المشاريع النفطية الكبرى بحاجة إلى دراسات مستفيضة عن الأسواق
خبراء لـ الجريدة•: يمكن تأجيل بعضها وتنفيذ الضروري لاستدامة القطاع
أكد عدد من خبراء النفط ضرورة بناء خطط ومشاريع القطاع المليارية على أساس حاجة الأسواق، لافتين الى أن تذبذب أسعار الخام الحالية لا بدّ أن ينعكس على أولوية اختيار المشاريع الضرورية فقط.
وقال الخبراء، في تحقيق أجرته "الجريدة"، إنه لتفادي الكلفة العالية للمشاريع، فإنه أصبح من الضروري إشراك القطاع الخاص في بعضها، أسوة بما نراه من شراكات ناجحة في قطاعات اقتصادية أخرى بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث حققت تلك الشراكات نجاحات واضحة في مجالات عدة.
وأشاروا الى أن عودة الأسعار الى 100 دولار للبرميل، ستكون أمرا صعبا لن يتحقق بسهولة، مشددين على ضرورة توخّي الحذر من التوسع في الإنتاج بشكل غير مبرر، لأنّ التوجه العالمي حاليا يتصاعد نحو استخدام الطاقة النظيفة مستقبلا.
وذكروا أن الاستثمار في المشتقات النفطية
لا بدّ أن يكون نهجا يتّبعه القائمون على القطاع النفطي بالبلاد، في إطار تعظيم الاستفادة من الثروة النفطية. وفيما يلي التفاصيل:
قال أستاذ هندسة البترول بجامعة الكويت، د. أحمد الكوح: من الطبيعي أن يبني القطاع النفطي المحلي خططه ومشاريعه على أساس حاجة الأسواق، حيث إنه كلما زادت أسعار المنتجات النفطية، ستكون هناك ملاءة مالية للتوسع في المشاريع المليارية، وهو ما شاهدناه في الفترة الماضية.
وأشار الى أنه مع انخفاض أسعار الخام لا بدّ أن يكون هناك رد فعل يناسب الحدث، وأن تكون هناك أولوية لما هو ضروري من مشاريع وأعمال في القطاع النفطي بشركاته المختلفة، لافتا الى أن ذلك الخيار الوحيد أمام القطاع النفطي في إطار خفض كلفة الإنتاج، وخاصة الكلفة الرأسمالية.
الكلفة العالية
وأضاف الكوح أنه من الضروري أن نشير الى أن هناك طرقا أخرى تجعل القطاع النفطي في البلاد يتفادى الكلفة العالية للمشاريع، وذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص لمشاريعه، لافتا الى "أننا لم نشاهد تلك الشراكة حتى الآن بشكل كامل، مثلما يحدث حاليا من شراكات حكومية مع القطاع الخاص، حيث أثبتت تلك الشراكة نجاحها في مجالات عدة".
وقال إن القطاع النفطي لا يزال يفضّل التوجه الى نظام الاقتراض لتنفيذ مشاريعه وتمويلها، بدلًا من تحميل رأس المال على الشركات النفطية، وهذا يعد نظاما جيدا، لكن على الرغم من ذلك مازال أمامنا نظام من الممكن اتباعه، وهو الشراكة مع القطاع الخاص.
وأوضح أن شركة نفط الكويت قامت بمشاريع كبرى، وأنشأت مراكز تجميع، ولذلك لن يكون هناك تخوّف من عدم تلبية الاحتياجات، ولن يكون هناك تعديل وخفض الخطط المقبلة في العمليات والمشاريع، بل إن هناك تخوفًا في مجال الحقول النفطية، مبينا أننا بدأنا نرى نضوبا في بعض الحقول.
مواجهة التحديات
وقال إنه بعد أن كنّا نتحدث عن إنتاج 4 ملايين برميل يوميا، شاهدنا انخفاضا الى ما دون 3.5 ملايين برميل، وهذا يعد من التحديات التي يواجهها القطاع النفطي.
وأعرب الكوح عن توقّعه بعدم عودة أسعار النفط الى مستوياتها العالية السابقة، وذكر أن القطاع النفطي المحلي يعمل بأقصى جهد من أجل زيادة الإنتاج، ويدرس الخطط الموضوعة ويعمل علي تغييرها بما يلائم الأوضاع الآنية في الأسواق العالمية، مشيرًا الى أن هناك حاجة إلى زيادة الإنتاج النفطي، إلا أن ذلك الهدف قد يتحقق بنسب محددة، لأنّ هناك ضغوطا كبيرة على الحقول النفطية في البلاد، ومبينا أن التحدي الحالي للقطاع هو الثبات على مستويات الإنتاج الحالية.
