ضعف نمو «الصخري الأميركي» يفتح النقاش حول نهايته

ثمة عامل بدأ يؤثر بشدة على صناعة الطاقة بصورة عامة ويتمثل في تركيز أنصار حماية البيئة على جعل شركات النفط «خضراء» بقدر أكبر وإبعاد خطر الملوثات عن البشر. توقعت مصادر رسمية روسية، مؤخراً، نهاية قريبة لصناعة النفط الصخري الأميركي نتيجة الضعف الذي شهدته معدلات النمو بقدر فاق ما تحقق في الأعوام السابقة. واستمر عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة بالتراجع ووصل إلى 851 منصة، بانخفاض بلغ 216 منصة عن عدد هذه الفترة من العام الماضي. ودفع هذا التطور بنك "غولدمان ساكس" إلى خفض تقديراته الروتينية المتعلقة بنمو صناعة النفط الصخري الأميركي في العام المقبل. وتشكل الحروب الاقتصادية المستمرة من دون توقف خطراً رئيسياً على صادرات النفط في الولايات المتحدة. واللافت أيضاً أن التأثير السلبي لم يقتصر على النفط فقط بل تعداه إلى الغاز الطبيعي المسال، الذي تضرر نتيجة تلك الحروب من دون وجود بارقة أمل لنهاية لها في المستقبل المنظور. ولعل أشد هذه الحروب قسوة على الاقتصاد العالمي هي الحرب بين الولايات المتحدة والصين، التي تمر في الوقت الراهن بمراحل من الأمل والإحباط – والسؤال الذي يتردد في الأوساط الاقتصادية هو ما الذي تريده واشنطن من بكين بعيداً عن ضغوط النفط والسعي المستمر إلى تحجيم تلك القوة الآسيوية الصاعدة والتي تتمثل بجلاء في الميادين الاقتصادية والدفاعية والثقافية والتقنية وتهدد بإنهاء دور الولايات المتحدة على شكل مصدر حاسم في عالم اليوم الممزق والمعرض لتداعيات ضبابية قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة؟ من جهة أخرى، لاحظ محللون حدوث تحول بارز في مواقف الولايات المتحدة من الصين خلال السنوات القليلة الماضية، وخصوصاً في الفترة التي سبقت وصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض. وساد شعور في الأوساط السياسية الأميركية في الأعوام الأخيرة يؤكد أن أسلوب واشنطن في التعامل مع بكين لم يكن ناجحاً، وكان ذلك أحد الأسباب الكثيرة التي دفعت إلى هذا التغير في علاقات البلدين وخصوصاً بعد أن تقدمت صناعة النفط الأميركية بخطوات مؤثرة قد تمكنها من فرض كلمتها بعيداً عن الاعتبارات التقليدية والمواقف المرتبطة بالسياسة. وثمة عامل بدأ يؤثر بشدة على صناعة الطاقة بصورة عامة ويتمثل في تركيز أنصار حماية البيئة على جعل شركات النفط "خضراء" بقدر أكبر وإبعاد خطر الملوثات عن البشر. وقال أحد خبراء الصحة في أستراليا في كلمة له أمام اجتماع مساهمي شركة "إيكوينور" النفطية النرويجية في وقت سابق من هذا العام، إن شركات النفط العالمية الكبرى تهدد البيئة بصورة قد يصعب السيطرة عليها، كما دعا الحضور إلى دعم قرار صدر عن مجموعة صغيرة من المستثمرين يهدف إلى وقف خطط شركة "إيكوينور" الرامية إلى استكشاف النفط في السواحل الجنوبية من أستراليا، التي وصفها بأنها واحدة من المناطق البحرية الأكثر نظافة في العالم من الوجهة البيئية. وأكد هذا الخبير الأخطار التي ينطوي عليها استخراج النفط والغاز بالنسبة إلى الحياة البرية والمناخ، قائلاً" أنا أرى أن عمليات الحفر تشكل تهديداً مباشراً بالنسبة إلى ثقافتنا وهويتنا". يذكر في هذا السياق أن حكومة النرويج سبق أن أوصت بالتخارج من 134 شركة استكشاف عالمية واعتبر ذلك القرار في حينه دليلاً على أفول عصر النفط. وفيما أحدث ذلك التوجه هزات شديدة في أسواق المال غير أن الشركات المعنية كانت ضمن الشركات الهامشية، وقد اعتبر محللون أن تلك رسالة الى شركات النفط الكبرى أيضاً كي تزيد من استثماراتها في الطاقة المتجددة وتجاوز خطر ارتفاع الطلب على النفط.

جريدة الجريدة