الجمعية الاقتصادية الكويتية : الحكومة عجزت عن التقدم بمشروع واحد لانتشال الاقتصاد المحلي

• «السلطة التنفيذية لا تزال تخاطر بتقليل حجم التحديات الاقتصادية العالمية»
• «سيطرة الجرعة السياسية على القرارات أحد أكبر العراقيل أمام الكويت»

قالت الجمعية الاقتصادية الكويتية، إنه بالنظر إلى ما يشهده العالم من تغيرات استثنائية ومتسارعة فرضتها جائحة «كورونا»، التي كشفت سريعاً نقاط ضعف واختلالات هيكلية في الاقتصاد الوطني طال أجل إصلاحها؛ فقد تفاعل المجتمع المدني سريعاً متمثلاً بالجمعية وجهات ناشطة أخرى بتقديم عدد من المقترحات والمبادرات الاقتصادية، من شأنها مساعدة صنّاع القرار في حماية الاقتصاد الوطني وتقويته والحرص على استدامته «إيماناً منّا بدور مؤسسات المجتمع المدني في الاشتراك في صنع القرار ودعم السياسات الإصلاحية للدولة».

وأضافت الجمعية، في بيان صحافي، أمس، أنها تقدمت منذ شهر ديسمبر الماضي، بثلاث مبادرات رئيسية إلى الجهاز الحكومي، الأولى تعنى بدعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر إنشاء صندوق وطني يقدم منح تحفيزية للمسجلين على الباب الخامس في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عُرف بـ«صندوق إنعاش» وورقة أولويات الإصلاح الشامل في الاقتصاد الكويتي المعدة بالتعاون مع مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين، إضافة إلى تقديم الجمعية توصياتها فيما يخص مشروع قانون دعم وضمان تمويل البنوك المحلية للعملاء المتضررين من تداعيات أزمة كورونا، بالتعاون مع مجموعة من المبادرين المتضررين ورواد الأعمال ووزراء ومسؤولين حكوميين.

ولفتت إلى أنه منذ أكثر من خمس سنوات حذرت الجمعية «مما نعيش فيه من اختلالات هيكلية لاقتصادنا وعدم استدامة نموذج التنمية الاقتصادية المبني على قيادة القطاع العام، لكننا فوجئنا كما فوجئ الجميع بإجراءات حكومية أبعد ما تكون عن الواقع، وهو ما تجلى واضحاً في عجز حكومي عن التقدم بمشروع واحد لانتشال الاقتصاد المحلي بعد إحالة مشروع قانون الضمان المالي بصيغته الأساسية التي تم رفضها في مجلس الأمة السابق والإصرار على تهميش الضرر الواقع على المشاريع الصغيرة والمتوسطة وعدم تقديم أي خطة حقيقية للتحفيز والإصلاح الاقتصادي أو أي رؤية اقتصادية تعزز الاستدامة لانتشال الكويت من حالة المرض السريري الذي أصابها، إذ إنها دلائل على أن السلطة التنفيذية تغرد خارج السرب في مشهد محزن عن عجزها عن اتخاذ القرار».

ونبهت الجمعية الاقتصادية الكويتية، إلى أن العجز في الموازنة العامة وصل إلى مراحل كارثية، «بيدكم أن تقولوا كفى لهذه الكارثة التي تتسابق فيها حلول الحكومة الترقيعية، من خلال الاقتراحات التي أوصى بها مجموعة من الخبراء الاقتصاديين ومتخصصين وأكاديميين في مجالات مختلفة بالاقتصاد، ومنها ما عكفنا على إعداده في الجمعية، التي تتضمن الإصلاح المؤسسي والإصلاح المالي والإصلاح الاقتصادي، كذلك العديد من الجهات الأخرى كلها أتت لتدق جرس الإنذار لخطورة ما نعانيه في الوقت الراهن».

وشددت على أن من نِعم الله عز وجل على الكويت وجود شعب حي يملك روح المبادرة والعطاء، فمن يتابع الساحة المحلية يلاحظ تهافت المواطنين من أكاديميين ومهنيين وأهل الخبرة في تقديم المبادرات والمشورة دون مقابل لتحريك المياه الراكدة والشدّ من أزر الحكومة في البدء بعملية الإصلاح، ومن غير المقبول أن يكون المجتمع المدني مدركاً لحجم المعضلة الاقتصادية التي تواجه الكويت في الوقت الذي تكون السلطة التنفيذية بعيدة كل البعد عنها وتبحث عن انتصارات وهمية أو صناعة بطولات شخصية.

