قادة أوروبا يقرّون خطة نهوض اقتصادي «تاريخية»

أسهم دول الاتحاد تبلغ ذروة مارس... واليورو يسجل أعلى مستوى في 4 أشهر

سجل اليورو أعلى مستوياته منذ مطلع مارس فصعد بنسبة 0.2% مقابل الدولار إلى 1.1470 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 9 مارس الماضي، رغم أن مكاسبه حد منها توقعات قبل فتح السوق بالتوصل إلى اتفاق في نهاية الأمر، إلى جانب المعدلات المرتفعة التي سجلها اليورو في الآونة الأخيرة.

أبرم قادة الاتحاد الأوروبي اتفاقا "تاريخيا" بشأن خطة حوافز ضخمة لاقتصاداتهم التي تضررت من جائحة فيروس كورونا، في الساعات الأولى من أمس بعد قمة عسيرة استمرت نحو خمسة أيام.

ويمهد الاتفاق الطريق أمام المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، لجمع مليارات اليورو من أسواق المال بالنيابة عن الدول الأعضاء البالغ عددها 27، وذلك في تضامن غير مسبوق في نحو سبعة عقود من التكامل الأوروبي. ووصف رئيس القمة شارل ميشيل الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه في الساعة 0515 (0315 بتوقيت غرينتش) صباحا بأنه "لحظة محورية" لأوروبا.

وحذر الكثيرون من أن فشل الاتفاق في ظل جائحة "كورونا" كان سيضع استمرار التكتل محل شك شديد بعد سنوات من أزمة اقتصادية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة.

صعود الأسهم

ودفعت أنباء الاتفاق أسواق الأسهم في شتى أنحاء الاتحاد الأوروبي للصعود عند الفتح أمس، إذ صعد المؤشر ستوكس لأسهم منطقة اليورو 1.1 في المئة بحلول الساعة 0712 بتوقيت غرينتش، ليبلغ أعلى مستوى منذ الخامس من مارس الماضي.

وكسب المؤشر ستوكس 600 الأوروبي الأوسع نطاقا 0.9 في المئة، وهو أيضا أعلى مستوى منذ الخامس من مارس وسط تفاؤل متزايد بشأن علاج "كوفيد-19" بعد بيانات مبكرة واعدة عن تجارب لثلاثة لقاحات محتملة.

وصعد المؤشر داكس الألماني لأعلى مستوى منذ 24 فبراير الماضي بفضل سهمي ساب وسيمنس.

اليورو

وسجل اليورو أعلى مستوياته منذ مطلع مارس فصعد بنسبة 0.2 في المئة مقابل الدولار إلى 1.1470 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ التاسع من مارس، على الرغم من أن مكاسبه حد منها توقعات قبل فتح السوق بالتوصل لاتفاق في نهاية الأمر، إلى جانب المعدلات المرتفعة التي سجلها اليورو في الآونة الأخيرة.

وسجل اليورو في أحدث تداول له انخفاضا بنسبة 0.1 في المئة عند 1.1442 دولار.

وعززت نتائج مشجعة من عدة تجارب للقاح "كوفيد-19" المعنويات الأوسع نطاقا، وكذلك العملات المرتبطة بالسلع الأولية.

وقال محللون إنه لا يوجد معلومات جديدة تذكر في الاتفاق النهائي يمكنها دفع اليورو للصعود أكثر من ذلك، إذ تم بالفعل تحديد قيمة المنح، وكذلك القروض.

واستقر مؤشر الدولار مقابل سلة عملات، وسجل 95.813 في أحدث تداول. وارتفعت العملات المرتبطة بالسلع الأولية.

وربح الدولار الأسترالي 0.5 في المئة إلى 0.7049 دولار أميركي، وهو أعلى مستوى منذ العاشر من يونيو، بعدما لم يقدم البنك المركزي سوى القليل من المفاجآت في محضر اجتماعه في الشهر الماضي، وكذلك في كلمة محافظه.

