العقارات الاستثمارية... الأكثر انكشافاً على أزمة «كورونا»
عقاريون لـ الجريدة.: القطاع سيشهد مزيداً من الشواغر وانخفاض الإيجارات مقابل التزامات بنكية
لا تزال تداعيات فيروس كورونا المستجد «كوفيد -19» تلقي بظلالها على معظم القطاعات الاقتصادية لاسيما العقاري، الذي يشهد في الوقت الراهن حالة من الترقب والهلع، وأصبحت العقارات الاستثمارية أكثر انكشافاً على أزمة «كورونا»، خصوصاً مع تمديد الحكومة العطلة الدراسية إلى شهر أغسطس بالنسبة للصف الثاني عشر، على أن تستكمل الدراسة في بقية الصفوف والمراحل مطلع أكتوبر المقبل.
وهمّت فئة كبيرة من الوافدين، تمثل «المشغل الرئيسي للقطاع الاستثماري»، بالرحيل لبلدانها خصوصاً مع تمديد العطلة الدراسية وتوقف معظم الأعمال التجارية، مما سينتج عنه ارتفاع في نسب الشواغر في الشقق.
«الجريدة» سألت عدداً من العقاريين حول وضع القطاع الاستثماري خلال الفترة المقبلة، مع وجود شواغر عالية يقابلها وجود التزامات وقروض تجاه الجهات التمويلية.
وقال العقاريون، إن القطاع الاستثماري مقبل على أزمة حقيقية ما لم يتم تداركها، بخطوات استباقية، إذ سيشهد ارتفاعاً في نسبة الشواغر، وانخفاض القيم الإيجارية، وسط الظروف التي يعيشها البلد ومعظم بلدان العالم.
وأوضحوا أن على الجميع المساهمة بغية عبور الأزمة الحالية، إذ يجب على ملاّك العقارات تخفيض الإيجارات، ومنح مزيد من التسهيلات والمميزات للمستأجرين، وفي المقابل، يجب على الجهات الدائنة ترحيل استحقاق الأقساط العقارية على الملاك، وإليكم التفاصيل:
قال نائب رئيس الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار عماد حيدر، إن الجميع بحاجة إلى رسالة طمأنينة من الحكومة، وهذا ما شهدناه أمس عندما ترأس صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي العهد اجتماع الحكومة، الذي حمل العديد من رسائل الطمأنينة سواء على المستويين الشعبي والاقتصادي.
وأضاف حيدر أنه بعد رسائل الطمأنينة، نحن بحاجة إلى مجموعة من القرارات التحفيزية، ويجب أن تكون تلك القرارات مدروسة ومبتكرة وشاملة في الوقت نفسه، فالأزمة الحالية التي يمر بها العالم ليست اعتيادية أو أزمة مالية كما حدث في عام 2008.
وأوضح أن العقارات الاستثمارية كغيرها من القطاعات العقارية والاقتصادية الأخرى، تأثرت جراء تداعيات أزمة كورونا، فتمديد العطلة الدراسية حتى شهر أغسطس وتوقف شبه كامل للأعمال في الدولة سينتج عنهما رحيل عدد كبير من الوافدين شاغلي الشقق في العقارات.
وأكد أنه في ظل الظروف الحالية، سترتفع نسبة الشواغر بالعقارات الاستثمارية بنسبة لا تقل عن 30 في المئة، وهي نسبة عالية جداً، سينتج عنها انخفاض كبير في الإيرادات الإيجارية.
وأفاد بأنه مع وجود عوامل سلبية ستؤثر على القطاع الاستثمارية هناك عوامل إيجابية تساعد على الاستقرار، منها انخفاض أسعار الفائدة، والخطوات المتخذة من الحكومة، لكن من المتوقع أن يشهد العقار الاستثماري انخفاضاً في الأسعار.
وذكر أن ذلك الانخفاض نستطيع وصفه بالتصحيحي، فهذه الأزمة مؤقتة، وتأثيرها سيكون أيضاً مؤقتاً، ولئلا تكون هناك أزمة حقيقية لابد من اتخاذ بعض الخطوات حتى نحصن القطاعات من الانهيارات أو الهزات.
وبين حيدر أن على الجميع المساهمة في هذا الجانب، ويجب على ملاك العقارات تخفيض الإيجارات، ومنح مزيد من التسهيلات والمميزات للمستأجرين، وفي المقابل، يجب على الجهات الدائنة ترحيل استحقاق الأقساط العقارية على الملاك.
وزاد: يجب أن تكون هناك خطوات جدية كي يستطيع القطاع الاقتصادي المحلي العبور من هذه الأزمة بأقل الأضرار، مشيراً إلى أن التعافي من الأزمات تكون له تكاليف وعواقب وخيمة.
تداعيات «كورونا»
من جانبه، قال المدير العام السابق للشركة الكويتية للمقاصة العقارية الخبير العقاري طارق العتيقي، إن فيروس «كورونا» المستجد كانت له تداعيات سلبية على معظم القطاعات الاقتصادية في الدولة.
