رسوم الوكالة العقارية قيَّدت حركة المضاربين في «السكني»
• 42.1% تراجعاً في صفقات القطاع خلال الثلث الأول من العام.
• مساهمة «الخاص» بالتعاملات العقارية انخفضت في أبريل إلى 40.7%.
كشفت بيانات حصلت عليها «الجريدة» عن انخفاض لافت في تعاملات العقار السكني في البلاد خلال الثلث الأول من العام، مقارنة بالفقترة ذاتها من العام الماضي.
وحسب بيانات وزارة العدل، بلغ عدد الصفقات، التي تمت في هذا القطاع منذ بداية العام الحالي حتى شهر أبريل 1726 صفقة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، والتي بلغ فيها عدد الصفقات، 2983، أي بانخفاض نسبته 42.1 في المئة.
كما شكّلت نسبة مساهمة القطاع السكني في يناير 2022 نحو 59.2 في المئة من جملة قيمة تداولات العقار، ثم انخفضت الى 52.7 في المئة في فبراير، لترتفع الى 63.4 في المئة في مارس، ثم لتعود وتنخفض الى 40.7 في المئة في أبريل.
وعزت مصادر مطلعة الأسباب التي أدت إلى تراجع أسعار العقار السكني ووزنه في السوق إلى خروج المضاربين بسبب رفع رسوم الوكالة العقارية لتصبح 0.5 في المئة، بعد أن كانت رسومها ثابتة بغضّ النظر عن سعر العقار، بقيمة 500 دينار عن العقارات البالغ سعرها 100 ألف دينار وما فوق، و250 للعقارات الأقل من ذلك، مشيرة إلى أن عدة أسباب أخرى تضافرت فأخرجت المضاربين من القطاع السكني، منها وصول أسعار العقارات السكنية إلى مستويات مُبالغ بها، وأصبحت لا تناسب القدرة المالية لشريحة واسعة من المواطنين، إضافة إلى انخفاض وتيرة نمو أسعار العقارات السكنية، مقارنة مع العام الماضي، وهذا خلق مخاوف من قدوم تصحيح للقطاع.
وكانت أسعار العقارات السكنية قد وصلت إلى مستويات قياسية في الفترة الماضية، وصفها العديد من المختصين بالمتضخمة، إذ إن هناك مناطق ارتفعت الأسعار فيها بما لا تقل نسبته عن 50 في المئة، خلال فترة قصيرة.
وتتعدد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار العقارات، منها استفحال الأزمة الإسكانية، بعد تخلّف الحكومة عن تغطية الطلبات الإسكانية للمواطنين، إضافة إلى الاختلالات الاقتصادية التي خلّفتها جائحة كورونا، كما كان لاستهداف المضاربين للقطاع دور كبير، وهذا يعتبر من أبرز الأسباب.
واستهدف المضاربون القطاع السكني، منذ سنوات، بعد أن وجدوا فيه فرصاً مضاربية أو استثمارية قصيرة المدى، وبعد جائحة كورونا ووجود تسهيلات ائتمانية، وتأثّر القطاع الاستثماري جراء الجائحة، ورحيل عدد كبير من الوافدين المشغل الرئيسي لهذا القطاع، زاد استهداف المضاربين للقطاع.
لكن في الآونة الأخيرة، شهد القطاع السكني تنامي ظاهرة خروج المضاربين من السوق، بحسب ما رآه العديد من المراقبون، لتقتصر التداولات على المواطنين الراغبين في السكن ومستثمري طويل الأجل.
وكان المضاربون يعتمدون بشكل كبير على الوكالة العقارية سابقاً، إذ إن رسومها منخفضة، وتتميز بالسرعة في تنفيذ الصفقة العقارية، ولا تتطلب إحضار شهادة أوصاف.
من جهتهم، قال عدد من العقاريين إن ابتعاد المضاربين عن «السكني» يصب في مصلحة هذا القطاع، إذ تعتبر تداولاته في الوقت الحالي أكثر صحية، وهناك استقرار في الأسعار التي كانت تشهد سابقاً ارتفاعات كبيرة خلال فترة وجيزة.
وبيّن العقاريون أن المضاربين تسببوا في رفع أسعار الأراضي والعقارات السكنية، بصورة كبيرة، وهذا أثّر سلباً على القطاع، وانعكس ذلك على المواطن الراغب في تملّك السكن في ظل وجود أزمة إسكانية، وعدم قدرة الحكومة على توفير السكن.
وأشاروا إلى أن التداولات التي تتم على القطاع السكني في الوقت الحالي، تقتصر على المواطنين الراغبين في السكن، والمستثمرين الراغبين في الاستفادة من العوائد على المدى البعيد، إذ إن عوائد القطاع السكني تتجاوز عوائد بعض القطاعات العقارية الأخرى.
وذكروا أن هناك العديد من العوامل التي ساهمت في وجود مضاربين بالقطاع السكني، منها انخفاض رسوم الوكالة العقارية أو التسجيل العقاري، إذ لا بد على الجهات المعنية من إصدار التشريعات التي من شأنها حماية القطاع السكني من البيع والشراء وبأعداد كبيرة وخلال فترة قصيرة.
وأفاد العقاريون بأن الفترات الماضية، شهدت بعض المناطق بيعات سريعة، وهي تهدف الى التخلص من العقارات بأقل الأرباح الممكنة، إذ قام المضاربون بشراء العقارات بأسعار مرتفعة، ولم يستطيعوا بيعها، مما تطلب منهم تخفيض الأسعار.
وبيّنوا أنه لا يمكن استمرار أسعار العقارات في النمو بنفس الوتيرة التي شهدتها خلال عام 2021، إذ إن الارتفاع الصحي السنوي من المفترض ألا يتجاوز نحو 6 في المئة في أحسن الأحوال، لكن ما خلفته جائحة كورونا من اختلالات وسيولة عالية رفعت الأسعار الى الأرقام التي نشهدها
حالياً.
جريدة الجريدة