واستفاد الجنيه الاسترليني أيضا من التحسن واسع النطاق في معنويات المخاطرة حيث زاد 0.4 في المئة إلى 1.2716 دولار، وهو أعلى مستوى منذ 11 يونيو. وصعد 0.3 في المئة مقابل اليورو إلى 90.16 بنسا.

وساد الهدوء بقية الأسواق، حيث جرى تداول معظم العملات في نطاقات محدودة. واستقر الين مقابل الدولار عند 107.31 ين.

اتفاق تاريخي

وقال ميشيل في مؤتمر صحافي: "يرسل هذا الاتفاق إشارة ملموسة بأن أوروبا قوة فاعلة".

وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أشرف على الدفع من أجل التوصل للاتفاق مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالاتفاق، واصفا إياه بأنه "تاريخي بحق".

ويأمل القادة أن يساعد صندوق التعافي البالغ حجمه 750 مليار يورو (857.33 مليار دولار) والميزانية المرتبطة به البالغ حجمها 1.1 تريليون يورو لأعوام 2021-2027 في إصلاح أكبر ركود للقارة منذ الحرب العالمية الثانية، بعد أن تسبب تفشي فيروس كورونا في توقف الاقتصادات.

وعلى الرغم من قوته الرمزية فإن الاتفاق جاء على حساب تخفيضات في الاستثمار المقترح في الصناديق الصديقة للبيئة، كما أنه لم يحدد شروط توزيع الأموال على دول، مثل المجر وبولندا، يُنظر لها على أنها تنتهك القيم الديمقراطية.

لكن مع تكتل يضم 27 دولة تملك كل منها حق النقض (فيتو)، كشفت القمة أيضا عن أوجه قصور في الاتحاد من المرجح أن تعرقل صنع القرار مستقبلا بشأن المال، إذ تقاوم دول الشمال الأكثر ثراء مساعدة الجنوب الأكثر فقرا.

وقادت هولندا مجموعة من الدول "المقتصدة" تشمل النمسا والسويد والدنمرك وفنلندا أصرت على أن مساعدة إيطاليا وإسبانيا وغيرها من بلدان البحر المتوسط التي تحملت العبء الأكبر للجائحة ينبغي أن تكون معظمها على هيئة قروض وليست منحا لا ترد.

وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته: "كان هناك القليل من الصدامات، لكن كل هذا جزء من اللعبة"، ووصف علاقته بنظيره الإيطالي جوزيبي كونتي بأنها "دافئة".

لكن المستشار النمساوي زيباستيان كورتس قال، إن قوة تفاوض الدول المقتصدة ظهرت لتبقى، مشيرا إلى أن المحرك الفرنسي الألماني التقليدي لأوروبا سيواجه تحديات من اتحاد دول أصغر معا.

وبموجب الاتفاق الذي جرى التواصل إليه، ستقترض المفوضية الأوروبية 750 مليار يورو مستغلة تصنيف ديونها عند ‭‭‭‭AAA‬‬‬‬، وستصرف منحا بقيمة 390 مليار يورو، أقل من 500 مليار، وهو المبلغ الذي كان مستهدفا في البداية، وقروضا منخفضة الفائدة قيمتها 360 مليار يورو.

ونجحت مفاوضات روته في خلق "مكبح طوارئ" لوقف تحويل المال مؤقتا من صندوق التعافي إلى أي دولة في الاتحاد يتبين أنها لم تلتزم بشروط الإصلاح المرتبطة بمنح المال.

وتواجه خطة التعافي الآن مسارا صعبا محتملا في البرلمان الأوروبي، ويتعين أن تصدق عليها جميع الدول الأعضاء وهو ما سيعني إرجاء تحويل الأموال إلى الاقتصادات التي في حاجة ماسة للمساعدة في الوقت الراهن.

جريدة الجريدة