وأوضحت «أننا في الجمعية نقف في ريبة مترقبين أمام هذا السلوك الحكومي، فالكويت اليوم تمر بأخطر مراحلها، فبعد نفاد الاحتياطي العام للدولة وتراجع الإيرادات النفطية بات اليوم السحب من صندوق احتياطي الأجيال محل نقاش بطلب من السلطة التنفيذية والتي عجزت في السنوات الماضية عن تبني الحلول التنموية لاستدامة الاقتصاد الوطني».

 

وتابع أنه «مع التأكيد على أننا كمؤسسة مجتمع مدني منتخبة تهدف إلى المساهمة الفاعلة ونشر الوعي وتقديم مبادرات بغرض خدمة المصلحة العامة، ولا مصلحة لنا سوى الارتقاء بتنافسية وشفافية الاقتصاد الكويت، وكذلك نطمح بأن نساهم ولو بشيء بسيط بتطوير بيئة الأعمال والارتقاء بتنافسية وشفافية الاقتصاد الكويتي».

وشددت الجمعية على أن العالم بعد جائحة كورونا لن يكون كالعالم قبلها ونشاهد يومياً التحولات الكبيرة التي تعصف بالاقتصادات النفطية المماثلة لنا وتعامل الدول المجاورة بكل حزم وثبات لمواكبة التغيير وتطوير مؤسستها وبنيتها التحتية، فيما عدا الكويت، والتي تعود إلى المربع الأول دائماً بعد كل هزة أو اضطراب، لكنه اليوم لم يعد ممكناً العودة إلى المربع الأول أو انتظار عبور العاصفة ولا تزال الحكومة تخاطر في تقليل تقديرها للتحديات الاقتصادية العالمية، وبدلاً أن تواكب تطور العالم الاقتصادي، تظل رهينة للتحولات العالمية وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد عموماً، ومازالت تفتقد تعيين القادة ذوي الخبرة لإدارة الأزمات وتكون ضحية التأخر في التعامل مع أي أزمة نظراً لانعدام الإدارة والإرادة.

وأشارت إلى أن ما دفعها إلى صياغة هذا البيان هو ما شهدناه خلال الشهرين الماضيين من استغفال لجهود المختصين والتستر وراء حرب صحية نعيشها جميعاً، لكنها يجب ألا تكون شماعة لعجز حكومي متجذر شل كل قطاعات البلد.

وقالت الجمعية الاقتصادية الكويتية، إن المسؤولية الوطنية تحتم عليكم مصارحة الناس وحسم الموقف، فنحن اليوم في مرحلة حرجة من تاريخ الكويت ونشعر بالقلق الكبير تجاه الحالة المالية للدولة وديمومة المؤسسات وقدرة الحكومة على النهوض من هذه الانتكاسة».

وأشارت إلى أن سيطرة الجرعة السياسية على القرارات الاقتصادية لا تزال أحد أكبر العراقيل التي تواجه الكويت، «فالعملية الاقتصادية تحتاج إلى حصافة بالإدارة ولا مجال فيها للقرارات الإرتجالية غير المدروسة، والكويت اليوم بحاجة لقرار حازم وجريء من قبلكم لاجتياز حقبة النفط ورسم مسار جديد للاقتصاد الوطني أكثر تنوعاً، صلابة واستدامة».

وقالت إننا «مازلنا بعيدين كل البعد عن الرغبة والإرادة السياسية للبدء فعلاً بالإصلاحات الضرورية ومحاربة الفساد وتحويل الشلل الاقتصادي إلى فرصة للتغيير».

ودعت إلى إعفاء من لا يملك القدرة على تحمل المسؤولية الوطنية من موقعه وإفساح المجال لمن يملك العلم والقدرة على التصدي للتحديات، «ونحن في الجمعية لن نتوانى في تقديم المبادرات والمقترحات لما نراه يخدم المصلحة العامة ويبني مستقبلاً واعداً للكويت، كما ندعو مؤسسات المجتمع المدني كافة لتفعيل دورها لتكون شريكاً فعالاً ومؤثراً في عملية التنمية الاقتصادية، ولن نتخاذل في ممارسة دورنا الوطني والمهني كجهة ضغط للوصول بالكويت إلى بر الأمان».

جريدة الجريدة