الأمر مع هيئة المعلومات المدنية من أجل تحديث الكثير من البيانات. مواطنون ووافدون استغرب مراقبون مسألة ترك التوزيعات النقدية لتتراكم بهذا الشكل، معتبرين أن «من شأنها تغيير الوضع المالي لكثير من الأسر والمواطنين، وربما الوافدين من أصحاب الحق فيها، لا سيما إذا كانت تلك التوزيعات أُقرت على حصص كبيرة وقديمة». وأشار هؤلاء إلى أن بعض الملكيات (الجامدة) في الأسهم المُدرجة تضاعفت من حيث الكمية عبر الأسهم المجانية، وأيضاً من حيث السعر السوقي، بخلاف التوزيعات النقدية المقررة. وأشاروا إلى أن بعض المساهمين لا يعلمون عن حقوقهم شيئاً «ولو تحملوا عناء السؤال عن حساب التداول الخاص بهم وما لهم من توزيعات متركمة سيتفاجأون خصوصاً مساهمي الشركات (المُحترمة) صاحبة التوزيعات النقدية المنتظمة على غرار البنوك والشركات الخدمية والاستثمارية والعقارية التشغيلية». الحسابات الخاملة بيّنت المصادر، أن الأموال المتراكمة في حسابات التوزيعات النقدية، تختلف عن الحسابات الخاملة في البنوك، والتي تضم هي الأخرى مبالغ بعشرات الملايين من الدنانير. وأوضحت أن النسبة الأكبر من الحسابات الخاملة لا تتوافر أي بيانات حول ملّاكها منذ أكثر من 20 سنة، في حين تم الحصول على معلومات قليلة ومحدودة في شأن عدد قليل منها.
المصدر: جريدة الراي