وأضاف العتيقي، أن الجهات المعنية المحلية اتخذت خلال الفترة الماضية عدة إجراءات احترازية، بهدف منع انتشار هذا الوباء والحد منه، وتمثلت تلك الإجراءات بإغلاق المجمعات التجارية ومراكز التسوق، مروراً بتمديد العطلة الحكومية حتى 12 أبريل وترحيل الدراسة إلى شهري أغسطس وأكتوبر.
وأفاد بأنه مع إعلان الحكومة تمديد العطلة الدراسية إلى فترة لا تقل عن 6 أشهر من الآن، يكون تأثير أزمة كورونا امتد إلى القطاع الاستثماري، إذ سيرحل العديد من الوافدين، وهم المشغّل الرئيسي للعقارات خلال هذه الفترة، وسينتج عن ذلك ارتفاع نسبة الشواغر.
وذكر أن القطاع الاستثماري سيعاني خلال الفترة المقبلة ارتفاع نسبة الشواغر في الشقق، بالتالي ستنخفض القيمة الإيجارية، وسينتج عن ذلك في نهاية المطاف انخفاض أسعار العقارات نفسها، فالعائد السنوي سينخفض بشكل ملحوظ.
وأوضح أن معظم العقارات الاستثمارية مرهونة أو عليها التزامات مالية، ويجب على مالكيها تسديدها خلال الفترة المحددة، ومع انخفاض العوائد ستكون هناك صعوبة في عملية التسديد، فالوباء خلق أزمة متصلة ومتسلسة.
وأشار العتيقي إلى أن «الحكيم» من أصحاب العقارات الاستثمارية هو من يخفض الإيجارات ويمنح مميزات للحفاظ على مستأجريه وجذب الآخرين، وأيضاً هناك مسؤولية تقع على الجهات التمويلية، في موضوع ترحيل استحقاق الأقساط على أصحاب الملاك إلى حين الانتهاء من الأزمة التي يمر بها العالم أجمع.
وأكد أن على الحكومة أيضاً دور مهم وهو تحفيز الاقتصاد بشكل شامل وعادل، ويكون الهدف منه حماية القطاعات من الهزات أو الانهيارات وليس التنفيع لمستثمر بعينه.
ولفت إلى أن هناك عوامل محفزة تعمل على استقرار الأسعار، منها انخفاض الفائدة لأدنى مستوى لها، وأيضاً التصريحات حول وجود دعم ومحفزات للاقتصاد، لكن يبقى هناك عامل مهم ألا وهو العامل النفسي، مشيراً إلى أن الخوف والهلع سيقضيان على كل عامل إيجابي ومحفز.
أزمة حقيقية
من ناحيته، قال الخبير العقاري مبارك المانع إن الجميع يدركون أن القطاع العقاري يعتبر آخر المتضررين من الأزمات سواء المالية أو مثل أزمة «كورونا» الحالية التي يمر بها العالم، لكنه ليس بمنأى عن التأثيرات التي تخلفها تلك الأزمات.
وأكد المانع أن العقار الاستثماري سيواجه خلال الفترة المقبلة أزمة حقيقية ما لم يتم تداركها من الملاك والجهات المختصة، إذ يهم العديد من الوافدين في الرحيل إلى بلدانهم، وخصوصاً المعلمين والمعلمات، وهذا سينتج عنه شواغر لا تقل نسبتها عن 30 في المئة، وهذه تعتبر نسبة كبيرة جداً وستؤثر على نشاط هذا القطاع بشكل كبير ولافت.
وأوضح أن ارتفاع نسبة الشواغر يعني انخفاض العوائد الإيجارية للعقارات، بالتالي ستنخفض قيمته، إذ وفق المعطيات الحالية، ستنخفض الأسعار بنحو 15 في المئة.
وبين أن تأثر قطاع معين يعني امتداد التأثير للعديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى، ومعظم ملاك العقارات عليهم التزامات مالية وقروض إزاء البنوك، ويجب تسديدها، وفي ظل الأوضاع الحالية هناك صعوبة في إمكانية التسديد.
وذكر أن الحل الوحيد هو ترحيل استحقاق الأقساط على ملاك العقارات الاستثمارية فترة لا تقل عن 6 أشهر، إضافة إلى تأجيل تحصيل فواتير استهلاك الكهرباء والماء، وهذا من شأنه تخفيف تداعيات أزمة الوباء الذي تعانيه معظم دول العالم.
وأوضح أن ملاك العقارات ليس أمامهم في الوقت الحالي إلا تخفيض الإيجارات، كي يتم الاحتفاظ بالمستأجرين، وجذب الآخرين، موضحاً أن عدم تدارك الوضع ينذر بوجود أزمة قادمة على القطاع الاستثماري.
وتابع المانع أن على الحكومة أن تطلق برنامجاً محفزاً للاقتصاد المحلي، على أن يكون عادلاً ويشمل كل القطاعات الاقتصادية المتأثرة جراء أزمة «كورونا».
جريدة الجريدة