بنك الكويت الوطني: تقييم السعودية لأوضاع النفط كان في محله

أكد أن مبادرتها بخفض طوعي للإنتاج خطوة استباقية تحوطية دعمت الأسعار

رأى «الوطني» أن تقييم السعودية للأوضاع «كان في محله». فبينما يبدو أن الطلب على النفط فاق التوقعات في ديسمبر، فإن مستويات الطلب في الربع الحالي تبدو أضعف من التوقعات وسط مواجهة العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة لجولة ثانية أو حتى ثالثة من تدابير الإغلاق.

قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن أسعار النفط ارتفعت الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 11 شهراً. إذ ارتفع سعر خام النفط المرجعي، مزيج خام برنت، إلى 55.99 دولاراً للبرميل بنهاية تداولات يوم الجمعة، ووصل سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 52.24 دولاراً للبرميل.

ويعزى هذا الارتفاع، حسب التقرير، بصفة رئيسية، إلى إعلان أوبك وحلفائها عزم السعودية تخفيض إنتاجها بصفة منفردة بمقدار مليون برميل يومياً في شهري فبراير ومارس. كما أن المعنويات تحسنت بصورة أفضل يوم الجمعة بعد أن تعهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بإقرار حزمة تحفيز مالي تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات وتسريع وتيرة برنامج طرح اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19.

وساهم انخفاض مخزونات النفط الخام الأميركي بوتيرة أعلى مما كان متوقعاً يوم الأربعاء وضعف الدولار الأميركي في تعزيز المعنويات الايجابية. ويأتي هذا في وقت كانت الأسواق تتأثر إيجاباً ببدء حملات التلقيح ضد الفيروس. وبلغت مكاسب مزيج خام برنت 8.8 في المئة في ديسمبر، مقلصاً الخسائر التي تكبدها عام 2020 التي وصلت إلى -21.5 في المئة بنهاية العام. كما عوضت أسعار النفط الآن كافة خسائرها الناجمة عن الجائحة.

وفوجئت الأسواق بقرار السعودية بتخفيض إنتاجها النفطي بمقدار مليون برميل يومياً، أي بما يعادل حوالي 10 في المئة، خلال شهري فبراير ومارس.

إذ ارتفع سعر مزيج خام برنت بنسبة 5 في المئة تقريباً على خلفية تلك الأخبار، مما أدى إلى تراجع أكثر حدة في أسعار العقود المستقبلية (أي ارتفاع أسعار العقود الفورية بالمقارنة مع أسعار العقود الآجلة). وفي يوم الجمعة الماضي، اتسع الفارق بين عقود التسليم لأجل شهر وثلاثة أشهر إلى 0.72 دولاراً للبرميل، مما يعكس توقع انخفاض الإمدادات على المدى القريب.

ووصف وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان مبادرة خفض الإنتاج بالخطوة الاستباقية لتجنب ضعف الطلب على النفط في ضوء إعادة فرض الاقتصادات المتقدمة والناشئة لقيود التنقل بعد ظهور سلالات جديدة شديدة العدوى من الفيروس.

كما تعتمد تلك الخطة على قيام أعضاء آخرين ضمن تحالف أوبك وحلفائها، باستثناء روسيا وكازاخستان، بالإبقاء على مستويات إنتاج شهر يناير خلال شهري فبراير ومارس.

إذ تم السماح لروسيا بزيادة إنتاجها بمقدار 65 ألف برميل يومياً وكازاخستان بمقدار 10 آلاف برميل يومياً في كل من الشهرين المقبلين. وبصفة إجمالية، سينخفض إنتاج الأوبك وحلفائها بمقدار 925 ألف برميل يومياً في فبراير قبل تخفيف تخفيضات الإنتاج إلى 850 ألف برميل يومياً في مارس.

وبالنسبة للكويت والإمارات، سيبقى الإنتاج عند مستوى 2.33 مليون برميل يومياً و2.63 مليون برميل يومياً، على التوالي، بعد أن زاد المعروض بالفعل بنسبة 1.4 في المئة في يناير وفقاً للقرار الذي تم التوصل له في الاجتماع الوزاري الثاني عشر للدول الأعضاء وغير الأعضاء بمنظمة "أوبك" في ديسمبر الماضي، وأقر زيادة جماعية لإنتاج أوبك وحلفائها بواقع 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من شهر يناير الحالي.

• وكان إعلان أوبك الأسبوع الماضي مفاجئاً بصفة خاصة نظراً لصدوره بعد خلاف استمر عدة أيام ووصل الأمر إلى تعليق المحادثات بين الجانب السعودي، الذي فضل إما الإبقاء على مستويات الإنتاج الحالية أو حتى خفضها (الخيار المفضل للسعودية) وبين الجانب الروسي الذي يفضل زيادة الإنتاج بإضافة 500 ألف برميل يومياً.

وأشاد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بقرار السعودية باعتباره "هدية رأس السنة الجديدة للقطاع بأكمله".

كما أشاد الأمير عبدالعزيز بن سلمان بتلك الخطوة معتبرها "فوزاً لكل الأطراف... مؤكداً انه إذا تدهورت الأوضاع، فقد اتخذنا إجراءات استباقية... وإذا لم يحدث ذلك، نكون بذلك قمنا بتسريع عملية التعافي".

