رياح عقوبات ترامب تضرب سفن المستثمرين بإيران
كويتيون أودعوا أموالاً واشتروا عقارات عقب الاتفاق النووي
يمر الاقتصاد الإيراني بواحدة من أسوأ مراحله على الإطلاق نتيجة عودة العقوبات الأميركية على قطاعات حيوية عدة، وعلى رأسها النفط. ولعل من أبرز تداعيات هذه العقوبات، هبوط العملة الإيرانية بنحو 200 في المئة مقابل الدولار منذ بداية العام 2018 وحتى الآن، وذلك وفقاً لبيانات موقع «Bonbast» المختص بالعملات، وهو ما انعكس سلباً على المستثمرين ومنهم كويتيون، ولاسيما أصحاب الودائع والعقارات. وكان عدد من الكويتيين والمقيمين قد وجهوا أموالهم إلى طهران بعد رفع العقوبات الأميركية عنها عقب التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، سواء على شكل ودائع سعياً وراء الفائدة الكبيرة التي كانت تقدّمها البنوك الإيرانية بنحو 22 في المئة، أو على شكل عقارات اشتروها بأثمان رخيصة نسبياً أملاً في أن تزيد قيمتها بتحّسن السوق عندما يبدأ الاقتصاد الإيراني يستعيد عافيته. لكن «رياح الاقتصاد الإيراني وعقوبات ترامب لم تجرِ كما تشتهي سفن المستثمرين» بل على العكس تماماً، إذ أشار غير تقرير عالمي إلى أن العقوبات الأميركية أفلحت في خنق الاقتصاد الإيراني ودفعته نحو الهاوية، ما أدى بالكثير منهم إلى التفكير بطرق عدة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من قيمم مدخراتهم، وتخفيض حجم خسائرهم نتيجة التطورات الأخيرة و«الحرب الباردة» بين واشنطن وطهران. الغانم وفي هذا الإطار، قال أمين سر اتحاد العقاريين، قيس الغانم، إن «الكويتي الذي استثمر في إيران سواء في العقار أو في الودائع خاسر لا محال، جراء تدهور قيمة العملة إلى مستويات كبيرة جداً». ولفت الغانم في تصريح لـ«الراي» إلى أن عدداً ليس كبيراً من الكويتيين اشتروا عقارات وأراضي استثمارية بعد رفع العقوبات عن إيران بهدف تطويرها، وبيعها على شكل شقق، وتحقيق مرابح منها، مع بدء السوق هناك بالتحسّن. وأشار إلى أن إعادة ترامب فرض العقوبات في العام الماضي شكّل صدمة للاقتصاد الإيراني، وهوى بالعملة إلى الحضيض، ما دفع الكثير منهم إلى الاندفاع سريعاً للمحافظة على قيمة أموالهم عبر اللجوء إلى الملاذات الآمنة عن طريق شراء عقارات أو ذهب، ما زاد الطلب، ورفع أسعار العقارات بشكل ملحوظ. وأوضح أنه وعلى الرغم من ارتفاع قيم العقار في إيران، إلا أن الكويتيين لا يزالون خاسرين إذا فكّروا في التخارج منها، وتحويل أموالهم إلى الكويت لأن فرق العملة بين التومان والدينار سيحوّل هذه الأرباح إلى خسائر. وذكر الغانم أنه «حتى الإيرانيين الذين اشتروا عقارات للحفاظ على قيمة أموالهم خسروا، لأن التضخم الذي وصل لمستويات عالية جداً أكل هذه الربحية». شيخان من جانبه، قال مدير مكتب «البتيل» العقاري، خليل شيخان، إن القانون الإيراني لا يسمح بتملك الأجنبي للعقار إلا عن طريق تأسيس شركة بمساهمة مواطن إيراني، مؤكداً أن نسبة قليلة جداً من الكويتيين جذبها هبوط العملة أمام الدينار لشراء أراض استثمارية، وتطويرها لجني الأرباح. وأوضح أن غالبية عقارات الكويتيين تتركز في مدينة مشهد، وفي شمال إيران حيث الأماكن السياحية، مؤكداً أن الكويتيين لا يرضون أن يشاركهم أحد في أملاكهم، كما أن طول الدورة المستندية لتأسيس شركة في إيران يثبّط هممهم للقيام بمثل هذه الخطوة. وفي حين أكد شيخان أن عدد الكويتيين المستثمرين في العقار بإيران قليل نسبياً، لفت إلى أن الكثير منهم ومن المقيمين «بلعوا الطعم» بعد رفع الولايات المتحد العقوبات عن طهران من خلال إيداع أموالهم في البنوك الإيرانية التي فتحت شهيتهم بارتفاع العوائد التي وصلت إلى نحو 22 في المئة، مبيّناً أن ودائع الكويتيين في البنوك آنذاك بلغت عشرات الملايين. وذكر أن هؤلاء تكبّدوا خسارة كبيرة جراء تدهور قيمة التومان، وتبخّر جزء كبير من قيمة تلك الودائع على الرغم من حصولهم على فوائد كبيرة. كما أشار في الوقت نفسه إلى أن المستثمرين الذين كانوا يسحبون فوائد أموالهم سنوياً لم تكن خسائرهم بالقدر الفادح مثل الذين آثروا ترك الفوائد، وإضافتها إلى رأسمال الوديعة للاستفادة منها بشكل أكبر، مبيّناً أن طمع هؤلاء عاد عليهم بالخسارة الكبيرة. مودع بدوره، قال أبو علي (أودع أمواله في بنك إيراني) إن العوائد الكبيرة التي كانت تمنحها البنوك الإيرانية دفعته إلى سحب قرض من بنك كويتي بنحو 20 ألف دينار، ووضعها وديعة في أحد البنوك الإيرانية، مبيّناً أن قيمة الفوائد التي كان يتقاضاها من البنك الإيراني كانت تغطي قيمة قسطه للبنك الكويتي وزيادة. وأضاف أنه «عندما أودع أمواله في إيران كانت قيمة المليون تومان نحو 80 ديناراً، في حين أن قيمتها الحالية تصل إلى نحو 25 ديناراً، ما يعني أن قيمة وديعته في حال تحويلها للدينار ستفقد أكثر من 60 في المئة من قيمتها». وبيّن أن البنك الإيراني لا يزال حتى الآن يدفع له الفوائد لكن قيمتها لم تعد تغطي إلا ثلث قيمة قسطه للبنك الكويتي. ولفت إلى أن الكويتيين والمقيمين كانوا يسحبون فوائد أموالهم المودعة في إيران عن طريق أجهزة «ATM» موجودة لدى صرافين معدودين في الكويت ممن تتعامل مع تلك البنوك، ما شجع الكثير منهم على وضع إيداعات تصل إلى عشرات الملايين هناك.
جريدة الراي