100 دولار للبرميل
وقال الكوح إن الأسعار تأثرت بشدة جراء ازمة وباء كورونا، معربا عن اعتقاده بأن الأسعار لن تعود الى سعر 100 دولار للبرميل خلال الفترة المقبلة، ولافتا الى أن حدوث تلك الطفرة في الأسعار لن يتحقق إلا في حالة نشوب حرب وانقطاع النفط عن أماكن كثيرة حول العالم.
وحول قضية فرض ضريبة الكربون على الدول المنتجة للنفط، أوضح أن تلك المحاولات والمسميات هي للحد من استخدام النفط، لافتا الى أنه من الممكن أن يكون هناك طرق لاستخدام النفط والغاز استخداماً نظيفًا بما لا يضر بطبقة الأوزون، وبما يحد من الانبعاثات الكربونية في العالم، وموضحا أن هذه الطرق مكلفة للغاية، ولذلك يبتعد عنها كثير من المنتجين، معربا عن تصوره أن "منطقتنا بعيدة عن تطبيق تلك الضريبة، وأنه من الأولى تطبيقها في دول عالمية أخرى".
استدامة القطاع
من جانبه، أعلن رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية الخدمات البترولية (نابسكو)، عمران حيات، أن هناك مشاريع من الممكن تأجيلها في القطاع النفطي، وهناك مشاريع حيوية في القطاع ذاته لا بدّ من استمرارها، لكونها جزءا من استدامة القطاع.
وقال حيات إنه لا بدّ من تقييم المشاريع من حيث طبيعتها وأهميتها ومعرفة كونها توسعية ام انها استكمال لمشاريع سابقة، لافتا الى ضرورة أن يتم تقييم كل مشروع على حدة.
وأشار الى أن قضية زيادة الإنتاج النفطي في الكويت تعد قضية مرتبطة بالأسواق العالمية والكوتا والعرض والطلب، مبينا أن التوسع في الإنتاج الذي تستهدفه الكويت سيكون حسب المسموح به ووفق الاتفاقات العالمية.
الطاقة النظيفة
وأشار حيات الى أن أسعار النفط القياسية السابقة لن تعود مرة أخرى والوصول الى 100 دولار للبرميل أصبح أمرا صعبا الوصول اليه، موضحا أن استخدام الطاقة النظيفة أصبح أمرا حتميًا على المدى المتوسط.
وقال إن موضوع الاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة هو أمر واقع، وتدور رحاه على نار حامية،
مشددا على أن الصناعات المشتقة من النفط هي أساس الموضوع الذي يعد حيويا بالنسبة للكويت.
ضريبة الكربون
وحول التفكير في فرض ضريبة الكربون على الدول المنتجة للنفط أفاد حيات بأنها ستزيد من تكلفة أي مستهلك للنفط، وسوف تقلل من جاذبية الخام، لافتا الى أنه إذا تم تطبيق هذه الضريبة، فإن الطاقة البديلة ستكون في متناول الأيادي كمصدر بديل للنفط.
دراسة مستفيضة
من ناحيته، أكد أمين سر الجمعية الاقتصادية الخليجية، د. عبدالمحسن المطيري، ضرورة عمل دراسة مستفيضة لكلّ المشاريع النفطية المحلية، ووضع تصور شامل لمستقبل تلك المشاريع ونوعيتها، حيث تشكّل قيمة مضافة للاقتصاد، وأيضا للاستفادة القصوى من الثروة النفطية، لافتا الى أن الاستثمار في المشتقات النفطية يعد استثمارا واعدا، نظرا لما تشهده أسعار الخام حاليا من عدم استقرار.
6000 منتج
وقال المطيري إن هناك نحو 6000 منتج يمكن استخراجها من النفط، ومن الممكن الاستفادة من تلك المنتجات في صناعات متعددة، لافتا الى أن ذلك النهج هو الذي يناسب الكويت حاليا، لكونه يحقق عائدات أكبر من الخام، فضلا عن توفير فرص عمل كثيرة في القطاع النفطي، وهو ما نحتاج معه إلى توظيف العمالة الوطنية، مشيرا الى ذلك أيضا يبعدنا بشكل كبير عن مخاطر وتقلبات أسواق الخام العالمية.
وبرر انخفاض الأسعار الحالية التي تشهدها الأسواق النفطية العالمية الى قلّة الطلب، نظرا إلى ترقّب الدول المستهلكة للنفط ظهور لقاح وباء كورونا، كي يستعيد العالم أوضاعه الطبيعية قبل ظهور الوباء، والذي تم اتخاذ إجراءات احترازية من قبل جميع دول العالم لمنع انتشاره، مما أثر على حركة الطيران والنقل، وكل ما يتصل بالصناعات المعتمدة على النفط.
وأوضح أن ماهية الأسواق النفطية ستظهر بشكل أكثر شفافية عقب الانتخابات الأميركية.
جريدة الجريدة