وبالنسبة لاتخاذ خطوة استباقية للتحوط ضد إمكانية تدهور الطلب على النفط، يبدو أن تقييم السعودية للأوضاع كان في محله. فبينما يبدو أن الطلب على النفط فاق التوقعات في ديسمبر، فإن مستويات الطلب في الربع الحالي تبدو أضعف من التوقعات وسط مواجهة العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة لجولة ثانية أو حتى ثالثة من تدابير الإغلاق. كما أنه مع اقتراب فصل الربيع وبدء موسم صيانة المصافي - وهي فترة تتسم عادة بضعف الطلب على النفط - يجب أن تتخذ الأسواق حذرها من الاعتماد على عودة الطلب على النفط خلال الأسابيع المقبلة.

كما أن المخزون العالمي من النفط الخام والمنتجات البترولية ما يزال وفيراً، لاسيما بالنسبة للمنتجات النفطية المكررة مثل نواتج التقطير (الديزل ووقود الطائرات وما إلى ذلك) التي تأثر استهلاكها بشدة بتداعيات الجائحة.

وقدرت وكالة الطاقة الدولية وصول مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 3.129 ملايين برميل في أكتوبر، التي

مازالت أعلى بحوالي 183 مليون برميل عن متوسط الخمس سنوات، مع إمكانية توافر فائض في المخزون ببداية عام 2021.

وفي الولايات المتحدة، أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية عن هبوط مخزونات النفط الخام الأميركي بمقدار 8 ملايين برميل الأسبوع المنتهي في 1 يناير فيما يعد أعلى معدل تراجع يتم تسجيله منذ أواخر أغسطس، ليصل بذلك مستوى المخزونات إلى 485.5 مليون برميل، أي أعلى بنسبة تقارب 7.7 في المئة عن المتوسط الموسمي لمدة 5 سنوات وأقل بنسبة 8.4 في المئة عن مستويات الأسبوع السابق.

أما بالنسبة لتغطية الإمدادات، فان مخزونات الخام تكفي لتغطية 34.2 يوماً من الاحتياجات المستقبلية، مما يعد أدنى مستوياتها مقارنة بأغسطس الماضي والذي بلغت فيه تغطية المخزون حوالي 34.5 يوماً.

في المقابل، ظل إنتاج الخام الأميركي ثابتاً عند مستوى 11 مليون برميل يومياً للأسبوع السادس على التوالي. وزاد عدد منصات الحفر النفطي التي أعيد تشغيلها من 8 إلى 275 منصة في الأسبوع الماضي، لتشهد بذلك زيادة للأسبوع السابع على التوالي.

ومنذ انخفاضها إلى 172 بئراً في أغسطس، فيما يعتبر أدنى المستويات المسجلة منذ أكثر من عقد، شهدت منصات الحفر الأميركية نمواً بنسبة 60 في المئة أو ما يعادل 103 منصة حفر إضافية.

وقد تقوم وكالة الطاقة الدولية في الربع الأول من عام 2021 بتعديل تقديراتها لنمو الطلب على النفط لعام 2021، الذي يبلغ حالياً 0.6 مليون برميل يومياً، وخفضها بما يتماشى مع ضعف الاستهلاك على خلفية عدد من العوامل والتي تتضمن فرض قيود التنقل والشتاء المعتدل حتى الآن في نصف الكرة الشمالي.

وقد يساهم استهلاك الصين من النفط في التخفيف من ضعف توقعات النمو إلى حد ما، نظراً لمساهمته في تحفيز نمو الطلب على النفط في النصف الثاني من عام 2020.

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى نمو الطلب على النفط بنحو 5.7 ملايين برميل يومياً للعام الحالي، مما يشير إلى تحسن واضح مقارنة بالانخفاض المقدر لعام 2020 البالغ 8.8 مليون برميل يومياً.

وعلى الرغم من التحول الهائل لمعنويات السوق وزيادة التفاؤل بعد إعلان خفض الإنتاج السعودي وطرح اللقاحات المضادة للفيروس على نطاق أوسع، فإن ضعف الطلب على النفط سيستمر خلال الربع الحالي.

وفي ظل دعم العديد من الاقتصادات حالياً لفرض قيود على التنقل وإجراءات الحجر الصحي سيظل الاستهلاك ضعيفاً. ومرة أخرى، سيكون الطلب على وقود الطائرات هو الفئة الأكثر تضرراً وربما آخر أنواع الوقود في الوصول إلى مرحلة التعافي. ويعلق الاقتصاد العالمي آماله على إطلاق حملات التلقيح بوتيرة أسرع.

 

ارتفاع سلة «أوبك» إلى 54.76 دولاراً

 

أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أمس أن سعر سلة خاماتها ارتفع أمس الأول، بواقع 37 سنتا، ليصل الى 54.76 دولارا للبرميل، مقابل 54.39 دولارا للبرميل الجمعة الماضي.

وذكرت نشرة وكالة أنباء "أوبك" أن المعدل الشهري لسعر سلة خاماتها لشهر ديسمبر الماضي بلغ 49.17، بينما بلغ المعدل الشهري لسعر السلة في نوفمبر الماضي 42.61 دولارا للبرميل، الأمر الذي يشير إلى بلوغ معدل سعر السلة منذ بداية العام الجاري حتى نهاية الأسبوع الماضي 52.72 دولارا للبرميل.

وأوضحت النشرة أن المعدل السنوي لسعر السلة للعام الماضي بلغ 41.47 دولارا للبرميل. ويرجع العديد من المراقبين استمرار انتعاش الأسعار للأسبوع الخامس على التوالي إلى قرار اجتماع تحالف "أوبك +" الوزاري الـ13 بشأن زيادة كميات النفط التي يتعين عليهم ضخها لمواجهة ضعف الطلب على الخام بسبب فيروس كورونا.

جريدة الجريدة