«بلومبرغ»: التكلفة والمنافسة سببان آخران لعدم توسع الكويت في إنتاجها النفطي

الأمر ليس محصوراً في التغير المناخي

أكد تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» أن نظر الكويت في تخفيض هدف إنتاجها لعام 2040 والذي كان مقرراً بواقع 4.76 مليون برميل يومياً، يظهر أنه من المستحيل التنبؤ بما سيحدث في عالم متغير، مشدداً على أهمية اتخاذ خطوات تدريجية بدلاً من الخطوات الكبيرة، أو وضع ميزانيات النفقات الرأسمالية الأصغر والحفاظ على المرونة، خصوصاً عندما يكون الطريق إلى الأمام مظلماً وعرضة للمخاطر، لا سيما وأن مناخ صناعة الطاقة تغير بشكل أساسي ومفاجئ. ووفقاً للتقرير، فإن نظرة الكويت لتخفيض خططها التوسعية في الإنتاج النفطي لا تنطوي فقط على الأسباب المتعلقة بالتغير المناخي الذي سيكبح الطلب، بل هناك أيضاً اعتبارات أخرى تتعلق بتكلفة الإنتاج والمنافسة. وبغض النظر عن دعوة الناشطة البيئية المعروفة غريتا ثونبيرغ دول العالم تخفيض نسب انبعاث ثاني أكسيد الكربون، لفت التقرير إلى أن هدف الإنتاج الذي حددته الكويت لعام 2020 بواقع 4 ملايين برميل، يبدو أنه زائد على الحاجة، إذ تشير توقعات منظمة (أوبك) إلى تراجع الطلب على النفط الخام بواقع 1.2 مليون برميل يومياً في 2020. وخلال العام الماضي، وضمن توقعاتها لآفاق الطلب على المدى المتوسط، أشارت المنظمة إلى أن الطلب على النفط لن يتعافى إلى مستويات 2018 حتى أواخر 2020. كما أشار التقرير إلى أن منظمة (أوبك) تربط الآن الطلب على نفطها الخام في العام المقبل عند 29.6 مليون برميل يومياً، أي أقل بمقدار 3.1 مليون برميل تقريباً مما كانت تتوقعه في نوفمبر الماضي فقط، ما يعادل إجمالي إنتاج الكويت. وأوضحت «بلومبرغ» أن تحديد هدف الإنتاج الكويتي لعام 2020 كان قبل عقدين تقريباً، عندما لم يكن يتوقع أن تنطلق الطاقة المتجددة أو التكسير الهيدروليكي، مبينة أن تأجيلها لمدة 20 عاماً أخرى هو مجرد اعتراف متأخر بالواقع، كما أن هدف إنتاجها لعام 2040 زائد على الحاجة إلى حد ما، مبينة أن مراجعة هدف عام 2020 تعكس مشروع طاقة عالمي أصبح من الصعب التنبؤ به وفقاً لأبعاد متعددة، لا تشمل تغير المناخ فحسب، بل التغيرات التكنولوجية والجيوسياسية أيضاً، لافتة إلى أن التنبؤ بمزيج الطاقة في العالم، أو إنتاج بلد معين، بأي درجة من الدقة تصل إلى 20 عاماً، سيأتي بنتائج خاطئة في هذه الأيام. وذكر التقرير أن الموقف طويل الأمد للتوسع الهائل في الإنتاج أفسح المجال للحذر، إذ تلعب السيناريوهات التي تصل فيها ذروة الطلب على النفط دوراً مهماً، والأهم من ذلك النطاق الهائل للنتائج، وما يوحي به بالنسبة للطلب على النفط وأسعاره، لافتاً إلى أن النفط دخل في فترة منافسة أكبر، بين الموردين ومع أنواع الوقود الأخرى، مما يعني أن نطاق نتائج التسعير واسع للغاية. من ناحية أخرى، أشار التقرير إلى أن الكويت، مثل السعودية، تعتبر من الناحية الفنية منتجا منخفض التكلفة، مبيناً أن اعتمادها على الإيرادات النفطية لتمويل عقدها الاجتماعي يعني أنها تحتاج سعراً أعلى من 50 دولاراً للبرميل. وبغض النظر عما إذا كان الطلب العالمي على النفط يصل إلى ذروته في 2020 أو 2030 أو في أي وقت آخر، فإن الاستراتيجية الخاصة بالبلدين تتلخص في شيء واحد، هو إبقاء تكاليف الإنتاج منخفضة قدر الإمكان، ليكونا المنتجين الأخيرين القادرين على المواصلة، والحفاظ على أكبر قدر ممكن من الإيرادات لتخفيف التحول الاقتصادي عند بلوغ ذروة الطلب أو حصول تراجع في الطلب. وأضاف التقرير «حتى لو لم يكن لدينا أرقام دقيقة فإننا نعرف أن برميل النفط المستقبلي والذي تعمل على تطويره الكويت والسعودية اليوم سيكون أكثر تكلفة من ذلك الذي تم إنتاجه في الماضي»، مبيناً أن هناك درساً مستفاداً من التجربة الحديثة لشركات النفط الغربية الكبرى، والتي استثمرت مبالغ ضخمة في مشاريع جديدة في العقد الذي سبق 2014 على فرضية أن 100 دولار للبرميل هو السعر الطبيعي الجديد.إلا أن الانهيار اللاحق وإدراك التغييرات الهيكلية التي تركزت على النفط الصخري وتغير المناخ عوامل كشفت عن وقوع الشركات في مغالطة، الأمر الذي اضطرت على إثره إلى دفع ثمن باهظ في سوق الأسهم، وبات شعارها الجديد التأكيد على توخي الحذر بشأن الإنفاق، وتحديد أولويات المدفوعات للمساهمين والأرباح.

جريدة الراي